حديث عبدالرحمن بن عوف











حديث عبدالرحمن بن عوف



أحد العشرة المبشرة، شيخ الشوري، بدري.

1- أخرج البلاذري عن سعد قال: لما توفي أبوذر بالزبدة تذاکر علي و عبدالرحمن بن عوف فعل عثمان فقال علي: هذا عملک. فقال عبدالرحمن: إذا شئت فخذ سيفک وآخذ سيفي، انه قد خالف ما أعطاني.

2- قال أبوالفدا: لما أحدث عثمان رضي الله عنه ما أحدث من توليته الامصار للاحداث من أقاربه روي انه قيل لعبدالرحمن بن عوف: هذا کله فعلک. فقال: ما کنت أظن هذابه، لکن لله علي أن لا أکلمه ابدا، ومات عبدالرحمن وهو مهاجر لعثمان رضي الله عنهما، ودخل عليه عثمان عائدا في مرضه فتحول إلي الحائط ولم يکلمه.

3- روي البلاذري من طريق عثمان بن الشريد قال: ذکرعثمان عند عبدالرحمن ابن عوف في مرضه الذي مات فيه فقال عبدالرحمن: عاجلوه قبل أن يتمادي في ملکه فبلغ ذلک عثمان فبعث إلي بئر کان يسقي منها نعم عبدالرحمن بن عوف فمنعه إياها فقال عبدالرحمن: اللهم اجعل ماءها غورا. فما وجدت فيها قطرة.

4- عن عبدالله بن ثعلبة قال: إن عبدالرحمن بن عوف کان حلف ألا يکلم عثمان أبدا.

[صفحه 87]

5- عن سعد قال: إن عبدالرحمن أوصي أن لا يصلي عليه عثمان، فصلي عليه الزبير أو سعد بن أبي وقاص، وتوفي سنة اثنتين وثلاثين.

6- قال ابن عبد ربه: لما أحدث عثمان ما أحدث من تأمير الاحداث من أهل بيته علي الجلة من أصحاب محمد قيل لعبد الرحمن: هذا عملک. قال: ما ظننت هذا. ثم مضي ودخل عليه وعاتبه وقال: إنما قدمتک علي أن تسير فينا بسيرة أبي بکر وعمر فخالفتهما وحابيت أهل بيتک وأو طأتهم رقاب المسلمين. فقال: إن عمر کان يقطع قرابته في الله و أنا أصل قرابتي في الله. قال عبدالرحمن: لله علي أن لا أکلمک أبدا. فلم يکلمه أبدا حتي مات وهو مهاجر لعثمان، ودخل له عثمان عائدا له في مرضه فتحول عنه إلي الحائط ولم يکلمه. راجع انساب البلاذري 5:57، العقد الفريد 258:2 و 261 و 272، تاريخ ابي الفداج 166:1.

7- أخرج الطبري من طريق المسور بن المخرمة قال: قدمت إبل من إبل الصدقة علي عثمان فوهبها لبعض بني الحکم فبلغ ذلک عبدالرحمن بن عوف فأرسل إلي المسور بن المخرمة وإلي عبدالرحمن بن الاسود بن عبد يغوث فأخذاها فقسمها عبدالرحمن في الناس وعثمان في الدار.

تاريخ الطبري 113:5، الکامل لابن الاثير 70:3، شرح ابن أبي الحديد 165:1.

8- قال أبوهلال العسکري في کتاب الاوائل: أستجيبت دعوة علي عليه السلام في عثمان وعبدالرحمن فما ماتا إلا متهاجرين متعاديين، أرسل عبدالرحمن إلي عثمان يعاتبه (إلي أن قال): لما بني عثمان قصره طمار الزوراء وصنع طعاما کثيرا ودعا الناس اليه کان فيهم عبدالرحمن فلما نظر إلي البناء والطعام قال: يا ابن عفان! لقد صدقنا عليک ما کنا نکذب فيک، وإني أستعيذ بالله من بيعتک، فغضب عثمان وقال: أخرجه عني يا غلام فأخرجوه وأمرالناس أن لا يجالسوه، فلم يکن يأتيه أحد إلا ابن عباس کان يأتيه فيتعلم منه القرآن والفرائض، ومرض عبدالرحمن فعاده عثمان وکلمه فلم يکلمه حتي ماتشرح ابن أبي الحديد 65:1 و 66.

