راي عثمان في عدة المختلعة











راي عثمان في عدة المختلعة[1]



.

عن نافع أنه سمع ربيع بنت معوذ بن عفراء وهي تخبر عبدالله بن عمر انها اختلعت من زوجها علي عهد عثمان فجاء معاذ بن عفراء إلي عثمان فقال: إن ابنة معوذ اختلعت من زوجها اليوم أتنتقل؟ فقال له عثمان: تنتقل ولا ميراث بينهما ولا عدة عليها إلا انها لا تنکح حتي حيضة، خشية أن يکون بها حبل. فقال عبدالله عند ذلک: عثمان خيرنا وأعلمنا. وفي لفظ آخر: قال عبدالله: أکبرناو أعلمنا.

[صفحه 198]

وفي لفظ عبدالرزاق عن نافع عن الربيع إبنة معوذ انها قالت: کان لي زوج يقل الخير علي إذا حضر ويحزنني إذا غاب فکانت مني زلة يوما فقلت له: اختلعت منک بکل شئ أملکه. فقال: نعم. ففعلت فخاصم إبني معاذ بن عفراء إلي عثمان فأجاز الخلع وأمره أن يأخذ عقاص رأسي فما دونه، أو قالت: دون عقاص رأس.

وفي لفظ عن نافع: انه زوج إبنة أخيه رجلا فخلعها فرفع ذلک إلي عثمان فأجاذه فأمرها أن تعتد حيضة. وفي لفظ ابن ماجة من طريق عبادة الصامت: قالت: الربيع: اختلعت من زوجي ثم جئت عثمان فسالت ماذا علي من العدة؟ فقال: لاعدة عليک إلا أن يکون حديث عهد بک فتمکثين عنده حتي تحيضين حيضة. الخ.

قال الاميني: المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثه قروء، نصا من الله العزيز الحکيم[2] من غير فرق بين أقسام الطلاق المنتزعة من شقاق الزوج والزوجة، فإن کان الکره من قبل الزوج فحسب فالطلاق رجعي. أو من قبل الزوجة فقط فهو خلعي. أو منهما معا فمباراة. فليس لکل من هذه الاقسام حکم خاص في العدة غير ماثبت لجميعها بعموم الآية الکريمة المنتزع من الجمع المحلي باللام المطلقات وعلي هذا تطابقت فتاوي الصحابة والتابعين والعلماء من بعدهم وفي مقدمهم أئمة المذاهب الاربعة قال ابن کثير في تفسيره 276: 1: مسألة وذهب مالک وأبوحنيفة والشافعي وأحمد واسحاق بن راهويه في رواية عنهما وهي المشورة إلي أن المختلعة عدتها عدة المطلقة بثلاثة قروء إن کانت ممن تحيض، وروي ذلک عن عمر وعلي وابن عمر، وبه يقول سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وعروة، وسالم، وأبوسلمة، وعمربن عبدالعزيز، وابن شهاب، والحسن، والشعبي، وابراهيم النخعي، وأبوعياض، وخلاس بن عمر، و قتادة، وسفيان الثوري، والاوزاعي، والليث بن سعد، وأبوعبيد، وقال الترمذي:[3] وهو قول أکثر أهل العلم من الصحابة وغيرهم، ومأخذهم في هذا أن الخلع طلاق فتعتد کسائر المطلقات. اه.

هذه آراء أئمة المسلمين عندالقوم وليس فيها شئ يوافق ما ارتآه عثمان وهي

[صفحه 199]

مصافقة مع القرآن الکريم کما ذکرناه.

وقد أحتج لعثمان بما رواه الترمذي في صحيحه 142: 1 من طريق عکرمة عن ابن عباس: ان امرأة ثابت بن قيس رضي الله عنه اختلعت منه فجعل النبي صلي الله عليه وسلم عدتها حيضة وهذه الرواية باطلة إذالمحفوظ عند البخاري والنسائي من طريق ابن عباس في قصة أمرأة ثابت مالفظه: قال ابن عباس: جاءت أمرأة ثابت بن قيس إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقالت: يارسول الله إني ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولکني أکره الکفر في الاسلام. فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟ (وکانت صداقها) قالت: نعم فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إقبل الحديقة وطلقها تطليقة.

