أن أصل: كلهم من قريش.. كلهم من أهل بيتي ما هو السبب في غياب











أن أصل: کلهم من قريش.. کلهم من أهل بيتي ما هو السبب في غياب الکلمة علي الراوي؟



ومن الذي سأله عنها فشهد له بها؟ جاء في مسند أحمد:100:5 و107:

أن الراوي نفسه لم يفهم الکلمة، وخفيت عليه، قال (ثم قال کلمة لم أفهمها قلت لأبي: ما قال؟ قال: قال کلهم من قريش).

وفي مستدرک الحاکم:617:3 (وقال کلمة خفيت علي، وکان أبي أدني إليه مجلساً مني فقلت: ما قال؟ فقال کلهم من قريش).

وفي مسند أحمد:90:5 و: 98(أن النبي صلي الله عليه وآله نفسه أخفاها وخفض بها صوته، وهمس بها همساً! (قال کلمة خفية لم أفهمها، قال: قلت لأبي ما قال؟ قال: قال کلهم من قريش).

وفي مستدرک الحاکم:618:3 (ثم قال کلمة وخفض بها صوته، فقلت لعمي وکان أمامي: ما قال يا عم؟ قال: قال يا بني: کلهم من قريش).

وفي معجم الطبراني الکبير:213:2 و214 ح: 1794 (عن جابر بن سمرة عن النبي قال: يکون لهذه الأمة اثنا عشر قيماً، لايضرهم من خذلهم، ثم همس رسول الله صلي الله عليه وآله بکلمة لم أسمعها، فقلت لأبي ما الکلمة التي همس بها النبي صلي الله عليه وسلم؟ قال أبي: کلهم من قريش).

بينما تقول روايات أخري إن الذي ضيع الکلمة هم الناس! وليس الراوي أو النبي.. فالناس- المحرمون لربهم في عرفات، المودعون لنبيهم صلي الله عليه وآله، المنتظرون لکل کلمة تصدر منه- صاروا کأنهم في سوق حراج، وصار فيهم مشاغبون يلغطون عند الکلمة الحساسة ليضيعوها علي المؤمنين، فيضجون، ويکبرون، ويتکلمون، ويلغطون، ويقومون، ويقعدون!!

ففي سنن أبي داود:309:2 (قال: فکبر الناس، وضجوا، ثم قال کلمة خفية، قلت لأبي: يا أبة ما قال؟ قال:کلهم من قريش). ومثله في مسند أحمد:98:5.

وفي مسند أحمد:98:5 (ثم قال کلمة أصمنيها الناس، فقلت لأبي: ما قال؟ قال: کلهم من قريش). وفي رواية مسلم المتقدمة (صمنيها الناس). وفي ص: 93 (وضج الناس.. ثم لغط القوم وتکلموا، فلم أفهم قوله بعد کلهم).

وفي نفس الصفحة: (لايزال هذا الدين عزيزاً منيعاً، ينصرون علي من ناواهم عليه إلي اثني عشر خليفة. قال فجعل الناس يقومون ويقعدون...)!

هذا عن سبب ضياع الکلمة! فهل فهمت؟!!

أما الذين سألهم جابر بن سمرة عن الکلمة، فتقول أکثر الروايات إنه سأل أباه سمرة، فتکون الشهادة بتوسيع دائرة الأئمة من هاشم إلي قريش، متوقفة علي وثاقة سمرة الذي لم يثبت أنه دخل في الإسلام! کما رأيت في روايتي البخاري ومسلم، وغيرهما. ولکن في رواية أحمد:92:5 (فسألت القوم کلهم فقالوا: قال کلهم من قريش). ونحوه في ص90 وفي ص: 108 (فسألت بعض القوم، أو الذي يلي: ما قال؟ قال کلهم من قريش).

وفي:99:5 (فخفي علي فسألت الذي يليني)، ونحوه في:108:5.

