البلاذري











البلاذري



فتجد البلاذري يذکر حديث إخراج أبي ذر إلي الربذة من عدة طرق بصورة مرت في صفحة 292 ويروي قول أبي ذر لحوشب الفزاري «وأبوذر هو الذي ما أظلت الخضراء. الخ». أخرجت کارها. ثم عقبه باکذوبة سعيد بن المسيب «الذي کان من مناوي العترة الطاهرة وشيعتهم» من إنکار إخراج عثمان إياه، وانه خرج اليها راغبا في سکناها.

ولا يعلم المغفل ان في ذلک تکذيبا لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فيما أخبر أبا ذر بأنه يخرج من المدينة کما مر ص 316 بطرق صحيحة. وتکذيبا لمولانا أميرالمؤمنين عليه السلام حيث قال لعثمان بعد وفاة أبي ذر في المنفي وقد صمم عثمان أن يتبع ذلک بنفي عمار: يا عثمان إتق الله فانک سيرت رجلا صالحا من المسلمين فهلک في تسيير[1] وتکذيبا

[صفحه 325]

لأبي ذر في قوله الآنف فيما رواه البلاذري نفسه من طريق صحيح: ردني عثمان بعد الهجرة أعرابيا.

وتکذيبا لعثمان الذي روي عنه البلاذري أيضا انه لما انهي إليه نعي أبي ذر قال: رحمه الله. فقال عمار: نعم فرحمه الله من کل أنفسنا فقال عثمان: يا عاض أيرأبيه أتراني ندمت علي تسييره «يأتي تمام الحديث في مواقف عمار».

وتکذيبا لما رواه البلاذري ايضا عن کميل بن زياد النخعي في حديث أسلفناه ص 294 وتکذيبا، وتکذيبا.

ولا يعلم المسکين ان تلک الحادثة الفجيعة المتعلقة بعظيم من عظماء الصحابة کأبي ذر وقد کثر حوله الحوار او الاخذ والرد وتوفرت النقمة والنقد حتي عدت من عظائم الحوادث، وسار بحديثها الرکبان، وتذمر لها المؤمنون، وشمت فيها من شمت، و نقم بها علي الخليفة، وکان مما استتبعها: ان ناسا من أهل الکوفة قالوا لابي ذر وهو بالربذة: إن هذا الرجل فعل بک وفعل، هل أنت ناصب لنا رأية؟ يعني نقاتله. فقال: لا، لو أن عثمان سيرني من المشرق إلي المغرب سمعت واطعت.[2] .

وقال ابن بطال کما في عمدة القاري للعيني 291: 4: إنما کتب معاوية يشکو أبا ذر لانه کان کثير الاعتراض عليه والمنازعة له وکان في جيشه ميل الي ابي ذر فأقدمه عثمان خشية الفتنة لانه کان رجلا لا يخاف في الله لومة لائم.

فما کنت يومئذ تمر بحاضرة من الحواضر الاسلامية إلا وتجد توغلا من أهلها في هذا الحديث، وتغلغلا بين ارجائها من جراء ذلک الحادث الجلل.

إن حادثة کمثلها لا تستر بانکار مثل ابن المسيب المنبعث عن الولاء الاموي لکنه شاء ان يقول فقال، ذاهلا عن انه لا يقبل منه ذو مسکة ان يترک مثل أبي ذر دارا هجرته ومهجر شرفه ويعرض عن جوار نبيه ويختار الربذة منزلا له ولاهله مع جدبها وقفرها، ولو کانت له خيرة في الامر، فما تلک المدامع الجارية من لوعة المصاب وغصة الاکتئاب؟ وما تلکم النفثات الملفوظة منه ومن مشيعيه في ذلک الوادي الوعر لما حان التوديع وآن الفرقان بين الاحبة؟.

[صفحه 326]

ومن أمانة البلاذري في النقل: أنه عند سرد قصة أبي ذر ومشايعة مولانا أمير المؤمنين له قال: جري بين علي وعثمان في ذلک کلام. ولم يذکر ما جري لان فيه نيلا من صاحبه.



صفحه 325، 326.





  1. سيوافيک الحديث بتمامه ان شاء الله تعالي.
  2. طبقات ابن سعد 212: 3.