حسان بن ثابت











حسان بن ثابت



(65 ق. ه- 55 ه)

حسان بن ثابت بن المنذر بن طرم بن عمرو بن زيد مناة أشهر شعراء النبي صلي الله عليه و آله و سلم ولد قبل مولدهِ صلي الله عليه و آله و سلم بثماني سنين- وهو ما يقابل سنة 65 قبل الهجرة تقريباً-. وکان من الشعراء المشهورين قبل وبعد الإسلام الذي اهتدي بنوره فترة، ثم ضلّ عن ذلک، وقد تنبأ له الرسول صلي الله عليه و آله و سلم بذلک وخاطبه بقوله: «مازلت مؤيداً بروح القدس ما زال لسانک معنا».

بيته بيت شعر وأدب مشهور في عراقته بذلک؛ حتي قال فيه قائل:


فمن للقوافي بعد حسان وابنه
ومن للمثاني بعد زيد بن ثابت


وقد حاد عن الطريق الجادة وأنکر بيعة علي عليه السلام بعدما حضرها وترجمها شعراً وقد مات علي ذلک عام 55 ه 675 م.

وله في حديث الغدير قوله:


يُناديهُمُ يوم الغدير نبيّهم
بخمٍّ وأسمعْ بالنبيِّ مناديا


وقد جاءه جبريل عن أمر ربِّه
بأنَّک معصومٌ فلا تک وانيا


وبلّغْهُمُ ما أنزل اللَّه ربّهم
إليک ولا تخشَ هناک الأعاديا

[صفحه 22]

فقام به إذ ذاک رافع کفّه
بکفِّ عليّ مُعلن الصوت عاليا


فقال: فمن مولاکمُ ووليّکم
فقالوا ولم يبدوا هناک تعاميا


إلهک مولانا وأنت وليّنا
ولن تجدن فينا لک اليوم عاصيا


فقال له: قم يا عليٌّ فإنّني
رضيتک من بعدي إماماً وهاديا


فمن کنت مولاهُ فهذا وليّه
فکونوا له أنصار صدقٍ مواليا


هناک دعا اللّهم والِ وليَّه
وکن لِلّذي عادي عليّاً معاديا


فيا ربّ أُنصر ناصريه لنصرهم
إمام هديً کالبدر يجلو الدياجيا


وله في رُقْيَة النبي صلي الله عليه و آله و سلم لعليٍّ عليه السلام يوم خيبر:


وکان عليٌّ أرمد العين يبتغي
دواءً فلمّا لم يحسّ مداويا


شفاه رسول اللَّه منه بتفلةٍ
فبورک مرقيّاً وبورک راقيا


فقال: سأُعطي الراية اليوم ضارباً
کميّاً محبّاً للرسول مواليا


يحبُّ إلهي والإله يحبّه
به يفتح اللَّه الحصون الأوابيا


فخصَّ بها دون البريَّة کلّها
عليّاً وسمّاه الوزير المواخيا


وله في مدح أميرالمؤمنين عليه السلام حينما ردَّ مقولة عمرو بن العاص في الأنصار قوله:


جزي اللَّه خيراً والجزاء بکفّه
أباحسن عنّا ومَن کأبي حسنْ؟


سبقتَ قريشاً بالذي أنت أهله
فصدرک مشروحٌ وقلبک ممتحن


تمنَّت رجالٌ من قريش أعزَّةٌ
مکانک هيهات الهزال من السمَن


وأنت من الإسلام في کلِّ منزلٍ
بمنزلة الطرف البطين من الرسن


غضبت لنا إذ قال عمرو بخصلة
أمات بها التقوي وأحيا بها الإحن


حفظت رسول اللَّه فينا وعهده
إليک ومَن أولي به منک مَن ومَن؟

[صفحه 23]

ألستَ أخاه في الهدي ووصيَّه
وأعلم فهرٍ بالکتاب وبالسنن؟


فحقّک ما دامت بنجد وشيجةٌ
عظيمٌ علينا ثمَّ بعدُ علي اليمن


ومن شعره في أميرالمؤمنين:


أنزل اللَّه والکتاب عزيزٌ
في عليّ وفي الوليد قرانا


فتبوَّا الوليد من ذاک فسقاً
وعليٌّ مبوّأ إيمانا


ليس من کان مؤمناً عرف اللَّ
-ه کَمَن کان فاسقاً خوَّانا


فعليٌّ يلقي لدي اللَّه عزّاً
ووليدٌ يلقي هناک هوانا


سوف يُجزي الوليد خزياً وناراً
وعليٌّ لا شکَّ يُجزي جنانا


ومن شعره في أميرالمؤمنين قوله:


مَن ذا بخاتمه تصدَّق راکعاً
وأسرَّها في نفسه إسرارا


مَن کان بات علي فراش محمَّدٍ
ومحمَّدٌ أسري يؤمُّ الغارا


مَن کان في القرآن سُمِّي مؤمناً
في تسع آيات تُلين غزارا[1] .


ومن شعره في أميرالمؤمنين قوله:

[صفحه 24]

أباحسن تفديک نفسي ومهجتي
وکلّ بطي ءٍ في الهدي ومسارعِ


أيذهب مدحي والمحبين ضايعاً؟
وما المدح في ذات الإله بضايعِ


فأنت الّذي أعطيت إذ أنت راکعٌ
فدتک نفوس القوم يا خير راکعِ


بخاتمک الميمون يا خيرَ سيِّد
ويا خيرَ شارٍ ثمَّ يا خيرَ بايعِ


فأنزل فيک اللَّهُ خيرَ ولاية
وبيَّنها في محکمات الشَّرايعِ


ومن شعره في أميرالمؤمنين أيضاً قوله:


جبريلُ نادي معلناً
والنقعُ ليس بمنجلي


والمسلمون قد احدقوا
حول النبيِّ المرسلِ


لا سيفَ إلّا ذو الفقا
رِ ولا فتي إلّا علي

[صفحه 25]


صفحه 22، 23، 24، 25.








  1. يلفت الشاعر النظر الي أنّ الآيات التي وصفت أميرالمؤمنين بأنه مؤمن هي تسع، وربما هي أکثر، إذ ربما يکون هذا العدد حتي زمان نظم حسان شعره هذا. أما مجموع الآيات فيه فتبلغ واحداً واربعين آية کما ورد في النور المشتعل لأبي نعيم، حتي أن مزاحماً کتب في (صفينه) ص26: أن معاوية بن صحصحة- ابن أخي الأحنف- کتب الي قومه- مع کتاب عمه- يدعوهم الي نصرة أميرالمؤمنين عليه السلام:


    وإن عليّاً خير حافٍ وناعلٍ
    فلا تمنعوه الأمر جهداً ولا جدا


    ومن نزلت فيه ثلاثون آية
    تسمّيه فيها مؤمناً مخلصاً فرداً


    عن بهج الصباغة للتستري- بتصرف-.

    أما من طرقنا فتکاد تبلغ أضعاف ذلک


    .