الدين عند السلف سياسة وقتية











الدين عند السلف سياسة وقتية



تعطينا هذه الروايات الواردة في صلاة الخليفة درسا ضافيا صافقه الاستقراء لکثير من الموارد ان کثيرين من الصحابة ماکان يحجزهم الدين عن مخالفة التعاليم المقررة وکانوا يقدمون عليها سياسة الوقت، وإلا فلا وجه لتربيعهم الصلاة وهم يرون أن المشروع خلافه لمحض ان الخلاف شر، وهم أومن ناضل عنهم وحکم بعدالتهم أجمع لا يرون جواز التقية، فعبدالله بن عمر يتبع الخليفة في أحدوثته، وکان يتم اذا صلي مع الامام، وإذا صلي وحده صلي رکعتين،وفي لسانه قوله: الصلاة في السفر رکعتان من خالف السنة فقد کفر[1] وبمسمع منه قوله صلي الله عليه وآله: إن الله لا يقبل عمل امرء حتي يتقنه.

[صفحه 117]

قيل: وما اتقانه؟ قال: يخلصه من الرياء والبدعة.[2] وقوله صلي الله عليه وآله: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد.[3] .

وهذا عبدالله بن مسعود يري السنة في السفر رکعتين، ويحدث بها ثم يتم معتذرا بأن عثمان کان إماما فما أخالفه والخلاف شر کمامرفي ص 99. وهذا عبدالرحمن بن عوف کان لم ير للخليفة عذرا فيما أتي به من اتمام الصلاة في السفر، ويقول له مجيباعن أعذاره: ماهذا شئ لک فيه عذر. ويسمع منه قوله: انه رأي رأيته. خلافا للسنة الثابتة، ومع ذلک کله يصلي اربعابعد ماسمع من ابن مسعود بأن الخلاف شر[4] لماذا کانت مخالفة عثمان شرا، ولم تکن مخالفته ومخالفتهم علي ناموس الشريعة ونبيها شرا؟ دعني واسأل الصحابة الاولين.

وهذا علي أميرالمؤمنين المقتص الوحيد أثر النبي الاعظم يؤتي به للصلاة- کما مر في ص 100- فيقول: إن شئتم صليت لکم صلاة رسول الله صلي الله عليه وسلم «رکعتين» فيقال له: لا إلا صلاة أميرالمؤمنين عثمان أربعا. فيأبي ولايبالون.

نعم: لم تکن الاحکام عند أولئک الخلفاء الذين أدخلود آراءهم الشاذة في دين الله والذين اتبعوهم إلا سياسة وقتية يدور بها الامر والنهي، ويتغير بتغيرها الآراء حينا بعدحين، فتري الاول منهم يقول علي رؤوس الاشهاد: لئن أخذتموني بسنة نبيکم لا أطيقها. وقد جاء النبي الاعظم بسنة سهلة سمحة. ويقول: إني أقول برأيي إن يک صوابا فمن الله، وإن يک خطأفمني ومن الشيطان «راجع الجزء السابع 119 و 118 و 104، ط 2».

ويأتي بعده من يفتي بترک الصلاة للجنب الفاقد للماء ولا يبالي، وقد علمه النبي الاعظم التيمم فضلا عمافي الکتاب والسنة. راجع ج 83: 6 ط 2.

وکان لم يقرأ بفاتحة الکتاب في الرکعة الاولي، ويکررها في الثانية تارة، و أخري لم يقرأها في رکعاتها، ويقتصر علي حسن الرکوع والسجود، وطورا يترکها و لم يقرأ شيئا ثم يعيد. راجع ج 108: 6 ط 2.

[صفحه 118]

وکان ينهي عن التطوع بالصلاة بعد العصر، ويضرب بالدرة من تنفل بها، والناس يخبره بأنه سنة محمد صلي الله عليه وآله، وهو لا يصيخ إلي ذلک، کمامر في الجزء ال 184: 6 ط 2.

وتراه يحکم في الجد بمائة قضية کلها ينقض بعضها بعضا، کما مر حديثه في الجزء ال 6 ص 116 ط 2.

وثبت عنه قوله: متعتان کانتا علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم وأنا أنهي عنهما، وأعاقب عليهما. کما فصلناه في ج 210: 6 ط 2.

