خصومة يرفعها عثمان إلي علي











خصومة يرفعها عثمان إلي علي



أخرج أحمد والدورقي من طريق الحسن بن سعد عن أبيه ان يحيس[1] وصفية کانا من سبي الخمس فزنت صفية برجل من الخمس وولدت غلاما فادعي الزاني ويحيس فاختصما إلي عثمان فرفعهما عثمان إلي علي بن أبي طالب، فقال علي: أقضي فيهما بقضاء رسول الله صلي الله عليه وسلم الولد للفراش وللعاهر الحجر وجلد هما خمسين خمسين.[2] .

قال الاميني هل علمت أنه لماذارد الخليفة الحکم إلي أميرالمؤمنين عليه السلام؟ لقد رفعه إليه إن کنت لاتدري لانه لم يکن عنده ما يفصل به الخصومة، ولعله کان ملا سمعه قوله تعالي: الزانية والزاني فاجلدوا کل واحد منهما مائة جلدة[3] ويعلم في الجملة أن هناک فرقا في کثير من الاحکام بين الاحرار والمملوکين، لکن عزب عنه

[صفحه 196]

ان مسألة الحد أيضا من تلکم الفروع، فکأنه لم يلتفت إلي قوله تعالي: ومن لم يستطع منکم طولا أن ينکح المحصنات المؤمنات فمن ماملکت أيمانکم من فتياتکم المؤمنات والله أعلم بايمانکم بعضکم من بعض فانکحوهن باذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان، فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ماعلي المحصنات من العذاب. الآية[4] .

أو أن الآية الکريمة کانت نصب عينيه لکن لم يسعه فهم حقيقتها لان قيد ذاکرته ان حد المحصنات هو الرجم، غير انه لم يتسن له تعرف أن الرجم لا يتبعض، فالذي يمکن تنصيفه من العذاب هو الجلد، فالآية الشريفة دالة بذلک علي سقوط الرجم عن المحصنات من الاماء وانما عليهن نصف الجلد الثابت عليها في السنة الشريفة.[5] .

وأخرج أحمد في مسنده 136: 1 من طريق أبي جميلة عن علي عليه السلام قال: أرسلني رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي أمة له سوداء زنت لاجلدها الحد قال: فوجدتها في دمائها فأتيت رسول الله صلي الله عليه وسلم فأخبرته بذلک فقال لي: إذاتعالت من نفاسها فاجلدها خمسين. وذکره ابن کثير في تفسيره 476: 1 وفيه: إذا تعافت من نفاسها فاجلدها خمسين. وذکره الشوکاني في نيل الاوطار 292: 7 باللفظ المذکور. وأخرجه مسلم وأبوداود والترمذي وصححه وليس في لفظهم «خمسين».

هب أن الخليفة نسيها لبعد العهد لکنه هل نسي ما وقع بمطلع الاکمة منه علي العهد العمري؟ من جلده المحصنات من الاماء خمسين جلدة کماأخرجه الحافظ[6] أو أن الخليفة وقف علي مغازي الآيات الکريمة، ولم تذهب عليه السنة النبوية، وکان علي ذکر مما صدر علي عهد عمر لکن أربکه حکم العبد لانه رأي الآية الکريمة نصافي الاماء، وکذلک نصوص الاحاديث، ولم يهتد إلي إتحاد الملاک بين العبيد والاماء

[صفحه 197]

من المملوکية، وهو الذي أصفق عليه أئمة الحديث والتفسير کما في کتاب الام للشافعي144: 6، أحکام القرآن للجصاص 206: 2، سنن البيهقي 243: 8، تفسير القرطبي 146: 5، ج 159: 12، تفسير البيضاوي 270: 1، تيسير الوصول 4: 2، فيض الاله المالک للبقاعي 311: 2، فتح الباري 137: 12، فتح القدير 416: 1، تفسير الخازن 360: 1، وقال الشوکاني في نيل الاوطار 292: 7: لاقائل بالفرق بين الامة والعبد کماحکي ذلک صاحب البحر.

أو أن الخليفة حسب أن ولد الزانية لابد وأن يکون للزاني، ولم يشعر بمقاربة زوجها إياها أو إمکان مقاربته منذ مدة يمکن أن ينعقد الحمل فيها، وبذلک يتحقق الفراش الذي يلحق الولد بصاحبه، کما حکم به مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام والاصل فيه قوله صلي الله عليه وآله: الولد للفراش وللعاهر الحجر.

لقد أنصف الخليفة في رفع حکم هذه المسألة إلي من عنده علم الکتاب والسنة فانه کان يعلم علم اليقين ان ذلک عند العترة الطاهرة لا البيت الاموي، وليته أنصف هذا الانصاف في کل مايرد عليه من المسائل، وليته علم ان حاجة الامة إنما هي إلي إمام لا يعدوه علم الکتاب والسنة فأنصفها، غيرأن..


إذالم تستطع شيئا فدعه
وجاوزه إلي ما تستطيع



صفحه 196، 197.





  1. في مسند أحمد: يحنس.
  2. مسند أحمد 104: 1، تفسير ابن کثير 478: 1، کنز العمال 227: 3.
  3. سورة النور آية: 2.
  4. سورة النساء آية: 25.
  5. صحيح البخاري 48: 10، صحيح مسلم 37: 2، سنن أبي داود 239: 2، سنن ابن ماجة 119: 2، سنن البيهقي 342: 8، موطأ مالک 170: 2، کتاب الام للشافعي 121: 6، تفسير القرطبي 159: 12.
  6. موطأ مالک 170: 2، سنن البيهقي 242: 8، تفسير ابن کثير 467: 1، کنز العمال 86: 3.