قريش منجم الفراعنه











قريش منجم الفراعنه



إذا تغاضينا عن أحاديث طعن النبي صلي الله عليه وآله في أنساب زعماء قريش الذين واجهوا آيات ربهم.. وطعن عمه أبي طالب نسابة قريش رضي الله عنه في أنسابهم.. وطعن علي عليه السلام في أنسابهم.. وقلنا بصحة أنسابهم إلي إسماعيل عليه السلام.. فإنهم يکونون ذرية إسماعيل الفاسدة، لأنهم جمعوا بين صفات اليهود المعقدة من بني عمهم إسحاق، وبين غطرسة رؤساء القبائل الصحراوية الخشنة!

وقريش.. باستثناء بني هاشم والقليل القليل من غيرهم، منجم للتکبر والشيطنة! فقد حکم الله سبحانه علي زعمائها بأنهم فراعنة تماماً، بالجمع لابالمفرد، فقال تعالي: (إنا أرسلنا إليکم رسولاً شاهداً عليکم کما أرسلنا إلي فرعون رسولاً. فعصي فرعون الرسول فأخذناه أخذاً وبيلاً). المزمل15-16.

وقال رسول الله صلي الله عليه وآله عن عدد منهم لما وقف علي قتلي بدر:

(جزاکم الله من عصابة شراً! لقد کذبتموني صادقاً وخونتموني أميناً. ثم التفت إلي أبي جهل بن هشام فقال: إن هذا أعتي علي الله من فرعون! إن فرعون لما أيقن بالهلاک وحد الله، وهذا لما أيقن بالهلاک دعا باللات والعزي)! (حلية الأبرار:127:1 أمالي الطوسي:316:1 وعنه البحار:272:19 ورواه في مجمع الزوائد:91:6).

وروي ابن هشام في:207:1 قول أبي جهل:

(تنازعنا نحن وبنو عبدمناف الشرف: أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتي إذا تحاذينا علي الرکب، وکنا کفرسي رهان قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتي ندرک مثل هذه! والله لانؤمن به أبداً، ولا نصدقه!). انتهي. ورواه في عيون الأثر: 146:1 وابن کثير في سيرته:506:1.

وفي تفسير القمي:276:1:

(قال رسول الله صلي الله عليه وآله لقريش: إن الله بعثني أن أقتل جميع ملوک الدنيا وأجرَّ الملک إليکم، فأجيبوني إلي ما أدعوکم إليه تملکوا بها العرب، وتدين لکم بها العجم، وتکونوا ملوکاً في الجنة. فقال أبوجهل: اللهم إن کان هذا الذي يقوله محمد هو الحق من عندک فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، حسداً لرسول الله صلي الله عليه وآله، ثم قال: کنا وبنو هاشم کفرسي رهان، نحمل إذا حملوا، ونطعن إذا طعنوا، ونوقد إذا أوقدوا، فلما استوي بنا وبهم الرکب، قال قائل منهم: منا نبي! لانرضي بذلک أن يکون في بني هاشم، ولا يکون في بني مخزوم!!). وقال الأبشيهي في المستطرف:58:1:

(قال معاوية لرجل من اليمن: ما کان أجهل قومک حين ملکوا عليهم امرأة! فقال: أجهل من قومي قومک الذين قالوا حين دعاهم رسول الله صلي الله عليه وآله: اللهم إن کان هذا هو الحق من عندک فأمطر علينا حجارة من السماء، أو ائتنا بعذاب أليم، ولم يقولوا: اللهم إن کان هذا هو الحق من عندک، فاهدنا إليه).

وقال البياضي في الصراط المستقيم:49:3:

(قال معاوية: فضل الله قريشاً بثلاث: وأنذر عشيرتک الأقربين، ونحن الأقربون. وإنه لذکر لک ولقومک، ونحن قومه. لإيلاف قريش، ونحن قريش. فقال رجل أنصاري: علي رسلک يا معاوية، قال الله: وکذب به قومک، وأنت من قومه. إذا قومک عنه يصدون، وأنت من قومه. إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً، وأنت من قومه!! فهذه ثلاث بثلاث، ولو زدتنا لزدناک!! فأفحمه). انتهي.

وفرعون وقومه.. عندما أخذهم الله بالسنين، طلبوا من موسي عليه السلام أن يدعو لهم ربه.. بينما رسول الله صلي الله عليه وآله دعا ربه علي قريش الظالمة العاتية، فأخذهم الله بالسنين، وأصيبوا بالفقر والقحط، حتي أکلوا العلهز.. وما استکانوا لربهم وما يتضرعون!!

قال الحاکم في المستدرک:394:2:

(عن ابن عباس قال: جاء أبوسفيان إلي رسول الله صلي الله عليه وآله فقال: يا محمد أنشدک الله والرحم، قد أکلنا العلهز! يعني الوبر والدم، فأنزل الله عزوجل: (ولقد أخذناهم بالعذاب فما استکانوا لربهم وما يتضرعون. هذا حديث صحيح الأسناد، ولم يخرجاه). انتهي.