وجاء عنه قوله: أيها الناس ثلاث کن علي عهد رسول الله وأنا أنهي عنهن و أحرمهن وأعاقب عليهن: متعة النساء. ومتعة الحج. وحي علي خيرالعمل. راجع الجزء ال 213: 6 ط 2.

إلي قضايا أخري لدة هذه أسلفناها في الجزء السادس في «نوادرالاثر في علم عمر» وهذا عثمان يخالف السنة الثابتة في مثل الصلاة عمادالدين ويعتذر بقوله: انه رأي رأيته.

ويحدث أذانا بعد الاذان والاقامة، ويتخذه الملا الاسلامي سنة في الحواضر الاسلامية.

وينهي عليا أميرالمؤمنين عن متعة الحج، وهو يسمع منه قوله: لم أکن لادع سنة رسول الله لقول أحد من الناس.

ويأخذ الزکاة من الخيل، وقد عفي الله عنها بلسان نبيه الاقدس.

ويقدم الخطبة علي الصلاة في العيدين خلاف السنة المسلمة.

ويترک القراءة في الاوليين، ويقضيها في الاخريين.

ويري في عدة المختلعة ما يخالف السنة المتسالم عليها، واتخذ في الاموال والصدقات سيرة دون ما قرره الکتاب والسنة، إلي کثيرمن الآراء الشاذة عن مقررات الاسلام المقدس، وسيوافيک تفصيلها.

وهذا معاوية، وماأدراک ما معاوية،؟ يتبع أثرالنبي الاعظم في صلاة ظهره فيأتيه مروان وابن عثمان فيزحزحانه عن هديه فيخالف السنة الثابتة- باعتراف منه

[صفحه 119]

في صلاة عصره، إتباعا لسياسة الوقت، وإحياء لبدعة ابن عمه، وإماتة لشرعة المصطفي، تزلفهاإلي مثل مروان وابن عثمان.

وتراه يحکم بجواز الجمع بين الاختين المملوکتين، ويعترض عليه الناس فلا يبالي[5] .

ويحلل الربا، وفي کتاب الله العزيز: «أحل الله البيع وحرم الربا» فأخبره أبوالدرداء ان النبي صلي الله عليه وسلم نهي عن بيع باعه، فقال معاوية: ماأري بهذا بأسا، فقال أبوالدرداء: من يعذرني من معاوية، أخبره عن رسول الله، ويخبرني عن رأيه. لااساکنک بأرض، فخرج من ولاية معاوية. اختلاف الحديث للشافعي هامش کتابه الام 23: 7

وأخذ ألف دينار دية الذمي، وجعل خمسمائة في بيت المال، وخمسمائة لاهل القتيل. بدعة مسلمة خلاف سنة الله.[6] .

وأمر بالاذان في العيدين،ولا أذان فيهما ولاأذان إلا في المکتوبة. ذکره الشافعي في کتاب الام208: 1.

واخذ من الاعطية زکاة، وهو أول من أحدثها کما في کتاب الام 14: 2. وهو أول من نقص التکبير کما أخرجه ابن أبي شيبة.

وأتي إليه بلصوص، فقطع بعضهم، وعفي عن أحدهم لسماعه منه ومن رامه کلاما يروقه، کماذکره الماوردي في الاحکام السلطانية ص 219، وابن کثير في تاريخه 136: 8.

وقدم الخطبة علي الصلاة في العيدين کما يأتي تفصيله والمسنون خلافه

وسن لعن أميرالمؤمنين علي عليه السلام، وأمر به الخطباء وأئمة الجمعة والجماعة في جميع الحواضر الاسلامية.

فکن علي بصيرة من أمرک ولاتتبع أهواء الذين لايعلمون، واحذرهم أن يفتنوک، سواء محياهم ومماتهم ساء مايحکمون.

[صفحه 120]



صفحه 117، 118، 119، 120.





  1. راجع صفحة 112 من هذاالجزء.
  2. بهجة النفوس للحافظ ابن ابي جمرة الازدي الاندلسي 160: 4.
  3. المحلي 197: 7.
  4. راجع من هذا الجزء ص 99.
  5. الدر المنثور 137: 2.
  6. کتاب الديات لابي عاصم الضحاک ص 50.