حظوة سعيد من عطية عثمان











حظوة سعيد من عطية عثمان



أعطي سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن امية مائة الف درهم قال أبومخنف والواقدي: أنکر الناس علي عثمان إعطاءه سعيد بن العاص مائة الف درهم فکلمه علي والزبير وطلحة وسعد وعبدالرحمن بن عوف في ذلک فقال: إن له قرابة ورحما.قالوا: أفما کان لابي بکر وعمر قرابة وذورحم؟ فقال: إن أبابکر وعمر کانا يحتسبان في منع قرابتهما وأنا أحتسب في إعطاء قرابتي، قالوا: فهديهما والله أحب إلينا من هديک.فقال: لاحول ولا قوة إلا بالله[1] .

قال الاميني: کان العاص أبوسعيد من جيران رسول الله صلي الله عليه وآله الذين کانوا يؤذونه، وقتله مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام يوم بدر مشرکا[2] .

وأما خلفه (بالسکون) سعيد فهو ذلک الشاب المترف کما في رواية ابن سعد[3] .

[صفحه 270]

ورد الکوفة من غير سابقة واليا من قبل عثمان بعد عزله الوليد ولم يحمل أي حنکة فطفق يلهج من أول يومه بما يثير العواطف ويجيش الافؤدة، فنسبهم إلي الشقاق والخلاف وقال: إن هذا السواد بستان لاغيلمة من قريش.

ولقد أزري هذا الغلام بهاشم بن عتبة المرقال الصحابي العظيم صاحب راية مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام بصفين العبد الصالح الذي فقئت إحدي عينيه في سبيل الله يوم اليرموک ومات شهيدا في الجيش العلوي.

قال ابن سعد: قال سعيد مرة بالکوفة: من رأي الهلال منکم؟ وذلک في فطر رمضان فقالوا له: مارأيناه.فقال هاشم بن عتبة بن أبي وقاص: أنا رأيته. فقال له سعيد: بعينک هذه العوراء رأيته من بين القوم؟ فقال هاشم: تعيرني بعيني وانما فقئت في سبيل الله؟ وکانت عينه اصيبت يوم اليرموک، ثم أصبح هاشم في داره مفطرا وغدي الناس عنده، فبلغ ذلک سعيدا فأرسل إليه فضربه وحرق داره.

ماأجرأ ابن العاص علي هذاالعظيم من عظماء الصحابة فيضربه ويحرق داره لعمله بالسنة الثابتة في الاهلة بقوله صلي الله عليه وآله: إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فافطروا.وفي لفظ: صوموا لرؤيته، وافطروا لرؤ يته؟[4] .

لم يکن يعلم هاشم المرقال بأن آراء الولاة وأهوائهم لها صولة وجولة في رؤية الهلال أيضا، وان الشهادة بها قد تکون من الجرائم التي لا تغفر، وإن السياسة الوقتية لها دخل في شهادات الرجال، وان حملة النزعة العلوية لا تقبل شهاداتهم.

قد شکاه إلي الخليفة الکوفيون مرة فلم يعبأ بها فقال: کلما رأي أحدکم من أميره جفوة أرادنا أن نعزله، فانکفئ سعيد إلي الکوفة، وأضر بأهلها إضرارا شديدا[5] .

ونفي في سنة 33 بأمر من خليفته جمعا من صلحاء الکوفة وقرائها إلي الشام کما يأتي تفصيله.ولم يفتأ علي سيرته السيئة إلي أن رحل من الکوفة إلي عثمان مرة ثانية 34 والتقي هنالک بالفئة الشاکية إلي عثمان وهم:

الاشتربن الحارث. يزيد بن مکفف. ثابت بن قيس. کميل بن زياد. زيد بن

[صفحه 271]

صوحان. صعصعة بن صوحان. الحارث الاعور. جندب بن زهير. أبوزينب الازدي أصغر بن قيس الحارثي.

وهم يسألون الخليفة عزل سعيد، فأبي وأمره أن يرجع إلي عمله، وقفل القوم قبله إلي الکوفة واحتلوها ودخلها من ورائهم، ورکب الاشتر مالک بن الحارث في جيش يمنعه من الدخول فمنعوه حتي ردوه إلي عثمان، فجري هناک ما جري، ويأتي نبأه بعد حين إنشاء الله تعالي.

لقد أراد الخليفة أن يصل رحمه من هذا الشباب المجرم باعطاء تلک الکمية الزائدة علي حده وحقه من بيت المال، إن کان له ثمة نصيب، ولوکان هذا العطاء حقا لمانقده عليه أعاظم الصحابة وفي طليعتهم مولانا أميرالمؤمنين سلام الله عليه.

وأما ماتترس به من المعذرة من الاحتساب بصلة الرحم کما احتسب من قبله بمنع رحمهم عن الزيادة في إعطياتهم من بيت المال فتافه، لان الصلة إنما تستحسن من الانسان إن کان الانفاق من خالص ماله لاالمال المشترک بين آحاد المسلمين، ومن وهب مالا يملکه لايعد أمينا علي أرباب المال، فهو إلي الوزر أقرب منه إلي الاجر.



صفحه 270، 271.





  1. انساب البلاذري 28: 5.
  2. طبقات ابن سعد 185: 1 ط مصر، اسد الغابة 310: 2.
  3. الطبقات 21: 5 ط ليدن. وننقل عنه کلما يأتي في سعيد بن العاص، وذکره ابن عساکر في تاريخه 135: 6.
  4. صحيح البخاري، صحيح مسلم، سنن أبي داود، سنن الدارمي، سنن النسائي 7 سنن ابن ماجة، سنن البيهقي.
  5. انساب البلاذري 5.