حديث عائشة بنت أبي بكر











حديث عائشة بنت أبي بکر



1- قال ابن سعد: لما حصر عثمان کان مروان يقاتل دونه أشد القتال، و أرادت عائشة الحج وعثمان محصور فأتاها مروان وزيد بن ثابت وعبدالرحمن بن عتاب

[صفحه 78]

فقالوا: ياأم المؤمنين لو أقمت فان أميرالمؤمنين علي ما ترين محصور ومقامک مما يدفع الله به عنه. فقالت: قد حلبت ظهري، وعريت غرائري، ولست أقدر علي المقام فأعادوا عليها الکلام فأعادت عليهم مثل ما قالت لهم، فقام مروان وهو يقول:


وحرق قيس علي البلا
د حتي إذا استعرت أجذما


فقالت عائشة: أيها المتمثل علي بالاشعار وددت والله إنک وصاحبک هذا الذي يعنيک أمره في رجل کل واحد منکما رحا وإنکما في البحر، وخرجت إلي مکة

وفي لفظ البلاذري: لما اشتدالامر علي عثمان أمر مروان بن الحکم وعبد الرحمن ابن عتاب بن اسيد فأتيا عائشة وهي تريد الحج فقالا لها: لو أقمت فلعل الله يدفع بک عن هذا الرجل. فقالت: قد قرنت رکابي وأوجبت علي الحج نفسي، ووالله لا أفعل. فنهض مروان وصاحبه ومروان يقول:


وحرق قيس علي البلا
د حتي إذا اضطرمت أجذما


فقالت عائشة: يا مروان! وودت والله انه في غرارة[1] من غرائري هذه وأني طوقت حمله حتي ألقيه في البحر.

2- مر عبدالله بن عباس بعائشة وقد ولاه عثمان الموسم وهي بمنزل من منازل طريقها فقالت: يا ابن عباس؟ إن الله قد آتاک عقلا وفهما وبيانا فإياک أن ترد الناس عن هذا الطاغية. أخرجه البلاذري.

وفي لفظ الطبري: خرج ابن عباس فمر بعائشة في الصلصل[2] فقالت: يا ابن عباس انشدک الله فإنک قد أعطيت لسانا إزغيلا أن تخذل عن هذا الرجل وأن تشکک فيه الناس، فقد بانت لهم بصائرهم وانهجت ورفعت لهم المنار وتجلبوا من البلدان لامر قد جم، وقد رأيت طلحة بن عبدالله قد اتخذ علي بيوت الاموال والخزائن مفاتيح، فإن يل يسير بسيرة ابن عمه أبي بکر رضي الله عنه. قال: قلت: يا أمه لوحدث بالرجل حدث ما فزع الناس إلا إلي صاحبنا. فقالت: أيها عنک إني لست أريد مکابرتک ولا مجادلتک. وحکاه ابن أبي الحديد عن تاريخ الطبري في شرح النهج غير ان فيه:

[صفحه 79]

فقالت يا ابن عباس انشدک الله فإنک قد أعطيت فهما ولسانا عقلا أن لاتخذل الناس عن طلحة فقد بانت لهم بصائر هم في عثمان، واتهجت ورفعت لهم المنابر وتجلبوا من البلدان لامر عظيم قد حم، وان طلحة قد اتخذ رجالا علي بيوت الاموال، وأخذ مفاتيح الخزائن، وأظنه يسير إنشاء الله بسيرة ابن عمه أبي بکر. الحديث.

3- کانت عائشة وأم سلمة حجتا ذلک العام (عام قتل عثمان) وکانت عائشة تؤلب علي عثمان فلما بلغها أمره وهي بمکة أمرت بقبتها فضربت في المسجد الحرام وقالت: إني أري عثمان سيشأم قومه کما شأم أبوسفيان قومه يوم بدر. رواه البلاذري.

4- أخرج عمر بن شبة من طريق عبيد بن عمرو القرشي قال: خرجت عائشة رضي الله عنها وعثمان محصور فقدم عليها مکة رجل يقال له: أخضر، فقالت: ما صنع الناس؟ فقال: قتل عثمان المصريين. قالت: إنا لله وإناإليه راجعون، أيقتل قوما جاؤا يطلبون الحق وينکرون الظلم؟ والله لا نرضي بهذا. ثم قدم آخر فقالت: ما صنع الناس؟ قال: قتل المصريون عثمان، قالت. العجب لاخضر زعم ان المقتول هو القاتل فکان يضرب به المثل: أکذب من أخضر. وأخرجه الطبري.

