الثلاثة الوسطي











الثلاثة الوسطي



وأما الثلاثة من هاتيک الامور التسعة التي ندم عليها الخليفة علي ترکها فانها تعرب عن أنه ارتکب ما ارتکب فيها لا عن ترو أو بصيرة في الامر، أو إستناد إلي حکم شرعي، حتي کشف له الخطأ فيها جمعاء، وقد وقعت فيها عظائم،وأعقبتها طامات، و خليفة المسلمين يجب أن لا يرتکب ما يستتبعها، ولا يفعل ما يوجب الندم في مغبته، و قصة الاشعث بن قيس تعرب عن أن ندم الخليفة کان في محله، فأن الرجل بعد ما ارتد

[صفحه 175]

وأتي بمعرات وقاتل المسلمين واخذ واتي به أسيرا إلي الخليفة فقال: ماذا تراني أصنع بک؟ فإنک قد فعلت ما علمت. قال: تمن علي فتفکني من الحديد، وتزوجني اختک، فاني قد راجعت وأسلمت. فقال أبوبکر: قد فعلت فزوجه ام فروة ابنة أبي قحافة، فاخترط سيفه ودخل سوق الابل فجعل لا يري جملا ولا ناقة إلا عرقبه، فصاح الناس: کفر الاشعث. فلما فرغ طرح سيفه وقال: إني والله ما کفرت ولکن زوجني هذا الرجل اخته ولو کنا في بلادنا کانت وليمة غير هذه، وأهل المدينة کلوا، ويا أصحاب الابل تعالوا خذوا شرواها، فکان ذلک اليوم قد شبه بيوم الاضحي وفي ذلک يقول وبرة بن قيس الخزرجي:


لقد أولم الکندي يوم ملاکه
وليمة حمال لثقل الجرائم


لقد سل سيفا کان مذ کان مغمدا
لدي الحرب منها في الطلا والجماجم


فأغمده في کل بکر وسابح
وعير وبغل في الحشا والقوائم


فقل للفتي الکندي يوم لقائه
ذهبت بأسني مجد أولاد آدم


وقال الاصبغ بن حرملة الليثي متسخطا لهذه المصاهرة:


أتيت بکندي قد ارتد وانتهي
إلي غاية من نکث ميثاقه کفرا


فکان ثواب النکث إحياء نفسه
وکان ثواب الکفر تزويجه البکرا


ولو أنه يأبي عليک نکاحها
وتزويجها منه لامهرته مهرا


ولو أنه رام الزيادة مثلها
لانکحته عشرا وأتبعته عشرا


فقل لابي بکر: لقد شنت بعدها
قريشا وأخملت النباهة والذکرا


أما کان في تيم بن مرة واحد
تزوجه؟ لولا أردت به الفخرا؟


ولو کنت لما أن أتاک قتلته
لاحرزتها ذکرا وقدمتها ذخرا


فأضحي يري ما قد فعلت فريضة
عليک فلا حمدا حويت ولا أجرا[1] .


صفحه 175.








  1. تاريخ الطبري 276:3، ثمار القلوب للثعالبي ص 69، الاستيعاب 51:1، الکامل لابن الاثير 160:2، مجمع الامثال للميداني 341:2، الاصابة 51:1 وج 360:3.