الحكم و ما أدراك ما الحكم؟











الحکم و ما أدراک ما الحکم؟



کان خصاء يخصي الغنم[1] أحد جيران رسول الله صلي الله عليه وآله بمکة من اولئک الاشداء عليه صلي الله عليه وآله المبالغين في إيذاءه شاکلة أبي لهب کما قاله ابن هشام في سيرته 25: 2، وأخرج الطبراني من حديث عبدالرحمن بن أبي بکر قال: کان الحکم يجلس

[صفحه 243]

عند النبي صلي الله عليه وآله فاذا تکلم إختلج فبصربه النبي صلي الله عليه وآله فقال: کن کذلک. فمازال يختلج حتي مات.

و في لفظ مالک بن دينار: مر النبي صلي الله عليه وآله بالحکم فجعل الحکم يغمز النبي صلي الله عليه وآله وسلم باصبعه فالتفت فرآه فقال: اللهم اجعل به وزغا[2] فرجف مکانه وارتعش.وزاد الحلبي بعد أن مکث شهرا مغشيا عليه.[3] .

أسلفناه من طريق الحفاظ الطبراني والحاکم والبيهقي ومرت صحته في الجزء الاول صفحة 237.

روي البلاذري في الانساب 27: 5: ان الحکم بن العاص کان جارا لرسول الله صلي الله عليه وسلم في الجاهلية وکان أشد جيرانه أذي له في الاسلام، وکان قدومه المدينة بعد فتح مکة وکان مغموصا عليه في دينه، فکان يمر خلف رسول الله صلي الله عليه وسلم فيغمز به و يحکيه ويخلج بأنفه وفمه، وإذا صلي قام خلفه فأشار باصبعه، فبقي علي تخليجه وأصابته خبلة، واطلع علي رسول الله صلي الله عليه وسلم ذات يوم وهو في بعض حجر نسائه فعرفه وخرج إليه بعنزة وقال: من عذيري من هذا الوزغة اللعين؟ ثم قال: لا يساکنني ولا ولده فغر بهم جميعا إلي الطائف فلما قبض رسول الله صلي الله عليه وسلم کلم عثمان أبابکر فيهم وسأله ردهم فأبي ذلک وقال: ماکنت لآوي طرداء رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم لما إستخلف عمر کلمه فيهم فقال مثل قول أبي بکر، فلما استخلف عثمان أدخلهم المدينة وقال: قد کنت کلمت رسول الله فيهم وسألته ردهم فوعدني أن يأذن لهم فقبض قبل ذلک.فأنکر المسلمون عليه إدخاله إياهم المدينة.

وقال الواقدي: ومات الحکم بن أبي العاص بالمدينة في خلافة عثمان فصلي عليه و ضرب علي قبره فسطاطا.

وعن سعيد بن المسيب قال: خطب عثمان فأمر بذبح الحمام وقال: إن الحمام قد کثر في بيوتکم حتي کثر الرمي ونالنا بعضه فقال الناس: يأمر بذبح الحمام وقد آوي طرداء رسول الله صلي الله عليه وسلم.

[صفحه 244]

وذکره بلفظ أخصر من هذافي صفحة 125 وذکر بيتين لحسان بن ثابت في عبد الرحمن بن الحکم الآتيين في لفظ أبي عمر فقال: کان يفشي أحاديث رسول الله فلعنه وسيره إلي طائف ومعه عثمان الازرق والحارث وغيرهما من بنيه وقال: لا يساکنني فلم يزالوا طرداء حتي ردهم عثمان فکان ذلک مما نقم عليه.

و في سيرة الحلبية 337: 1: إطلع الحکم علي رسول الله من باب بيته وهو عند بعض نسائه بالمدينة فخرج إليه رسول الله صلي الله عليه وسلم بالعنزة وقيل بمدري في يده وقال: من عذيري من هذه الوزغة لو أدرکته لفقأت عينه، ولعنه وماولد، وذکره ابن الاثير مختصرا في اسد الغابة 34: 2.

وقال أبوعمر في «الاستيعاب»: أخرج رسول الله صلي الله عليه وسلم الحکم من المدينة وطرده عنها فنزل الطائف وخرج معه ابنه مروان، واختلف في السبب الموجب لنفي رسول الله صلي الله عليه وسلم إياه فقيل: کان يتحيل ويستخفي ويتسمع مايسره رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي کبار أصحابه في مشرکي قريش وسائر الکفار والمنافقين، فکان يفشي ذلک عنه حتي ظهر ذلک عليه، وکان يحکيه في مشيته وبعض حرکاته، إلي امور غيرها کرهت ذکرها، ذکروا: ان النبي صلي الله عليه وسلم کان إذا مشي يتکفأ وکان الحکم يحکيه فالتفت النبي صلي الله عليه وسلم يوما فرآه يفعل ذلک فقال صلي الله عليه وسلم فکذلک فلتکن. فکان الحکم مختلجا يرتعش من يومئذ، فعيره عبدالرحمن بن حسان بن ثابت فقال في عبدالرحمن بن الحکم يهجوه:


إن اللعين أبوک فارم عظامه
إن ترم ترم مخلجا مجنونا


يمسي خميص البطن من عمل التقي
ويظل من عمل الخبيث بطينا[4] .


