نظرة في الاحاديث المعنونة











نظرة في الاحاديث المعنونة



هذا شأن الغناء والملاهي، وتلک مايؤثر عن نبي الاسلام صلي الله عليه وآله أفمن المعقول إذن أن تعزي اليه تلک المسامحة المزرية بعصمته، المسقطة لمحله، المسفة به إلي هوة الجهل؟ ثم يحسب أن الذي تذمر عنهما وتجهم أمام الباطل ودحضه هو عمر فحسب دون رسول الله صلي الله عليه وآله ؟ وما هذا الشيطان الذي کان يفرق من عمر وماکان يخاف رسل الله صلي الله عليه وآله؟

أي نبي هذا؟ وهو يسمع الملاهي، وترقص بين يديه الرقاصة الاجنبية، وتضرب بالدف وتغني، أو يوقف هو حليلة علي تلک المواقف المخزية، ثم يقول: لست من دد ولا الدد مني. أو يقول: لست من دد ولا دد مني أويقول: لست من الباطل ولاالباطل مني[1] .

[صفحه 75]

أي عظيم هذا؟ يري في بيته غناء الجواري وضربهن بالدف ولاينبس ببنت شفة غير أن عمر يغضبه ذلک ويقول: أمزمار الشيطان في بيت رسول الله؟ أليس هذا النبي هو الذي کان سمع مزمارا يضع إصبعيه علي اذنيه ونأي علي الطريق؟ قال نافع: سمع عبدالله بن عمر مزمارا فوضع إصبعيه علي اذنيه ونأي عن الطريق وقال لي: يا نافع هل تسمع شيئا؟ فقلت: لا. فرفع إصبعيه من اذنيه وقال: کنت مع رسول الله صلي الله عليه وسلم فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا[2] أليس ابن عباس قال أخذا بالسنة الشريفة: الدف حرام، والمعازف حرام، والکوبة حرام، والمزمار حرام؟.

ألاتعجب من رسول الله صلي الله عليه وآله؟ والحبشة تلعب في مسجده الشريف أشرف بقاع الدنيا وتزفن وتغني وهو صلي الله عليه وآله وحليلته ينظر إليها، وعمر ينهاهن، ويقول النبي صلي الله عليه وآله: دعهن ياعمر.

أصحيح ماجاء عن النبي الاقدس صلي الله عليه وآله من قوله بعدة طرق: جنبوا مساجدکم صبيانکم ومجانينکم وشراء کم وبيعکم وخصوماتکم ورفع أصواتکم وإقامة حدودکم؟ وقوله صلي الله عليه وآله: من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فليقل: لاردهاالله عليک فان المساجد لم تبن لهذا؟. أخرجه مسلم وأبوداود وابن ماجة والترمذي

وماأخرجه مسلم والنسائي وابن ماجة عن بريدة: إن رجلا نشد في المسجد الجمل فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: لا وجدت، إنما بنيت المساجد لما بنيت؟.

وقوله صلي الله عليه وآله: سيکون في آخرالزمان قوم يکون حديثهم في مساجد هم ليس لله فيهم حاجة؟. أخرجه ابن حبان في صحيحه.

وقوله صلي الله عليه وآله: لا تتخذوا المساجد طرقا إلا لذکرأو صلاة؟[3] .

وماظنک بنبي العصمة يحول المولي سبحانه بينه وبين مايهمه من سماع المعازف والمزامير قبل بعثته تشريفاله وتعظيما لمکانته من القداسة، ويخليه واسع السرب رخي البال بعد مبعثه الشريف يسمع غناء الاجنبيات وهي تزفن؟ أخرج الحفاظ بالاسناد عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: ماهممت بشئ مما کان في

[صفحه 76]

الجاهلية يعملون به غير مرتين کل ذلک يحول الله تعالي بيني وبين مااريد فاني قلت ليلة غلام من قريش کان يرعي معي بأعلي مکة: لوأبصرت إلي غنمي حتي أدخل مکة فأسمر بها مايسمر الشباب؟ فقال: ادخل. فخرجت أريد ذلک حتي إذاجئت أول دار من دور مکة سمعت عزفا بالدفوف والمزامير، فقلت: ماهذا؟ قالوا: فلان بن فلان تزوج فلانة ابنة فلان، فجلست أنظر إليهم فضرب الله علي اذني فنمت فما أيقظني إلا مس الشمس، قال: فجئت صاحبي فقال: مافعلت؟ فقلت: ماصنعت شيئا، وأخبرته الخبر قال ثم قلت له ليلة أخري مثل ذلک فقال: افعل فخرجت فسمعت حين جئت مکة مثل ماسمعت ودخلت مکة تلک الليلة فجلست أنظر فضرب الله علي اذني فوالله ماأيقظني إلا مس الشمس، فرجعت إلي صاحبي فاخبرته الخبر، ثم ماهمت بعد هما بسوء حتي أکرمني الله برسالته[4] .

قال الماوردي في أعلام النبوة 140: هذه أحوال عصمته قبل الرسالة، وصده عن دنس الجهالة، فاقتضي أن يکون بعد الرسالة أعظم، ومن الادناس أسلم، وکفي بهذه الحال أن يکون من الاصفياء الخيرة إن أمهل، ومن الاتقياء البررة إن أغفل، ومن أکبر الانبياء عند الله تعالي من ارسل مستخلص الفطرة، علي النظرة،وقد أرسله الله تعالي بعد الاستخلاص، وطهره من الادناس، فانتفت عنه تهم الظنون، وسلم من ازدراء العيون ليکون الناس إلي إجابته أسرع، وإلي الانقياد له أطوع. اه.