وفي معجم الطبراني الکبير:249:2 ح:2044 أن ابن سمرة قال: إن القوم زعموا زعماً أن النبي صلي الله عليه وآله قال إنهم من قريش! قال: ثم تکلم بشي ء لم أسمعه، فزعم القوم أنه قال: کلهم من قريش)!!

فهل يمکن للإنسان أن يقبل خفاء أهم کلمة عن الأئمة الذين بشر بهم النبي صلي الله عليه وآله، وفي مثل ذلک الجو الهادئ المنصت في عرفات! وأن أحداً من الئة وعشرين ألف مسلم الذين کانوا يستمعون الي نبيهم وهو يودعهم.. لم يسأل النبي عن الکلمة الخفية التي هي لب الموضوع؟!

ومما يکشف لک الحقيقة أن جابر بن سمرة نفسه روي أن النبي صلي الله عليه وآله کان يخطب وهو راکبٌ علي ناقته، وهذا يعني أنه کان حريصاً علي أن يوصل صوته إلي الجميع! ففي مسند أحمد:87:5 (ثم خفي من قول رسول الله صلي الله عليه وسلم، قال: وکان أبي أقرب إلي راحلة رسول الله صلي الله عليه وسلم مني! انتهي.!

بل رووا أنه النبي صلي الله عليه وآله أمر شخصاً جَهْوَرِيّ الصوت فکان يلقي خطبته جملة جملةً، وکان يأمره أن (يصرخ) بها ليسمعها الناس!

ففي مجمع الزوائد:270:3 عن عبدالله بن الزبير قال: کان ربيعة بن أمية بن خلف الجمحي وهو الذي کان يصرخ يوم عرفة تحت ناقة رسول الله صلي الله عليه وسلم، وقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم: أصرخ- وکان صيِّتاً- أيها الناس أتدرون أي شهر هذا؟ فصرخ، فقالوا: نعم، الشهر الحرام. قال فإن الله عزوجل قد حرم عليکم دماءکم وأموالکم إلي أن تلقوا ربکم کحرمة شهرکم هذا. ثم قال: أصرخ: هل تدرون أي بلد هذا... إلخ.

وعن ابن عباس... فلما وقف رسول الله صلي الله عليه وسلم بعرفة أمر ربيعة بن أمية بن خلف فقام تحت ثدي ناقته، وکان رجلاً صيتاً، فقال: أصرخ أيها الناس أتدرون أي شهر هذا... إلخ. رواه الطبراني في الکبير ورجاله ثقات. انتهي.

والذي يزيد في ترجيح أن النبي قال (من عترتي) أو (من أهل بيتي)، ولم يقل (من قريش) أنهم رووا الحديث عن نفس هذا الراوي بعدة صيغ مختلفة، ولکن الکلمة المفقودة في الجميع تبقي واحدة لاتتغير..

بل رووا عن نفس الراوي أن الحديث صدر من النبي صلي الله عليه وآله في المدينة، وليس في حجة الوداع في عرفات.. ولکن الکلمة المفقودة تبقي نفسها، وهي هوية الأئمة الإثني عشر!! ففي مسند أحمد:97:5 و107

عن جابر بن سمرة قال: جئت أنا وأبي إلي النبي صلي الله عليه وسلم وهو يقول: لايزال هذا الأمر صالحاً حتي يکون اثنا عشر أميراً، ثم قال کلمة لم أفهمها، فقلت لأبي: ما قال؟ قال: کلهم من قريش. انتهي. ثم رووه عن جابر هذا، وأن النبي صلي الله عليه وآله بشر بهؤلاء الأئمة الربانيين وهو يخطب في مسجده بالمدينة، وهو مسجد صغير محدود، ولکن الکلمة نفسها بقيت خفية علي جابر بن سمرة.. حتي سأل عنها الخليفة القرشي عمر بن الخطاب.. فأخبره بها!

