الشمس علي العجلة











الشمس علي العجلة



ذکر الشيخ ابراهيم العبيدي المالکي في کتابه «عمدة التحقيق» في بشائر آل الصديق[1] نقلا عن کتاب «العقائق» والصفوري في «نزهة المجالس» 2 ص 184 نقلا عن «عيون المجالس» قالوا:

روي ان النبي صلي الله عليه وسلم قال يوما لعائشة رضي الله عنها: إن الله تعالي لما خلق الشمس خلقها من لؤلؤة بيضاء بقدر الدنيا مائة وأربعين مرة وجعلها علي عجلة، وخلق للعجلة ثمانمائة وستين عروة، وجعل في کل عروة سلسلة من الياقوت الاحمر، وأمر ستين ألفا من الملائکة المقربين أن يجروها بتلک السلاسل مع قوتهم التي إختصهم الله بها، والشمس مثل الفلک علي تلک العجلة وهي تدور في القبة الخضراء، وتجلو جمالها علي أهل الغبراء، وفي کل يوم تقف علي خط الاستواء فوق الکعبة لانها مرکز الارض و تقول: يا ملائکة ربي إني لاستحي من الله عزوجل إذا وصلت إلي محاذاة الکعبة التي هي قبلة المؤمنين أن أجوز عليها، والملائکة تجر الشمس لتعبر علي الکعبة بکل قوتها

[صفحه 238]

فلا تقبل منهم وتعجز الملائکة عنها، فالله تعالي يوحي إلي الملائکة وحي إلهام فينادون: أيها الشمس بحرمة الرجل الذي إسمه منقوش علي وجهک المنير إلا رجعت إلي ما کنت فيه من السير فإذا سمعت ذلک تحرکت بقدرة المالک، فقالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله من هو الرجل الذي إسمه منقوش عليها؟ قال:هو أبوبکر الصديق يا عائشة قبل أن يخلق الله العالم علم بعلمه القديم أنه يخلق الهواء، ويخلق علي الهواء هذه السماء، ويخلق بحرا من الماء، ويخلق عليه عجلة مرکبا للشمس المشرقة علي الدنيا، وإن الشمس تتمرد علي الملائکة إذا وصلت إلي الاستواء، وإن الله تعالي قدر أن يخلق في آخر الزمان نبيا مفضلا علي الانبياء وهو بعلک يا عائشة علي رغم الاعداء، ونقش علي وجه الشمس اسم وزيره أعني أبابکر صديق المصطفي، فاذا أقسمت الملائکة عليها به زالت الشمس، وعادت إلي سيرها، بقدرة المولي، وکذلک إذا مر العاصي من امتي علي نار جهنم وأرادت النار علي المؤمن أن تهجم، فلحرمة محبة الله في قلبه ونقش اسمه علي لسانه ترجع النار إلي ورائها هاربة، ولغيره طالبة.

قال الاميني: إن مما يغمرني في الحيرة أن هذه لعجلة، لم لم يکتشف عنها علماء الهيئة قديما وحديثا، مع توفر أدوات الکشف ومحصلاته لاهل الهيئة الجديدة خاصة؟ وانهم لماذا استقرت آرائهم بعد تقدم العلم واستفحال أمره وکثرة اکتشافاته علي دوران الارض علي الشمس؟

وتعلمنا الرواية عن أن البخار لم يکن مستخدما عند إنشاء تلک العجلة فيمدها الله سبحانه به حتي لا يشعر بارادة مريد، ولا حياء من يستحي، فيمضي بالعجلة ويوصله في أسرع وقت إلي حيث شئ لها قدما، ولکن العجب ان الله سبحانه لم لم يستبدل بالبخار عن الملائکة بعد اکتشافه فيطلق صراح اولئک الآلاف المؤلفة المقيدة بسلاسل بلاء العجلة، ويعتقهم عن مکابدة تمرد الشمس في کل يوم؟ وهناک مسألة لا أدري من المجيب عنها وهي: ان ارادة الله سبحانه الفائقة علي کل قوة جامحة وهي تمسک السماء بغير عمد ترونها، وتسير الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب، صنع الله الذي أتقن کل شئ، لم لم تقم مقام اولئک المسخرين لجر الشمس حتي لا يوقفها تمرد، ولا تحتاج إلي عري وسلاسل، أو الاقسام بمن

[صفحه 239]

کتب اسمه عليها؟ وما الذي أحوج المولي سبحانه في تسيير الشمس إلي هذه الادوات من العجلة والعري والسلاسل، وخلق اولئک الجم الغفير من الملائکة واستخدامهم بالجر الثقيل، وهو الذي إذا أراد شيئا أن يکون يقول له: کن. فيکون؟

ثم إن الشمس هلا کانت تعلم ان إرادة الله سبحانه ماضية عليها بجريها إلي الغاية المقصودة؟ فما هذا التوقف والتمرد؟ والله تعالي أعلم بعظمة الکعبة وشرفها منها وقد جعلها في خطة سيرها. أني للشمس أن تجهل بها؟ وهي هي الشاعرة بخط الاستواء، ومحاذاة الکعبة ووصولها إلي تلک النقطة المقدسة، وهي العارفة بمقامات الصديق، وان اسمه منقوش عليها، وان من واجبها أن تنقاد لا تجمح علي من أقسم به عليها.

ومن عويصات لا تنحل: تجديد الشمس تمردها کل يوم، والشمس تجري لمستقرء لها ذلک تقدير العزيز العليم[2] لا الشمس ينبغي لها أن تدرک القمر ولا الليل وسابق النهار و کل في فلک يسبحون[3] .

وأعوص من ذلک: انشاد الملائکة إياها في کل نهار بتلک الانشودة الضخمة و وحي الله إليهم بها طيلة عمر الدنيا.

هکذا تشوه رواة السوء سمعة السنة الشريفة، وهي مقدسة عن هذه الاوهام الخرافية وان هذه کلها من جراء الغلو الممقوت في الفضائل، ولو کان مختلق هذه المرسلة المقطوعة عن الاسناد يعلم ما ذکرناه من الفضايح المترتبة علي افتعالها لما اقتحم هذا الاقتحام المزري.


صفحه 238، 239.








  1. ص 184 هامش روض الرياحين لليافعي المطبوع بمصر سنة 1315.
  2. سورة يس. آية 38.
  3. سورة يس آية 40.