5- مر في الجزء الثامن صفحة 2 ط 123: أن الشهود علي الوليد بن عقبة بشربه الخمر استجاروا بعائشة وأصبح عثمان فسمع من حجرتها صوتا وکلاما فيه بعض الغلظة فقال: أما تجد مراق أهل العراق وفساقهم ملجأ إلا بيت عائشة. فسمعت فرفعت نعل رسول الله صلي الله عليه وسلم وقالت: ترکت سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم صاحب هذا النعل. ألحديث فراجع.

6- أسلفنا في هذا الجزء صفحة 16 في مواقف عمار: ان عائشة لما بلغها ما صنع عثمان بعمار فغضبت وأخرجت شعرا من رسول الله صلي الله عليه وسلم وثوبا من ثيابه ونعلا من نعاله ثم قالت: ما أسرع ما ترکتم سنة نبيکم وهذا شعره وثوبه ونعله لم يبل بعد؟ فغضب عثمان غضبا شديد حتي ما دري مايقول. ألحديث.

وقال أبوالفدا: کانت عائشة تنکر علي عثمان مع من ينکر عليه وکانت تخرج قميص رسول الله صلي الله عليه وسلم وشعره وتقول: هذا قميصه وشعره لم يبل وقد بلي دينه.

7- وفي کتاب لاميرالمؤمنين عليه السلام کتبه لما قارب البصرة إلي طلحة والزبير و عائشة: وأنت يا عائشة فإنک خرجت من بيتک عاصية لله ولرسوله تطلبين أمرا کان

[صفحه 80]

عنک موضوعا، ثم تزعمين انک تريدين الاصلاح بين المسلمين، فخبريني ما للنساء وقود الجيوش والبروز للرجال، والوقوع بين أهل القبلة وسفک الدماء المحرمة؟ ثم أنک طلبت علي زعمک دم عثمان وما أنت وذاک؟ عثمان رجل من بني أمية وأنت من تيم، ثم بالامس تقولين في ملا من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم: اقتلوا نعثلا قتله الله فقد کفر، ثم تطلبين اليوم بدمه؟ فاتقي الله وارجعي إلي بيتک، واسبلي عليک سترک، والسلام.

8- أخرج الطبري وابن قتيبة: ان غلاما من جهينة أقبل علي محمد بن طلحة (يوم الجمل) وکان محمد رجلا عابدا فقال: أخبرني عن قتلة عثمان فقال: نعم دم عثمان ثلاثة أثلاث: ثلت علي صاحبة الهودج يعني عائشة، وثلث علي صاحب الجمل الاحمر يعني طلحة، وثلث علي علي بن أبي طالب. وضحک الغلام وقال: ألا أراني علي ضلال ولحق بعلي وقال: في ذلک شعرا.


سألت ابن طلحة عن هالک
بجوف المدينة لم يقبر؟


فقال: ثلاثة رهط هم
أماتوا ابن عفان واستعبر


فثلث علي تلک في خدرها
وثلث علي راکب الاحمر


وثلث علي بن أبي طالب
ونحن بدوية قرقر


فقلت: صدقت علي الاولين
وأخطأت في الثالث الازهر


9- أخرج الطبري من طريقين: ان عائشة رضي الله عنها لما انتهت إلي سرف[3] راجعه في طريقها إلي مکة لقيها عبد بن أم کلاب وهو عبد بن أبي سلمة ينسب إلي أمه فقالت له: مهيم؟ قال: قتلوا عثمان رضي الله عنه فمکثوا ثمانيا. قالت: ثم صنعوا ماذا؟ قال: أخذها أهل المدينة بالاجتماع فجازت بهم الامور إلي خير مجاز، اجتمعوا علي علي بن أبي طالب. فقالت: والله ليت إن هذه انطبقت علي هذه إن تم الامر لصاحبک ردوني ردوني. فانصرفت إلي مکة وهي تقول: قتل والله عثمان مظلوما، والله لاطلبن بدمه. فقال لها ابن أم کلاب: ولم؟ فوالله ان أول من أمال حرفه لانت ولقد کنت تقولين: اقتلوا نعثلا فقد کفر[4] قالت: إنهم استتابوه ثم قتلوه، وقد

[صفحه 81]

قلت وقالوا وقولي الاخير خير من قولي الاول. فقال لها ابن أم کلاب[5] .


