راي عثمان في صلاة المسافر











راي عثمان في صلاة المسافر



أخرج أبوعبيد في الغريب وعبدالرزاق والطحاوي وابن حزم عن بي المهلب قال: کتب عثمان: انه بلغني ان قوما يخرجون إمالتجارة أولجباية أولحشرية[1] يقصرون الصلاة وإنما يقصر الصلاة من کان شاخصا أوبحضرة عدو

ومن طريق قتادة عن عياش المخزومي: کتب عثمان إلي بعض عماله: انه لايصلي الرکعتين المقيم ولا البادي ولا التاجر، إنما يصلي الرکعتين من معه الزاد والمزاد.

وفي لفظ ابن حزم: إن عثمان کتب إلي عماله: لا يصلي الرکعتين جاب ولا تاجر ولا تان[2] إنما يصلي الرکعتين. الخ.

وفي لسان العرب: في حديث عثمان رضي الله عنه انه قال: لا يغرنکم جشرکم من صلاتکم فانما يقصر الصلاة من کان شاخصا أو يحضره عدو. قال أبوعبيد: الجشر القوم يخرجون بدوابهم إلي المرعي، ويبيتون مکانهم ولا يأوون إلي البيوت[3] .

وفي هامش سنن البيهقي 137: 3: شاخصا: يعني رسولا في حاجة، وفي النهاية: شاخصا: أي مسافرا ومنه حديث أبي أيوب: فلم يزل شاخصا في سبيل الله.

قال الاميني: من أين جاء عثمان بهذا القيد في السفر؟ والاحاديث المأثورة في صلاته مطلقات کلها کما أوقفناک عليها في ص 115 -111، وقبلها عموم قوله تعالي: وإذا ضربتم في الارض فليس عليکم جناح أن تقصروا من الصلاة[4] ولابي حنيفة وأصحابه والثوري وأبي ثور في عموم الآية نظر واسع لم يخصوه بالمباح من السفر بل قالوا بانه يعم سفر المعصية أيضا کقطع الطريق والبغي کما ذکره ابن حزم في المحلي 264: 4، والجصاص في أحکام القرآن 312: 2، وابن رشد في بداية المجتهد 163: 1، وملک العلماء في البدايع 93: 1، والخازن في تفسيره 413: 1.

[صفحه 186]

وليس لحضور العدو أي دخل في القصر والاتمام وإنما الخوف وحضور العدو لهما شأن خاص في الصلوات، وأحکام تخص بهما، وناموس مقرر لا يعدوهما.

فمقتضي الادلة کماذهبت اليه الامة جمعاء: ان التاجر والجابي والتاني والجشرية وغيرهم إذا بلغوا مبلغ السفر فحکمهم القصر، فهم وبقية المسافرين شرع سواء، وإلا فهم جميعا في حکم الحضور يتمون صلاتهم من دون أي فرق بين الاصناف، وليس تفصيل الخليفة إلا فتوي مجردة ورأيا يخص به، وتقولا لايؤبه له تجاه النصوص النبوية، وإطباق الصحابة، واتفاق الامة، وتساند الائمة والعلماء، وإنما ذکرناه هنا لايقافک علي مبلغ الرجل من الفقاهة، أو تسرعه في الفتيا من غير فحص عن الدليل، أوأنه عرف الدليل لکنه لم يکترث له وقال قولا أمام قول رسول الله صلي الله عليه وآله.


کناطح صخرة يوما ليقلعها
فلم يضرها فأوهي قرنه الوعل


علي أن التاجر جاء فيه ما أخرجه ابن جرير الطبري وغيره من طريق علي کرم الله وجهه قال: سأل قوم من التجار رسول الله صلي الله عليه وسلم فقالوا: يارسول الله إنانضرب في الارض فکيف نصلي؟ فأنزل الله تعالي: وإذاضربتم في الارض فليس عليکم جناح أن تقصروامن الصلاة.[5] .

وأخرج أبوبکر بن أبي شيبة عن وکيع عن الاعمش عن ابراهيم قال: جاء رجل فقال: يارسول الله إني رجل تاجر أختلف إلي البحرين فأمره أن يصلي برکعتين.[6] .



صفحه 186.





  1. کذا في النسخ بالمهملة والصحيح کما يأتي، الجشر. بالمعجمة.
  2. التناية: هي الفلاحة والزراعة «نهاية ابن الاثير».
  3. سنن البيهقي 126: 3، المحلي لابن حزم 1: 5، نهاية ابن الاثير 325: 2، لسان العرب 207: 5، کنز العمال 239: 4، تاج العروس: 100 وج 401: 4.
  4. سورة النساء 101.
  5. تفسير ابن جرير 155: 5، مقدمات المدونة الکبري لابن رشد 136: 1، تفسير ابن عطية کما في تفسير القرطبي 362: 5، الدر المنثور 209: 2، تفسير الشوکاني 471: 1 تفسير الالوسي 134: 5.
  6. تفسير ابن کثير 544: 1، الدر المنثور 210: 2.