غديريات مهيار الديلمي و ما يتبعها











غديريات مهيار الديلمي و ما يتبعها



ألمتوفي 428

(1)


هل بعد مفترق الاظعان مجتمع؟
أم هل زمان بهم قد فات يرتجع؟


تحملوا تسع البيداء رکبهم
ويحمل القلب فيهم فوق ما يسع


مغربين هم والشمس قد ألفوا
ألا تغيب مغيبا حيثما طلعوا؟


شاکين للبين أجفانا وأفئدة
مفجعين به أمثال ما فجعوا


تخطو بهم فاترات في أزمتها
أعناقها تحت إکراه النوي خضع


تشتاق نعمان لا ترضي بروضته
دارا ولو طاب مصطاف ومرتبع


فداء وافين تمشي الوافيات بهم
دمع دم وحشا في إثرهم قطع


ألليل بعدهم کالفجر متصل
ما شاء والنوم مثل الوصل منقطع


ليت الذين أصاخوا يوم صاح بهم
داعي النوي ثوروا صموا کماسمعوا


أو ليت ما أخذ التوديع من جسدي
قضي علي فللتعذيب ما يدع


وعاذل لج أعصيه ويأمرني
فيهم وأهرب منه وهو يتبع


يقول نفسک فاحفظها فإن لها
حقا وإن علاقات الهوي خدع


روح حشاک ببرد اليأس تسل به
ما قيل في الحب إلا أنه طمع


والدهر لونان والدنيا مقلبة
ألآن يعلم قلب کيف يرتدع


هذي قضايا رسول الله مهملة
غدرا وشمل رسول الله منصدع


والناس للعهد ما لاقوا وما قربوا
وللخيانة ما غابوا وما شسعوا


وآله وهم آل الاله وهم
رعاة ذا الدين ضيموا بعده ورعوا

[صفحه 233]

ميثاقه فيهم ملقي وامته
مع من بغاهم وعاداهم له شيع


تضاع بيعته يوم (الغدير) لهم
بعد الرضا وتحاط الروم والبيع


مقسمين بايمان هم جذبوا
بيوعها وبأسياف هم ظبعوا


ما بين ناشر حبل أمس أبرمه
تعد مسنونة من بعده البدع


وبين مقتنص بالمکر يخدعه
عن آجل عاجل حلو فينخدع


وقائل لي علي کان وارثه
بالنص منه فهل أعطوه؟ أم منعوا؟


فقلت کانت هنات لست أذکرها
يجزي بها الله أقواما بما صنعوا


أبلغ رجالا إذا سميتهم عرفوا
لهم وجوه من الشحناء تمتقع


توافقوا وقناة الدين مائلة
فحين قامت تلاحوا فيه واقترعوا


أطاع أولهم في الغدر ثانيهم
وجاء ثالثهم يقفو ويتبع


قفوا علي نظر في الحق نفرضه
والعقل يفصل والمحجوج ينقطع


بأي حکم بنوه يتبعونکم
وفخرکم أنکم صحب له تبع؟


وکيف ضاقت علي الاهلين تربته
وللاجانب من جنبيه مضطجع؟


وفيم صيرتم الاجماع حجتکم
والناس ما اتفقوا طوعا ولا اجتمعوا؟


أمر علي بعيد من مشورته
مستکره فيه و العباس يمتنع


وتدعيه قريش بالقرابة وال
أنصار لا رفع فيه ولا وضع


فأي خلف کخلف کان بينکم
لولا تلفق أخبار وتصطنع؟


واسألهم يوم خم(بعد ما عقدوا
له الولاية لم خانوا ولم خلعوا؟


قول صحيح ونيات بها نغل
لا ينفع السيف صقل تحته طبع[1] .


إنکارهم يا أميرالمؤمنين لها
بعد اعترافهم عار به ادرعوا


ونکثهم بک ميلا عن وصيتهم
شرع لعمرک ثان بعده شرعوا


ترکت أمرا ولو طالبته لدرت
معاطس راغمته کيف تجتدع


صبرت تحفظ أمر الله ما اطرحوا
ذبا عن الدين فاستيقظت إذ هجعوا


ليشرقن بحلو اليوم مر غد
إذا حصدت لهم في الحشر ما زرعوا

[صفحه 234]

جاهدت فيک بقولي يوم تختصم ال
أبطال إذ فات سيفي يوم تمتصع[2] .


