نظرة في كلمتين











نظرة في کلمتين



1- قال الطبري بعد روايته حديث الرؤيا: لا يدخل في هذا الرؤيا عثمان ولا عمربن عبدالعزيز ولا معاوية.

لايهمنا بسط القول حول هذا التخصيص، ولا ننبس ببنت شفة في تعميم العموم الوارد في الاحاديث المذکورة وأمثالها الواردة في بني امية عامة وفي بني أبي العاص جد عثمان خاصة، من قوله صلي الله عليه وسلم في الصحيح من طريق أبي سعيد الخدري: ان أهل بيتي سيلقون من بعدي من امتي قتلا وتشريدا، وان أشد قومنا لنا بغضا بنو امية و بنو المغيرة وبنو مخزوم.[1] .

وقوله صلي الله عليه وآله من طريق أبي ذر: إذا بلغت بنوامية أربعين اتخذوا عباد الله خولا، ومال الله نحلا، وکتاب الله دغلا.[2] .

وقوله صلي الله عليه وآله من طريق حمران بن جابر اليمامي: ويل لبني امية.ثلاث.أخرجه ابن مندة کمافي الاصابة 353: 1، وحکاه عن ابن مندة وأبي نعيم السيوطي في الجامع الکبير کما في ترتيبه 91 و 39: 6.

وقوله صلي الله عليه وآله من طريق أبي ذر: إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا اتخذوا مال الله دولا، وعباد الله خولا، ودين الله دغلا.قال حلام بن جفال: فأنکر علي أبي ذر فشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إني سمعت رسول الله يقول: ماأظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء علي ذي لهجة أصدق من أبي ذر، واشهد ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قاله.

أخرجه الحاکم من عدة طرق وصححه هو والذهبي کما في المستدرک 480: 4

[صفحه 251]

وأخرجه أحمد وابن عساکر وأبويعلي والطبراني والدار قطني من طريق أبي سعيد و أبي ذر وابن عباس ومعاوية وأبي هريرة کما في کنز العمال 90 و 39: 6.

م وذکر ابن حجر في تطهير الجنان هامش الصواعق 147 بسند حسنه: ان مروان دخل علي معاوية في حاجة وقال: إن مؤنتي عظيمة أصبحت أبا عشرة، وأخاعشرة، و عم عشرة ثم ذهب فقال معاوية لابن عباس وکان جالسا معه علي سريره: انشدک بالله يابن عباس أماتعلم أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: إذا بلغ بنو أبي الحکم ثلاثين رجلا اتخذوا آيات الله بينهم دولا، وعبادالله خولا، وکتابه دخلا، فاذا بلغوا سبعة واربعمائة کان هلاکهم أسرع من کذا؟ قال: أللهم نعم.

وقوله صلي الله عليه وآله باسناد حسنه ابن حجر في تطهير الجنان هامش الصواعق 143: شر العرب بنوامية.و بنو حنيفة. و ثقيف. و قال: صح قال الحاکم: علي شرط الشيخين عن أبي برزة رضي الله عنه قال: کان أبغض الاحياء أوالناس إلي رسول الله ينوامية

وقول مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام: لکل أمة آفة وآفة هذه الامة بنوأمية.

«کنز العمال 91: 6».

فالحکم في هذه العمومات ولا سيما بعد ملاحظة ماأثبتته السير ومدونات التاريخ وغيرها، وبعد الاحاطة بأحوال الرجال وما ارتکبوه وما ارتکبوا فيه، أنت و وجدانک أيها القارئ الکريم.

2- قال ابن حجر في الصواعق ص 108: قال ابن ظفر: وکان الحکم هذا يرمي بالداء العضال وکذلک أبوجهل کذا ذکره الدميري في حياة الحيوان.

ولعنته صلي الله عليه وسلم للحکم وإبنه لا تضرهما لانه صلي الله عيله وسلم تدارک ذلک بقوله مما بينه في الحديث الآخر: انه بشر يغضب کما يغضب البشر، وانه سأل ربه ان من سبه أو لعنه أو دعاعليه أن يکون رحمة وزکاة وکفارة وطهارة.وما نقله «الدميري» عن ابن ظفر في أبي جهل لا تأويل عليه فيه بخلافه في الحکم فانه صحابي وقبيح أي قبيح أن يرمي صحابي بذلک فليحمل علي أنه إن صح ذلک کان يرمي به قبل الاسلام.اه. أنا لا أدري أيعلم ابن حجر مادايلوک بين أشداقه؟ أهو مجد فيما يقول أم هازي،؟ أما مااعتذربه عن ان لعنته صلي الله عليه وآله لا تضر الحکم وابنه. الخ. فقد أخذه مما أخرجه

[صفحه 252]

السيخان في الصحيحين[3] من طريق أبي هريرة غير انه حرف منه کلما وزاد فيه اخري واليک لفظه قال: اللهم إنمامحمد بشر يغضب کما يغضب البشر وإني قد اتخذت عندک عهدا لم تخلفنيه فأيما مؤمن آذيته أو سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له کفارة وقربة تقربه بها اليک.

هذا حط من مقام الرسالة لاجل أموي ساقط، وحسبان ان صاحبها کانسان عادي يثيره ما يثير غيره فيغضب لما لا ينبغي أن يغضب له، ومخالف للکتاب العزيز من قوله سبحانه: وما ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي. نعم: هو صلي الله عليه وآله بشر غيرانه کما قال في الذکر الحکيم: قل إنما أنا بشر مثلکم يوحي إلي.فإن کان في الوحي أن يلعن الطريد وما ولد فماذا ينجيه من اللعن؟ إلا أن يحسب ابن حجر ان الوحي ايضا يتبع الشهوات، کبرت کلمة تخرج من أفواههم.

