الشيطان يخاف ويفر من عمر











الشيطان يخاف ويفر من عمر



1- عن بريدة: جرج رسول الله صلي الله عليه وسلم في بعض مغازيه، لما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت: يارسول الله إني کنت نذرت إن ردک الله صالحا أن أضرب بين يديک بالدف وأتغني، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إن کنت نذرت فاضربي وإلا فلا. فجعلت تضرب فدخل أبوبکر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر فألقت الدف تحت إستها ثم قعدت عليها، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إن الشيطان ليخاف منک ياعمر إني کنت جالسا وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، فلمادخلت أنت ياعمر ألقت الدف.

وفي لفظ أحمد: إن الشيطان ليفرق منک ياعمر.

وعن جابر قال: دخل أبوبکر رضي الله عنه علي رسول الله صلي الله عليه وسلم وکان يضرب بالدف عنده، فقعد ولم يزجر لمارأي من رسول الله صلي الله عليه وسلم، فجاء عمر رضي الله عنه فلما سمع رسول الله صوته کف عن ذلک، فلما خرجا قالت عائشة رضي الله عنها: يارسول الله

[صفحه 65]

کان حلالا فلما دخل عمر صار حراما؟ فقال عليه السلام: ياعائشة ليس کل الناس مرخا عليه.

أخرجه أحمد في مسنده 353: 5، والترمذي في جامعه 203: 2 فقال هذا حديث حسن صحيح غريب، والحکيم الترمذي في نوادر الاصول ص 58 من طريق بريدة وص 138 من حديث جابر، فقال في الموضع الاول: فلا يظن ذو عقل ان عمر في هذا أفضل من أبي بکر، وأبوبکر شبيه رسول الله صلي الله عليه وسلم في ذلک، ولکن رسول الله صلي الله عليه وسلم قد جمع الامرين والدرجتين، فله درجة النبوة لايلحقه أحد، وأبوبکر له درجة الرحمة، وعمر له درجة الحق.

ورواه البيهقي في سننه 77: 10، والخطيب التبريزي في مشکاة المصابيح ص 550، وابن الاثير في اسد الغابة 64: 4، والشو کاني في نيل الاوطار 271: 8.

2- عن عائشة قالت: کان رسول الله صلي الله عليه وسلم جالسا فسمعنا لغطا وصوت صبيان، فقام رسول الله صلي الله عليه وسلم فاذاحبشية تزفن- إي ترقص- والصبيان حولها فقال: ياعائشة تعالي فانظري. فجئت فوضعت لحيي علي منکب رسول الله صلي الله عليه وسلم فجعلت أنظر اليها ما بين المنکب إلي رأسه، فقال لي: أماشبعت؟ أماشبعت فجعلت أقول: لا. لانظر منزلتي عنده، إذ طلع العمر فارفض الناس عنها، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إني لانظر شياطين الجن والانس قد فروا من عمر، قالت: فرجعت.

أخرجه الترمذي في صحيحه 2 ص 294 فقال: هذا حديث حسن صحيح غريب، والبغوي في مصباح السند 271: 2، والخطيب العمري التبريزي في مشکاة المصابيح ص 550، والمحب الطبري في الرياض 208: 2.

3- أخرج أحمد في مسنده 208: 2. من حديث أبي هريرة قال: بينا الحبشة يلعبون عند رسول الله صلي الله عليه وسلم بحرابهم، دخل عمر فأهوي إلي الحصباء يحصبهم بها فقال له النبي صلي الله عليه وسلم دعهم ياعمر.

وأخرج أبوداود الطيالسي في مسنده 204 من حديث عائشة قالت: کانت الحبشة يدخلون المسجد، فجعلوا يلعبون، ورسول الله صلي الله عليه وسلم يستر ني وأناأنظر إليهم جارية حديثة السن، فجاء عمر فنهاهن، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: دعهن ياعمر. ثم قال: هن بنات أرفدة.

[صفحه 66]

4- روي أبونصر الطوسي في اللمع ص 274: إن النبي صلي الله عليه وسلم دخل بيت عائشة رضي الله عنها، فوجد فيه جاريتين تغنيان وتضربان بالدف فلم ينههما عن ذلک وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين غضب: أمزمار الشطان في بيت رسول الله؟ فقال صلي الله عليه وسلم: دعهما ياعمر فان لکل قوم عيد.

