راي عثمان في زكاة الخيل











راي عثمان في زکاة الخيل



أخرج البلاذري في الانساب 26: 5 بالاسناد من طريق الزهري: إن عثمان کان

[صفحه 155]

يأخذ من الخيل الزکاة فانکر ذلک من فعله وقالوا: قال رسول الله صلي الله عليه وآله: عفوت لکم عن صدقة الخيل والرقيق.

وقال ابن حزم في المحلي 227: 5: قال ابن شهاب: کان عثمان بن عفان يصدق الخيل.

وأخرجه عبدالرزاق عن الزهري کما في تعاليق الآثار للقاضي أبي يوسف ص 87.

قال الاميني: ليت هذه الفتوي المجردة من الخليفة کانت مدعومة بشئ من کتاب أو سنة، لکن من المأسوف عليه ان الکتاب الکريم خال عن ذکر زکاة الخيل، والسنة الشريفة علي طرف النقيض مما أفتي به، وقد ورد فيما کتبه رسول الله صلي الله عليه وآله في الفرائض قوله: ليس في عبد مسلم ولافي فرسه شئ.

وجاء عنه صلي الله عليه وآله قوله: عفوت لکم عن صدقة الخيل والرقيق.

وفي لفظ ابن ماجة: قد تجوزت لکم عن صدقة الخيل والرقيق.

وقوله: ليس علي المسلم صدقة في عبده ولا في فرسه.

وفي لفظ البخاري: ليس علي المسلم في فرسه وعلامه صدقة.

وفي لفظ له: ليس علي المسلم صدقة في عبده وفرسه.

وفي لفظ مسلم: ليس علي المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة.

وفي لفظ له: ليس علي المرء المسلم في فرسه ولا مملوکه صدقة.

وفي لفظ أبي داود: ليس في الخيل والرقيق زکاة إلا زکاة الفطرفي الرقيق.

وفي لفظ الترمذي: ليس علي المسلم في فرسه ولا في عبده صدقة.

وفي لفظ النسائي: کلفظ مسلم الاول.

وفي لفظ له: لا زکاة علي الرجل المسلم في عبده ولا في فرسه.

وفي لفظ له: ليس علي المرء في فرسه ولا في مملوکه صدقة.

وفي لفظ: ليس علي المسلم صدقة في غلامه ولا في فرسه.

ولفظ ابن ماجة کلفظ مسلم الاول.

وفي لفظ أحمد: ليس في عبد الرجل ولا في فرسه صدقة.

وفي لفظ البيهقي: لا صدقة علي المسلم في عبده ولا في فرسه.

[صفحه 156]

وفي لفظ عبدالله بن وهب في مسنده: لاصدقة علي الرجل في خيله ولا في رقيقه.

وفي لفظ ابن أبي شيبة: ولا في وليدته.

وفي رواية للطبراني في الکبير والبيهقي في السنن 118: 4 من طريق عبدالرحمن ابن سمرة: لاصدقة في الکسعة والجبهة والنخة[1] .

ومن طريق أبي هريرة: عفوت لکم عن صدقة الجبهة والکسعة والنخة.

راجع صحيح البخاري 31 و 30: 3، صحيح مسلم 361: 1، صحيح الترمذي 80: 1، سنن أبي داود 253: 1، سنن ابن ماجة 556 و 555: 1، سنن النسائي 37 و 36 و 35: 5، سنن البيهقي 117 و 4، مسند أحمد 148 و 146 و 145 و 132 و 121 و 62: 1، ج 432 و 407 و 279 و 249 و 243: 2، کتاب الام للشافعي 22: 2، موطأ مالک 206: 1، أحکام القرآن للجصاص 189: 3، المحلي لابن حزم 229: 5، عمدة القاري للعيني 383: 4.

ولو کان في الخيل شئ من الزکاة لوجب أن يذکر في کتاب رسول الله صلي الله عليه وآله الذي فصل فيه الفرايض تفصيلا[2] وقد اعطاه کبرنامج يعمل به في الفرايض وعليه کان عمل الصحابة، ومنه أخذ أبوبکر ما کتبه دستورا يعول عليه في الصدقات،[3] وکان مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام يهتف بتلک السنة الثابتة، وعليها کان عمله عليه السلام، وعليها أضفقت الصجابة وجرت الفتيا من التابعين، وبها قال عمربن عبدالعزيز، وسعيد بن المسيب، و عطاء، ومکحول، والشعبي، والحسن، والحکم بن عتيبة، وابن سيرين، والثوري، والزهري، ومالک، والشافعي، وأحمد، واسحاق، وأهل الظاهر، وأبويوسف، ومحمد ابن الحنفية.[4] .

