ترجمة ألجوهري الجرجاني
[صفحه 83] جذع يبن علي المذاکي القرح[1] . وکان الصاحب يعجب به أشد الاعجاب، ويروقه مستحسن شعره المجانس لحس روائه، ومناسبة روحه وشمائله خفة وظرفا، وقد اصطنعه لنفسه واختاره للسفارة بينه وبين العمال والامراء فکان يمثله في رسالاته أحسن تمثيل، فيملا العيون جمالا، والقلوب کمالا، وقد أطراه أبلغ إطراء فيما کتبه إلي أبي العباس الضبي (أحد شعراء الغدير) بإصبهان واستحثه علي إکرامه وجلب مراضيه والکتاب مذکور في (اليتيمة) ج 4 ص 26 وها نحن نأخذ منه لبابه قال فإن يقل مولاي من ذا الذي هذا خطبه وهذه خطته؟ أقل من فضله برهان حق، وشعره لسان صدق، و من أطبق أهل جلدته علي أنه معجزة بلدته، فلا يعد لجرجان بعيدا ولا قريبا، أو لاختها طبرستان قديما ولا حديثا مثله، ومن أخذ برقاب النظم أخذه، وملک رق القوافي ملکه، ذاک علي اقتبال شبابه وريعان عمره، وقبل أن تحدثه الآداب، وقبل جري المذکيات غلابأبوالحسن الجوهريأيده الله، وبناؤه منذ حين وخصوصه بي کالصبح المبين، إلا أن لمشاهدة الحاضر ومعاينة الناظر، مزية لا يستقصيها الخبر، وإن امتد نفسه وطال عنانه ومرسه، وقد ألف إلي هذه الفضيلة التي فرع بينها، وأوفي علي ذوي التجربة والتقدمة فيها نفاذا في أدب الخدمة، ومعرفة بحق الندام والعشرة، و قبولا يملا به مجلس الحفلة، إنصاتا للمتبوع إلا إذا وجب القول، وإعظاما للمخدوم إلا إذا خرج الامر، وظرفا يشحن مجلس الخلوة، وحديثا يسکت به العناد، ويطاول البلابل، فإن اتفق أن يفسح له الفارسية نظما ونثرا طفح آذيه، وسال آتيه، فألسنة أهل مصره إلا الافراد بروق إذا وطئوا أعقاب العجم، وقيود إذا تعاطوا لغات العرب، حتي أن الاديب منهم المقدم والعليم المسوم يتلعثم إذا حاضر بمنطقه کأنه لم يدر من عدنان، ولم يسمع من قحطان، ومن فضول أخينا أو فضله انه يدعي الکتابة، ويدارس البلاغة، ويمارس الانشاء، ويهذي فيه ما شاء، وکنت أخرجته إلي ناصر الدولة أبي [صفحه 84] الحسن محمد بن إبراهيم فوفق التوفيق کله صيانة لنفسه، وأمانة في ودائع لسانه و يده، واظهارا لنسک لم أعهده في مسکه، حتي خرج وسلم علي نقده، وان نقده لشديد لمثله، ومولاي يجريه بحضرته مجراه بحضرتي، فطعامه ومنامه وقعوده وقيامه إما بين يدي، أو بأقرب المجالس لدي، ولا يقولن هذا أديب وشاعر، أو وافد و زائر، بل يحسبه قد تخفف بين يديه أعواما واحقابا، وقضي في التصرف لديه صبا و شبابا، وهذا إنما يحتاج إلي وسيط وشفيع ما لم ينشر بزه، ولم يظهر طرزه، و إلا فسيکون بعد شفيع من سواه، ووسيط من عداه، فهناک يحمد الله درقه وحدقه، و وجنة مطرفة، وما أکثر ما يفاخرنا بمناظر جرجان وصحاريها ورفارفها وحواشيها فليملا مولاي عينه من منتزهات إصبهان، فعسي طماحه أن يخف وجماحه أن يقل. والثعالبي لم يئل جهدا في الثناء عليه وقال عهدي به وقد ورد