وفاة الصاحب به عباد
قال الثعالبي في (اليتيمة) لما کني المنجمون عما يعرض عليه له في سنة موته قال الصاحب يا مالک الارواح والاجسام مدبر الضياء والظلام ولا أخاف الضر من بهرام والعلم عند الملک العلام ووقني حوادث الايام [صفحه 75] هبني لحب المصطفي المعتام ورثي الصاحب بقصايد کثيرة منها نونية أبي منصور أحمد بن محمد اللجيمي منها[2][3] . مضي من إذا ما أعوز العلم والندي مضي من إذا أفکرت في الخلق کلهم ثوي الجود والکافي معا في حفيرة هما اصطحبا حيين ثم تعانقا قد يعزي بعض هذه الابيات إلي أبي القاسم بن أبي العلاء الاصبهاني مع حکاية طيف عنه. ومنها نونية أبي القاسم بن أبي العلاء الاصفهاني ذکر منها الثعالبي في ( يتيمة الدهر) ج 3 ص 263 قوله يا کافي الملک ما وفيت حظک من [صفحه 76] فقت الصفات فما يرثيک من أحد مامت وحدک لکن مات من ولدت هذي نواعي العلا مذمت نادبة تبکي عليک العطايا والصلات کما قام السعاة وکان الخوف أقعدهم لا يعجب الناس منهم إن هم انتشروا ومنها دالية أبي الفرج بن ميسرة ذکر منها الثعالبي في (اليتيمة) ج 3 ص 254 قوله ولو قبل الفداء لکان يفدي ولکن المنون لها عيون فقل للدهر أنت أصبت فالبس إذا قدمت خاتمة الرزايا ومنها دالية لابي سعيد الرستمي ذکر الثعالبي منها قوله أبعد ابن عباس يهش إلي السري أبي الله إلا ان يموتا بموته ومنها لامية أبي الفياض سعيد بن أحمد الطبري ذکرها الثعالبي في «اليتيمة» ج 3 ص 254: خليلي کيف يقبلک المقيل؟ و دهرک لا يقيل و لا يقيل ينادي کل يوم في بنيه : ألا هبوا فقد جد الرحيل و هم رجلان منتظر غفول و مبتدر إذا يدعي عجول کأن مثال من يفني و يبقي رعيل سوف يتلوه رعيل فهم رکب و ليس لهم رکاب و هم سفر و ليس لهم قفول تدور عليهم کأس المنايا کما دارت علي الشرب الشمول و يحدوهم إلي الميعاد حاد و لکن ليس يقدمهم دليل ألم تر من مضي من أولينا و غالتهم من الأيام غول [صفحه 77] قد احتال وا فما دفع الحويل کذاک الدهر أعمار تزول لنا منه وإن عفنا وخفنا وقد وضح السبيل فما لخلق لعمرک إنه أمد قصير أري الاسلام أسلمه بنوه أري شمس النهار تکاد تخبو القمر المنير بدا ضئيلا أري زهر النجوم محدقات أري وجه الزمان وکل وجه أري شم الجبال لها وجيب وهذا الجو أکلف مقشعر وهذي الريح أطيبها سموم وللسحب الغزار بکل فج نعي الناعي إلي الدنيا فتاها نعي کافي الکفاة فکل حر نعي کهف العفاة فکل عين کأن نسيم تربته سحيرا إذا وافي انوف الرکب قالوا آيا قمر المکارم والمعالي أبن لي کيف هالک ما يهول ويا من ساس أشتات البريا أدلت علي الليالي من شکاها بکاک الدين والدنيا جميعا بکتک البيض والسمر المواضي [صفحه 78] بکتک الخيل معولة ولکن قلوب العالمين عليک قلب ولي قلب لصاحبه وفي إذا نظمت يدي في الطرس بيتا فإن يک رک شعري من ذهولي کتبت بما بکيت لان دمعي وکنت أعد من روحي فداء أأحيا بعده وأقر عينا حياتي بعده موت وحي عليک صلاة ربک کل حين ومنها ميمية أبي القاسم غانم بن محمد بن أبي العلا لاصبهاني يقول فيها[4] . مضي نجل عباد المرتجي اواري