وقال ابن حزم: وذهب جمهور الناس إلي أن لازکاة في الخيل أصلا. وقال مالک والشافعي، وأحمد، وأبويوسف، ومحمد، وجمهور العلماء: لازکاة في الخيل بحال. اه.

[صفحه 157]

نعم: للحنفية هاهنا تفصيل مجرد عن أي برهنة ضربت عنه الامة صفحا قالوا: لازکاة في الخيل الذکور، ولو کثرت وبلغت ألف فرس، وإن کانت إناثا، أو اناثا و ذکورا سائمة غير معلوفة فحينئذ تجب فيها الزکاة. وصاحب الخيل مخير إن شاء أعطي عن کل فرس منها دينارا أو عشرة دراهم، وإن شاء قومها فأعطي من کل مائتي درهم خمسة دراهم.

کذا حکاه ابن حزم في المحلي 288: 5، وأبوزرعة في طرح التثريب 14: 4، وملک العلماء في بدايع الصنايع 34: 1، والنووي في شرح مسلم.

وهذا التفصيل ماکان قط يعرفه الصحابة والتابعون لانهم لم يجدواله أثرا في کتاب أو سنة، وکان من الحقيق إن کان للحکم مدرک يعول عليه أن يعرفوه، وأن يثبته رسول الله صلي الله عليه وآله في کتابه، وکذلک أبوبکر من بعده، وهذا کاف في سقوطه، و لذلک خالف أباحنيفة فيه أبويوسف ومحمد وقالا بعدم الزکاة في الخيل کما ذکره الجصاص في أحکام القرآن 188: 3، وملک العلماء في البدايع 34: 2، والعيني في العمدة 383: 4.

وغاية جهد أصحاب أبي حنيفة في تدعيم قوله بالحجة أحاديث لم يوجد في شئ منها ماجاء به من الرأي المجرد، ألا وهي:

1- أخرج البخاري ومسلم في الصحيحين من طريق أبي هريرة مرفوعا: مامن صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها. فذکر الوعيد الذي في منع حقهاوحق الابل والبقر والغنم، وذکر في الابل: ومن حقها حلبها يوم وردها، ثم قال: قيل: يا رسول الله فالخيل؟ قال: الخيل لثلاثة: هي لرجل وزر. وهي لرجل أجر. وهي لرجل ستر. فأما الذي هي له وزر: فرجل ربطها رياء وفخرا ونواء علي أهل الاسلام فهي له وزر، وأما الذي هي له ستر: فرجل ربطها في سبيل الله. ثم لم ينس حق الله في ظهورها، ولا رقابها فهي له ستر. وأما الذي هي له أجر: فرجل ربطها في سبيل الله لاهل الاسلام. الحديث. وفي لفظ مسلم بدل قوله: ثم لم ينس حق الله.. الخ: و لم ينس حق الله في ظهورها وبطونها في عسرها ويسرها.

استدل به ابن الترکماني المارديني في الجوهر النقي ط ذيل سنن البيهقي 4:

[صفحه 158]

120 وقال: يدل عليه ظاهر قوله: ثم لم ينس حق الله. إلخ. مع قرينة قوله في أول الحديث: مامن صاحب کنز لا يؤدي زکاته، ومامن صاحب إبل لا يؤدي زکاتها، وما من صاحب عنم لايؤدي زکاته. ونحن لا نعرف وجه الدلالة في ظاهر قوله: ثم لم ينس. مع ضم القرينة إليه علي ما أفتي به أبوحنيفة، وغيرنا أيضا لا يري فيه دلالة علي الزکاة في الخيل کما قاله البيهقي في السنن 119: 4.

2- أخرج البيهقي في سننه الکبري 119: 4 عن أبي الحسن علي بن أحمد بن عبدان عن أبيه، عن أبي عبدالله محمد بن موسي الاصطخري، عن اسماعيل بن يحيي بن بحر الازدي، عن الليث بن حماد الاصطخري، عن أبي يوسف القاضي، عن غورک بن الحصرم أبي عبدالله، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم في الخيل السائمة في کل فرس دينار.

قال البيهقي: تفرد به غورک، وأخبرنا أبوبکربن الحارث قال: قال عمربن علي الحافظ يعني الدارقطني: تفردبه غورک عن جعفر، وهو ضعيف جدا ومن دونه ضعفاء.

قال الاميني: في رجال الاسناد:

1- أحمد بن عبدان مجهول. قاله مسلمة بن قاسم وفيه:

2- محمد بن موسي الاصطخري: شيخ مجهول، روي عن شعيب خبرا موضوعا قاله ابن حجر.

3- اسماعيل بن يحيي الازدي: ضعفه الدارقطني، وحکاه عنه ابن حجر. و

4- وليث بن حماد الاصطخري: ضعفه الدارقطني، ونقله عنه الذهبي وابن حجر. و

5- أبويوسف القاضي: قال البخاري: ترکوه، وعن المبارک: إنه وهاه. وعن يزيد بن هارون: لاتحل الرواية عنه. وقال الفلاس: صدوق کثير الخطأ، إلي آخر مامر من ترحمته في هذاالجزء ص 31 و 30.

