خطبة النبي في فضل الخليفة











خطبة النبي في فضل الخليفة



أخرج البخاري في المناقب باب قول النبي: سدوا الابواب إلا باب أبي بکر ج 242: 5 وباب الهجرة ج 44: 6 من طريق أبي سعيد الخدري قال: خطب رسول الله صلي الله عليه وسلم الناس وقال: إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ماعنده فاختار ذلک العبد ماعندالله قال: فبکي أبوبکر فعجبنا لبکائه أن يخبر رسول الله صلي الله عليه وسلم عن عبد خير فکان رسول الله صلي الله عليه وسلم هو المخير، وکان أبوبکر أعلمنا، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبوبکر، ولو کنت متخذا خليلا غيرربي لاتخذت أبابکر، ولکن اخوة الاسلام ومودته، لايبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بکر

وزاد في لفظ ابن عساکر: فعلمنا أنه مستخلفه. وفي لفظ الرازي في تفسيره 347: 2: مامن الناس أحد أمن علينا في صحبته ولاذات يده من إبن أبي قحافة.

قال الاميني: راجع الجزء الثالث من کتابنا هذا صفحة 176 تا 187 ط 2 تزدد وثوقا بما تضمنته هذه الرواية من أکذوبة حديث الابواب وسدها، ومالابن تيمية هنالک من مکاء وتصدية.

وأما بقية الحديث فمما فيه قول أبي سعيد: وکان أبوبکر أعلمنا. لم يخص هذاالعلم بأبي بکر وإنما تحمله کل من سمعه صلي الله عليه وآله ووعي أقواله في حجة الوداع الذي کان يقول فيها: يوشک أن أدعي فأجيب. إلي مايقارب ذلک مما هو مذکور في الجزء الاول. وهب أن العلم بذلک کان مقصورا علي الخليفة لکنه أي علم هذا يباهي به؟ أهو حل عويصة من الفقه؟ أو بيان مشکلة من الفلسفة؟ أوشرح غوامض من علوم الدين؟ أو کشف مخبأ من أسرار الکون؟ لم يکن في هذاالعلم شئ من ذلک کله وإنما هو علي فرض الصحة تنبه منه إلي أنه صلي الله عليه وآله يريد نفسه، ولعله سمعه قبل ذلک فتذکره عندئذ، وقد أسلفناه في الجزء السابع عند البحث عن أعلمية الرجل بمالا مزيد عليه. فراجع.

[صفحه 34]

وأما قوله: إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبوبکر. فأي من لاي أحد في صحبته. صلي الله عليه واله وسلم وانفاق ماله في دعوته؟ ومن عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها،[1] إن أحسنتم أحسنتم لانفسکم وإن أسأتم فلها،[2] وکانت لرسول الله المنة علي البشر عامة بالدعوة والهداية والتهذيب، وإن صاحبه أحد وناصره فلنفسه نظر ولها نصح، يمنون عليک أن أسلموا قل لاتمنوا علي إسلامکم بل الله يمن عليکم أن هداکم للايمان إن کنتم صادقين،[3] لقد من الله علي المؤمنين إذبعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزکيهم ويعلمهم الکتاب والحکمة وإن کانوا من قبل لفي ضلال مبين.[4] .

علي أن منة المال لابي بکر سالبة بانتفاء الموضوع وسنوقفک علي جلية الحال، وقصة الخلة في ذيل الرواية أوقفناک عليها في الجزء الثالث وانها موضوعة، ويعارضها موضوع آخر أخرجه الحافظ السکري من طريق أبي بن کعب انه قال: إن أحدث الناس عهدي بنبيکم صلي الله عليه وسلم قبل وفاته بخمس ليال دخلت عليه وهو يقلب يديه وهو يقول: إنه لم يکن نبي إلا وقد اتخذ من أمته خليلا وأن خليلي من امتي أبوبکر ابن أبي قحافة، ألا وان الله قد اتخذني خليلا کمااتخذ ابراهيم خليلا[5] .

وموضوع آخر أخرحه الطبراني من طريق أبي امامة إن الله اتخذني خليلا کمااتخذ ابراهيم خليلا وإن خليلي أبوبکر. کنزالعمال 138: 6.

وموضع آخر أخرجه أبونعيم من طريق أبي هريرة: لکل نبي خليل في امته وإن خليلي أبوبکر. کنز العمال: 140.

هکذا تعارض سلسلة الموضوعات بعضها بعضا لجهل کل من واضعيها بماأتي به الآخر.ولکل منته وسعة باعه في نسج الاکاذيب، وماالله بغافل عما يعملون.

وقبل هذه کلها مافي رجال سند الرواة من الآفة لمکان اسماعيل بن عبدالله

[صفحه 35]

أبي عبدالله بن أبي اويس ابن أخت مالک ونسيبه والراوي عنه.

قال ابن أبي خيثمة: صدوق، ضعيف العقل ليس بذاک يعني انه لا يحسن الحديث ولا يعرف أن يؤديه أو يقرأمن غيرکتابه.

وقال معاوية بن صالح: هو وأبوه ضعيفان.

وقال ابن معين: هو وأبوه يسرقان الحديث. وقال ابراهيم بن الجنيد عن يحيي ابن معين: مخلط يکذب ليس بشئ.

وقال النسائي: ضعيف. وقال في موضع آخر: غير ثقة. وقال اللالکائي: بالغ النسائي في الکلام عليه إلي أن يؤدي إلي ترکه، ولعله بان له مالم يبن لغيره لان کلام هؤلاء کلهم يؤل إلي أنه ضعيف.

وقال ابن عدي: روي عن خاله أحاديث غرائب لايتابعه عليها أحد. قال الاميني هذه الرواية التي رواها عن خاله من تلک الغرائب.

وذکره الدولابي في الضعفاء وقال: سمعت النصربن سلمة المروزي يقول: ابن أبي اويس کذاب کان يحدث عن مالک بمسائل ابن وهب.

وقال العقيلي في الضعفاء عن يحيي بن معين انه قال: ابن أبي اويس لايسوي فلسين وقال الدارقطني: لاأختاره في الصحيح.

وذکره الاسماعيلي في المدخل فقال: کان ينسب في الخفة والطيش إلي ما أکره ذکره.

وقال بعضهم: جانبناه للسنة.

وقال ابن حزم في المحلي: قال أبوالفتح الازدي حدثني سيف بن محمد: ان ابن أبي اويس کان يضع الحديث.

وأخرج النسائي من طريق سلمة بن شبيب انه قال: سمعت اسماعيل بن أبي أويس يقول: ربما کنت أضع الحديث لاهل المدينة إذا اختلفوا في شئ فيما بينهم.[6] .

أليس من الجزاف والقول الزور، قول النووي في مقدمة شرح صحيح مسلم: إتفق العلماء رحمهم الله علي أن أصح الکتب بعدالقرآن العزيز الصحيحان: البخاري ومسلم؟.

[صفحه 36]

أکتاب هذا حديثه وهذه ترجمة رجال اسناده وهو أخف مافيه من الطامات يصلح أن يکون أصح الکتب بعد القرآن؟ کبرت کلمة تخرج من أفواههم، ولوکان هذا شأن الاصح المتفق عليه فما قيمة غيره في سوق الاعتبار؟.



صفحه 34، 35، 36.





  1. سورة فصلت: 46.
  2. سورة الاسراء: 7.
  3. سورة الحجرات: 17.
  4. سورة آل عمران: 164.
  5. الرياض النضرة للمحب الطبري 83: 1، ارشاد الساري للقسطلاني 83: 6.
  6. تهذيب التهذيب 312: 1.