راي عمر في الغناء











راي عمر في الغناء



إن تعجب فعجب أن هذه المهازئ تشعر بکراهة عمر للغناء وقد عده العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخا ري 160: 5 نقلا عن کتاب التمهيد لابي عمر صاحب الاستيعاب ممن ذهب إلي إباحته في عداد عثمان. وعبدالرحمن بن عوف. وسعد بن أبي وقاص. وعبدالله بن عمر. ومعاوية. وعمرو بن العاصي. والنعمان بن بشير.و حسان بن ثابت.

وقال الشوکاني في نيل الاوطار 266: 8: قد روي الغناء وسماعه عن جماعة من الصحابة والتابعين، فمن الصحابة: عمر. کمارواه ابن عبدالبر وغيره، ثم عد جمعا منهم: عثمان. عبدالرحمن بن عوف. أبوعبيدة الجراح. سعد بن أبي وقاص. عبدالله ابن عمر.

وروي المبرد والبيهقي في المعرفة کما في نيل الاوطار 272: 8 عن عمر: انه إذا کان داخلا في بيته ترنم بالبيت والبيتين. واستدلال الشوکاني بهذا علي إباحة الغناء في بعض المواقف يومي إلي أن المراد من الترنم: التغني.

وقال ابن منظور في لسان العرب 374: 19: قد رخص عمر رضي الله عنه في غناء الاعراب.

ويعرب عن جلية الحال حديث خوات بن جبير الصحابي قال: خرجنا حجاجا مع عمر فسرنا في رکب فيهم أبوعبيدة بن الجراح وعبدالرحمن بن عوف فقال القوم:

[صفحه 79]

غننا من شعر ضرار، فقال عمر: دعوا أباعبدالله فليغن من بنيات فؤاده. فما زلت أغنيهم حتي کان السحر، فقال عمر: إرفع لسانک ياخوات فقد أسحرنا[1] .

م وزادابن عساکر في تاريخه 163: 7: فقال ابوعبيدة: هلم إلي رجل ارجوأن لايکون شرا من عمر. قال: فتنحيت أنا وأبوعبيدة فما زلنا کذلک حتي صلينا الفجر.

وفي کنزالعمال 336: 7: کلم أصحاب النبي خوات بن جبيرأن يغنيهم فقال: حتي أستأذن عمر. فاستأذنه فأذن له فغني خوات فقال عمر: أحسن خوات، أحسن خوات.

وفي حديث رباح بن المعترف قال: إنه کان مع عبدالرحمن بن عوف يوما في سفر فرفع صوته رباح يغني غناء الرکبان فقال له عبدالرحمن: ماهذا؟ قال: غير مابأس نلهو ونقصر عنا السفر. فقال عبدالرحمن: إن کنتم لابد فاعلين فعليکم بشعر ضرار بن الخطاب، ويقال: إنه کان معهم في ذلک السفر عمربن الخطاب وکان يغنيهم غناء النصب.[2] في تاج العروس: النصب ضرب من أغاني الاعراب.

وعن عثمان بن نائل عن أبيه قال: قلنا لرباح بن المعترف: غننا بغناء أهل بلدنا فقال: مع عمر؟ قلنا: نعم، فإن نهاک فانته.

وذکر الزبير بن بکار: ان عمر مر به ورباح يغنيهم غناء الرکبان[3] فقال: ما هذا؟ قال عبدالرحمن: غيرما بأس يقصر عناالسفر، فقال: إذا کنتم فاعلين فعليکم بشعر ضرار بن الخطاب «الاصابة 502: 1».

وعن السائب بن يزيد قال: بينا نحن مع عبدالرحمن بن عوف في طريق مکة إذ قال عبدالرحمن لرباح: غننا. فقال له عمر: إن کنت آخذا فعليک بشعر ضرار بن الخطاب «الاصابة 209: 2»

[صفحه 80]

م وفي لفظ ابن عساکر في تاريخه 35: 7: فقال عمر: ماهذا؟ فقال عبدالرحمن: مابأس بهذا اللهو ونقصر عناسفرنا. فقال عمر: إن کنت. إلخ.

وعن العلاء بن زياد: ان عمر کان في مسير فتغني فقال: هلا زجرتموني إذا لغوت «کنزالعمال 335: 7».

وعن الحارث بن عبدالله بن عباس: انه بيناهو يسير مع عمر في طريق مکة في خلافته ومعه المهاجرون والانصار فترنم عمر ببيت، فقال له رجل من أهل العراق ليس معه عراقي غيره: غيرک فليقلها يا أميرالمؤمنين فاستحي عمر وضرب راحلته حتي انقطعت من الرکب أخرجه الشافعي والبيهقي کما في الکنز 336: 7.

هذا عمر وهذا رأيه وهذه سيرته في الغناء، فهل من المعقول أن يهابه المغنون فيجفلون عماکانوا يقترفونه، ويسمعه النبي صلي الله عليه وآله ولا يتحرج؟ ويري أن الشيطان يفرق من عمر، ولا يفرق منه؟ المستعاذ بک ياالله.