نيسابور رسولا إلي الامير أبي الحسن في سنة سبع وسبعين وثلثمائة، وذکر نبذا راقية من شعره في مجلدات (اليتيمة)، وترجمه صاحب (رياض العلماء) ووصف فضله وشعره، ومن قوله، في رثاء الامام السبط الشهيد عليه السلام وجدي بکوفان ما وجدي بکوفان أرض إذا نفخت ريح العراق بها ومن قتيل بأعلي کربلاء علي جه وذي صفائح يستسقي البقيع به هذا قسيم رسول الله من ادم وذاک سبطا رسول الله جدهما واخجلتا من أبيهم يوم يشهدهم يقول يا امة حف الضلال بها ماذا جنيت عليکم إذ أتيتکم ألم أجرکم وأنتم في ضلالتکم ألم اؤلف قلوبا منکم فرقا أما ترکت کتاب الله بينکم [صفحه 85] ألم أکن فيکم غوثا لمضطهد؟ قتلتموا ولدي صبرا علي ضمأ سبيتم ثکلتکم أمهاتکم مزقتم ونکثتم عهد والدهم يا رب خذلي منهم إذهم ظلموا ماذا تجيبون والزهراء خصمکم أهل الکساء صلاة الله ما نزلت أنتم نجوم بني حوا ما طلعت مازلت منکم علي شوق يهيجني حتي أتيتک والتوحيد راحلتي هذي حقايق لفظ کلما برقت هي الحلي لبني طه وعترتهم هي الجواهر جاء (الجوهري) بها وله قصيدة يرثي بها الامام الشهيد قتيل الطف عليه السلام في يوم عاشوراء ذکرها له الخوارزمي في مقتله، وإبن شهر اشوب في مناقبه، والعلامة المجلسي في المجلد العاشر من البحار يا أهل عاشور يالهفي علي الدين أليوم شقق جيب الدين وانتهبت أليوم قام بأعلي الطف نادبهم أليوم خضب جيب المصطفي بدم أليوم خر نجوم الفخر من مضر أليوم اطفي نور الله متقدا أليوم هتک أسباب الهدي مزقا أليوم زعزع قدس من جوانبه أليوم نال بنو حرب طوايلها [صفحه 86] أليوم جدل سبط المصطفي شرقا زادوا عليه بحسب الماء غلته نالوا أزمة دنياهم ببغيهم حتي يصيح بقنسرين[2] راهبها تهزون برأس بات منتصبا آمنت ويحکم بالله مهتديا فجدلوه صريعا فوق جبهته وأوقروا صهوات الخيل من إحن مصعدين علي أقتاب أرحلهم أطفال فاطمة الزهراء قد فطموا يا امة ولي الشيطان رايتها ما المرتضي وبنوه من معاوية آل الرسول عباديد السيوف فم ياعين لا تدعي شيئا لغادية قومي علي جدث بالطف فانتقضي ياآل أحمد إن (الجوهري) لکم وذکر له الثعالبي کثيرا من شعره في (اليتيمة) 4 ص 2941 ومما ذکر له من قصيدة في شريف حسني قوله لا عتب إن بذلت عيني بما أجد لو أن لي جسدا يقوي لطفت به تبعتهم بذماء کان يمسکه ياليلة غمضت عني کواکبها أهوي الصباح ومالي فيه منتصف لو أن لي أمدا في الشوق أبلغه [صفحه 87] بکيت بعد دموعي في الهوي جلدي تذوب نار فؤادي في الهوي بردا قالوا ألفت رباجي[3] فقلت لهم أندي محاسن جي انه بلد إذا استحب بلاد للمعاش بها وللمکارم قوم لا خفاء بهم لله معشر صدق کلما تليت ذرية أبهرت طه بجدهم وإن تصنع شعر في ذوي کرم أصبت فيک رشاري غير مجتهد بسطت عرض فناء الدهر مکرمة توفي المترجم بجرجان بعد سنة 377 وقبل سنة 385 فقد بعثه الصاحب بن عباد رسولا إلي الامير أبي الحسن ناصر الدولة سنة 377 ووجهه بعدها إلي أبي العباس الضبي إلي إصفهان، ولما انقلب من إصبهان إلي جرجان لم تطل به الايام حتي أصبح مقبورا کما ذکره الثعالبي، فوفاة المترجم في حياة الصاحب المتوفي 385 تستدعي وقوعها بين التاريخين حدود 380. [صفحه 88]
