راي عثمان في رد الاخوين الام عن الثلث











راي عثمان في رد الاخوين الام عن الثلث



أخرج الطبري في تفسيره 188: 4 من طريق شعبة عن ابن عباس: انه دخل علي عثمان رضي الله عنه فقال: لم صارالاخوان يردان الام إلي السدس وإنما قال الله: فإن کان له إخوة. والاخوان في لسان قومک وکلام قومک ليسا بإخوة؟ فقال عثمان رضي الله عنه: هل أستطيع نقض أمر کان قبلي وتوارثه الناس ومضي في الامصار

وفي لفظ الحاکم والبيهقي: لا أستطيع أن أرد ماکان قبلي ومضي في الامصار وتوارث به الناس.

أخرجه الحاکم في المستدرک 335: 4 وصححه، والبيهقي في سنن الکبري 227: 6، وابن حزم في المحلي 258: 9، وذکره الرازي في تفسيره 163: 3، وابن

[صفحه 224]

کثير في تفسيره 459: 1، والسيوطي في الدر المنثور 126: 2، والآلوسي في روح المعاني 225: 4.

قال الاميني: ماأجاب به الخليفة ابن عباس ينم عن عدم تضلعه في العربية مع انها لسان قومه، ولو کان له قسط منها لاجاب ابن عباس بصحة إطلاق الجمع علي الاثنين وانه المطرد في کلام العرب، لا بالعجز عن تغيير ما غلط فيه الناس کلهم العياذ بالله وما هو ببدع في ذلک عمن تقدماه يوم لم يعرفا معني «الاب» وهو من صميم لغة الضاد ومشروح بما بعده في الذکر الحکيم، فان إطلاق الاخوة علي الاخوين قد لهج به جمهور العرب ولذلک لا تجد أي خلاف في حجب الاخوين الام عن الثلث إلي السدس بين الصحابة العرب الاقحاح، والتابعين الذين نزلوا منزلتهم من العربية الفصحاء، والفقهاء من مذاهب الاسلام، ولا استناد لهم في الحکم إلا الآية الکريمة، وما ذلک إلا لتجويزهم إطلاق الجمع علي الاثنين سواء کان ذلک أقله أو توسعا مطردا في الاطلاق.

قال الطبري في تفسيره 187: 4: قال جماعة أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم والتابعين لهم باحسان ومن بعدهم من علماء أهل الاسلام في کل زمان: عني الله جل ثناؤه بقوله: فإن کان له إخوة فلامه السدس. إثنين کان الاخوة أو أکثر منهما، أنثيين کانتا أو کن اناثا، أو ذکرين کانا أو ذکورا، أو کان أحدهما ذکرا والآخر انثي، واعتل کثير ممن قال ذلک بان ذلک قالته الامة عن بيان الله جل ثناؤه علي لسان رسول الله صلي الله عليه وسلم فنقلته أمة نبيه نقلا مستفيضا قطع العذر مجيئه، ودفع الشک فيه عن قلوب الخلق وروده (ثم نقل حديث ابن عباس المذکور فقال): والصواب من القول في ذلک عندي أن المعني بقوله: فان کان له إخوة. إثنان من أخوة الميت فصاعدا علي ماقاله أصحاب رسول الله دون ماقاله ابن عباس رضي الله عنه[1] لنقل الامة وراثة صحة ما قالوه من ذلک عن الحجة وإنکارهم ماقاله ابن عباس في ذلک. قال:

فإن قال قائل: وکيف قيل في الاخوين اخوة؟ وقد علمت أن الاخوين في منطق العرب مثالا لايشبه مثال الاخوة في منطقها؟ قيل: إن ذلک کان کذلک فان من شأنها التأليف بين الکلامين بتقارب معنييهما وإن اختلفا في بعض وجوههما فلما کان ذلک

[صفحه 225]

کذلک وکان مستفيضا في منطقها، منتشرا مستعملا في کلامها: ضربت من عبدالله وعمرو رؤسهما، وأوجعت منهما ظهورهما، وکان ذلک أشد إستفاضة في منطقها من أن يقال: أوجعت منهماظهر هما، وإن کان مقولا أوجعت ظهرهما کماقال الفرزدق:


بما في فؤادينا من الشوق والهوي
فيبرأ منهاض الفؤاد المشغف


غير أن ذلک وإن کان مقولا فأفصح منه بمافي أفئدتنا کما قال جل ثناؤه: إن تتوباإلي الله فقد صغت قلوبکما. فلما کان ماوصفت من إخراج کل ماکان في الانسان واحدا إذا ضم إلي الواحد منه آخر من انسان آخر فصارا اثنين من اثنين فلفظ الجمع أفصح في منطقها وأشهر في کلامها، وکان الاخوان شخصين کل واحد منهما غير صاحبه من نفسين مختلفين أشبه معناها معني ماکان في الانسان من اعضائه واحدا لاثاني له، فاخرج انثييهما بلفظ انثي العضوين اللذين وصفت، فقيل: إخوة. في معني الاخوين، کما قيل: ظهور. في معني الظهرين، وأفواه في معني فموين، وقلوب في معني قلبين. وقد قال بعض النحويين إنما قيل: إخوة، لان اقل الجمع اثنان. الخ. اه

وأخرج الحاکم باسناد صححه في المستدرک 335: 4، والبيهقي في السنن 227: 6 عن زيد بن ثابت انه کان يحجب الام بالاخوين فقال: إن العرب تسمي الاخوين إخوة. وذکره الجصاص في أحکام القران 99: 2.

