ترجمة أبوالرقعمق الانطاکي
أستغفر الله من عقل نطقت به لا والذي دون هذا الخلق صيرني والبيتان من قصيدة له سجل بها ليل (تنيس[1] ) وهي مدينة مصرية کان بها في بعض العهود خمسمائة صاحب محبرة يکتبون الحديث ومطلع القصيدة ليلي بتنيس ليل الخائف العاني وينم عن توغله في المجون قوله من قصيدة کفي ملامک ياذات الملامات کأنني وجنود الصقع تتبعني قسيس دير تلا مزماره سحرا وقد مجنت وعلمت المجون فما وذاک إني رأيت العقل مطرحا وقوله من قصيدة [صفحه 113] ففي ما شئت من حمق ومن هوس کم رام إدراکه قوم فأعجزهم لاشکرن حماقاتي لان بها ولست أبغي بها خلا ولا بدلا لا عيب في سوي أني إذا طربوا وقوله من قصيدة فاسمعن مني ودعني وصغير وکبير قد ربحنا بالحما فرعي الله ويبقي ما له في الحمق والخف فمتي اذکر قالوا شيخنا شيخ ولکن وأکثر شعره جيد علي اسلوب صريع الدلاء والقصار البصري کما قاله إبن خلکان،ويستشهد بشعره في الادب کما في باب المشاکلة[2] من التلخيص وساير کتب البيان وقد استشهد عليها بقوله قالوا اقترح شيئا نجد لک طبخه قال السيد العباسي في (معاهد التنصيص) 1 ص 225 هو قول أبي الرقعمق يروي انه قال کان لي إخوان أربعة وکنت انادمهم أيام الاستاذ کافور الاخشيدي فجاءني رسولهم في يوم بارد وليست لي کسوة تحصنني من البرد فقال إخوانک يقرأون عليک السلام ويقولون لک قد اصطبحنا اليوم وذبحنا شاة سمينة فاشته علينا ما نطبخ لک منها قال فکتبت إليهم إخواننا قصد والصبوح بسحرة قالوا اقترح شيئا نجد لک طبخه [صفحه 114] قال فذهب الرسول بالرقعة فما شعرت حتي عاد ومعه أربع خلع وأربع صرر في کل صرة عشرة دنانير فلبست إحدي الخلع وسرت إليهم. ترجمه الثعالبي في (يتيمة الدهر) 1 ص 296 و 269 وذکر من شعره أربعمائة وأربعة وتسعين بيتا وقال نادرة الزمان، وجملة الاحسان، وممن تصرف بالشعر الجزل في أنواع الجد والهزل، وأحرز قصب الفضل، وهو أحد المداح المجيدين والفضلاء المحسنين وهو بالشام کابن الحجاج بالعراق ولعل کونه کابن الحجاج (السابق ذکره) ينم عن تشيعه فإن ذلک أظهر أوصاف إبن الحجاج وأجل ما يؤثر عنه، فقد عرفه من عرفه بولائه الصلب لاهل بيت الوحي عليهم السلام والتجهم أمام أضدادهم والوقيعة فيهم، فقاعدة التشبيه تستدعي أن يکون شاعرنا المترجم مثله أو قريبا منه، علي أن صاحب (نسمة السحر) عده ممن تشيع وشعر وعقد له ترجمة ضيافة الذيول. نعم ويشبه إبن الحجاج في تغلب المجون علي شعره؛ ولا يبعد جدا أن يکون هذا مرمي کلام الثعالبي، ومن شعره قصيدة في ممدوح[3] له علوي منها قوله وعجيب والحسين له إن شربي عنده رنق وله الورد المعاذ به وهو الغيث الملث إذا والي الرسي ملجأنا سيد شادت علاه له وله بيت تمد له حسبه بالمصطفي شرفا رتبة في العز شامخة [صفحه 115] ذاک فخر ليس تنکره ولانتم من بفضلهم وإليکم کل منقبة وبکم في کل معرکة وبکم في کل عارفة وإذا سمر القنا اشتجرت وله من قصيدة أولها باح وجدا بهواه مغرم أغري به السق کاد يخفيه نحول ال لو ضنا يخفي عن ال ومنها قوله حبذا الرسي مولي جعل الله أعادي فلقد أيقن بالثر من رقي حتي تناهي فاق أن يبلغ في ال ملک مذکان بال بحر جود ليس يدري لم يضع من کان إب لا ولا يفرق من من به استکفي أذي ال کيف لا أمدح من لم ومن غرر محاسنه قوله يمدح من قصيدة أولها قد سمعنا مقاله واعتذاره [صفحه 116] والمعاني لمن عييت ولکن من مراد به أنه أبد الده عالم أنه عذاب من الل هتک الله سترة فلکم هت سحرتني ألحاظه وکذا ک ما علي مؤثر التباعد والا وعلي أنني وإن کان قدعذ لم أزل لاعدمته من حبيب يقول في مدحها لم يدع للعزيز في سائر الار فلهذا اجتباه دون سوا لم تشيد له الوزارة مجدا بل کساها وقد تخرمها الد ه کل يوم له علي نوب الده ذو يد شأنها الفرار