وإلي نسائل ذلک الحکيم المتأول الذي مر کلامه ص 65 عن أنه کيف خص محمد صلي الله عليه وآله بالنبوة، وأبابکر بالرحمة، وعمر بالحق، وحسب انه فتح بابا مرتجا من المعضلات، أوأتي بقرني حمار، أي نبوة تفارق الحق؟ وأي نبي هو أوضع من صاحب الحق؟ وأي حق إقتناه عمر لنفسه وعزب عن الرسول صلي الله عليه وآله وسلم عرفانه؟.

وهلم معي إلي طامة أخري من الزرکشي في الاجابة ص 67، الذي عد فيها من خصائص عائشة: أن رسول الل صلي الله عليه وسلم کان يتبع رضاها کلعبها باللعب، ووقوفه في

[صفحه 77]

وجهها لتنظر إلي الحبشة يلعبون. فقال: واستنبط العلماء من ذلک أحکاما کثيرة فما أعظم برکتها. اه.

أوهل يريد هذا الرجل إثبات مأثرة لعائشة؟ أو ذکر مزلة لبعلها؟ وهل کان صلي الله عليه وآله يتبع رضاها في المشروع؟ أوکان إتباعه أعم من ذلک؟ «معاذالله»وهل من المکن أن يتبع رضاها حتي في نقض ماجاء به هو من الشريعة الالهية؟ وأي حکم يستنبط من مثل هذا المدرک الساقط؟ فمر حبا بالکاتب، وزه بالعلماء المستنبطين، و وکثر الله أمثال هذه البرکات «لاکثرها».

ثم هل النذر يبيح المحظور؟ وفي الحديث الشريف قوله صلي الله عليه وآله: لانذر في معصية ولانذر فيمالا يملک ابن آدم[5] .

وقوله صلي الله عليه وآله: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه.[6] .

وقال عقبة بن عامر: إن اخته نذرت أن تمشي حافية غير مختمرة وانه ذکر ذلک لرسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: مرها فلترکب ولتختمر[7] .

وعن ابن عباس قال: إن رسول الله صلي الله عليه وسلم مر برجل بمکة وهو قائم في الشمس فقال: ماهذا؟ قالوا: نذر أن يصوم ولا يستظل إلي الليل ولا يتکلم ولا يزال قائما. قال: ليتکلم وليستظل وليجلس وليتم صومه[8] .

وقال صلي الله عليه وآله: لا نذر إلا فيما يبتغي به وجه الله تعالي[9] .

[صفحه 78]

وقال صلي الله عليه وآله: النذر نذران، فمن کان نذره في طاعة الله فذلک لله وفيه الوفاء، و من کان نذه في معصية الله فذلک للشيطان ولا وفاء فيه[10] .

أو ليس من شرط إنعقاد النذر علي هذا الرجحان في متعلقه وکونه مما يبتغي به وجه الله ليکون مقربا إليه سبحانه زلفي، فيصح للناذر أن يقول: لله علي کذا؟ فأي رجحان في ضرب المرأة الاجنبية الدف بين يدي الرجل الاجنبي وفي غنائها ورقصها أمامه؟ إلا أن يقول القائل: إن تلک الجارية أو مسجد النبي الاعظم أباحا تلکم المحضورات أوالغلو في الفضائل فضائل الخليفة أباح أن تستساغ.



صفحه 75، 76، 77، 78.





  1. أخرجه البخاري في الادب، والبيهقي والخطيب، وابن عساکر. راجع کنزالعمال 333: 7، الفيض القدير 265 5.
  2. سنن أبي داود 304: 2، سنن البيهقي 222: 10، تاريخ ابن عساکر 284 و 206: 7.
  3. جمع هذه الاحاديث وامثالها الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب 92 -89: 1.
  4. دلائل النبوة لابي نعيم 58: 1. أعلام النبوة للماوردي ص 140. تاريخ الطبري 196: 2. الکامل لابن الاثير 14: 2. عيون الاثر لابن سيدالناس 44: 1. تاريخ ابن کثير 287: 2.الخصائص الکبري 88: 1، السيرة الحلبية 132: 1.
  5. صحيح مسلم 17: 2، سنن أبي داود 81: 2، سنن ابن ماجة 652: 1، سنن النسائي 29 و 19: 7.
  6. صحيح البخاري 245: 9 و 246، صحيح الترمذي 288: 1، سنن ابن ماجة 654: 1 سنن أبي داود 78: 2، سنن النسائي 17: 7، سنن البيهقي 75: 10.
  7. سنن ابن ماجة 654: 1، سنن النسائي 20: 7، صحيح الترمذي کمافي تيسير الوصول 279: 4، سنن البيهقي 80: 10.
  8. سنن ابن ماجة 655: 1، صحيح البخاري 247: 9، سنن ابن داود 79: 2، سنن البيهقي 75: 10.
  9. أخرجه ابن داود کما في تيسير الوصول 281: 4، وأخرجه البيهقي في السنن الکبري 75: 10.
  10. أخرجه النسائي کما في التيسير 281: 4.