وکيف يکون اللعن رحمة وزکاة وطهارة وکفارة وقد أصاب موضعه بأمر من الله سبحانه؟

ومايصنع ابن حجر بالصحيح المتضافر من ان سباب المسلم فسوق؟[4] .

وکيف يسوغ له ايمانه أن يکون رسول الله سبابا أو لعانا أو مؤذيا لاحد أو جالدا لمسلم علي غير حق؟ وکل ذلک من منافيات العصمة والله سبحانه يقول: الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير مااکتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا.وجاء في الصحيح: انه صلي الله عليه وآله لم يکن سبابا ولا فحاشا ولا لعانا، وقد أبي رسول الله صلي الله عليه وآله عن الدعاء علي المشرکين، وقال صلي الله عليه وآله إني لم أبعث لعانا وإنما بعثت رحمة[5] فهو صلي الله عليه وآله کان يأمل في اولئک المشرکين الهداية فلم يلعنهم ولا دعاعليهم، ولما کان لم يرج في الحکم وولده أي خير لعنهم لعنا يبقي عليهم خزي الابد.

نعم رواية الصحيحين المنافي لعصمة الرسول صلي الله عليه وآله اختلقتها يدالهوي علي عهد

[صفحه 253]

معاوية تزلفا اليه، وطمعا في رضيخته، وتحببا إلي آل أبي العاص المقربين عنده.ومن أراد الوقوف علي أبسط مما ذکرناه في المقام فليراجع کتاب «ابوهريرة» لسيدنا الآية السيد عبدالحسين شرف الدين العاملي ص 129 -118.

هبنا «العياذ بالله» ماشينا ابن حجر في أساطيره في نبي العصمة والقداسة فما حيلة المغفل فيما نزل من الذکر الحکيم في الحکم وبنيه؟ هل فيه ضير؟ أم يراه أيضا رحمة وزکاة وکفارة وطهارة.

وشتان بين رأي ابن حجر في الحکم وبين مايأتي من قول أبي بکر لعثمان فيه: عمک إلي النار وقول عمر لعثمان: ويحک يا عثمان تتکلم في لعين رسول الله و طريده وعدو الله وعدو رسوله؟.

وأما ماعالج به داء الحکم فهو يعلم أنه موصوم بما هو أفظع من ذلک من لعن رسول الله وطرده إياه، وکان الخبيث يهزأ برسول الله صلي الله عليه وآله في مشيته حتي أخذته دعوته صلي الله عليه وآله، وهل تجديه الصحبة وحاله هذه؟ وهل تشمل الصحبة التي هي من أربي الفضائل اللص الذي ساکن الصحابة لاستراق أموالهم والقاح الفتن فيهم؟ وهل تشمل المنافقين الذين کانوا في المدينة يومئذ؟ «ومن أهل المدينة مردوا علي النفاق» فان طهرت الصحبة أمثال الحکم فهي مطهرة اولئک بطريق أولي لانه لم يکشف عنهم الغطاء کماکشف عن الحکم علي العهد النبوي وفي دور الشيخين حتي أراد ابن أخيه ينقذه من الفضيحة فزيد ضغث علي أبالة، ونبشت الدفائن، وذکر ما کاد أن ينسي.

ثم هب أن الصحبة مزيحة لعلل النفس والامراض القلبية فهل هي مزيلة للادواء الجسمانية؟ لم نجد في کتب الطب من وصفها بذلک، ولاتعدادها في الصف الادوية المفيدة لداء من الادواء، ولا لذلک الداء العضال الذي زعم ابن حجرانه منفي عن الحکم لمحض الاسلام والصحبة، وجوز أن يکون قبل اتصاله بالمسلمين، حيا الله هذا الطب الجديد.

إن من الممکن جدا أن يکون هذا الداء العضال من علل طرد الرجل من المدينة فلم يرد صلي الله عليه وآله أن يکون بين صحابته في عاصمة نبوءته مخزي مثله.

إذا أنهاک البحث إلي هاهنا وعرفت الحکم ومقداره في أدوار حياته جاهلية

[صفحه 254]

واسلاما فاقرأ ماجاء به سالم بن وابصة تزلفا إلي معاوية بن مروان بن الحکم من قوله:


اذا افتخرت يوما امية أطرقت
قريش وقالوا: معدن الفضل والکرم


فإن قيل: هاتوا خيرکم أطبقوامعا
علي ان خير الناس کلهم الحکم


ألستم بني مروان غيث بلادنا
إذ السنة الشهباء سدت علي الکظم؟


سبحانک اللهم ماقيمة بشر خيره الحکم؟ وماشأن جدوب غيثها بنومروان؟ إن هي إلا أساطير الاولين نسجتها يد الغلو في الفضائل.



صفحه 251، 252، 253، 254.





  1. مستدرک الحاکم 487. 4 وصححه.
  2. مستدرک الحاکم 479: 4، وأخرجه ابن عساکر کما في کنز العمال 39: 6.
  3. صحيح البخاري 71: 4 کتاب الدعوة.صحيح مسلم 391: 2 کتاب البر والصلة.
  4. أخرجه أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن ماجة وغيرهم من طريق ابن مسعود.وابن ماجة من طريق جابر وسعد.والطبراني عن عبدالله بن المغفل وعمرو بن النعمان.وصححه غير واحد من الحفاظ کالهيثمي والسيوطي والمناوي.
  5. أخرجه البخاري 22: 9، ومسلم في صحيحه 393: 2.