راي الحنابلة في القراءة











راي الحنابلة في القراءة



قال ابن حزم في المحلي 236: 3: وقراءة أم القرآن فرض في کل رکعة من کل صلاة إماما کان أو مأموما أو منفردا، والفرض والتطوع سواء، والرجال والنساء سواء.ثم ذکر جملة من أدلة المسألة.

وذکر في ص 243 فعل عمر وما يعزي إلي علي وحاشا من ذلک فقال: لا حجة في قول أحد بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم.

وقال في ص 250: من نسي التعوذ أو شيئا من أم القرآن حتي رکع أعاد متي ذکر فيها وسجد للسهو إن کان إماما أو فذا، فان کان مأموما ألغي ما قد نسي إلي أن ذکر، وإذا أتم الامام قام يقضي ما کان ألغي ثم سجد للسهو، ولقد ذکرنا برهان ذلک في من نسي فرضافي صلاته فانه يعيد مالم يصل کما أمر، ويعيد ما صلي کما أمر. قال:

ومن کان لايحفظ أم القرآن وقرأ ما أمکنه من القرآن إن کان يعلمه، لاحد في ذلک وأجزأه، وليسع في تعلم أم القرآن فإن عرف بعضها ولم يعرف البعض قرأ ما عرف منها فأجزأه، وليسع في تعلم الباقي، فإن لم يحفظ شيئا من القرآن صلي کما هو يقوم ويذکر الله کما يحسن بلغته ويرکع ويسجد حتي يتم صلاته ويجزيه، وليسع في تعلم أم القرآن.

وقال الشوکاني في نيل الاوطار 233: 2: إختلف القائلون بتعيين الفاتحة في کل رکعة هل تصح صلاة من نسيها؟ فذهبت الشافعية وأحمد بن حنبل إلي عدم الصحة وروي ابن القاسم عن مالک: انه إن نسيها في رکعة من صلي رکعتين فسدت صلاته، وإن نسيهافي رکعة من صلي ثلاثية أو رباعية فروي عنه إنه يعيدها ولا تجزئه، وروي عنه: انه يسجد سجدتي السهو، وروي عنه: انه يعيد تلک الرکعة ويسجد للسهو بعد السلام، ومقتضي الشرطية التي نبهناک علي صلاحية الاحاديث للدلالة عليها: ان الناسي يعيد الصلاة کمن صلي بغير وضوء ناسيا. اه.

وأما أبوحنيفة إمام الحنفية فان له في مسائل الصلاة آراء ساقطة تشبه أقوال المستهزأ بها وحسبک برهنة صلاة القفال،[1] وسنفصل القول في تلکم الآراء الشاذة

[صفحه 183]

عن الکتاب والسنة، وقد اجتهد في المسألة تجاه تلکم النصوص قال الجصاص في «أحکام القرآن» 18: 1: قال أصحابنا- الحنفية- جميعا رحمهم الله: يقرأ بفاتحة الکتاب وسورة في کل رکعة من الاوليين، فإن ترک قراءة فاتحة الکتاب وقرأ غيرها فقد أساء وتجزيه صلاته. اه.

قال ابن حجر في فتح الباري: ان الحنفية يقولون بوجوب قراءة الفاتحة لکن بنوا علي قاعدتهم انها مع الوجوب ليست شرطا في صحة الصلاة لان وجوبها إنما ثبت بالسنة والذي لاتتم الصلاة إلا به فرض والفرض عندهم لا يثبت بما يزيد علي القرآن وقد قال تعالي: فاقرأوا ماتيسر منه. فالفرض قراءة ما تيسر، وتعين الفاتحة إنما يثبت بالحديث فيکون واجبا يأثم من يترکه وتجزئ الصلاة بدونه، وهذا تأويل علي رأي فاسد، حاصله رد کثير من السنة المطهرة بلا برهان ولا حجة نيرة، فکم موطن من المواطن يقول فيها الشارع: لا يجزئ کذا، لايقبل کذا، لايصح کذا، و يقول المتمسکون بهذا الرأي يجزئ، ويقبل، ويصح، ولمثل هذا حذر السلف من أهل الرأي. اه. وذکره الشوکاني في نيل الاوطار 230: 2.