فامرأة ثابت نظرا إلي هذه اللفظة مطلقة تطليقة والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء.

علي أن الاضطراب الهائل في قصة إمرأة ثابت يوهن الاخذ بما فيها، ففي لفظ: إنها جميلة بنت سلول. کمافي سنن ابن ماجة. وفي لفظ أبي الزبير: انها زينب. وفي لفظ: انها بنت عبدالله. وفي لفظ لابن ماجة والنسائي: إنها مريم العالية.وفي موطأ مالک: انهاحبيبة بنت سهل. وذکر البصريون: انها جميلة بنت أبي[4] وجل هذه الالفاظ کلفظ البخاري والنسائي يخلو عن ذکر العدة بحيضة،فلا يخصص حکم القرآن الکريم بمثل هذا.

علي انه لو کان لها مقيل في مستوي الصدق والصحة لما أصفقت الائمة علي خلافها کماسمعت من کلمة ابن کثير. وقد يعاضد رأي الخليفة بما أخرجه الترمذي في صحيحه 142: 1 عن الربيع بنت معوذ (صاحبة عثمان) أنها اختلعت علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم فأمرها النبي صلي الله عليه وسلم أو أمرت أن تعتد بحيضة. قال الترمذي: حديث الربيع الصحيح إنها أمرت أن تعتد بحيضة. وبهذا اللفظ جاء في حديث سليمان بن يسار عن الربيع قالت: إنها اختلعت من زوجها فأمرت أن تعتد بحيضة.

وقال البيهقي بعد رواية هذا الحديث: هذا أصح وليس فيه من أمرها ولا علي

[صفحه 200]

عهد النبي صلي الله عليه وسلم وقد روينا في کتاب الخلع أنها اختلعت من زوجها زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه. ثم أخرج حديث نافع المذکور في صدر العنوان فقال: هذه الرواية تصرح بأن عثمان رضي الله عنه هو الذي أمرها بذلک، وظاهر الکتاب في عدة المطلقات يتناول المختلعة وغيرها، فهو أولي وبالله التوفيق. ه[5] .

فليس للنبي صلي الله عليه وآله في قصة بنت معوذ حکم ومارفعت إليه صلي الله عليه وآله، وإنما وقعت في عصر عثمان وهو الحاکم فيها، وقد حرفتها عن موضعها يد الامانة علي ودايع العلم والدين لتبرير ساحة عثمان عن لوث الجهل، ولو کان لتعدد القصة وزن يقام عند الفقهاء وروايتها بمشهد منهم ومرأي لما عدلوا عنها علي بکرة أبيهم إلي عموم الکتاب ولما ترکوها متدهورة في هوة الاهمال.

وعلي الباحث أن ينظر نظرة عميقة إلي قول ابن عمر وقد کان في المسألة أولا مصافقا في رأيه الکتاب ومن عمل به من الصحابة وعد في عدادهم، ثم لمحض أن بلغه رأي الخليفة المجرد عن الحجة عدل عن فتواه فقال: عثمان خيرنا وأعلمنا. أو قال: أکبرنا وأعلمنا. هکذا فليکن المجتهدون، وهکذا فلتصدر الفتاوي.



صفحه 198، 199، 200.





  1. سنن البيهقي 451 و 450: 7، سنن ابن ماجة 634: 1، تفسير ابن کثير 726: 1 نقلا عن ابن أبي شيبة، زاد المعاد لابن القيم 403: 2، کنز العمال 223: 3، نيل الاوطار 35: 7.
  2. راجع سورة البقرة: 228.
  3. قاله في صحيحه 142: 1.
  4. راجع نيل الاوطار 37 -34: 7.
  5. سنن البيهقي 451: 7.