في غزوة حنين
هذه صور يسيرة من مواقف الصمود التي سجلها الإمام علي (ع) بين يدي قائده رسول الله (ص) في أدق الساعات و أکثرها حرجا[2] . و من نافلة القول أن نعيد إلي الأذهان أن عليا (ع) قد اشترک في حروب رسول الله جميعا غير تبوک[3] و ذلک بأمر من الرسول (ص) بنفسه، و کان له في جميعها القدح المعلي، هذا عدا الغزوات التي قادها بنفسه (ع). و الباحث المنصف حين يتناول حياة الإمام علي (ع) بالدراسة و في شطرها الجهادي بالذات يقف مذهولا أمام بطولته الفريدة و تضحياته المعطاءة، لکن البطولة بما هي بطولة ليست هي الميزة في جهاد علي (ع) و إن کان ميدانها الواسع و شمولها يبقي سمة من سماته (ع) و لکن الأهم فيها إنما هو الإخلاص لله تعالي و التضحية في سبيله. فإيمان علي (ع) بالله تعالي يبقي هو الحافز و المحرک الوحيد لتلک البطولات العظيمة التي سجلها تاريخ الاسلام في أنصع صفحاته بشکل لم يسجل مثلها لسواه. و حسبک في ذلک أن کثيرا من المواقف العسکريةـکما رأيناـيتعرض فيها علية القوم فضلا عن عامتهم للوهن بل و الهزيمة النکراء، غير أن التاريخ لم يسجل لعلي (ع) إلا الثبات و الفداء و التضحية في کل موقف، صمد الناس فيه أم انهزموا، الأمرالذي لا يفسر إلا ما يتمتع به علي (ع) من صدق اليقين و عمق الاستعانة و التوکل علي الله و العبودية له و اللا مبالاة بما سواه کبر ذلک أم صغر، إضافة إلي ما يتمتع به علي (ع) من علو الهمة و قوة العزيمة و رباطة الجأش و سمو النفس.
و في غزوة حنين فر المسلمون فلم يبق مع رسول الله (ص) غير علي[1] و العباس و بعض بني هاشم فکان النصر بعد دعوة المسلمين لميدان القتال و کان الظفر.