منک البداء ومنک الغير
ومنک الرياح ومنک المطر


وأنت أمرت بقتل الامام
وقلت لنا: إنه قد کفر


فهبنا أطعناک في قتله
وقاتله عندنا من أمر


ولم يسقط السقف من فوقنا
ولم ينکسف شمسنا والقمر


وقد بايع الناس ذا تدرإ
يزيل الشبا ويقيم الصعر


ويلبس للحرب أثوابها
وما من وفي مثل من قد غدر


فانصرفت إلي مکة فنزلت علي باب المسجد فقصدت للحجر فسترت واجتمع اليها الناس فقالت: يا أيها الناس! إن عثمان رضي الله عنه قتل مظلوما ووالله لاطلبن بدمه

10- قال أبوعمر صاحب الاستيعاب: إن الاحنف بن قيس کان عاقلا حليما ذا دين وذکاء وفصاحة ودهاء، لما قدمت عائشة البصرة أرسلت إلي الاحنف بن قيس فأبي أن يأتيها ثم أرسلت اليه فأتاها فقالت: ويحک يا أحنف! بم تعتذر إلي الله من ترک جهاد قتله أميرالمؤمنين عثمان رضي الله عنه؟ أمن قلة عدد؟ أو أنک لاتطاع في العشيرة؟ قال: يا أم المؤمنين ما کبرت السن ولا طال العهد وإن عهدي بک عام أول تقولين فيه وتنالين فيه. قالت: ويحک يا أحنف! إنهم ماصوه موص الاناء ثم قتلوه. قال: يا أم المؤمنين إني آخذ بأمرک وأنت راضية، وأدعه وأنت ساخطة.

11- أخرج ابن عساکر من طريق أبي مسلم انه قال لاهل الشام وهم ينالون من عائشة في شأن عثمان، يا أهل الشام أضرب لکم مثلکم ومثل امکم هذه: مثلها و مثلکم کمثل العين في الرأس توذي صاحبها ولا يستطيع أن يعاقبها إلا بالذي هو خير لها.

12- قال ابن أبي الحديد: قال کل من صنف في السير والاخبار: إن عائشة کانت من أشد الناس علي عثمان حتي أنها أخرجت ثوبا من ثياب رسول الله صلي الله عليه وآله فنصبته في منزلها وکانت تقول للداخلين اليها: هذا ثوب رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لم يبل و عثمان قد أبلي سنته. قالوا: أول من سمي عثمان نعثلا عائشة، وکانت تقول: اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا.

[صفحه 82]

13- روي المدائني في کتاب الجمل قال: لما قتل عثمان کانت عائشة بمکة وبلغ قتله إليها وهي بشراف فلم تشک في أن طلحة هوصاحب الامر وقالت: بعدا لنعثل وسحقا، ايه ذا الاصبع ايه أبا شبل ايه يا ابن عم لکأني أنظر إلي إصبعه وهو يبايع له، حثوا الابل ودعدعوها. قال: قد کان طلحة حين قتل عثمان أخذ مفاتيح بيت المال وأخذ نجائب کانت لعثمان في داره ثم فسد أمره فدفعها إلي علي بن أبي طالب.

14- قال أبومخنف لوط بن يحيي الازدي في کتابه: إن عائشة لما بلغها قتل عثمان وهي بمکة أقبلت مسرعة وهي تقول: ايه ذاالاصبع لله أبوک، أما انهم وجدوا طلحة لها کفوا، فلما انتهت إلي شراف[6] استقبلها عبيد بن أبي سلمة الليثي فقالت له: ما عندک؟ قال: قتل عثمان. قالت: ثم ماذا؟ قال: ثم حارت بهم الامور إلي خير محار، بايعوا عليا. فقالت: لوددت أن السماء انطبقت علي الارض إن تم هذا، ويحک انظر ماذا تقول. قال: هو ما قلت لک يا أم المؤمنين! فولوت. فقال لها: ما شأنک يا أم المؤمنين؟ والله ما أعرف بين لابتيها أحدا أولي بها منه ولاأحق، ولا أري له نظيرا في جميع حالاته، فلماذا تکرهين ولايته؟ قال: فما ردت عليه جوابا.