بقبرک أهل الزمان وله من قصيدة اخري في رثاء الصاحب يقول فيها هي نفس رقتها زفراتي لشباب عذب المشارع ماض زمن أذرت الجفون عليه تتلاقي من ذکره في ضلوعي جاد تلک العهود کل أجش ال بل ندي الصاحب الجليل أبي القا تتباري کلتا يديه عايا ضامنا سيبه لغنم مفاد وارتياح يريک في کل عطف ويد لا تزال تحت شکور [صفحه 79] ومنها تائية رثاه بها صهره السيد أبوالحسن علي بن الحسين الحسني أوله[5] . ألا إنها أيدي المکارم شلت حرام علي الظلماء إن هي قوضت لتبک علي کافي الکفاة مآثر لقد فدحت فيه الرزايا وأوجعت ألا هل أتي الآفاق آية غمة وهل تعلم الغبراء ماذا تضمنت فلا أبصرت عيني تهلل بارق ولو قبلت أرواحنا عنک فدية وقال السيد أبوالحسن محمد بن الحسين الحسني المعروف بالوصي الهمداني المترجم في يتيمة الدهر في رثائه مات الموالي والمحب قد کان کالجبل المنيع وله في رثائه نوم العيون علي الجفون حرام تبکي الوزير سليل عباد العلا تبکيه مکة والمشاعر کلها تبکيه طيبة والرسول ومن بها کافي الکفاة قضي حميدا نحبه مات المعالي والعلوم بموته ورثاه سيدنا الشريف الرضي (الآتي ذکره في شعراء القرن الخامس) بقصيدة [صفحه 80] شرحها أبوالفتح عثمان بن جني المتوفي 392 في مجلد واحد کما ذکره الحموي في (معجم الادباء) 5 ص 31، ولنشر القصيدة في ديوان ناظمه الشريف وفي غير واحد من المعاجم نضرب عنها صفحا أولها أکذا المنون يقطر الابطالا؟ أکذا تصاب الاسد وهي مدلة أکذا تقام علي الفرائس بعدما أکذا تحط الزاهرات عن العلي (ألقصيدة 112 بيتا) ومر أبوالعباس الضبي بباب الصاحب بعد وفاته فقال أيها الباب لم علاک اکتئاب؟ أين من کان يفزع الدهر منه؟ لا يذهب علي القارئ ان استدلال مثل الصاحب أحد عمد مراجع اللغة والادب علي أفضلية امير المؤمنين نظما ونثرا بحديث الغديرحجة قوية علي صحة إرادة معني للمولي لا يبارح الامامة والخلافة کما أراد هو
توفي الصاحب ليلة الجمعة الرابع والعشرين من صفر سنة 385 بالري ولما توفي عطلت المدينة وأسواقها، واجتمع الناس علي باب قصره، وينتظرون خروج جنازته، وحضر فخر الدولة وسائر القواد، وقد غيروا بزاتهم، فلما خرج نعشه من الباب علي أکتاف حامليه للصلاة عليه قام الناس بأجمعهم إعظاما، وصاحوا صيحة واحدة، وقبلوا الارض، وخرقوا ثيابهم، ولطموا وجوههم، وبلغوا في البکاء و النحيب عليه جهدهم، وصلي عليه أبوالعباس الضبي، ومشي فخر الدولة أمام الجنازة وقعد في بيته للعزاء أياما، وبعد الصلاة عليه علق نعشه بالسلاسل في بيت إلي أن نقل إلي إصفهان فدفن في قبة هناک تعرف بباب درية[1] قال إبن خلکان وهي عامرة إلي الآن واولاد بنته يتعاهدونها بالتبييض وقال السيد في (روضات الجنات) قلت بل وهي عامرة إلي الآن، وکان أصابها تشعث وانهدام فأمر الامام العلامة محمد إبراهيم الکرباسي في هذه الايام بتجديد عمارتها، ولا يدع زيارتها مع ما به من العجز في الاسبوع والشهر والشهرين، وتدعي في زماننا بباب الطوقچي والميدان العتيق، و الناس يتبرکون بزيارته، ويطلبون عند قبره الحوائج من الله تعالي.
