ترجمة ابن مكي النيلي











ترجمة ابن مکي النيلي



سعيد[1] بن أحمد بن مکي النيلي المؤدب، من أعلام الشيعة وشعرائها المجيدين المتفانين في حب العترة الطاهرة وولائها، المتصلبين في اعتناق مذهبهم الحق، ولقد أکثر فيهم وأجاد وجاهر بمديحهم ونشر مئاثرهم حتي نسبه القاصرون إلي الغلو، لکن الرجل موال مقتصد قد أغرق نزعا في اقتفاء أثر القوم والاستضائة بنورهم الابلج، وقد عده إبن شهر اشوب في معالمه من المتقين من شعراء أهل البيت عليهم السلام قال الحموي في معجم (الادباء) ج 4 ص 230 المؤدب الشيعي کان نحويا فاضلا عالما بالادب مغاليا في التشيع له شعر جيد أکثره في مديح أهل البيت وله غزل رقيق مات سنة 565 وقد ناهز المائة ومن شعره


قمر أقام قيامتي بقوامه
لم لا يجود لمهجتي بذمامه؟


ملکته کبدي فأتلف مهجتي
بجمال بهجته وحسن کلامه

[صفحه 393]

وبمبسم عذب کأن رضا به
شهد مذاب في عبير مدامه


وبناظر غنج وطرف أحور
يصمي القلوب إذا رنا بسهامه


وکأن خط عذاره في حسنه
شمس تجلت وهي تحت لثامه


فالصبح يسفر من ضياء جبينه
والليل يقبل من أثيث ظلامه


والظبي ليس لحاظه کلحاظه
والغصن ليس قوامه کقوامه


قمر کأن الحسن يعشق بعضه
بعضا فساعده علي قسامه


فالحسن من تلقائه وورائه
ويمينه وشماله وأمامه


ويکاد من ترف لدقة خصره
ينقد بالارداف عند قيامه


وقال العماد الکاتب کان غاليا في التشيع، حاليا بالتورع، عالما بالادب، معلما في الکتب، مقدما في التعصب، ثم أسن حتي جاوز حد الهرم، وذهب بصره وعاد وجوده شبيه العدم، وأناف علي التسعين، وآخر عهدي به في درب صالح ببغداد في سنه إثنتين وستين وخمسمائة.

قال الاميني ألصحيح في تاريخ آخر عهد العماد بالمترجم سنة 562 وهي سنة خروجه من بغداد ولم يغد إليهما بعدها حتي مات سنة 597 کما أرخه إبن خلکان في وفيات الاعيان 2 ص 189 فما في (فوات الوفيات) 1 ص 169 و دائرة المعارف لفريد وجدي 10 ص 440 نقلا عن العماد من سنة 592 تصحيف واضح والعجب ان هذا التاريخ أعني 592 جعل في (شذرات الذهب 4 ص 309) و (أعيان الشيعة 1 ص 595) تاريخ وفاة إبن مکي المترجم له وأنت تري انه تاريخ آخر عهد العماد بالمترجم لا تاريخ وفاته، علي أن الصحيح 562 لا 592 فالصحيح في وفاته کما مر عن الحموي 565 وکون المترجم مذکورا في معجم العماد الکاتب يومي إلي عدم وفاته سنة 592، إذا الکتاب موضوع لترجمة الشعراء الذين کانوا بعد المائة الخامسة إلي سنة 572 کما في تاريخ إبن خلکان 2 ص 190.

وقال عماد الدين ايضا أنشدني له إبن اخته عمر الواسطي الصفار ببغداد قال أنشدني خالي سعيد بن مکي من کلمة له


ما بال مغاني اللوي بشخصک إطلال
قد طال وقوفي بها وبثي قد طال

[صفحه 394]

ألربع دثور متناه قفار
والربع محيل بعد الاوانس بطال


عفته دبور وشمال وجنوب
مع مر ملث مرخي العزالي محلال


يا صاح قفا باللوي فسائل رسما
قد خال لعل الرسوم تنبي عن حال


ما شف فؤادي إلا لغيب غراب
بالبين ينادي قد طار يضرب بالغال


مذ طار شجا بالفراق قلبا حزينا
بالبين وأقصي بالبعد صاحبة الخال


تمشي تتهادي وقد ثناها دل
من فرط حياها تخفي رنين الخلخال


وترجمه الصفدي في (نکت الهميان) وابن شاکر في (فوات الوفيات) 1 ص 169 وقالا له شعر وأکثره مديح في أهل البيت، ثم ذکرا عبارة العماد الاولي، و توجد ترجمته في (لسان الميزان) 3 ص 23 و (مجالس المؤمنين) ص 469 ومن شعره المذهبي قوله يمدح به أميرالمؤمنين عليه السلام


فان يکن آدم من قبل الوري
نبي وفي جنة عدن داره؟


فإن مولاي عليا ذا العلي
من قبله ساطعة أنواره


تاب علي آدم من ذنوبه
بخمسة وهو بهم أجاره


وإن يکن نوح بني سفينة
تنجيه من سيل طمي تياره؟


فإن مولاي عليا ذا العلي
سفينة تنجو بها أنصاره


وإن يکن ذوالنون ناجي حوته
في اليم لما کضه حصاره؟


ففي جلندي[2] للامام عبرة
يعرفها من دله اختياره


ردت له الشمس بأرض بابل
والليل قد تجللت أستاره


وإن يکن موسي دعي مجتهدا
عشرا إلي أن شقه انتظاره؟


وسار بعد ضره بأهله
حتي علت بالواد يين ناره


فإن مولاي عليا ذا العلي
زوجه واختار من يختاره


وإن يکن عيسي له فضيلة
تدهش من أدهشه انبهاره؟


من حملته امه ما سجدت
للات بل شغلها استغفاره؟


ألبيت الاخير فيه إشارة إلي ما رواه الحلبي في السيرة الحلبية 1 ص 285،

[صفحه 395]

وزيني دحلان في سيرته، والصفوري في نزهة المجالس 2 ص 210 والشبلنجي في (نور الابصار) من أن أميرالمؤمنين کان يمنع امه من السجود للصنم وهو حمل[3] .