[صفحه 88]

قول العسکري: أستجيبت دعوة علي. إشارة إلي ما ورد من قوله عليه اليوم الشوري لعبدالرحمن بن عوف: والله ما فعلتها إلا لانک رجوت منه مارجا صاحبکما من صاحبه دق الله بينکما عطر منشم[1] .

ومنشم امرأة عطارة من حمير، وکانت خزاعة وجرهم إذا أرادوا القتال تطيبوا من طيبها، وکانوا إذا فعلوا ذلک کثر القتلي فيما بينهم، فکان يقال: أشأم من عطر منشم فصار مثلا.

وقول عبدالرحمن: لقد صدقنا عليک ما کنا نکذب فيک. ايعاز إلي قول مولانا أميرالمؤمنين يوم الشوري ايضا: أما إني أعلم أنهم سيولون عثمان، وليحدثن البدع و الاحداث، ولئن بقي لاذکرنک، وإن قتل أو مات ليتداولونها بنو أمية بينهم، وإن کنت حيا لتجدني حيث تکرهون[2] .

قال الشيخ محمد عبده في شرح نهج البلاغة 35:1: لما حدث في عهد عثمان ما حدث من قيام الاحداث من أقاربه علي ولاية الامصار، ووجد عليه کبار الصحابة روي إنه قيل لعبدالرحمن: هذا عمل يديک. فقال: ما کنت أظن هذا به ولکن لله علي أن لا أکلمه أبدا، ثم مات عبدالرحمن وهو مهاجر لعثمان، حتي قيل: أن عثمان دخل عليه في مرضه يعوده فتحول إلي الحائط لا يکلمه، والله أعلم والحکم لله يفعل ما يشاء.

وقال ابن قتيبة في المعارف ص 239: کان عثمان بن عفان مهاجرا لعبد الرحمن ابن عوف حتي ماتا.

قال الاميني، لابد أن يسائل هؤلاء عن أشياء فيقال لهم: إن سيرة الشيخين التي بويع عثمان عليها هل کانت تطابق سنة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أوتخالفها؟ وعلي الاول فشرطها مستدرک، ولا شرط للخلافة إلا مطابقة کتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه وآله وسلم ولانقمة علي تارکها إلا بترک السنة لاالسيرة، فذکرها إلي جانب السنة الشريفة کضم اللاحجة إلي الحجة، أو کوضع الحجرإلي جنب الانسان، وعلي الثاني فإن من

[صفحه 89]

الواجب علي کل مسلم مخالفتها بعد فرض إيمانه بالله وبکتابه ورسوله واليوم الآخر، فکان من حق المقام أن ينکروا علي عثمان مخالفة السنة فحسب. ولهذا لم يقبل مولانا أميرالمؤمنين لما ألقي إليه عبدالرحمن أمر البيعة علي الشرط المذکور إلا مطابقة أمره للسنة والاجتهاد فيها[3] .

وليت شعري إنه لما شرط ابن عوف علي عثمان ذلک هل کان يعلم بما قلناه من الموافقة أو المخالفة أولا؟ وعلي فرض علمه يتوجه عليه ما سطرناه علي کل من الفرضين، وعلي تقدير عدم علمه وهو أبعد شئ، يفرض فکيف شرط عليه ما لا يعلم حقيقته، وکيف يناط أمر الدين وزعامته الکبري بحقيقة مجهولة؟ وما الفائدة في إشتراطه؟.

وللباقلاني في التمهيد ص 210 في بيان هذا الشرط وجه نجل عنه ساحة کل متعلم فاهم فضلا عن عالم مثله.

