راي عثمان في متعة الحج











راي عثمان في متعة الحج



أخرج البخاري في الصحيح بالاسناد عن مروان بن الحکم قال: سمعت عثمان وعلي رضي الله عنهما بين مکة والمدينة وعثمان ينهي عن المتعة وأن يجمع بينهما فلما رأي ذلک علي أهل بهما جميعا قال: لبيک عمرة وحجة معا قال: فقال عثمان: تراني أنهي الناس عن شئ وتفعله أنت؟ قال: لم أکن لادع سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم لقول أحد من الناس.

وفي لفظ أحمد: کنا نسير مع عثمان رضي الله عنه فاذا رجل يلبي بهما جمعا قال عثمان رضي الله عنه: من هذا؟ فقالوا: علي. فقال: ألم تعلم أني قد نهيت عن هذا؟ قال بلي. ولکن لم أکن لادع قول رسول الله صلي الله عليه وسلم لقولک.

وأخرج الشيخان بالاسناد عن سعيد بن المسيب قال: اجتمع علي وعثمان رضي الله عنهما بعسفان وکان عثمان ينهي عن المتعة فقال له علي: ماتريد إلي أمر فعله رسول الله صلي الله عليه وسلم تنهي عنه؟ قال: دعنامنک، قال: إني لا أستطيع أن أدعک. فلما رأي ذلک علي أهل بهما جميعا.

وأخرج مسلم من طريق عبدالله بن شقيق قال: کان عثمان رضي الله عنه ينهي عن المتعة وکان علي رضي الله عنه يأمر بها، فقال عثمان لعلي کلمة، ثم قال علي: لقد علمت أنا قد تمتعنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ قال: أجل ولکنا کنا خائفين.

راجع صحيح البخاري 71 و 69: 3، صحيح مسلم 349: 1، مسند أحمد 95 و 61: 1 سنن النسائي 152 و 148: 5، سنن البيهقي 352: 4، ج 22: 5، مستدرک الحاکم 472: 1، تيسير الوصول 282: 1.

قال الاميني: لقد فصلنا القول في هذه المسألة في نوادر الاثر من الجزء السادس ص 130 -198 و 220 -213 ط 2 تفصيلا وذکرنا هنالک أحاديث جمة ان متعة الحج

[صفحه 131]

ثابتة بالکتاب والسنة ولم تنزل آية تنسخ متعة الحج ولم ينه عنها رسول الله صلي الله وعليه وآله وسلم حتي مات، وإنما النهي عنها رأي رآه الخليفة الثاني کماأخرجه الشيخان وجمع من أئمة الحديث من طرقهم المتکثرة، ولقد شاهد عثمان تلکم المواقف وما وقع فيها من الحوار وماأنکره الصحابة علي من نهي عنها وکان کل حجته: إني لو رخصت في المتعة لهم لعرسوا بهن في الاراک ثم راحوا بهن حجاجا. وأنت تري أن هذه الحجة الداحضة لم تکن إلا رأيا تافها غير مدعوم ببرهنة، بل منقوض بالکتاب والسنة، وکان رسول الله صلي الله عليه وآله أعرف من صاحب هذاالرأي بهذه الدقيقة التي اکتشفها بنظارته المقربة، والله سبحانه قبله يعلم کل ذالک، فلم ينهياعن متعة الحج بل أثبتاها.


ما العلم إلا کتاب الله والاثر
وماسوي ذالک لاعين ولا أثر


إلا هوي وخصومات ملفقة
فلا يغرنک من أربابها هدر[1] .


نعم: شهد عثمان کل ذلک لکنه لم يکترث لشئ منها، وطفق يقتص أثر من قبله، وکان حقا عليه أن يتبع کتاب الله وسنة نبيه والحق أحق أن يتبع، ولم يقنعه کل ذلک حتي أخذ يعاتب أميرالمؤمنين عليا عليه السلام الذي هو نفس الرسول، وباب مدينة علمه، وأقضي أمته وأعلمها علي عدم موافقته له في رأيه المجرد الشاذ عن حکم الله، حتي وقع الحوار بينهمافي عسفان وفي الجحفة وأميرالمؤمنين عليه السلام متمتع بالحج، وکاد من جراء ذلک يقتل علي سلام الله عليه کما مر حديثه في الجزء السادس ص 205 ط 1 و 219 ط 2.

ونحن لا ندري مغزي جواب الرجل لمولانا علي عليه السلام لما قاله: لقد علمت أنا تمتعنا مع رسول الله. من قوله: أجل ولکنا کنا خائفين. أي خوف کان في سنة حجة التمتع مع رسول الله صلي الله عليه وآله؟ وهي الحجة الوداع والنبي الاقدس کان معه مائة ألف أو يزيدون، وأنت تجد أعلام الامة غير عارفين بهذ العذر التافه المختلق أيضا وقال إمام الحنابلة أحمد في المسند بعد ذکر الحديث: قال شعبة لقتادة: ماکان خوفهم قال: لا أدري.

[صفحه 132]

أنا لا أدري، هذا مبلغ علم الخليفة؟ أو مدي عقليته؟ أو کمية إصراره علي تنفيذ ما أراد؟ أو حد اتباعه کتاب الله وسنة نبيه؟ أو مقدار أمانته علي ودائع الدين؟ وهو خليفة المسلمين. فاسألوا أهل الذکر إن کنتم لا تعلمون.

أليس من الغلو الممقوت الفاحش عند ئذ ما جاء به البلاذري في الانساب 5: 4 من قول ابن سيرين: کان عثمان أعلمهم بالمناسک وبعده ابن عمر.

إن کان أعلم الامة هذه سيرته وهذاحديثه؟ فعلي لاسلام السلام.



صفحه 131، 132.





  1. البيتان للفقيه ابي زيدعلي الزبيدي المتوفي 813 ذکرهما صاحب شذرات الذهب 203: 7.