وأخرج ابن جرير في تفسيره 189: 4 وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله تعالي: فإن کان له إخوة فلامه السدس. قال: أضروا بالام، ولا يرثون ولا يحجبهاالاخ الواحد من الثلث ويحجبها مافوق ذلک. (الدر المنثور 126: 2)

وذکر الجصاص في احکام القرآن 98: 2 قول الصحابة بحجب الاخوين الام عن الثلث کاالاخوة فقال: والحجة: ان اسم الاخوة قد يقع علي الاثنين کما قال تعالي: إن تتوبا إلي الله فقد صغت قلوبکما. وهما قلبان. وقال تعالي: هل أتاک نبأ الخصم إذتسوروا المحراب. ثم قال تعالي: خصمان بغي بعضنا علي بعض. فأطلق لفظ الجمع علي إثنين. وقال تعالي: وإن کانوا إخوة رجالا ونساءا فللذکر مثل حظ الانثيين. فلو کان أخا وأختا کان حکم الآية جاريا فيهما. الخ.[2] .

[صفحه 226]

قال مالک في الموطأ 331: 1: فان کان له إخوة فلامه السدس فمضت السنة أن الاخوة إثنان فصاعدا.

وفي عمدة السالک وشرحه فيض المالک 122: 2: فإن کان معها أي الام ولد أوکان معها ولد ابن ذکر أوانثي أو کان معها عدد اثنان فأکثر من الاخوة ومن الاخوات فلها السدس لقوله تعالي: فإن کان له إخوة فلامه السدس. والمراد بهم إثنان فاکثر اجماعا.[3] .

وقال الشافعي کمافي مختصر المزني هامش کتاب الام 140: 3: وللام الثلث فان کان للميت ولد أو ولد ولد أو اثنان من الاخوء أو الاخوات فصاعدا فلها السدس. وقال ابن کثير في تفسيره 459: 1: حکم الاخوين کحکم الاخوة عند الجمهور ثم ذکر حديث زيد بن ثابت من ان أخوين تسمي إخوة.

وقال الشوکاني في تفسيره 398: 1: قد أجمع أهل العلم علي أن الاثنين من الاخوة يقومون مقام الثلاثة فصاعدا في حجب الام إلي السدس.

هذا رأي الامة في الاخوة فقد عزب عن الخليفة صحة الاطلاق في الآية الکريمة في لسان قومه، وان السلف لم يعرف من الاخوة معني إلا ما يعم الاخوين وزعم أن من کان قبله شذوا عن لسان قومه، وذهبوا إلي حجب الام بالاخوين خلاف کتاب الله، وجاء يأسف علي أنه لم يستطع تغيير ماوقع ونقض ماکان من الناس، هذا مبلغ علم الرجل بالکتاب وأدلة الاحکام والفروض المسلمة بين الامة.

وأما ابن عباس فانه لم يشذ عن لغة قومه وهو من جبهة العرب وعلي سنام قريش ومن بيت هم أفصح من نطق بالضاد، وإنما أراد باستفهامه من الخليفة أن يعرف الملا مقداره من أبسط شئ يجب أن يکون في مثله فضلا عن معضلات المسائل وهو الحيطة باللغة وعرفان موارد الاستعمال حتي يتسني له أخذالحکم من الکتاب والسنة اللذين جاءا بهذه اللغة الکريمة، ولذلک أتي في قوله بصورة الاستفهام عن مدرک الحکم لاعن أصله، فإن الحکم کان مسلما عنده لا أن ماقاله للخليفة کان رأيا له في الخلاف في حجب الاخوين، وإلا لتبعه أصحابه المقتصين أثره، لکنهم کلهم موافقون للامة وعلمائها

[صفحه 227]

في حجب الاخوين کما ذکره ابن کثير في تفسيره 459: 1 فعد ابن عباس مخالفا في المسألة بهذه الرواية کما فعله الطبري في تفسيره 188: 4، وابن رشد في البداية 327: 2 وغيرواحد من الفقهاء وأئمة الحديث ورجال التفسير أغلوطة نشأت من عدم فهم مغزي کلامه.



صفحه 224، 225، 226، 227.





  1. سيوافيک فساد عزو الخلاف إلي ابن عباس.
  2. بقية کلامه لا تخلوعن فوائد. فراجع الجصاص أحد أئمة الحنفية.
  3. هذامذهب الحنابلة والکتاب لاحد أئمتهم.