إن اللسان لوصال إلي طرق
في القلب لا تهتديها الذبل الشرع


آباي في فارس والدين دينکم
حقا لقد طاب لي اس ومرتبع


45 ما زلت مذيفعت سني ألوذ بکم
حتي محا حقکم شکي وأنتجع


وقد مضت فرطات إن کفلت بکم
فرقت عن صحفي البأس الذي جمعوا


سلمان فيها شفيعي وهو منک إذا ال
آباء عندک في أبنائهم شفعوا


فکن بها منقذا من هول مطلعي
غدا وأنت من الاعراف مطلع


سولت نفسي غرورا إن ضمنت لها
أني بذخر سوي حبيک أنتفع


ما يتبع الشعر

قال الاستاذ أحمد نسيم المصري في التعليق علي قول مهيار


تضاع بيعته يوم (الغدير) لهم
بعد الرضا وتحاط الروم والبيع


ألغدير هو غدير خم بين مکة والمدينة، قيل إن النبي صلي الله عليه واله وسلم خطب الناس عنده فقال من کنت مولاه فعلي مولاه[3] .

قال الاميني ليت شعري هل خفي علي الاستاذ تواتر ذلک الحديث المروي عن مائة صحابي أو أکثر؟ ام حبذته نزعاته الطائفية ان يسدل عليه أغشية الزور والدجل؟ ويموهه علي القاري، ويستر الحقيقة الراهنة بذيل أمانته؟ ويوعز إلي ضعفه بکلمته قيل؟ قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون، والذين آتيناهم الکتاب يعرفونه کما يعرفون أبناءهم.

(2)

وله ديوانه في ج 3 ص 15 يرثي بها أهل البيت عليهم السلام ويذکر البرکة بولائهم فيما صار إليه


في الظباء الغادين أمس غزال
قال عنه ما لا يقول الخيال


طارق يزعم الفراق عتابا
ويرينا أن الملال دلال

[صفحه 235]

لم يزل يخدع البصيرة حتي
سرنا ما يقول وهو محال


لا عدمت الاعلام کم نولتني
من منيع صعب عليه النوال


لم تنغص وعدا بمطل، ولم يو
جب له منة علي الوصال


فلليلي الطويل شکري، ودين ال
عشق أن تکره الليالي الطوال


لمن الظعن غاصبتنا جمالا؟
حبذا ما مشت به الاجمال


کاتفات بيضاء دل عليها
أنها الشمس أنها لا تنال


جمح الشوق بالخليع فأهلا
بحليم له السلو عقال


کنت منه أيام مرتع لذا
تي خصيب وماء عيشي زلال


حيث ضلعي مع الشباب وسمعي
غرض لا تصيبه العذال


يانديمي کنتما فافترقنا
فاسلواني، لکل شئ زوال


لي في الشيب صارف ومن الحز
ن علي آل أحمد إشغال


معشر الرشد والهدي حکم البغ
ي عليهم سفاهة والضلال


ودعاة الله استجابت رجال
لهم ثم بدلوا فاستحالوا


حملوها يوم السقيفة أوزا
را تخف الجبال وهي ثقال


ثم جاءوا من بعدها يستقيلو
ن وهيهات عثرة لا تقال


يا لها سوءة إذا أحمد قا
م غدا بينهم فقال وقالوا


ربع همي عليهم طلل با
ق وتبلي الهموم والاطلال


يا لقوم إذ يقتلون عليا
وهو للمحل[4] فيهم قتال


ويسرون بغضه وهو لا تق
بل إلا بحبه الاعمال


وتحال الاخبار والله يدري
کيف کانت يوم (الغدير) الحال[5] .


ولسبطين تابعيه فمسمو
م عليه ثري البقيع يهال


درسوا قبره ليخفي عن الز و
ار هيهات کيف يخفي الهلال؟


وشهيد بالطف أبکي السماوا
ت وکادت له تزول الجبال

[صفحه 236]

يا غليلي له وقد حرم الماء
ء عليه وهو الشراب الحلال


قطعت وصلة النبي بأن تق
طع من آل بيته الاوصال


لم تنج الکهول سن ولا الشبان
زهد ولا نجا الاطفال


لهف نفسي يا آل طه عليکم
لهفة کسبها جوي وخبال


وقليل لکم ضلوعي تهت
ز مع الوجد أو دموعي تذال


کان هذا کذا وودي لکم حس
ب ومالي في الدين بعد اتصال


وطروسي سود فکيف بي الآ
ن ومنکم بياضها والصقال


حبکم کان فک أسري من الشر
ک وفي منکبي له أغلال


کم تزملت بالمذلة حتي
قمت في ثوب عزکم أختال


برکات لکم محت من فؤادي
ما أمل الضلال عم وخال


ولقد کنت عالما أن إقبا
لي بمدحي عليکم إقبال


(3)