وخالق النجوم والاحکام
لا المشتري أرجوه للانعام
وإنما النجوم کالاعلام
يا رب فاحفظني من الاسقام
وهجنة الاوزار والآثام
وصنوه وآله الکرام
أصيبا جميعا من يديه وفيه
رجعت ولم أظفر له بشبيه
ليأنس کل منهما بأخيه
ضجيعين في قبر بباب ذريه
وصف وإن طال تمجيد وتأبين
إلا وتزيينه إياک تهجين
حواء طرا بل الدنيا بل الدين
من بعد ما ندبتک الخرد العين
تبکي عليک الرعايا والسلاطين
فاستيقظوا بعد مامت الملاعين
مضي سليمان وانحل الشياطين
وإن حل المصاب علي التفادي
تکد لحاظها في الانتقاد
برغمک دوننا ثوبي حداد
فقد عرضت سوقک للکساد
أخو أمل أو يستماح جواد؟
فما لهما حتي المعاد معاد
وأعولنا فما نفع العويل؟!؟!
وأحوال تحول ولا تؤول
رسول لا يصاب لديه سول
إلي تبديله أبدا سبيل
ولکن دونه أمد طويل
وأسلمهم إلي وله يهول
کأن شعاعها طرف کليل أري
بلا نور فأضناه النحول
کأن سراتها عور وحول
به مما يکابده فلول
تکاد تذوب منه أو تزول
کأن الجو من کمد عليل
إذا هبت وأعذبها بليل
دموع لا يزار بها المحول
أمين الله فالدنيا ثکول
عزيز بعد مصرعه دليل
بما تقذي العيون به کحيل
نسيم الروض تقبله القبول
سحيق المسک أم ترب مهيل؟
أبن لي کيف عاجلک الافول؟
وغالک بعد عزک ما يغول؟!؟!
وألجم من يقول ومن يصول
وقد جارت عليک فمن يديل
وأهلهما کما يبکي الحمول
وکنت تعولها فيمن تعول
بکاها حين تندبک الصهيل
وحظک من بکائهم قليل
يسيل وتحته روح تسيل
محاه منه منتظم هطول
فذلک بعض ما يجني الذهول
عليک الدهر فياض همول
لروحک إن أريد لها بديل
حياتي بعده هدر غلول
وعيشي بعده سم قتول
تهب بها من الخلد القبول
فمات جميع بني آدم
فيرجح قبرک بالعالم
دماء أرقتها عبراتي
ومشيب جذب المراتع آت
من شؤوني ما کان ذوب حياتي
ودموعي مصايف ومشاتي
ودق ثر الاخلاف جون السرات
سم نجل الامير کافي الکفاة
و منايا حتما لعاف وعات
موذنا سيفه بروح مفات
ألف ألف کطلحة الطلحات
لاثم ظهرها وفوق دواة
ونفس المعالي إثر فقدک سلت
[6] وحجر علي شمس الضحي أن تجلت
تباهي النجوم الزهر في حيث حلت
کما عظمت منه العطايا وجلت
أطلت؟ ونعمي أي دهر تولت؟
وأعواد ذاک النعش ماذا أفلت؟!؟!
يحاکي ندي کفيک إلا استهلت
لجدنا بها عند الفداء وقلت
لاهل بيت أبي تراب
لهم فصار مع التراب[7] .
ودموعهن مع الدماء سجام
والدين والقرآن والاسلام
وحجيجها والنسک والاحرام
وعقيقها والسهل والاعلام
ذاک الامام السيد الضرغام
فعلي المعالي والعلوم سلام
أکذا الزمان يضعضع الاجيالا؟
تحمي الشبول وتمنع الاغيالا؟
ملات هماهمها الوري أوجالا؟
من بعد ما شأت العيون منالا؟
أين ذاک الحجاب والحجاب؟
فهو اليوم في التراب تراب
صفحه 75، 76، 77، 78، 79، 80.
أکافينا العظيم إذا وردنا أردنا منک ما أبت الليالي شققت عليک جيبي غير راض ولو أني قتلت عليک نفسي أفدنا شرح أمر فيه لبس ألم تلک منصفا عدلا؟ فأني وکيف ترکت هذا الخلق حالت تملکنا اللئالم وصيرونا لئن بلغت رزيته قلوبا لما بلغت حقائقها ولکن وله في رثائه من قصيدة
ومولانا الجسيم إذا فقدنا
فأبطل ما أرادت ما أردنا
به لک فاتخذت الوجد خدنا
لکان إلي قضاء الحق أدني
فإنا صائبا کنا استفدنا
عمرت حفيرة وقلبت مدنا
خلائقهم فليس کما عهدنا؟
عبيدا بعدما کنا عبدنا
فذبن أو أعينا منا فجدنا
علي الايام نعرف من فقدنا