علم الهدي والمعري











علم الهدي والمعري



قال أبوالحسن العمري في (المجدي) إجتمعت بالشريف المرتضي سنة 425 ببغداد فرأيته فصيح اللسان يتوقد ذکاء، وحضر مجلسه أبوالعلاء المعري ذات يوم فجري ذکر أبي الطيب المتنبي فنقصه الشريف وعاب بعض أشعاره فقال أبوالعلاء لو لم يکن لابي الطيب المتنبي إلا قوله لک يا منازل في القلوب منازل لکفاه فغضب

[صفحه 272]

الشريف وأمر بأبي العلاء فسحب واخرج، فتعجب الحاضرون من ذلک فقال لهم الشريف أعلمتم ما أراد الاعمي؟ إنما أراد قوله


وإذا أتتک مذمتي من ناقص
فهي الشهادة لي بأني کامل


قال الطبرسي في الاحتجاج دخل أبوالعلاء المعري الدهري علي السيد المرتضي قدس الله سره فقال له أيها السيد ما قولک في الکل؟ فقال السيد ما قولک في الجزء؟ فقال ما قولک في الشعري؟ فقال ما قولک في التدوير؟ قال ما قولک في عدم الانتهاء؟ فقال ما قولک في التحيز والناعورة؟ فقال ما قولک في السبع؟ فقال ما قولک في الزايد البري من السبع؟ فقال ما قولک في الاربع فقال ما قولک في الواحد والاثنين؟ فقال ما قولک في المؤثر؟ فقال ما قولک في المؤثرات؟ فقال ما قولک في النحسين؟ فقال ما قولک في السعدين؟ فبهت أبوالعلاء فقال السيد المرتضي رضي الله عنه عند ذلک ألا کل ملحد ملهد وقال أبوالعلاء أخذته من کتاب الله عزوجل يا بني لا تشرک بالله إن الشرک لظلم عظيم وقام وخرج.

فقال السيد رضي الله عنه قد غاب عنا الرجل وبعد هذا لا يرانا فسئل السيد عن شرح هذه الرموز والاشارات فقال سئلني عن الکل وعنده الکل قديم ويشير بذلک إلي عالم سماء العالم الکبير فقال لي ما قولک فيه؟ أراد انه قديم فأجبته عن ذلک وقلت له ما قولک في الجزء؟ لان عندهم الجزء محدث وهو المتولد عن العالم الکبير وهذا الجزء هو العالم الصغير عندهم، وکان مرادي بذلک انه إذا صح ان هذا العالم محدث فذلک الذي أشار إليه إن صح فهو محدث ايضا، لان هذا من جنسه علي زعمه والشئ الواحد والجنس الواحد لا يکون بعضه قديما وبعضه محدثا فسکت لما سمع ما قلته.

وأما الشعري أراد أنها ليست من الکواکب السيارة لانه قديم، فقلت له ما قولک في التدوير؟ أردت ان الفلک في التدوير والدورات فالشعري لا يقدح في ذلک.

وأما عدم الانتهاء أراد بذلک ان العالم لا ينتهي لانه قديم فقلت له قد صح عندي التحيز والتدوير وکلاهما يدلان علي الانتهاء.

[صفحه 273]

وأما السبع أراد بذلک النجوم السيارة التي عندهم ذوات الاحکام ، فقلت له هذا باطل بالزايد البري الذي يحکم فيه بحکم لا يکون ذلک الحکم منوطا بهذه النجوم السيارة التي هي الزهرة، والمشتري، والمريخ، وعطارد، والشمس، و القمر، والزحل.

وأما الاربع أراد بها الطبايع فقلت له ما قولک في الطبيعة الواحدة النارية يتولد منها الدابة بجلدها تمس الايدي ثم تطرح ذلک الجلد علي النار فيحترق الزهومات ويبقي الجلد صحيحا لان الدابة خلقها الله علي طبيعة إلنار النار لا تحترق النار والثلج ايضا يتولد فيه الديدان وهو علي طبيعة واحدة، والماء في البحر علي طبيعتين يتولد عنه السموک والضفادع والحيات والسلاحف وغيرها وعنده لا يحصل الحيوان إلا بالاربع فهذا مناقض لهذا.

وأما المؤثر أراد به الزحل فقلت له ما قولک في المؤثرات أردت بذلک ان المؤثرات کلهن عنده مؤثرات فالمؤثر القديم کيف يکون مؤثرا.

وأما النحسين أراد بهما أنهما من النجوم السيارة إذا اجتمعا يخرج من بينهما سعدا، فقلت له ما قولک في السعد بن إذا اجتمعا خرج من بينهما نحس؟ هذا حکم أبطله الله تعالي ليعلم الناظر أن الاحکام لا تتعلق بالمسخرات لان الشاهد يشهد علي أن العسل والسکر إذا اجتمعا لا يحصل منهما الحنظل والعلقم، والحنظل والعلقم إذا اجتمعا لا يحصل منهما الدبس والسکر، هذا دليل علي بطلان قولهم.

وأما قولي ألاکل الملحد ملهد أردت ان کل مشرک ظالم لان في اللغة ألحد الرجل عن الدين إذا عدل عن الدين، وألهد إذا ظلم فعلم أبوالعلاء ذلک و وأخبرني عن علمه بذلک فقرء يا بني لا تشرک بالله الآية.

وقيل إن المعري لما خرج من العراق سئل عن السيد المرتضي (رض) فقال


ياسائلي عنه لما جئت أسئله
ألا هو الرجل العاري من العار


لو جئته لرأيت الناس في رجل
والدهر في ساعة والارض في دار[1] .

[صفحه 274]



صفحه 272، 273، 274.





  1. بحار الانوار ج 4 ص 587.