عثمان لا يعرف المخلص من النار











عثمان لا يعرف المخلص من النار



أخرج ابن عساکر في تاريخه 58:2 من طريق أحمد بن محمد أبي علي بن مکحول البيروتي قال: مر عمر علي عثمان بن عفان فسلم عليه فلم يرد عليه السلام فجاء عمر إلي أبي بکر الصديق فقال: يا خليفة رسول الله ألا اخبرک بمصيبة نزلت بنا من بعد رسول الله؟ قال: وما هي؟ قال: مررت علي عثمان فسلمت عليه فلم يرد علي السلام. فقال أبوبکر: أو کان ذلک؟ قال: نعم. فأخذ بيده وجاء إلي عثمان فسلما عليه فرد عليهماالسلام. فقال أبوبکر: جاءک عمر فسلم عليک فلم ترد عليه؟ فقال: والله يا خليفة رسول الله ما رأيته. قال: وفي أي شئ کانت فکرتک؟ قال: کنت مفکرا في رسول الله صلي الله عليه وسلم فارقناه ولم نسأله: کيف الخلاص والمخلص من النار؟ فقال أبوبکر: والله لقد سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم فأخبرني فقال عثمان: ففرج عنا قال أبوبکر: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: تمسکوا بالعروة الوثقي قول لا إله إلا الله.

قال الاميني: أکان في أذن الرجل وقر علي عهد النبوة عما کان يتهالک دونه رسول الله صلي الله عليه وآله ويهتف به آناء الليل وأطراف النهار منذ بدء البعثة إلي أن لقي ربه من الاشادة بکلمة التوحيد، وإن الاخلاص بها هو المنقذ الفذ، والسبب الوحيد للنجاة من الهلکة التي من ورائها النار، وان من يسلم وجهه لله وهو محسن فقد استمسک بالعروة الوثقي[1] فمن يکفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسک بالعروة الوثقي[2] والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئک أصحاب الجنة[3] وانه من يشرک بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه

[صفحه 66]

حرم الله عليه الجنة ومأواه النار[4] .

ألم يک يسمع نداءه صلي الله عليه وآله: قولوا لا إله إلا الله تفلحوا[5] .

وقوله: من شهد أن لا إله إلا الله، وان محمدا رسول الله، حرم الله عليه النار.

وقوله: من قال: لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة.

وقوله: ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، صدقا من قلبه إلا حرمه الله علي النار.

وقوله: إني لاعلم کلمة لا يقولها عبد حقا من قلبه فيموت علي ذلک إلا حرم علي النار: لا إله إلا الله. إلي أحاديث کثيرة جمع جملة ضافية منها الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب 164 -160:2.

أو ان الرجل کان يسمع هذه الکلمات الذهبية، لکنه لا يعيرها أذنا واعية فنسيها؟ فإن کان لم يع هذه وهي أساس الدعوة فما الذي وعاه؟ وما الذي تعقله من نبي جاء وذهب ولم يعرف ما هو المخلص من النار؟ ولم يبعث إلا لانتشال أمته منها، وفي يده کتابه الکريم فيه تبيان کل شئ، وأي نبي کان يحسبه عثمان، نبي العظمة؟ وعلي أي أساس علا صروح إسلامه؟ وأي مسلم هذا يدرک أيام دعوة نبيه کلها ثم يدرکه صلي الله عليه وآله الموت ولم يعرف المسکين بعد ما ينجيه من النار؟ نعم: لم يأل نبي الاسلام في تنوير سبل السلام، وإنقاذ البشر من النار، فماذا عليه؟ إن لم تصادفه نفس صاغية إلي تعاليمه فلم تحفظها.



صفحه 66.





  1. سورة لقمان: 22.
  2. سورة البقرة: 256.
  3. سورة البقرة: 82.
  4. سورة المائدة 72.
  5. تاريخ البخاري ج 4 القسم الثاني ص 14.