ففي معجم الطبراني الکبير:256:2 ح:2073 عن جابر بن سمرة: (قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وهو يخطب علي المنبر ويقول: اثنا عشر قيماًَ من قريش، لايضرهم عداوة من عاداهم، قال: فالتفت خلفي، فإذا أنا بعمر بن الخطاب رضي الله عنه وأبي في ناس، فأثبتوا لي الحديث کما سمعت). انتهي.

وقال عنه في مجمع الزوائد:191:5 رواه البزار عن جابر بن سمرة وحده، وزاد فيه: ثم رجع، يعني النبي صلي الله عليه وسلم، إلي بيته، فأتيته فقلت: ثم يکون ماذا؟ قال: ثم يکون الهرج. ورجاله ثقات. انتهي.

وعلي هذا صار الحديث: اثني عشر قيماً والناس يعادونهم!! وصار الذي أثبت له هوية هؤلاء القيمين علي الأمة جماعة فيهم عمر وأبوه!

فقد تغيرت صيغة الحديث، وصفات الأئمة فيه، ومکانه، والشخص الذي سأله عن الکلمة المفقودة، لکنها ما زالت.. نفسها نفسها!!

والأعجب من الجميع أنهم رووا الحديث عن راوٍ آخر، هو أبوجحيفة، فخفيت عليه نفس الکلمة أيضاً!! ولکنه سأل عنها عمه، وليس أباه!

ففي مستدرک الحاکم:618:3 عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: کنت مع عمي عند النبي صلي الله عليه وآله فقال: لايزال أمر أمتي صالحاً حتي يمضي اثنا عشر خليفة، ثم قال کلمة وخفض بها صوته، فقلت لعمي وکان أمامي: ما قال يا عم؟ قال: قال يا بني: کلهم من قريش. انتهي.

وقال عنه في مجمع الزوائد:190:5 رواه الطبراني في الأوسط والکبير، والبزار، ورجال الطبراني رجال الصحيح. انتهي.

نجد أنفسنا هنا أمام ظاهرة لامثيل لها في جميع أحاديث رسول الله صلي الله عليه وآله!! وهي تدل بشکل قاطع علي أن أمر هذا الحديث مهم جداً جداً، وأن في الأمر سراً يکمن في کلمة: کلهم من قريش!!

ويتبادر إلي الذهن هنا افتراض أن يکون الراوي الأصلي للحديث هو عمر وهو الذي صححه لهذا الصبي جابر بن سمرة وأثبته له وأمره أن يرويه هکذا!

فقد روي الخزاز القمي الرازي في کتابه کفاية الأثر90: عن عمر وحده، بدون ابن سمرة وأبيه، وبدون أبي جحيفة وعمه، قال الخزاز: حدثنا أبوالمفضل محمد بن عبدالله قال: حدثنا الحسن بن علي زکريا العدوي، عن شيث بن غرقدة العدوي قال: حدثنا أبوبکر محمد بن العلا قال: حدثنا إسماعيل بن صبيح اليشکري، عن شريک بن عبدالله، عن المفضل بن حصين، عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول: الأئمة بعدي اثنا عشر، ثم أخفي صوته فسمعته يقول: کلهم من قريش. قال أبوالمفضل: هذا غريب لاأعرفه إلا عن الحسن بن علي بن زکريا البصري بهذا الإسناد، وکتبت عنه ببخارا يوم الأربعاء، وکان يوم العاشور، وکان من أصحاب الحديث إلا أنه کان ثقة في الحديث. انتهي.

وبناءاً علي هذه الرواية المرجحة عندنا فإن توسيع هوية هؤلاء الأئمة الإثني عشر الي جميع قريش، بدل عترة النبي فقط، أصله رواية عمر! وهو منسجم مع ما کان يقوله لبني هاشم في حياة النبي وعند وفاته: إن قريشاً تأبي أن تجمع لکم، يا بني هاشم، بين النبوة والخلافة!!