ملك يرد علي شاتم الخليفة











ملک يرد علي شاتم الخليفة



أخرج يوسف بن أبي يوسف في الآثار ص 208 عن أبيه يعقوب بن ابراهيم القاضي عن أبي حنيفة قال: بلغني أن رجلا شتم أبابکر فحلم أبوبکر رضي الله عنه والنبي صلي الله عليه وسلم قاعد ثم إن أبا بکر رد عليه فقام النبي صلي الله عليه وسلم فقال أبوبکر: شتمني فلم تقم وقمت حين رددت عليه؟ فقال النبي صلي الله عليه وسلم: إن ملکا کان يرد عنک فلما رددت أنت ذهب فقمت.

وأخرجه احمد في مسنده 436: 2 من طريق أبي هريرة: إن رجلا شتم أبابکر والنبي صلي الله عليه وسلم جالس فجعل النبي صلي الله عليه وسلم يعجب ويتبسم فلما أکثر رد عليه بعض قوله فغضب النبي صلي الله عليه وسلم وقام فلحقه أبوبکر فقال: يا رسول الله کان يشتمني وأنت جالس فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت؟ قال: إنه کان معک ملک يرد عنک فلما رددت عليه بعض قوله وقع الشيطان فلم أکن لاقعد مع الشيطان.

قال الاميني: لم نعرف طريق بلاغ الحديث أباحنيفة حتي نقف علي مبلغه من الصحة ولعل أبا يوسف القاضي بمفرده يکفيه وهنانظرا إلي بعض ماقيل فيه کقول الفلاس: صدوق کثير الخطاء.

وقول أبي حفص: صدوق کثيرالغلط.

وقول البخاري: ترکوه.

وقول يحيي بن آدم: شهد أبويوسف عند شريک فرده وقال: لاأقبل من يزعم أن الصلاة ليست من الايمان.

وقول ابن عدي: يروي عن الضعفاء.

[صفحه 31]

وقول ابن المبارک بسند صحيح: انه وهاه، وقوله لرجل: إن کنت صليت خلف أبي يوسف صلوات تحفظها فأعدها وقوله: لان أخر من السماء إلي الارض فتخطفني الطير أوتهوي بي الريح في مکان سحيق أحب إلي من أن أروي عن ذلک. وقال رجل لابن المبارک: أيهما أصدق؟ أبويوسف أو محمد؟ قال: لاتقل ايهما أصدق. قل: أيهما أکذب.

وقول عبدالله بن إدريس: کان أبويوسف فاسقا من الفاسقين.

وقول وکيع لرجل قال: أبويوسف يقول کذا وکذا: أماتتقي الله بأبي يوسف تحتج عندالله عزوجل؟.

وقول أبي نعيم الفضل بن دکين: سمعت أباحنيفة يقول لابي يوسف: ويحکم کم تکذبون علي في هذه الکتب مالم أقل؟.

وقول يحيي ين معين: لا يکتب حديثه. وقوله: کان ثقة إلا انه کان ربما غلط.

وقول يزيد بن هارون: لا تحل الرواية عنه کان يعطي أموال اليتامي مضاربة و يجعل الربح لنفسه.

وقول ابن أبي کثير مولي بني الحارث أوالنظام لما دفن أبويوسف:


سقي جدثا به يعقوب أمسي
من الوسمي منبجس رکام


تلطف في القياس لنافأضحت
حلالا بعد حرمتها المدام


ولولاأن مدته تقضت
وعاجله بميتته الحمام


لاعمل في القياس الفکر حتي
تحل لنا الخريدة والغلام[1] .


وأما طريق أحمد ففيه سعيد بن أبي سعيد المدني وقد اختلطه قبل موته بأربع سنين کما في تهذيب التهذيب 40 و 39: 4، ومتن الرواية يشهد علي صدورها منه في أيام اختلاطه.

ومما لاريب فيه إساءة الادب من کلا المتسابين بحضرة رسول الله صلي الله عليه وآله ورفع أصواتهما بطبع من حال المتشاتم فانه لايؤتي به همسا والله يقول: ياأيها الذين آمنوا لاترفعوا أصواتکم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول. الآية وقد نزلت في

[صفحه 32]

أبي بکر وعمر تمارياعند رسول الله صلي الله عليه وآله کما مر حديثه في الجزء السابع ص 223.

وماذا علي أبي بکر لوبقي متحلما مراعيا لادب حضرة النبي إلي آخر مجلسه؟ کمافعله أولا لذلک أوان مافعله اولا کان منه رمية من غيررام؟ فلا ينقلب إلي الاساءة وإزعاج رسول الله صلي الله عليه وآله حتي قام عنه.

وماذا عليه لو قام معه فيقطع مادة البغضاء؟ وماذاعليه لو سکت عن النبي صلي الله عليه وآله ولم يسئ الادب بالاعتراض والنقد علي قيامه؟.

وماذا عليه لو أبقي الملک وهو يحسبه مظلوما فيسب الرجل ردا عليه؟ لکنه رآه مکافئ الظالم فترکه.

وعجبي مما في لفظ أحمد من قول النبي لابي بکر: فلما رددت عليه بعض قوله وقع الشيطان. الخ. کيف کان ذلک المحفل خلوامن الشيطان إلي أن رد عليه أبوبکر والرجل کان يشتم أبابکر ويکثر، ولما رد عليه وقع الشيطان؟ فکأن رد أبي بکر کان من همزات الشيطان دون سب الرجل إياه، وکأن النبي الاعظم لم تکن له مندوحة عن سماع شتم الرجل أبابکر، أو لم تکن فيه مغضبة دون رد أبي بکر إياه؟إن هذالشئ عجاب.

ثم هل في عالم الملکوت من يقابل البذاءة بمثلها؟ أو ان هناک عالم القداسة لايطرقه الفحش والسباب المقذع لقبحهما الذاتي؟ وهل لله سبحانه ملائکة قيضهم لذلک العمل القبيح؟ وهل هذا التقييض مخصوص بأبي بکر فحسب؟ أو انه يکون لکل متسابين من المؤمنين إذا سکت أحدهما؟ وهل قيضت الملائکة للرد علي من هجا رسول الله من المشرکين؟ أنالم أقف علي أثر في هذه کلها، وليست المسألة عقلية فتعضدها البرهنة، مع قطع النظر عن استهجان العقل السليم لذلک، والمتيقن: ان جزاء الشاتم إن کان ظالما مرجئ إلي يوم الجزاء، وأما رده بقول لا يسمعه الظالم فيتأدب ويرتدع، ولا المظلوم فيشفي غليله، ولا أي أحد فيکون فضيحة لمرتکب القبيح فعساه يترک شنعته، فمن التافهات، نعم: أخرج الخطيب في تاريخه 280: 5 من طريق سهل بن صقين عن أبي هريرة مرفوعا: أن لله تعالي في السماء سبعين ألف ملک يلعنون من شتم أبابکر وعمر.

[صفحه 33]

غير أن الخطيب نفسه أردفه بقوله: سهل يضع. راجع ماأسلفناه في الجزء الخامس صفحة 280 ط 2.



صفحه 31، 32، 33.





  1. تاريخ الخطيب البغدادي 257: 14، ميزان الاعتدال، لسان الميزان 300: 6.