ثم نأتي إلي عثمان فنحاسبه علي قبوله لاول وهلة، هل کل يعلم شيئا مما قدمناه من النسبة بين السنة والسيرة أولا؟ فهلا شرط الامر علي تقدير الموافقة؟ ورفضه علي فرض المخافة؟ وإن کان لا يعلم فکيف قبل شرطا لا يدري ما هو؟ ثم هل کان يعلم يومئذ أنه يطيق علي ذلک أولا؟ أو کان يعلم أنه لا يطيقه؟ وعلي الاخير فکيف قبل مالا يطيقه؟ وعلي الثاني کيف أقدم علي الخطر فيما لا يعلم انه يتسني له أن ينوء به؟ وعلي الاول فلما ذا خالف ما أشترط عليه وقبله ووجدت البيعة عليه؟ وحصل القبول والرضا من الامة به؟ ثم جاء يعتذر لما أخذه ابن عوف بمخالفته إياها بأنه لا يطيق ذلک فقال فيما أخرجه أحمد في مسنده 68:1 من طريق شقيق: وأما قوله: ولم أترک سنة عمر؟ فإني لا أطيقها ولا هو. وذکره ابن کثير في تاريخه 206:7.

وکيفما أجيب عن هذه المسائل فعبرتنا الآن بنظرية عبدالرحمن بن عوف الاخيرة في الخليفة، وهي من أوضح الحقايق لمن استشف ما ذکرناه من قوله له: إني أستعيذ بالله من بيعتک. وقوله لمولانا أميرالمؤمنين عليه السلام: إذا شئت فخذ سيفک وآخذ

[صفحه 90]

سيفي. إلخ. مستحلا قتاله، وقوله: عاجلوه قبل أن يتمادي في ملکه. وقد بالغ في الانکار عليه ورأيه في سقوطه انه لم يره أهلا للصلاة عليه وأوصي بذلک عند وفاته فصلي عليه الزبير، وهجره وحلف أن لا يکلمه أبدا حتي انه حول وجهه إلي الحائط لما جاء عائدا، وإنه کان لا يري لتصرفاته نفوذا ولذلک لما بلغه إعطاه عثمان إبل الصدقة لبعض بني الحکم أرسل إليها المسور بن المخرمة وعبدالرحمن بن الاسود فأخذها فقسمها عبدالرحمن في الناس وعثمان في الدار، ولهذه کلها کان يراه عثمان منافقا و يقذفه بالنفاق کما ذکره ابن حجر في الصواعق ص 68 وأجاب عنه متسالما عليه بأنه کان متوحشا منه لانه کان يجيئه کثيرا. إقرأ واضحک. وذکره الحلبي في السيرة 87:2 فقال: أجاب عنه ابن حجر ولم يذکر الجواب لعلمه بأنه أضحوکة.

ونسائل القوم بصورة أخري مع قطع النظر عن جميع ما قلناه: إن ما أشترط علي عثمان وعقد عليه أمره هل کان واجب الوفاء؟ أو کان لعثمان منتدح عنه بترکه؟ وعلي الاول فما وجه مخالفة الخليفة له؟ ولماذا لم يقبله مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام وهو عيبة علم رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم والعارف بأحکامه وسننه وبصلاح الامة منذ بدء أمرها إلي منصرمه، وهل يخلع الخليفة في صورة المخالفة؟ فلما ذا کان عثمان لا يروقه التنازل عن أمره لما أرادت الصحابة خلعه للمخالفة؟ أوأنه لايخلع؟ فلما ذا تجمهروا عليه فخلعوه وقتلوه؟ وهم أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم العدول کلهم في نظرالقوم، وإن کان لايجب الوفاء به؟ فلماذا لم يبايعو أميرالمؤمنين عليه السلام لما جاء بعدم الالتزام بما لا يجب الوفاءبه؟ وما معني إعتذار عبدالرحمن بن عوف في تقديمه عثمان علي أميرالمؤمنين عليه السلام بأنه قبل متابعة سيرة الشيخين ولم يقبلها علي عليه السلام؟ ولماذا ألزموا عثمان به؟ ولماذا التزم به عثمان؟ ولماذا تمت البيعة عليه؟ ولماذا تجمهروا عليه لما شاهدوا منه المخالفة؟.

وليسئلن يوم القيامة عما کانوا يفترون

فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون

[صفحه 91]



صفحه 87، 88، 89، 90، 91.





  1. شرح ابن ابي الحديد 63:1.
  2. شرح ابن ابي الحديد 64:1.
  3. مسند احمد 75:1، تاريخ الطبري 40:5، تمهيد الباقلاني ص 209، تاريخ ابن کثير 146:7.