م وقد تروي هذه المنقبة الموهومة لعثمان فيما أخرجه أحمد في مسنده 353: 4 من طريق ابن أبي أوفي قال: استأذن أبوبکر رضي الله عنه علي النبي صلي الله عليه وسلم وجارية تضرب بالدف فدخل، ثم استأذن عمر رضي الله عنه فدخل، ثم استأذن عثمان رضي الله عنه فأمسکت قال: فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ان عثمان رجل حيي.

وأخرجه في ص 354 باسناد آخر بلفظ: کانت جارية تضرب بالدف عند رسول الله صلي الله عليه وسلم فجاء أبوبکر ثم جاء عمر ثم جاء عثمان رضي الله عنهم فامسکت فقال. الخ. و سنوقفک علي حياء عثمان حتي تعرف صحة هذا الحديث ايضا.

ثم لنتوجه إلي شاعر النيل المشبه درة عمر بعصا موسي التي کانت معجزة قاهرة لنبي معصوم أبطل بها الباطل، وأقام الحق فقال کما مر في ص 66:


أغنت عن الصارم المصقول درته
فکم أخافت غوي النفس عاتيها


کانت له کعصاموسي لصاحبها
لاينزل البطل مجتازا بواديها


فنسأل الرجل عن وجه الشبه بين تلک العصا وبين هذه الدرة التي قيل فيها: لعل درته لم يسلم من خفقتها إلا القلائل من کبار الصحابة، وکانت الدرة في يده علي الدوام أني سار، وکان الناس يهابونها أکثر مماتخيفهم السيوف، وکان يقول: أصبحت

[صفحه 81]

أضرب الناس ليس فوقي أحد إلا رب العالمين[4] فقيل بعده: لدرة عمر أهيب من سيف الحجاج کما في محاضرة السکتواري ص 169.

فما وجه الشبه بين عصا نبي معصوم وبين درة انسان لم يسلم منها إلا القلائل من کبار الصحابة؟ أهي تشبهها حين ضرب صاحبها النساء الباکيات علي بنت رسول الله صلي الله عليه وآله وأخذ صلي الله عليه وآله بيده وقال: مه ياعمر؟ غ 159: 6[5] ط 2.

أم حين ضرب ام فروة بنت أبي قحافة حين بکت علي أبيها؟ غ 161: 6.

أم حين ضرب تميم الداري لاتيانه الصلاة بعد العصر وهي سنة؟. غ 183: 6.

أم حين ضرب المنکدر وزيد الجهني وآخرين للصلاة بعد العصر؟.

أم حين ضرب في المجزرة کل من اشتري اللحم لاهله يومين متتابعين 2 غ 267: 6.

أم حين ضرب رجلا أتي بيت المقدس واتيانه سنة؟ غ 278: 6.

أم حين ضرب الصائمين في رجب وصومه سنة مؤکدة؟ غ 282: 6.

أم حين ضرب سائلا عن آية من القرآن لايعرف مغزاها؟ غ 290: 6.

أم حين ضرب مسلما أصاب کتابا فيه العلم؟ غ 298: 6.

أم حين ضرب مسلما إقتني کتابا لدانيال؟ غ 298: 6.

أم حين ضرب من کني بأبي عيسي؟ غ 308: 6.

أم حين ضرب سيد ربيعة من غير ذنب أتي به؟. غ 157: 6.

أم حين ضرب معاوية من دون أن يقترف إثما؟ کما في تاريخ ابن کثير 125: 8.

أم حين ضرب أباهريرة لابتياعه أفراسا من ماله؟ غ 271: 6.

أم حين ضرب من صام دهرا؟ غ 322: 6.

إلي مواقف لاتحصي. فانظر إلي من تتوجه قارصة الرجل في قوله: فکم أخافت غوي النفس عاتيها.

ومن الناس من يعجب قوله في الحياة الدنيا، ويشهدالله علي مافي قلبه و هو ألدالخصام. البقرة: 204.

[صفحه 82]



صفحه 79، 80، 81، 82.





  1. سنن البيهقي 224: 10، الاستيعاب 170: 1، الاصابة 457: 1، کنزالعمال 335: 7.
  2. سنن البيهقي 224: 10، الاستيعاب 186: 1.
  3. قال ابن الاعرابي: کانت العرب تتغني بالرکباني اذارکبت واذا جلست في الافنية وعلي أکثر أحوالها فأحب النبي صلي الله عليه وسلم أن يکون هجيراهم بالقرآن مکان التغني بالرکبان. لسان العرب 337: 19، تاج العروس 273: 10.
  4. محاضرات الخضري 15: 2، الخلفاء للنجار ص 239 و 113.
  5. غ: رمز کتابنا هذا (الغدير) في جميع الاجزاء.