وقد روي من طرق مختلفة: ان عائشة لها بلغها قتل عثمان وهي بمکة قالت: أبعده الله، ذلک بما قدمت يداه وما الله بظلام للعبيد.

15- قال: وقد روي قيس بن أبي حازم: انه حج في العام الذي قتل فيه عثمان وکان مع عائشة لما بلغها قتله فتحمل إلي المدينة قال: فسمعها تقول في بعض الطريق ايه ذا الاصبع. وإذا ذکرت عثمان قالت: أبعده الله. حتي أتاها خبر بيعة علي فقالت: لوددت أن هذه وقعت علي هذه. ثم أمرت برد رکائبها إلي مکة فرددت معها ورأيتها في سيرها إلي مکة تخاطب نفسها کأنها تخاطب أحدا: قتلوا ابن عفان مظلوما. فقلت لها: يا أم المؤمنين ألم أسمعک آنفا تقولين أبعده الله؟ وقد رأيتک قبل أشد الناس عليه وأقبحهم فيه قولا، فقالت: لقد کان ذلک ولکني نظرت في أمره فرأيتهم استتابوه حتي إذا ترکوه کالفضة البيضاء أتوه صائما محرما في شهر حرام فقتلوه.

16- قال: وروي من طرق أخري: أنها قالت لما بلغها قتله: أبعده الله قتله ذنبه،

[صفحه 83]

وأقاده الله بعمله، يا معشر قريش لا يسومنکم قتل عثمان کما سام أحمر ثمود قومه، إن احق الناس بهذا الامر ذو الاصبع. فلما جاءت الاخبار ببيعة علي عليه السلام قالت: تعسوا لا يردون الامر في تيم أبدا. کتب طلحة والزبير إلي عائشة وهي بمکة کتبا أن خذلي الناس عن بيعة علي، وأظهري الطلب بدم عثمان. وحملا الکتب مع ابن اختها عبدالله بن الزبير، فلماقرأت الکتب کاشفت وأظهرت الطلب بدم عثمان، وکانت أم سلمة رضي الله عنها بمکة في ذلک العام فلما رأت صنع عائشة قابلتها بنقيض ذلک وأظهرت موالاة علي عليه السلام ونصرته علي مقتضي العداوة المرکوزة في طباع الضرتين.

17- قال أبومحنف: جاءت عائشة إلي أم سلمة تخادعها علي الخروج للطلب بدم عثمان فقالت لها: يا بنت أبي أمية أنت أول مهاجرة من أزواج رسول الله صلي الله عليه وآله وأنت کبيرة أمهات المؤمنين، وکان رسول الله صلي الله عليه وآله يقسم لنا من بيتک، وکان جبريل أکثر ما يکون في منزلک. فقالت أم سلمة: لامر ما قلت هذه المقالة؟ فقالت عائشة: إن عبدالله أخبرني أن القوم استتابوا عثمان فلما تاب قتلوه صائما في شهر حرام، وقد عزمت علي الخروج إلي البصرة ومعي الزبير وطلحه فاخرجي معنا لعل الله أن يصلح هذا الامر علي أيدينا وبنا. قالت: أنا أم سلمة، إنک کنت بالامس تحرضين علي عثمان وتقولين فيه أخبث القول، وما کان إسمه عندک إلا نعثلا، وإنک لتعرفين منزلة علي بن أبي طالب عند رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم. ألحديث[7] .

18- روي ابن عبد ربه عن العتبي قال: قال رجل من بني ليث: لقيت الزبير قادما فقلت: يا أبا عبدالله ما بالک؟ قال: مطلوب مغلوب يغلبني إبني ويطلبني ذنبي، قال: فقدمت المدينة فلقيت سعد بن أبي وقاص فقلت: أبا إسحاق! من قتل عثمان؟ قال: قتله سيف سلته عائشة، وشحذه طلحة، وسمه علي. قلت: فما حال الزبير؟ قال:أشار بيده وصمت بلسانه.