من السبخ د هي فلت عن العزيز عداه هکذا کل فاضل يده تم فاستجره فليس يأمن إلا فإذا ما رأيته مطرقا يع لم يدع بالذکاء والذهن شيئا لا ولا موضعا من الارض إلا زاده الله بسطة وکفاه وذکر النويري من شعره في (نهاية الارب) في الجزء الثالث ص 190 قوله لو نيل بالمجد في العلياء منزلة يرمي الخطوب برأي يستضاء به [صفحه 117] فليس تلقاه إلا عند عارفه ترجمه إبن خلکان في تاريخه 1 ص 42 وقال بعد الثناء عليه وقل کلام الثعالبي المذکور وذکر أبيات من شعره وذکره الامير المختار المسيحي في تاريخ مصر وقال توفي سنة تسع وتسعين وثلثمائة، وزاد غيره في يوم الجمعة لثمان بقين من شهر رمضان، وقيل في شهر ربيع الآخر، وأظنه توفي بمصر. و ترجمه اليافعي وأرخ وفاته کما ذکر في (مرآة الجنان) 2 ص 452، وابن العماد الحنبلي في (الشذرات) 3 ص 155، والسيد العباسي في (معاهد التنصيص) 1 ص 226،والزرکلي في (الاعلام) 1 ص 74، وصاحب (تاريخ آداب اللغة) 2 ص 264 [صفحه 118]
أبوحامد أحمد بن محمد الانطاکي نزيل مصر المعروف بأبي الرقعمق، أحد الشعراء المشاهير المتصرفين في فنون الشعر، وله شوطه البعيد في أساليب البيان غير انه ربما خلط الجد بالهزل، نشأ بالشام ثم رحل إلي مصر وأخذ فيها شهرة طائلة و مکانة من الادب عظيمة، ومدح ملوکها وزعمائها ورؤسائها وممن مدح المعز أبو تميم معد بن المنصور بن القائم بن المهدي عبيد الله، وإبنه زفر عزيز مصر، والحاکم إبن العزيز، وجوهر القائد، والوزير أبوالفرج يعقوب بن کلس ونظرائهم، وصادف فيها جماعة من أهل الهزل والمجون فأوغل فيهما کل الايغال حتي نبز بأبي الرقعمق، وقد يقال إنه هو الذي سمي نفسه بذلک، وقد أعلن في شعره إنه حليف الرقاعة بقوله
مالي وللعقل ليس العقل من شاني
أحدوثة وبحب الحمق أغراني
تفني الليالي وليلي ليس بالفاني
فما اريد بديلا بالرقاعات
وقد تلوت مزامير الرطانات
علي القسوس بترجيع ورنات
ادعي بشئ سوي رب المجانات
فجئت أهل زماني بالحماقات
قليله لکثير الحمق إکسير
وکيف يدرک ما فيه قناطير؟
لواء حمقي في الآفاق منشور
هيهات غيري بترک الحمق معذور
وقد حضرت يري في الرأس تفجير
من کثير وقليل
ودقيق وجليل
قات علي أهل العقول
کل ذي عقل قليل
ة مثلي من عديل
شيخنا طبل الطبول
ليس بالشيخ النبيل
قلت اطبخوا لي جبة وقميصا
فأتي رسولهم إلي خصوصا
قلت اطبخوا لي جبة وقميصا
راحة بالجود تنسکب
ولديه مربعي جدب
والجناب الممرع الخصب
أعوزتنا درها السحب
من صروف الدهر والهرب
في العلا آباؤه النجب
فوق مجري الانجم الطنب
وعلي حين ينتسب
قصرت عن نيلها الرتب
لکم عجم ولا عرب
جاءت الاخبار والکتب
في الوري تعزي وتنتسب
تفخر الهندية القضب
ترفع الاستار والحجب
فبکم تستکشف الکرب
حين لم يعط مناه
م فما يرجي شفاه
جسم حتي لا تراه
عين لاخفاه ضناه
رضي الناس ولاه
ه من السوء فداه
وة من حل ذراه
في المعالي مرتقاه
سؤدد والمجد مداه
سطوة ممنوع حماه
أين منه منتهاه
راهيم في الناس رجاه
صرف زمان إن عراه
أيام والدهر کفاه
يخل خلق من نداه
وأقلناه ذنبه وعثاره
بک عرضت فاسمعي يا جاره
ر تراه محللا أزراه
ه مباح لاعين النظاره
ک من ذي تستر أستاره
ل مليح لحاظه سحاره
عراض لو آثر الرضي والزياره
ب بالهجر مؤثرا ايثاره
أشتهي قربه وآبي نفاره
ض عدوا إلا وأخمد ناره
ه واصطفاه لنفسه واختاره
لا ولا قيل رفعت مقداره
ر جلالا وبهجة ونضاره
روکر الخطوب بالبذل غاره
ل وفي حومة الوغي کراره
بالعطايا وکثرت أنصاره
سي وتضحي نفاعة ضراره
من تقيا بظله واستجاره
مل فيما يريده أفکاره
في ضمير الغيوب إلا أناره
کان بالرأي مدرکا أقطاره
خوفه من زمانه وحذاره
لنال بالمجد أعناق السماوات
إذا دجا الرأي من أهل البصيرات
أو واقفا في صدور السمهريات[4] .
صفحه 113، 114، 115، 116، 117، 118.