قال الاميني: لاحاجة لنا إلي البحث عن إسناد هذه الروايات فان في متونها من الخزاية ما فيه غني عن ذلک. فدع الترمذي يستحسن إسناد مارواه ويصححه، ودع الحفاظ يملاون عياب علمهم بعيوب مثلها، ودع شاعرالنيل يتبع من لا خلاق له من الحفاظ ويعد ها من فضائل عمر، ويقول تحت عنوان «مثال من هيبته»:


في الجاهلية والاسلام هيبته
تثني الخطوب فلا تعدو عواديها


في طي شدته أسرار مرحمة
للعالمين ولکن ليس يفشيها


وبين جنبيه في أوفي صرامته
فؤاد والدة ترعي ذراريها


أغنت عن الصارم المصقول درته
فکم أخافت غوي النفس عاتيها؟


کانت له کعصاموسي لصاحبها
لاينزل البطل مجتازا بواديها


أخاف حتي الذراري في ملاعبها
وراع حتي الغواني في ملاهيها


أريت تلک التي لله قدنذرت
أنشودة لرسول الله تهديها


قالت: نذرت لئن عادالنبي لنا
من غزوة لعلي دفي أغنيها


ويممت حضرة الهادي وقد ملاءت
أنوار طلعته أرجاء واديها


واستأذنت ومشت بالدف واندفعت
تشجي بألحانها ماشاء مشجيها[1] .


والمصطفي وأبوبکر بجانبه
لاينکران عليها ما أغانيها


حتي إذا لاح عن بعد لها عمر
خارت قواها وکاد الخوف يرديها


وخبأت دفها في ثوبها فرقا
منه وودت لو ان الارض تطويها


قدکان علم رسول الله يؤنسها
فجاء بطش أبي حفص يخشيها


فقال مهبط وحي الله مبتسما
وفي ابتسامته معني يواسيها

[صفحه 67]

قد فر شيطانها لما رأي عمرا
إن الشياطين تخشي بأس مخزيها[2] .


لقد عزب عن المساکين ان ما تحروه من اثبات فضيلة للخليفة الثاني يجلب الفضائح إلي ساحة النبوة «تقدست عنها » فأي نبي هذا؟ يروقه النظر إلي الراقصات والاستماع لاهازيجهن وشهود المعازف، ولا يقنعه ذلک کله حتي يطلع عليها حليلته عائشة، والناس ينظرون اليها من کثب، وهو يقول لها: شبعت؟ شبعت؟وهي تقول: لا لعرفان منزلتها عنده ولا تزعه أبهة النبوة عن أن يقف مع الصبيان للتتلع علي مشاهد اللهو شأن الذنابا والاوباش وأهل الخلاعة والمجون،وقد جاءت شريعته المقدسة بتحريم کل ذلک بالکتاب والسنة الشريفة، هذا قوله تعالي: «ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئک لهم عذاب مهين.» سورة لقمان آية 6.

وقد جاء عنه صلي الله عليه وآله، من حديث أبي امامة: لا تبيعوا القينات، ولا تشتروهن ولا تعلموهن ولا خير في تجارة فيهن، وثمنهن حرام، في مثل هذا أنزلت هذه الآية: «ومن الناس من يشتري» الآية.

وفي لفظ الطبري والبغوي: لا يحل تعليم المغنيات ولا بيعهن، وأثمانهن حرام وفي مثل ذالک نزلت هذه الآية.

أخرجه سعيد بن منصور. أحمد. الترمذي. ابن ماجة. ابن جرير. ابن المنذر. ابن حاتم. ابن أبي شيبة. ابن مردويه. الطبراني. البيهقي، ابن أبي الدنيا. وغيرهم. راجع تفسير الطبري 39: 21، تفسير القرطبي 51: 14، نقدالعلم والعلماء لابن الجوزي ص 347، تفسير ابن کثير 442: 3، تفسير الخازن 36: 3، إرشاد الساري 163: 9، الدر المنثور 159: 5، تفسير الشوکاني 228: 4، نيل الاوطار 263: 8، تفسير الآلوسي 68: 21

وأخرج ابن أبي الدنيا وابن مردويه من طريق عائشة مرفوعا: إن الله تعالي حرم القينة وبيعها وثمنها وتعليمها والاستماع اليها، ثم قرأ: ومن الناس من يشتري لهو الحديث.