وأخرج أبوعمرمن طريق عبدالله بن عمرو بن العاصي قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: يدخل عليکم رجل لعين.وکنت قد ترکت عمرا يلبس ثيابه ليقبل إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فلم أزل مشفقا أن يکون أول من يدخل فدخل الحکم ابن أبي العاص.[5] .

وقال ابن حجر في تطهير الجنان هامش الصواعق ص 144: وبسند رجاله رجال الصحيح عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه انه صلي الله عليه وسلم قال: ليدخلن الساعة عليکم رجل

[صفحه 245]

لعين.فوالله مازلت أتشوق داخلا وخارجا حتي دخل فلان يعني الحکم کما صرحت به رواية أحمد.

وروي البلا ذري في «الانساب» 126: 5، والحاکم في «المستدرک» 481: 4 وصححه والواقدي کما في السيرة الحلبية 337: 1 بالاسناد عن عمرو بن مرة قال: إستأذن الحکم علي رسول الله صلي الله عليه وسلم فعرف صوته فقال: ائذنوا له لعنة الله عليه وعلي من يخرج من صلبه إلا المؤمنين وقليل ماهم، ذوو مکرو خديعة يعطون الدنيا وما لهم في الآخرة من خلاق.[6] .

م وفي لفظ ابن حجر في تطهير الجنان هامش الصواعق ص 147: أئذنوا له فعليه لعنة الله والملائکة والناس أجمعين ومايخرج من صلبه يشرفون في الدنيا، ويترذلون في الآخرة، ذوومکر وخديعة إلا الصالحين منهم وقليل ماهم.

وأخرج الحاکم في المستدرک 481: 4 وصححه من طريق عبدالله بن الزبير قال: إن رسول الله صلي الله عليه وسلم لعن الحکم وولده.

وأخرج الطبراني وابن عساکر والدارقنطي في الافراد من طريق عبدالله بن عمر قال: هجرت الرواح رسول الله صلي الله عليه وسلم فجاء أبوالحسن فقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم: ادن: فلم يزل يدنيه حتي التقم اذنيه فبينما النبي صلي الله عليه وسلم يساره إذ رفع رأسه کالفزع قال: فدع بسيفه الباب فقال لعلي: إذهب فقده کما تقاد الشاة إلي حالبها.فإذا علي يدخل الحکم بن أبي العاص آخذا باذنه ولها زنمة حتي أوقفه بين يدي النبي صلي الله عليه وسلم فلعنه نبي الله صلي الله عليه وسلم ثلاثا ثم قال: أحله ناحية حتي راح إليه قوم من المهاجرين والانصار ثم دعا به فلعنه ثم قال: إن هذا سيخالف کتاب الله وسنة نبيه، وسيخرج من صلبه فتن يبلغ دخانها السماء.فقال ناس من القوم: هو أقل وأذل من أن يکون هذا منه قال: بلي وبعضکم يومئذ شيعته (کنز العمال 90 و 39: 6)

وأخرج إبن عساکر من طريق عبدالله بن زالبير قال و هو علي المنبر: و رب

[صفحه 246]

هذا البيت الحرام والبلد الحرام ان الحکم بن أبي العاص وولده ملعونون علي لسان محمد صلي الله عليه وسلم.

وفي لفظ: إنه قال و هو يطوف بالکعبة: ورب هذه البنية للعن رسول الله صلي الله عليه وسلم الحکم وماولد.کنز العمال 90: 6.

وأخرج ابن عساکر من طريق محمد بن کعب القرظي انه قال: لعن رسول الله صلي الله عليه وسلم الحکم وماولد إلا الصالحين و هم قليل.

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وعبد بن حميد والنسائي وابن المنذر والحاکم وصححه عن عبدالله قال: إني لفي المسجد حين خطب مروان فقال: إن الله تعالي قد أري لاميرالمؤمنين- يعني معاوية- في يزيد رأيا حسنا أن يستخلفه فقد استخلف أبو بکر وعمر.فقال عبدالرحمن بن أبي بکر: أهر قلية ان أبابکر رضي الله تعالي عنه والله ما جعلها في أحد من ولده ولا أحد من أهل بيته ولا جعلها معاوية إلا رحمة وکرامة لولده. فقال مروان: ألست الذي قال لوالديه أف لکما؟ فقال عبدالرحمن: ألست ابن اللعين الذي لعن رسول الله أباک؟ فسمعت عائشة فقالت: مروان أنت القائل لعبد الرحمن کذاو کذا، کذبت والله مافيه نزلت، نزلت في فلان بن فلان.