ونظرا إلي الاهمية الواردة في قراءة أم الکتاب في الصلوات کلها، وأخدا بظاهر: لاصلاة الا بفاتحة الکتاب، ذهب من ذهب من القوم إلي وجوبها علي المأموم ايضا مطلقا أو في الصلوات الجهرية، قال الترمذي في الصحيح 42: 1: قداختلف أهل العلم في القراءة خلف الامام، فرأي أکثر أهل العلم من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم و التابعين من بعدهم القراءة خلف الامام، وبه يقول مالک وابن المبارک والشافعي وأحمد واسحاق، وروي عن عبدالله بن المبارک انه قال: أنا أقرأ خلف الامام والناس يقرأون إلا قوم من الکوفيين، وأري أن من لم يقرأ صلاته جائزة، وشدد قوم من أهل العلم في ترک قراءة فاتحة الکتاب وإن کان خلف الامام فقالوا: لا تجزئ صلاة إلا بقراءة فاتحة الکتاب وحده کان أو خلف الامام. اه.

وقد جاء مع ذلک عن عبادة بن الصامت مرفوعا: إني أراکم تقرأون وراء إمامکم فلا تفعلوا إلا بأم القرآن فانه لاصلاة لمن لم يقرأها.

وفي لفظ أبي داود: لا تقرؤا بشئ من القرآن اذا جهرت إلا بأم القرآن.

[صفحه 184]

وفي لفظ النسائي وابن ماجة: لا يقرأن أحد منکم إذاجهرت بالقراءة إلا بأم القرآن.

وفي لفظ الحاکم: إذا قرأالامام فلا تقرأوا إلا بأم القرآن فانه لا صلاة لمن لم يقرأ بها.

وفي لفظ الطبراني: من صلي خلف الامام فليقرأ بفاتحة الکتاب.

وعن أنس بن مالک مرفوعا: أتقرأون في صلاتکم خلف الامام بقرآن والامام يقرأ؟ فلاتفعلوا وليقرأ أحدکم بفاتحة الکتاب في نفسه.

وعن أبي قلابة مرسلا: أتقرأون خلفي وأنا أقرأ فلا تفعلوا ذلک، ليقرأ أحدکم بفاتحة الکتاب في نفسه سرا.[2] .

قال ابن حزم في المحلي 239: 3: اختلف اصحابنا فقالت طائفة: فرض علي المأموم أن يقرأ أم القرآن في کل رکعة أسر الامام أوجهر، وقالت طائفة: هذا فرض عليه فيماأسر فيه الامام خاصة ولا يقرأ فيما جهر فيه الامام، ولم يختلفوا في وجوب قراءة ام القرآن فرضا في کل رکعة علي الامام والمنفرد.

وأخرج البيهقي أحاديث صحاح تدل علي ان القراءة تسقط مع الامام جهر أو لم يجهر. وذکر قول من قال: يقرأ خلف الامام مطلقا ثم قال: هو أصح الاقوال علي السنة واحوطها. راجع السنن الکبري 166 -159: 2.

هذا تمام القول في الناحية الاولي من ناحيتي مخالفة عمل الخليفتين في الصلاة للسنة الشريفة، ومن ذلک کله، يعلم حکم الناحية الثانية وان الامة مطبقة علي ان تدارک الفائتة من قراءة رکعة في رکعة اخري لم يرد في السنة النبوية، وإن رأي الرجلين غير مدعوم بحجة، لايعمل به، ولايعول عليه، ولايستن به قط أحد من رجال الفتوي، والحق أحق أن يتبع.

[صفحه 185]



صفحه 183، 184، 185.





  1. ذکرهاابن خلکان في تاريخه في ترجمة السلطان محمود السبکتکين.
  2. مسند أحمد 308 و 302: 2، ج 322 و 316 و 313: 5، سنن الترمذي 42: 1، المحلي لابن حزم 236: 3، مستدرک الحاکم 239 و 238: 1، سنن النسائي 141: 2، سنن البيهقي 165 و 164: 2، مصابيح السنة 60: 1.