6- غورک السعدي: قال الدارقطني: ضعيف جدا، وذکره الذهبي في الميزان.[5] .

[صفحه 159]

ومما يوهن هذه الرواية عدم إخراج ابن أبي يوسف القاضي فيما جمعه من الاحاديث عن والده وأسماه بالآثار. وذکرها الذهبي في لميزان 223: 2 فقال: ضعف الدارقطني الليث وغيره في اسناده.

علي أن الرواية خالية عن تفصيل الذي جاء به أبوحنيفة من نفي الزکاة في ذکور الخيل ولو کثرت ووجوبها إن کانت إناثا، أو إناثا وذکورا. إلي آخر ماتقول به.

3- أخرج ابن أبي شيبة في مسنده من طريق عمر مرفوعا في حديث طويل قال: فلا أعرفن أحدکم يأتي يوم القيامة يحمل شاة لها ثغاء ينادي: يا محمد يامحمد فأقول: لا أملک لک من الله شيئا قد بلغت. ولا أعرفن أحدکم يأتي يوم القيامة يحمل فرساله حمحمة ينا دي يامحمد يامحمد فأقول: لا أملک لک من الله شيئا. الحديث.

استدل به علي وجوب الزکاة في الخيل ابن الترکماني المارديني في الجوهر النقي ذيل سنن البيهقي 120: 4. وقال: فدل علي وجوب الزکاة في هذه الانواع. اه.

أمعن النظر في الحديث لعلک تعرف وجه الدلالة علي ما ارتآه الرجل، وما أحسبک أن تعرفه، غير أن حب المارديني إمامه أباحنيفة أعماه وأصمه، فحسب انه أقام البرهنة علي ماخرق به الرجل اجماع الامة، وتقول تجاه النص الاغر، و السنة الثابتة، وکل هذه من جراء رأي من صدق الخيل بعد عفو الله ورسوله عنها.

4- فعل عمر بن الخطاب وأخذه الزکاة من الخيل، وليس في فعله أي حجة للحنفية ولا لغيرهم، لانه لم يکن فيما عمله التفصيل الذي ذکره القوم، علي انه کان يأخذ ما أخذه من الخيل تطوعا لا فريضة باستدعاء من أرباب الخيل کمامر في الجزء السادس ص 155 ط 2، وما کان يخافه مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام، ويحذربه عمر في أخذه الزکاة من الخيل من أن يعود جزية يوجبها أناس في المستقبل، فکان کما توسم سلام الله عليه علي عهد عثمان، فالتفصيل المذکور أحدوثة في الدين خارجة عن السنة الثابتة، وهو کما قال ابن حزم في المحلي 228: 5: وأتوا بقول في صفة زکاتها لانعلم أحدا قاله قبلهم.

وقولهم هذا يخالف القياس الذي هو أساس مذهبهم. قال ابن رشد في ممهدات المدونة الکبري 263: 1: والقياس انه لما اجتمع أهل العلم في البغال والحمير علي

[صفحه 160]

انه لا زکاة فيها وإن کانت سائمة، واجتمعوا في الابل، والبقر، والغنم علي الزکاة فيها إذاکانت سائمة: واختلفوا في الخيل سائمة وجب ردها إلي البغال والحمير لا إلي الابل والبقر والغنم، لانها بها أشبه لانها ذات حافر کما انها ذوات حوافر، وذوالحافر بذي الحافر أشبه منه بذي الخف أو الظلف، ولان الله تبارک وتعالي قد جمع بينها فجعل الخيل والبغال والحمير صنفا واحدا لقوله: والخيل والبغال والحمير لترکبوها وزينة وجمع بين الانعام وهي الابل والبقر والغنم فجعلها صنفا واحدا لقوله: والانعام خلقها لکم فيها دف ء ومنافع تأکلون ولکم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون ولقوله عزوجل: الله الذي جعل لکم الانعام لترکبوا منها ومنها تأکلون.



صفحه 155، 156، 157، 158، 159، 160.





  1. الجبهة الخيل. الکسعة: البغال والحمير. النخة. المربيات في البيوت.
  2. راجع سنن البيهقي 85: 4 تا 90، مستدرک الحاکم 390: 1 تا 398.
  3. راجع مصابيح السنة للبغوي 119: 1.
  4. راجع المحلي لابن حزم 229: 5، عمدة القاري 383: 4.
  5. راجع ميزان الاعتدال 360 و 323: 2، لسان الميزان 441 و 192: 1، ج 493 و 421: 4، ج 401: 5، ج 300: 6.