وفي لفظ آخر عن محمد بن زياد: لما بايع معاوية لابنه قال مروان: سنة أبي بکر وعمر. فقال عبدالرحمن: سنة هرقل وقيصر. فقال مروان: هذا الذي قال الله فيه: والذي قال لوالديه أف لکما. الآية. فبلغ ذلک عائشة فقالت: کذب مروان، کذب مروان والله ماهو به ولو شئت أن اسمي الذي نزلت فيه لسميته، ولکن رسول الله صلي الله عليه وسلم لعن أبامروان ومروان في صلبه فمروان فضض من لعنة الله. وفي لفظ: ولکن رسول الله لعن أباک وأنت في صلبه فأنت فضض من لعنة الله. وفي لفظ الفائق: فأنت فظاظة[7] لعنة الله و ولعنة رسوله.

راجع مستدرک الحاکم 481: 4، تفسير القرطبي 197: 16، تفسير الزمخشري 99: 3، الفائق له 325: 2، تفسير ابن کثير 159: 4، تفسير الرازي 491: 7: أسد الغابة لابن الاثير 34: 2، نهاية ابن الاثير 23: 3، شرح ابن أبي الحديد 55: 2،

[صفحه 247]

تفسير النيسابوري هامش الطبري 13: 26، الاجابة للزرکشي ص 141، تفسير النسفي هامش الخازن 132: 4، الصواعق لابن حجر ص 108، إرشاد الساري للقسطلاني 325: 7، لسان العرب 73: 9، الدر المنثور 41: 6، حياة الحيوان للدميري 399: 2، السيرة الحلبية 337: 1، تاج العروس 69: 5، تفسير الشوکاني 20: 5، تفسير الآلوسي 20: 26، سيرة زيني دحلان هامش الحلبية 245: 1.

(لفت نظر) يوجد هذا الحديث في المصادر جلها لولا کلها باللفظ المذکور غير أن البخاري أخرجه في تفسير صحيحه في سورة الاحقاف وحذف منه لعن مروان وأبيه وماراقه ذکرما قاله عبدالرحمن، وهذا دأبه في جل مايرويه، وإليک لفظه:

کان مروان علي الحجاز إستعمله معاوية فخطب فجعل يذکر يزيد بن معاوية لکي يبايع له بعد أبيه فقال له عبدالرحمن بن أبي بکر شيئا فقال: خذوه.فدخل بيت عائشة فلم يقدروا عليه، فقال مروان: إن هذا الذي أنزل الله فيه: والذي قال لوالديه أف لکما أتعدانني.فقالت عائشة من وراء الحجاب: ماأنزل الله فينا شيئا من القرآن إلا أن الله أنزل عذري.

و هذا الحديث يکذب ماعزاه القوم إلي أميرالمؤمنين وابن عباس من قولهما بنزول آية: وأصلح لي في ذريتي.في أبي بکر کما مرفي الجزء السابع ص 326 ط 2.

وکان الحکم مع ذلک کله يدعو الناس إلي الضلال ويمنعهم عن الاسلام، إجتمع حويطب بمروان يوما فسأله مروان عن عمره فأخبره فقال له: تأخر إسلامک ايها الشيخ حتي سبقک الاحداث. فقال حويطب: الله المستعان والله لقد هممت بالاسلام غير مرة کل ذالک يعوقني أبوک يقول: تضع شرفک، وتدع دين آبائک لدين محدث؟ وتصير تابعا؟ فسکت مروان وندم علي ماکان قال له، «تاريخ ابن کثير 70: 8»



صفحه 243، 244، 245، 246، 247.





  1. حياة الحيوان للدميري 194: 1.
  2. الوزغ: الارتعاش والرعدة.
  3. الاصابة 346 و 345: 1، السيرة الحلبية 337: 1، الفائق للزمخشري 305: 2، تاج العروس 35: 6.
  4. الاستيعاب 118: 1، اسد الغابة 34: 2.
  5. الاستيعاب 119: 1.
  6. وذکره الدميري في حياة الحيوان 299: 2، وابن حجر في الصواعق ص 108، والسيوطي في جمع الجوامع کما في ترتيبه 90: 6 نقلا عن أبي يعلي والطبراني والحاکم والبيهقي وابن عساکر.
  7. قال الزمخشري: افتظظت الکرش اذا اعتصرت ماءها، کأنه عصارة قذرة من اللعنة.