وقال في معجم البلدان:458:3 (والعلهز: دم القراد والوبر، يلبک ويشوي ويؤکل في الجدب! وقال آخرون: العلهز دم يابس يدق مع أوبار الأبل في المجاعات. وأنشد بعضهم:


وإن قري قحطان قرفٌ وعلهزٌ
فأقبح بهذا ويح نفسک من فعلِ


دولکن أتباع الخلافة القرشية لايعجبهم هذا الحديث، ولا يفسرون به الآية! بل يزعمون أن القرشيين خضعوا لربهم وتضرعوا، ودعا لهم الرسول صلي الله عليه وآله!! فانظر إلي ما قاله عباد قريش مثل ابن کثير في البداية والنهاية: 101:6 قال: (لما دعا علي قريش حين استعصت أن يسلط الله عليها سبعاً کسبع يوسف، فأصابتهم سنة حصدت کل شي ء، حتي أکلوا العظام والکلاب والعلهز. ثم أتي أبوسفيان يشفع عنده في أن يدعو الله لهم، فدعا لهم فرفع ذلک عنهم!!). انتهي.


ومشکلة ابن کثير أنه يحب رائحة آل أبي سفيان، وإلا فهو مؤلفٌ في السيرة والتاريخ، يعرف أن مجي ء أبي سفيان کان بعد أن أشفق النبي صلي الله عليه وآله علي حالة قريش، وأرسل إليهم بأحمال من المواد الغذائية وبعض الأموال لعلهم يستکينوا لله تعالي ويؤمنوا به وبرسوله!! وبعد أن اعتدي بنو بکر حلفاء قريش علي خزاعة حلفاء النبي وجده عبدالمطلب.. وقتلوا منهم، واعانتهم قريش علي الخزاعيين، رغم الهدنة الموقعة بينهم وبين النبي!

فاغتنمت قريش لفتة القلب النبوي الرحيم، وأنکرت تحريض بني بکر ومساعدتهم، وبعثت أباسفيان الي النبي صلي الله عليه وآله تتبرأ له من نقضها للهدنة، وحملته مشروع تمديد للصلح، من نوع مشاريع السلام الإسرائيلية في عصرنا، فرفضه النبي صلي الله عليه وآله، فذهب أبوسفيان إلي علي وفاطمة عليهماالسلام يرجوهما التوسط إلي النبي صلي الله عليه وآله فلم يقبلا وعرض عليهم أن يکون هذا (الصلح) باسم الحسن والحسين عليهماالسلام ليکون فخراً لهما في العرب، فقالا: إنا لانجير أحداً علي رسول الله صلي الله عليه وآله!! قال المفيد في الارشاد:132:1:

(فصل: ولما دخل أبوسفيان المدينة لتجديد العهد بين رسول الله صلي الله عليه وآله وبين قريش، عندما کان من بني بکر في خزاعة وقتلهم من قتلوا منها، فقصد أبوسفيان ليتلافي الفارط من القوم، وقد خاف من نصرة رسول الله صلي الله عليه واله لهم، وأشفق مما حل بهم يوم الفتح. فأتي النبي صلي الله عليه واله وکتمه في ذلک، فلم يردد عليه جوابا. فقام من عنده، فلقيه أبوبکر فتشبث به وظن أنه يوصله إلي بغيته من النبي صلي الله عليه وآله فسأله کلامه له، فقال: ما أنا بفاعل لعلم أبي بکر بأن سؤاله في ذلک لايغني شيئاً. فظن أبوسفيان بعمر بن الخطاب ما ظنه بأبي بکر فکتمه في ذلک، فدفعه بغلظة وفضاضة کادت أن تفسد الرأي علي النبي صلي الله عليه وآله. فعدل إلي بيت أميرالمؤمنين عليه السلام فاستأذن عليه، فأذن له وعنده فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فقال له: يا علي، إنک أمس القوم بي رحماً، وأقربهم مني قرابةً، وقد جئتک فلا أرجعن کما جئت خائباً، إشفع لي الي رسول الله فيما قصدته. فقال له: ويحک يا با سفيان، لقد عزم رسول الله صلي الله عليه وآله علي أمر ما نستطيع أن نکمله فيه.

فالتفت أبوسفيان إلي فاطمة عليهاالسلام، فقال لها: يا بنت محمد هل لک أن تأمري ابنيک أن يجيرا بين الناس فيکونا سيدي العرب إلي آخر الدهر. فقالت: ما بلغ بنياي أن يجيرا بين الناس، وما يجير أحد علي رسول الله صلي الله عليه وآله. فتحير أبوسفيان وسقط في يده، ثم أقبل علي أميرالمؤمنين عليه السلام فقال: يا أباالحسن، أري الأمور قد التبست علي فانصح لي. فقال له أميرالمؤمنين: ما أري شيئاً يغني عنک ولکنک سيد بني کنانة فقم فأجر بين الناس، ثم الحق بأرضک. قال: فتري ذلک مغنياً عني شيئاً؟ قال: لاوالله لاأظن ولکني لاأجد لک غير ذلک. فقام أبوسفيان في المسجد فقال: أيها الناس، إني قد أجرت بين الناس. ثم رکب بعيره فانطلق! فلما قدم علي قريش قالوا: ما ورائک؟ قال: جئث محمداً فکلمته، فوالله ما رد علي شيئاً، ثم جئت ابن أبي قحافة فلم أجد فيه خيراً، ثم لقيت ابن الخطاب فوجدته فظاً غليظاً لاخير فيه، ثم أتيت علياً فوجدته ألين القوم لي، وقد أشار في شئ فصنعته، والله ما أدري يغني عني شيئاً أم لا، فقالوا: بم أمرک؟ قال: أمرني ان أجير بين الناس ففعلت. فقالوا له: فهل أجار ذلک محمد؟ قال: لا. قالوا: ويلک والله ما زاد الرجل علي أن لعب بک، فما يغني عنک؟ قال أبوسفيان: لاوالله ما وجدت غير ذلک!). انتهي.

وروي نحوه ابن کثير في البداية والنهاية:319:4