الوليد ومن ولده











الوليد ومن ولده



أما أبوه عقبة بن أبي معيط. فکان أشد الناس علي رسول الله صلي الله عليه وآله في ايذائه من جيرانه، أخرج ابن سعد بالاسناد من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلي الله عليه وآله: کنت بين شر جارين بين أبي لهب وعقبة بن معيط، إن کانا ليأتيان فيطرحانها علي بابي، حتي أنهم ليأتون ببعض مايطرحون من الاذي فيطرحونه علي بابي.[1] .

وقال ابن سعد في طبقات 185: 1: کان أهل العداوة والمناواة لرسول صلي الله عليه وسلم وأصحابه الذين يطلبون الخصومة والجدل أبوجهل، أبولهب «إلي أن عد» عقبة بن أبي معيط، والحکم بن أبي العاص فقال: وذلک انهم کانو جيرانه، والذي کان تنتهي عداوة رسول الله صلي الله عليه وآله إليهم: أبوجهل، أبولهب، وعقبة بن أبي معيط.

وقال ابن هشام في سيرته 25: 2: کان النفر الذي يؤذون رسول الله صلي الله عليه وسلم في بيته: أبولهب، والحکم بن أبي العاص بن امية، وعقبة بن أبي معيط.

وقال في ج 358: 1: کان أبي بن خلف وعقبة بن أبي معيط متصافيين حسنا ما بينهما، فکان عقبة قد جلس إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وسمع منه فبلغ ذلک أبيا فأتي عقبة فقال له: ألم يبلغني انک جالست محمدا وسمعت منه ؟ ثم قال: وجهي من وجهک حرام أن أکلمک، واستغلظ له من اليمين إن أنت جلست اليه أو سمعت منه أو لم تأته فتتفل في وجهه. ففعل ذلک عدوالله عقبة بن أبي معيط لعنه الله، فأنزل الله تعالي فيهما: ويوم يعض الظالم علي يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا. ياويلتا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا، لقد أضلني عن الذکر بعد إذ جاءني، وکان الشيطان للانسان خذولا.[2] .

وأخرج ابن مردويه وأبونعيم في الدلائل باسناد صححه السيوطي من طريق

[صفحه 273]

سعيدبن جبير عن ابن عباس: ان عقبة[3] بن أبي معيط کان يجلس مع النبي بمکة لا يؤذيه وکان له خليل[4] غائب عنه بالشام فقالت قريش: صبا عقبة.وقدم خليله من الشام ليلا فقال لامرأته: ما فعل محمد مما کان عليه؟ فقالت: أشد ماکان أمرا. فقال: ما فعل خليلي عقبة؟ فقالت: صبا.فبات بليلة سوء فلما أصبح أتاه عقبة فحياه فلم يرد عليه التحية فقال: مالک لاترد علي تحيتي؟ فقال: کيف أرد عليک تحيتک وقد صبوت، قال: أو قد فعلتها قريش؟ قال: نعم، قال: فما يبرئ صدورهم إن أنا فعلته؟ قال: تأتيه في مجلسه فتبزق في وجهه وتشتمه بأخبث ما تعلم من الشتم، ففعل، فلم يرد رسول الله صلي الله عليه وسلم علي أن مسح وجهه من البزاق ثم التفت إليه فقال: إن وجدتک خارجا من جبال مکة أضرب عنقک صبرا. فلما کان يوم بدر وخرج أصحابه أبي أن يخرج فقال له أصحابه: أخرج معنا قال: وعدني هذا الرجل إن وجدني خارجا من جبال مکة أن يضرب عنقي صبرا، فقالوا: لک جمل أحمر لا يدرک فلو کانت الهزيمة طرت عليه.فخرج معهم فلما هزم الله المشرکين وحمل به جمله في جدود من الارض فأخذه رسول الله صلي الله عليه وسلم أسيرا في سبعين من قريش وقدم اليه عقبة فقال: أتقتلني من بين هؤلاء؟ قال: نعم، بما بزقت في وجهي. وفي لفظ الطبري: بکفرک وفجورک وعتوک علي الله ورسوله.فأمر عليا فضرب عنقه فأنزل الله فيه: ويوم يعض الظالم علي يديه. إلي قوله تعالي: وکان الشيطان للانسان خذولا.

وقال الضحاک: لما بزق عقبة رسول الله صلي الله عليه وآله رجع بزاقه علي وجهه لعنه الله تعالي ولم يصل حيث اراد فأحرق خديه وبقي أثر ذلک فيهما حتي ذهب إلي النار.

وفي لفظ: کان عقبة يکثر مجالسة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم واتخذ ضيافة فدعا اليها رسول الله صلي الله عليه وآله فأبي أن يأکل من طعامه حتي ينطق بالشهادتين ففعل، وکان أبي من خلف صديقه فعاتبه وقال: صبأت يا عقبة؟ قال: لا ولکن آلي أن لا يأکل من طعامي وهو في بيتي فاستحييت منه فشهدت له والشهادة ليست في نفسي فقال: وجهي من وجهک

[صفحه 274]

حرام إن لقيت محمدا فلم تطأ قفاه وتبزق وجهه وتلطم عينه.فوجده ساجدا في دار الندوة ففعل ذلک فقال النبي صلي الله عليه وآله: لا ألقاک خارجا من مکة إلا علوت رأسک بالسيف الحديث.

وقال الطبري في تفسيره: قال بعضهم عني بالظالم عقبة بن ابي معيط لانه ارتد بعد اسلامه طلبا منه لرضا ابي بن خلف وقالوا: فلان هو أبي.

وروي عن ابن عباس انه قال: کان ابي بن خلف يحضر النبي صلي الله عليه وآله فزجره عقبة بن ابن معيط فنزل: ويوم يعض الظالم علي يديه. الخ. قال: الظالم: عقبة وفلان: أبي. وروي مثله عن الشعبي وقتادة وعثمان ومجاهد.

أخرج نزول الآيات الکريمة يوم يعض الظالم إلي قوله: خذولا.في عقبه و إن الظالم هو. ابن مردويه، وأبونعيم في الدلائل، وابن المنذر، وعبدالرزاق في المصنف وابن ابي شيبة، وابن ابي حاتم، والفريابي، وعبد بن حميد، وسعيد بن منصور، وابن جرير. راجع تفسير الطبري 19: 6، تفسير البيضاوي 161: 2، تفسير القرطبي 25: 13، تفسر الزمخشري 326: 2، تفسير ابن کثير 317: 3، تفسير النسابوري هامش الطبري 10 و 19، تفسير الرازي 369: 6، تفسير ابن جزي الکلبي 77: 3، إمتاع المقريزي ص 90 و 61، الدر المنثور للسيوطي 68: 5، تفسير الخازن 365: 3، تفسير النسفي هامش الخازن 365: 3، تفسير الشوکاني 72: 4، تفسير الآلوسي 11: 19.



صفحه 273، 274.





  1. طبقات ابن سعد 186: 1 ط مصر.
  2. سورة الفرقان 29 -28.
  3. وقع في الدر المنثور الاشتباه في اسم الرجل فجعله أبا معيط وتبعه علي علاته من حکاه عنه کالشوکاني وغيره.
  4. هوابي بن خلف کما سمعت وفي غير واحد من المصادر: أمية بن خلف.