وله


و (محمد) يوم القيامة شافع
للمؤمنين وکل عبد معنت


وعلي والحسنان إبنا فاطم
للمؤمنين الفائزين الشيعة


وعلي زين العابدين وباقرالع
لم التقي وجعفر هو منيتي


والکاظم الميمون موسي والرضا
علم الهدي عند النوائب عدتي


ومحمد الهادي إلي سبل الهدي
وعلي المهدي جعلت ذخيرتي


والعسکريين اللذين بحبهم
أرجو إذا أبصرت وجه الحجة


وله من قصيدة يمدح بها أميرالمؤمنين عليه السلام ودحوه باب خيبر


فهزها فاهتز من حولهم
حصنا بنوه حجرا جلمدا


ثم دحا الباب علي نبذة
تمسح خمسين ذراعا عددا


وعبر الجيش علي راحته
حيدرة الطاهر لما وردا


وله من قصيدة مخاطبا أميرالمؤمنين عليه السلام


رددت الکف جهرا بعد قطع[4] .
کرد العين من بعد الذهاب


وجمجمة الجلندي وهو عظم[5] .
رميم جاوبتک عن الخطاب


وله من قصيدة مرت عشرة إبيات منها نقلا عن الحموي


دع يا سعيد هواک واستمسک بمن
تسعد بهم وتزاح من آثامه


بمحمد وبحيدر وبفاطم
وبولدهم عقد الولا بتمامه


قوم يسر وليهم في بعثه
ويعض ظالمهم علي إبهامه


ونري ولي وليهم وکتابه
بيمينه والنور من قدامه

[صفحه 396]

يسقيه من حوض النبي محمد
کأسا بها يشفي غليل أوامه


بيدي أميرالمؤمنين وحسب من
يسقي به کأسا بکف إمامه


ذاک الذي لولاه ما اتضحت لنا
سبل الهدي في غوره وشآمه


عبد الاله وغيره من جهله
ما زال معتکفا علي أصنامه


ما آصف يوما وشمعون الصفا
مع يوشع في العلم مثل غلامه


وله في رد بيتي يوسف الواسطي في الغمز علي أميرالمؤمنين عليه السلام وتخلفه عن البيعة قوله


ألا قل لمن قال في کفره
وربي علي قوله شاهد


(اذا اجتمع الناس في واحد
وخالفهم في الرضا واحد)


(فقد دل إجماعهم کلهم
علي أنه عقله فاسد)


کذبت وقولک غير الصحيح
وزعمک ينقده الناقد


فقد أجمعت قوم موسي جميعا
علي العجل يا رجس يا مارد


وداموا عکوفا علي عجلهم
وهارون منفرد فارد


فکان الکثير هم المخطئون
وکان المصيب هو الواحد


وله من قصيدة يمدح بها أميرالمؤمنين عليه السلام


خصه الله بالعلوم فأضحي
وهو ينبئ بسر کل ضمير


حافظ العلم عن أخيه عن الله
خبيرا عن اللطيف الخبير


(لفت نظر) ذکر سيدنا الامين في أعيان الشيعة(ج 6 ص 407 ترجمة تحت عنوان (أبي سعيد النيلي) وأخذ ما في مجالس المؤمنين من ترجمة المترجم له وجعله ترجمة لما عنونه، وأردفها بتحقيق في إسمه يقضي منه العجب، إستخرجه من شعر المترجم له المذکور دع ياسعيد هواک واستمسک بمن فقال قوله دع باسعيد (با)بالباء الموحدة مخفف أبا وحذف منه حرف الندا أي يا أبا وقال ج 14 ص 207 إبن مکي اسمه سعد أو سعيد وأرخ وفاته في ج 1 ص 595 من الطبعة الاولي بسنة 592، وفي الطبعة الثانية في القسم الثاني من الجزء الاول 1 ص 177 بسنة 595،و نقل ترجمته عن إبن خلکان وإبن خلکان لم يذکره.

[صفحه 397]



صفحه 393، 394، 395، 396، 397.





  1. في معجم الادباء وفوات الوفيات (سعد) وهو تصحيف.
  2. قصة الجلندي مذکورة في مناقب ابن شهر اشوب ج 1 ص 455 ط ايران.
  3. مرت کلمتنا حول هذه الرواية في الجزء الثالث ص 239.
  4. اشارة إلي قصة يد هشام بن عدي الهمداني وهي مذکورة في مناقب ابن شهر اشوب 1 ص 473 ط ايران.
  5. اشارة إلي قصة جمجمة الجلندي توجد في مناقب ابن شهر اشوب 1 ص 474.