وفي الامامة والسياسة: کتب عمرو بن العاص إلي سعد بن أبي وقاص يسأله عن قتل عثمان ومن قتله ومن تولي کبره، فکتب إليه سعد: إنک سألتني من قتل عثمان، وإني أخبرک إنه قتل بسيف سلته عائشة، وصقله طلحة، وسمه ابن أبي طالب، و

[صفحه 84]

سکت الزبير وأشار بيده، وأمسکنا نحن ولو شئنا دفعنا عنه، ولکن عثمان غير وتغير وأحسن وأساء، فإن کنا أحسنا فقد أحسنا، وإن کنا أسأنا؟ فنستغفر الله، وأخبرک أن الزبير مغلوب بغلبة أهله وبطلبه بذنبه، وطلحة لو يجد أن يشق بطنه من حب الامارة لشقه.

19- وقال ابن عبد ربه: دخل المغيرة بن شعبة علي عائشة فقالت: يا أباعبدالله!لو رأيتني يوم الجمل قد انفذت النصل هودجي حتي وصل بعضها إلي جلدي. قال لها المغيرة: وددت والله إن بعضها کان قتلک. قالت: يرحمک الله ولم تقول هذا؟ قال لعلها تکون کفارة في سعيک علي عثمان. قالت: أما والله لئن قلت ذلک لما علم الله إني أردت قتله، ولکن علم الله إني أردت أن يقاتل فقوتلت، وأردت أن يرمي فرميت، وأردت أن يعصي فعصيت، ولو علم مني أني أردت قتله لقتلت.

20- وروي ابن عبدربه عن أبي سعيد الخدري قال: إن ناسا کانوا عند فسطاط عائشة وأنا معهم بمکة فمربنا عثمان فما بقي أحد من القوم إلا لعنه غيري فکان فيهم رجل من أهل الکوفة فکان عثمان علي الکوفة أجرأ منه علي غيره فقال:يا کوفي أتشتمني؟ فلما قدم المدينة کان يتهدده قال: فقيل له: عليک بطلحة، قال: فانطلق معه حتي دخل علي عثمان فقال عثمان: والله لاجلدنه مائة سوط. قال طلحة: والله لا تجلده مائة إلا أن يکون زانيا. قال: والله لاحرمنه عطاءه. قال: الله يرزقه.

21- قال ابن الاثير والفيروزآبادي وابن منظور والزبيدي: النعثل الشيخ الاحمق ونعثل يهودي کان بالمدينة. قيل شبه به عثمان رضي الله عنه کما في التبصير، ونعثل رجل من أهل مصر کان طويل اللحية، قال أبوعبيد: کان يشبه عثمان، وشاتموا عثمان يسمونه نعثلا، وفي حديث عثمان انه کان يخطب ذات يوم فقام رجل فنال منه فوذأه ابن سلام فاتذأ فقال له رجل: لا يمنعنک مکان ابن سلام أن تسب نعثلا فإنه من شيعته، وکان أعداه عثمان يسمونه نعثلا، وفي حديث عائشة: اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا. تعني عثمان، وکان هذا منها لما غاضبته وذهبت إلي مکة، وفي حياة الحيوان: النعثل کجعفر: الذکر من الضباع وکان أعداء عثمان يسمونه نعثلا.

22- روي البلاذري في الانساب قال: خرجت عائشة رضي الله تعالي عنه باکية

[صفحه 85]

تقول: قتل عثمان رحمه الله. فقال لها عمار بن ياسر: أنت بالامس تحرضين عليه ثم أنت اليوم تبکينه.

راجع طبقات ابن سعد 25:5 ط ليدن، انساب البلاذري 70:5 و 75 و 91، الامامة والسياسة 43:1 و 46 و 57، تاريخ الطبري 140:5 و 166 و 172 و 176، العقد الفريد 267:2 و 272، تاريخ ابن عساکر 319:7، الاستيعاب ترجمة الاحنف صخر بن قيس، تاريخ ابي الفداج 172:1، شرح ابن أبي الحديد 77:2 و 506، تذکرة السبط ص 40 و 38، نهاية ابن الاثير 166:4، اسد الغابة 15:3: الکامل لابن الاثير 87:3، القاموس 59:4، حياة الحيوان 359:2، السيرة الحلبية 314:3، لسان العرب 193:14، تاج العروس 141:8.

