ترجمة ألقاضي الجليس
هي سلوة حلت عقود وفائها ومنها لم أسأل الرکبان عن أسمائها وسألت أيامي صديقا صادقا ومنها ولقد هجرت إلي (الجليس) مهاجرا مستنجدا لابي المعالي همة لما مدحت علاه أيقنت العدي واغد سعدي الاوامر أبلج ومنها نذرت مصافحة الغمام أناملي وقال کما في نکته العصرية ص 252 وقد حدث للقاضي الجليس مرض أخره عن حضور مجلس الملک الصالح طلايع بن رزيک وحق المعالي يا أباها وصنوها لقد قصرت عما بلغت من العلي متي کنت يا صدر الزمان بموضع ولما حضرنا مجلس الانس لم يکن [صفحه 388] فقدناک فقدان النفوس حياتها وأظلم جو الفضل إذ غاب بدره ترجمه العماد في (الخريدة) وأثني عليه بالفضل المشهور، وإبن کثير في تاريخه 12 ص 251، وإبن شاکر في فوات (الوفيات) ج 1 ص 278 فقال تولي ديوان الانشاء للفائز مع الموفق بن الخلال ومن شعره ومن عجبي إن الصوارم والقنا وأعجب من ذا أنها في أکفهم وله في طبيب وأصل بليتي من قد غزاني طبيب طبه کغراب بين أتي الحمي وقد شاخت وباخت ودبرها بتدبير لطيف وکانت نوبة في کل يوم وله في طبيب أيضا ياوارثا عن أب وجد وحاملا رد کل نفس اقسم لو قد طببت دهرا وله حيا بتفاحة مخضبة فقلت ما إن رأيت مشبهها وله رب بيض سللن باللحظ بيضا وخدود للدمع فيها خدود وقال ايضا ألمت بنا والليل يزهي بلمة [صفحه 389] فأشرق ضوء الصبح وهو جبينها إذا ما اجتنت من وجهها العين روضة وإني لاستسقي السحاب لربعها إذا استعرت نار الاسي بين أضلعي وما بي أن يصلي الفؤاد بحرها کان القاضي الجليس کبير الانف وکان الخطيب أبوالقاسم هبة الله بن البدر المعروف بابن الصياد مولعا بأنفه وهجائه وذکر انفه في اکثر من ألف مقطوع فانتصر له ابوالفتح ابن قادوس (المترجم في هذا الجزء ص 338) فقال يا من يعيب أنوفنا الشم الانف خلقة ربنا وله شعر في رثاء والده وقد غرق في البحر بريح عاصف. اه. والمترجم هو الذي قرظ أبا محمد بن الزبير الحسن بن علي المصري المتوفي سنة 561 عند الملک الصالح حتي قدمه، فلما مات شمت به إبن الزبير ولبس في جنازته ثيابا مذهبة، فنقص عند الناس بهذا السبب واستقبحوا فعله، ولم يعش بعد الجليس إلا شهرا واحدا[2] . کان الملک الصالح طلايع لا يزال يحضر في ليالي الجمع جلساؤه وبعض امراءه لسماع قرائة صحيح مسلم والبخاري وأمثالهما من کتب الحديث وکان الذي يقرأ رجلا أبخر فلعهدي وقد حضر المجلس مع الامير علي بن الزبير والقاضي الجليس أبي محمد وقد أمال وجهه إلي القاضي إبن الزبير وقال له وأبخر قلت لا تجلس بجنبي فقال إبن الزبير إذا قابلت بالليل البخاري فقال القاضي الجليس فقلت وقد سألت بلا احتشام أنشد بعض جلساء الملک الصالح بمجلسه بيتا من الاوزان التي يسميها المصريون [صفحه 390] (الزکالش) ويسميها العراقيون (کان وکان). ألنار بين ضلوعي کني فتيلة قنديل وکان عنده القاضي الجليس والقاضي ابن الزبير فنظما معناه بديها فقال الجليس هل عاذر إن رمت خلع عذاري تتألف الاضداد فيه ولم تزل وله من الزفرات لفح صواعق کذبالة القنديل قدر هلکها وقال إبن الزبير کأني وقد سالت سيول مدامعي ذبالة قنديل تقوم بمائها کتب أبوالمعالي إلي القاضي الرشيد المصري[4] قوله ثروة المکرمات بعدک فقر بک تجلي إذا حللت الدياجي أذنب الدهر في مسيرک ذنبا حکي انه استأذن هو والقاضي الرشيد ذات يوم علي أحد الوزراء فلم يأذن لهما واعتذر عن المواجهة ووجدا عنده غلظة من الحجاب، ثم عاوداه مرة اخري واستأذنا عليه فقيل لهما إنه نائم فخرجا من عنده فقال القاضي الرشيد توقع لايام اللئام زوالها فلو کنت تدعو الله في کل حالة وقال القاضي الجليس لئن أنکرتم منا ازدحاما وإن نمتم عن الحاجات عمدا [صفحه 391] فلم يکن بعد أيام حتي نکب الوزير نکبة عظيمة (مرآة الجنان 3 ص 302) قال الصفدي