أبوالحسن علي بن أحمد الجرجاني ويعرف بالجوهري کما ذکر ذلک في غير مورد من شعره، مقياس من مقاييس الادب، وأحد أعضاد العربية، ومن المفلقين في صاغة القريض، کان من صنائع الوزير الصاحب ابن عباد وندمائه وشعرائه، تعاطي صناعة الشعر في ريعان من عمره واوليات أمره، وکان يرمي إلي المغازي البعيدة بلفظ قريب، وترتيب سهل، وکان في إعطاء المحاسن إياه زمامها کما قيل
تهمي عليه ضلوعي قبل أجفاني
أتت بشاشتها أقصي خراسان
د الصدي فتراه غير صديان
ري الجوانح من روح ورضوان
قدا معا مثل ما قد الشراکان
وجه الهدي وهما في الوجه عينان
مضرجين نشاوي من دم قان
واستبدلت للعمي کفرا بايمان
بخير ما جاء من آي وفرقان؟
علي شفا حفرة من حر نيران؟
مثارة بين أحقاد وأضغان؟
وآية العز في جمع وقرآن؟
ألم أکن فيکم ماء لظمان؟
هذا وترجون عند الحوض إحساني
بني البتول وهم لحمي وجثماني
وقد قطعتم بذاک النکث أقراني
کرام رهطي وراموا هدم بنياني
والحاکم الله للمظلوم والجاني؟
عليکم الدهر من مثني ووحدان
شمس النهار وما لاح السما کان
والدهر يأمرني فيه ينهاني
والعدل زادي وتقوي الله امکاني
ردت بلالئها أبصار عميان
هي الردي لبني حرب ومروان
محبة لکم من أرض جرجان
خذوا حدادکم ياآل ياسين
بنات أحمد نهب الروم والصين
يقول من ليتيم أو لمسکين؟
أمسي عبير نحور الحور والعين
علي مناخر تذليل وتوهين
وجر رت لهم التقوي علي الطين
وبرقعت غرة الاسلام بالهون
وطاح بالخيل ساحات الميادين
مما صلوه ببدر ثم صفين
من نفسه بنجيع غير مسنون
تبا لرأي فريق منه مغبون
فليتهم سمحوا منها بماعون
يا فرقة الغي ياحزب الشياطين
علي القناة بدين الله يوصيني؟
وبالنبي وحب المرتضي ديني
وقسموه بأطراف السکاکين
علي اساراهم فعل الفراعين
محمولة بين مضروب ومطعون
من الثدي بأنياب الثعابين
ومکن الغي منها کل تمکين
ولا الفواطم من هند وميسون
ن هام علي وجهه خوفا و مسجون
تهمي ولا تدعي دمعا لمحزون
بکل لؤلؤ دمع فيک مکنون
سيف يقطع عنکم کل موصون
فقد بکي لي عوادي لما عهدوا
علي العزاء ولکن ليس لي جسد
تعلل بخيال کلما بعدوا
ترفقي بجفون غمضها رمد
من الظلام ولکن طالما أجد
صبرت عنک ولکن ليس لي أمد
وهل سمعت ببال دمعه جلد؟
وهل سمعت بنار ذوبها برد؟
ألحب أهل وإدراک المني ولد
طلق النهار ولکن ليله نکد
فحيثما نعمت حالي به بلد
هم يعرفون بسيماهم إذا شهدوا
علي الوري سورة من مجدهم سجدوا
وهل أتي بأبيهم حين تنتقد؟
يابن النبي فشعري فيک مقتصد
وليس کل مصيب فيک مجتهد
طرائق الحمد في حافاتها قدد
صفحه 83، 84، 85، 86، 87، 88.