وله من قصيدة يرثي بها أهل البيت عليهم السلام وهي 63 بيتا توجد في ديوانه ج 4 ص 198 مطلعها


لو کنت دانيت المودة قاصيا
رد الحبائب يوم بن فؤاديا


إلي أن قال


وبحي آل محمد إطراؤه
مدحا وميتهم رضاه مراثيا


هذا لهم والقوم لا قومي هم
جنسا وعقر ديارهم لاداريا


إلا المحبة فالکريم بطبعه
يجد الکرام الابعدين أدانيا


يا طالبيين اشتفي من دائه ال
مجد الذي عدم الدواء الشافيا


بالضاربين قبابهم عرض الفلا
عقل الرکائب ذاهبا أوجائيا


شرعوا المحجة للرشاد وأرخصوا
ما کان من ثمن البصائر غالبا


وأما وسيدهم علي قولة
تشجي العدو وتبهج المتواليا


لقد ابتني شرفا لهم لو رامه
زحل بباع کان عنه عاليا

[صفحه 237]

وأفادهم رق الانام بوقفة
في الروع بات بها عليهم واليا


ما استدرک الانکار منهم ساخط
إلا وکان بها هنالک راضيا


أضحوا أصادقه فلما سادهم
حسدوا فأمسوا نادمين أعاديا


فارحم عدوک ما أفادک ظاهرا
نصحا وعالج فيک خلا خافيا


وهب (الغدير) أبوا عليه قوله
بغيا[6] فقل عدوا سواه مساعيا


بدرا واحدا اختها من بعدها
وحنين وقارا بهن فصاليا[7] .


والصخرة الصماء أخفي تحتها
ماءا وغير يديه لم يک ساقيا


وتدبروا خبر اليهود بخيبر
وارضوا بمرحب وهو خصم قاضيا


هل کان ذاک الحصن يرهب هادما؟
أو کان ذاک الباب يفرق داحيا؟


وتفکروا في أمر عمرو[8] أولا
وتفکروا في أمر عمرو[9] ثانيا


أسدان کانا من فرائس سيفه
ولقلما هابا سواه مدانيا


ورجال ضبة عاقدي حجزاتهم
يوم البصيرة من معين[10] تفانيا


ضغموا[11] بناب واحد ولطالما از
دردوا أراقم قبلها وأفاعيا


ولخطب صفين أجل وعندک ال
خبر اليقين إذا سألت معاويا


ما يتبع الشعر

قال الاستاذ أحمد نسيم المصري في شرح قوله


وهب الغدير أبوا عليه قبوله
نهيا فقل عدوا سواه مساعيا


ألنهي الغدير أو شبهه وللامام علي وقعة تسمي بوقعة غدير خم و

[صفحه 238]

الشاعر يشير إليها قال الاميني ليت الاستاذ بعد شرحه (النهي) وجعله بدلا عن (البغي ) الموجود في مخطوط ديوانه يعرب عن معناه الحالي أو المفعولي، ويعرف أن مثله لا يصلح من مثل مهيار المتضلع الفحل، وکأنه يري رأي شاکلته إبراهيم ملحم أسود في قوله يوم الغدير واقعة حرب معروفة[12] فليته دلنا علي تلک الوقعة المسماة بوقعة الغدير (وذکر شطرا من تاريخها، يريدون أن يبدلوا کلام الله، و ارتابت قلوبهم في ريبهم يترددون.



صفحه 233، 234، 235، 236، 237، 238.





  1. النغل الضغن وسوء النية الطبع الصدأ.
  2. تمتصع تقاتل بالسيف.
  3. ديوان مهيار ج 2 ص 182.
  4. المحل الجدب.
  5. کذا في ديوانه المخطوط وفي المطبوع تحال.
  6. کذا في ديوانه المخطوط وفي المطبوع منه نهيا.
  7. وقارا شادا بلجام الدابة لتسکن يشير إلي ان امير المؤمنين کان آخذا بلجام بغلة رسول الله صلي الله عليه وآله خوفا من اجفالها.
  8. يعني عمرو بن ود الذي قتله امير المؤمنين يوم الخندق.
  9. يعني عمرو بن العاص المترجم في کتابنا ج 2 ص 120176.
  10. معين اسم مدينة باليمن أو هو حصن بها.
  11. ضغم الشي عضه بملاء فمه يقال ضغمه ضغمة الاسد.
  12. قد أسلفنا الکلام فيه في الجزء الثاني ص 331.