في (نکت الهميان)، کان الموفق بن الخلال خال القاضي الجليس فحصل لابن الخلال نکبة وحصل القاضي بسبب خاله إبن الخلال صداع فکتب القاضي إلي القاضي الرشيد. تسمع مقالي يابن الزبير نکبنا بذي نسب شابک إذا ناله الخير لم نرجه توفي القاضي الجليس سنة 561 وقد أناف علي السبعين کما في فوات الوفيات. م- ذکر سيدنا العلامة السيد أحمد العطار البغدادي في الجزء الاول من کتابه (الرائق) جملة من شعر شاعرنا الجليس منها قصيدة يرثي بها أهل البيت الطاهرين ويمدح الملک الصالح بن رزيک ويذکر مواقفه المشکورة في خدمة آل الله أولها لولا مجانبة الملوک الشاني (50 بيتا) وقصيدة في رثاء العترة الطاهرة تناهز 66 بيتا مطلعها أرأيت جرأة طيف هذا الزاير وافي وشملته الظلام ولم يکن فکأنه إنسان عين لم يلح ما حکم أجفاني کحکم جفونها وقصيدة يمدح بها الامام أميرالمؤمنين صلوات الله عليه ويذکر الملک الصالح ويثني عليه تبلغ 72 بيتا مستهلها علي کل خير من وصالک مانع وقصيدة 72 بيتا يدعم بها إمرة الامام أميرالمؤمنين عليه السلام بعد رسول الله صلي الله عليه وآله ويرثي الامام السبط عليه السلام ويذکر الملک الصالح إبن رزيک ويطريه أولها الا هل لدمعي في الغمام رسيل؟ وذکر له قصيدة لامية تبلغ 51 بيتا في المديح والرثاء لاهل البيت الطاهر صلي الله عليهم وسلم. [صفحه 392]
أبوالمعالي عبدالعزيز بن الحسين بن الحباب[1] الاغلبي السعدي الصقلي المعروف بالقاضي الجليس من مقدمي شعراء مصر وکتابهم، ومن ندماء الملک الصالح طلايع بن رزيک (الذي مرت ترجمته ص 344) وأحسب أن تلقيبه بالجليس کان لمجالسته إياه متواصلا، وهو ممن اغرق نزعا في موالاة العترة الطاهرة کما ينم عنه شعره، ولمعاصره الفقيه عمارة اليمني (الآتي ذکره) شعر يمدحه، منه قصيدة في کتابه النکت العصرية(ص 158 قالها سنة إحدي وخمسين وخمسمائة، أولها
مذ شف ثوب الصبر عن برحائها
کفلا بها لولا هوي أسمائها
فوجدت ما أرجوه جل رجائها
عصبا يضيم الدهر جار فنائها
تغدو المعالي وهي بعض عطائها
أن الزمان أجار من عدوائها
يلقي سقيمات المني بشفائها
فوفت غمائم کفه بوفائها
يمين امرئ عاداته القسم البر
وأحرزته أبناء دهرک والدهر
فرتبتک العليا وموضعک الصدر
علي وجهه إذ غبت إنس ولا بشر
ولم يک فقد الارض أعوزهاالقطر
وفي الليلة الظلماء يفتقدالبدر
تحيض بأيدي القوم وهي ذکور
تأجج نارا والاکف بحور
من السقم الملح بعسکرين
يفرق بين عافيتي وبيني
فعاد لها الشباب بنسختين
حکاه عن سنين أو حنين
فصيرها بحذق نوبتين
فضيلة الطب والسداد
همت عن الجسم بالبعاد
لعاد کونا بلا فساد
من شفني حبه وتيمني
فأحمر من خجلة فکذبني
مرهفات جفونهن جفون
وعيون قد فاض فيها عيون
دجوجية لم يکتهل بعد فوداها
وفاحت أزاهير الربا وهي رياها
أسالت خلال الروض بالدمع أمواها
وإن لم تکن إلا ضلوعي مأواها
نضحت علي حر الحشا برد ذکراها
ويضرم لولا أن في القلب سکناها
التي ليست تعاب
وقرونک الشم اکتساب
لانک دائما من فيک خاري
ونا غريق في دموعي
أموت غريق وحريق
في شم سالفة ولثم عذار؟
في سالف الايام ذات نفار
وله من العبرات لج بحار
ما بين ماء في الزجاج ونار
فأذکت حريقا في الحشا والترائب
وتشعل فيها النار من کل جانب[3] .
ومحل العلي ببعدک قفر
وتمر الايام حيث تمر
ليس منه سوي إيابک عذر[5] .
فعما قليل سوف تنکر حالها
لتبقي عليهم ما أمنت انتقالها
ليجتنبنکم هذا الزحام
فعين الدهر عنکم لا تنام
فأنت خليق بأن تسمعه
قليل الجدي في زمان الدعه
وإن صفعوه صفعنا معه
ما تم شاني في الغرام بشاني
ما هاب عاديه الغيور الزاير
ليزور إلا في ظلام ساتر
مذ قط إلا في سواد الناظر
شتان بين سواهر وسواحر
وفي کل لحظ من جمالک شافع
وهل لي إلي برد الغليل سبيل؟
صفحه 388، 389، 390، 391، 392.