الدر المنثور 159: 5، تفسير الشوکاني 228: 4، تفسير الآلوسي 68: 21.

[صفحه 68]

وعن ابن مسعود: انه سأل عن قوله: ومن الناس من يشتري لهو الحديث.

قال: هو والله الغناء. وفي لفظ: هو الغناء والله الذي لاإله إلاهو، يرددها ثلاث مرات. وعن جابر في الآية قال: هو الغناء والاستماع له. ومعني يشتري يستبدل کمافي قوله تعالي: أولئک الذين اشتروا الضلالة بالهدي، أي استبدلوه منه واختاروه عليه، وقال مطرف: شراء لهو الحديث استحبابه. وقال قتادة: سماعه شراؤه.

وبالغناء فسر لهو الحديث في الآية الشريفة وانها نزلت فيه: ابن عباس، وعبدالله ابن عمر، وعکرمة، وسعيد بن جبير، ومجاهد، ومکحول، وعمروبن شعيب، وميمون ابن مهران، وقتادة، والنخعي، وعطاء، وعلي بن بذيمة، والحسن، کماأخرجه: ابن أبي شيبة، ابن أبي الدنيا، ابن جرير، ابن المنذر، الحاکم، البيهقي في شعب الايمان، ابن أبي حاتم، ابن مردويه، الفريابي، ابن عساکر.

راجع تفسير الطبري 40 و 39: 21، سنن البيهقي 225 و 223 و 221: 10، مستدرک الحاکم 411: 2، تفسيرالقر طبي 53 و 52 و 51: 14، نقد العلم والعلماء لابن الجوزي ص 246، تفسير ابن کثير 442 و 441: 3، إرشاد الساري للقسطلاني 163: 9، تفسير الخازن 46: 3، تفسير النسفي هامش الخازن 460: 3، تفسير الدر المنثور 160 و 159: 5، تفسير الشوکاني 228: 4، تفسير الآلوسي 67: 21، نيل الاوطار 263: 8.

2- ينذر الله تعالي أمة محمد صلي الله عليه وآله في الکتاب العزيز بقوله: وأنتم سامدون. (سورة النجم: 61) قال عکرمة عن ابن عباس انه قال: هوالغناء بلغة حمير. يقال: سمد لنا. أي غن لنا. ويقال للقينة: اسمدينا. أي: ألهينا بالغناء.

أخرجه سعيد بن منصور، عبد بن حميد، ابن جرير، عبدالرزاق، الفريا بي، أبوعبيد، إبن أبي الدنيا، البزار، إبن المنذر، إبن أبي حاتم، البيهقي.

راجع تفسير الطبري 48: 28، تفسير القرطبي 122: 17، نقد العلم والعلماء لابن الجوزي ص 246، نهاية ابن الاثير 195: 2، الفائق للزمخشري 305: 1، تفسير ابن کثير 260: 4، تفسير الخازن 212: 4، الدر المنثور 132: 6، تاج العروس 138: 2،تفسير الشوکاني 115: 5، تفسير الآلوسي 72: 27، نيل الاوطار 263: 8.

[صفحه 69]

3- وفي خطاب الله العزيز قوله تعالي لابليس: واستفزز من استطعت منهم بصوتک. (سورة الاسراء: 64)

قال ابن عباس ومجاهد: إنه الغناء والمزامير واللهو. کما في تفسير الطبري 15: 81، تفسير القرطبي 288: 10، نقد العلم والعالم لابن الجوزي ص 247، تفسير ابن کثير 49: 3، تفسير الخازن 178: 3، تفسير النسفي 3 ص 178، تفسير ابن جزي الکلبي 175: 2، تفسير الشوکاني 233: 3، تفسير الآلوسي 111: 15.



صفحه 65، 66، 67، 68، 69.





  1. تشجي: تثير الشعور وتشوق.
  2. هذه الابيات من العمرية الشهيرة لشاعر النيل محمد حافظ ابراهيم، وقد مر الايعاز اليها في الجزء السابع ص 87و 86 ط 2.