قال الاميني: هذه الروايات تعطينا درسا ضافيا بنظرية عائشة في عثمان وإنها لم تکن تري له جدارة تسنم ذلک العرش، وبالغت في ذلک حتي ودت إزالته عن مستوي الوجود. فأحبت له أن يلقي في البحر وبرجله رحي تجره إلي أعماقه، أو أنه يجعل في غرارة من غرائرها وتشد عليه الحبال فيقذف في عباب اليم فيرسب فيه من غير خروج،أو أن يودي به حراب المتجمهرين عليه فتکسح عن الملا معرة أحدوثاته، ولذلک کانت تثير الناس عليه بإخراج شعر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وثوبه ونعله، ولم تبرح تؤلب الملا الديني عليه وتحثهم علي مقته وتخذلهم عن نصرته في حضرها سفرها، وإنها لم تعدل عن تلکم النظرية حتي بعد ما أجهز علي عثمان إلا لماعلمت من إنفلات الامر عن طلحة الذي کانت عائشة تتهالک دون تأميره وتضمر تقديمه منذ کانت ترهج النقع علي عثمان، وتهيج الامة علي قتله، فکانت تروم أن تعيد الامرة تيمية مرة أخري، و لعلها حجت لبث هاتيک الدعاية في طريقها وعندمجتمع الحجيج بمکة، فکان يسمع منها قولها في طلحة: ايه ذاالاصبع! ايه أباشبل! ايه ياابن عم لکأني أنظر إلي اصبعه وهو يبايع له، وقولها: ايه ذاالاصبع! لله أبوک، أماانهم وجدوا طلحة لها کفوا.

وقولها في عثمان: اقتلوا نعثلا قتله الله فقد کفر وقولها لابن عباس: إياک أن ترد الناس عن هذا الطاغية، وقولها بمکة: بعدا لنعثل وسحقا، وقولها لما بلغها قتله: أبعده الله، ذلک ما قدمت يداه وما الله بظلام للعبيد.

[صفحه 86]

لکنها لما علمت أن خلافة الله الکبري عادت علوية واستقرت في مقرها الجدير بها- ولم يکن لها مع أميرالمؤمنين عليه السلام هوي- قلبت عليها ظهر المجن، فطفقت تقول: لوددت ان السماء إنطبقت علي الارض إن تم هذا، وأظهرت الاسف علي قتل عثمان ورجعت إلي مکة بعد ما خرجت منها، ونهضت ثائرة تطلب بدم عثمان لعلها تجلب الامرة إلي طلحة من هذا الطريق، وإلا فما هي من أولياء ذلک الدم، وقد وضع عنها قود العساکر ومباشرة الحروب، لانها امرأة خلقها الله لخدرها، وقد نهيت کبقية نساء النبي صلي الله عليه وآله وسلم خاصة عن التبرج، وقد أنذرها رسول الله صلي الله عليه وآله وحذرها عن خصوص واقعة الجمل، غير أنها اعرضت عن ذلک کله لما ترجح في نظرها من لزوم تأييد أمر طلحة، وتصاممت عن نبح کلاب الحوأب، وقد ذکره لها الصادق الامين عند الانذار والتحذير، ولم تزل يقودها الامل حتي قتل طلحة فألمت بها الخيبة، وغلب أمر الله وهي کارهة.



صفحه 78، 79، 80، 81، 82، 83، 84، 85، 86.





  1. الغرارة بکسر المعجمة: الجوالق.
  2. صلصل بالضم والتکرير: موضع بنواحي المدينة علي سبعة أميال منها.
  3. سرف بالفتح ثم الکسر: موضع علي ستة أميال من مکة.
  4. في لفظ ابن قتيبة: فجر.
  5. في لفظ ابن قتيبة: عذر والله ضعيف، يا ام المؤمنين. ثم ذکر الابيات.
  6. راجع صفحة 236 من الجزء الثامن، وص 80 من هذا الجزء.
  7. فيه فوائد جمة لا تفوت الباحث وعليه به.