غديرية ابن العودي











غديرية ابن العودي



ألمولود 478، ألمتوفي ح 558


متي يشتفي من لاعج القلب مغرم
وقد لج في الهجران من ليس يرحم؟


إذا هم أن يسلو أبي عن سلوه
فؤاد بنيران الاسي يتضرم


ويثنيه عن سلوانه لفضيلة
عهود التصابي والهوي المتقدم


رمته بلحظ لا يکاد سليمه
من الخبل والوجد المبرح


يسلم إذا ما تلظت في الحشا منه لوعة
طفتها دموع من أماقيه تسجم


مقيم علي اسر الهوي وفؤاده
تغور به أيدي الهموم وقتهم


يجن الهوي عن عاذليه تجلدا
فيبدي جواه ما يجن ويکتم


يعلل نفسا بالاماني سقيمة
وحسبک من داء يصح ويسقم


وقد غفلت عنا الليالي وأصبحت
عيون العدي عن وصلنا وهي نوم


فکم من غصون قد ضممت ثديها
إلي وأفواه بها کنت ألثم


اجيل ذراعي لاهيا فوق منکب
وخصرا غدا من ثقله يتظلم


وأمتاح راحا من شنيب کأنه
من الدر والياقوت في السلک


ينظم فلما علاني الشيب وابيض عارضي
وبان الصبا واعوج مني المقوم


وأضحي مشيبي للعذار ملثما
به ولرأسي بالبياض يعمم


وأمسيت من وصل الغواني ممنعا
کأني من شيبي لديهن مجرم


بکيت علي ما فات مني ندامة
کأني خنس في البکا أو متمم


وأصفيت مدحي للنبي وصنوه
وللنفر البيض الذين هم هم


هم التين والزيتون آل محمد
هم شجر الطوبي لمن يتفهم

[صفحه 373]

هم جنة المأوي هم الحوض في غد
هم اللوح والسقف الرفيع المعظم


هم آل عمران هم الحج والنسا
هم سبأ والذاريات ومريم


هم آل ياسين وطاها وهل أتي
هم النحل والانفال إن کنت تعلم


هم الآية الکبري هم الرکن والصفا
هم الحج والبيت العتيق المکرم


هم في غد سفن النجاة لمن وعي
هم العروة الوثقي التي ليس تفصم


هم الجنب جنب الله في البيت والوري
هم العين عين الله في الناس تعلم


هم الآل فينا والمعالي هم العلي
ينمم في منهاجهم حيث يمموا


هم الغاية القصوي هم منتهي العلي
سل النص في القرآن ينبئک عنهم


هم في غد للقادمين سقاتهم
إذا وردوا والحوض بالماء مفعم


فلولا هم لم يخلق الله خلقه
ولا هبطا للنسل حوا وآدم


هم باهلوا نجران من داخل العبا
فعاد المناوي فيهم وهو مفحم


وأقبل جبريل يقول مفاخرا
لميکال من مثلي وقد صرت منهم؟


فمن مثلهم في العالمين وقد غدا
لهم سيد الاملاک جبريل يخدم؟


ومن ذا يساويهم بفضل ونعمة
من الناس والقرآن يؤخذ عنهم؟


أبوهم أميرالمؤمنين وجدهم
أبوالقاسم الهادي النبي المکرم


هم شرعوا الدين الحنيفي والتقي
وقاموا بحکم الله من حيث يحکم


وخالهم إبراهيم والام فاطم
وعمهم الطيار في الخلد ينعم


إلي الله أبرا من رجال تتابعوا
علي قتلهم يا للوري کيف أقدموا؟


حموهم لذيذ الماء والورد مفعم
وأسقوهم کأس الردي وهو علقم


وعاثوا بآل المصطفي بعد موته
بما قتل الکرار بالامس منهم


وثاروا عليه ثورة جاهلية
علي أنه ما کان في القوم


مسلم وألقوهم في الغاضريات صرعا
کأنهم قف علي الارض جثم[1] .


تحاماهم وحش الفلا وتنوشهم
بأرياشها طير الفلا وهي حوم[2] .

[صفحه 374]

بأسيافهم أردوهم ولدينهم
اريق بأطراف القنا منهم


الدم وما قدمت يوم الطفوف امية
علي السبط إلا بالذين تقدموا


وأني لهم أن يبرأوا من دمائهم
وقد أسرجوها للخصام وألجموا


وقد علموا أن الولاء لحيدر
ولکنه ما زال يؤذي ويظلم


تعدوا عليه واستبدوا بظلمه
واخر وهو السيد المتقدم


وقد زعموها فلتة کان بدؤها
وقال اقتلوا من کان في ذاک يخصم


وأفضوا إلي الشوري بها بين ستة
وکان ابن عوف منهم المتوسم


وما قصدوا إلا ليقتل بينهم
علي وکان الله للطهر يعصم


وإلا فليث لا يقاس بأضبع
وأين من الشمس المنيرة أنجم؟


فواعجبا من أين کانوا نظائرا؟
وهل غيره طب من الغي فيهم؟


ولکن امور قدرت لضلالهم
ولله صنع في الارادة محکم


عصوا ربهم فيه ضلالا فأهلکوا
کما هلکت من قبل عاد وجرهم


فما عذرهم للمصطفي في معادهم
إذا قال لم خنتم عليا وجرتم؟


وما عذرهم إن قال ماذا صنعتم
بصنوي من بعدي؟ وماذا فعلتم؟


عهدت إليکم بالقبول لامره
فلم حلتم عن عهده وغدرتم؟


نبذتم کتاب الله خلف ظهورکم
وخالفتموه؟ بئس ما قد صنعتم


و خلفت فيکم عترتي لهداکم
فکم قمتم في ظلهم وقعدتم؟


قلبتم لهم ظهر المجن وجرتم
عليهم وإحساني إليکم کفرتم


وما زلتم بالقتل تطغون فيهم
إلي أن بلغتم فيهم ما أردتم


کأنهم کانوا من الروم فالتقت
سراياکم صلبانهم وظفرتم


ولکن أخذتم من بني بثارکم
فحسبکم خزيا علي ما اجترأتم


منعتم تراثي ابنتي لا أبا لکم
فلم أنتم آباءکم قد ورثتم؟


وقلتم نبي لا تراث لولده
أللاجنبي الارث فيما زعمتم؟


فهذا سليمان لداود وارث
ويحيي لزکريا فلم ذا منعتم؟


فإن کان منه للنبوة وارثا؟
کما قد حکمتم في الفتاوي وقلتم

[صفحه 375]

فقد ينبغي نسل النبيين کلهم
ومن جاء منهم بالنبوة يوسم


وقلتم حرام متعة الحج والنسا
أعن ربکم؟ أم عنکم ما شرعتم؟


زناتکم تعفون عنهم ومن أتي
إليکم من المستمتعين قتلتم


ألم يأت ما استمتعتم من حليلة
فآتوا لها من أجرها ما فرضتم؟


فهل نسخ القرآن ما کان قد أتي
بتحليله؟ أم أنتم قد نسختم؟


وکل نبي جاء قبل وصيه
مطاع وأنتم للوصي عصيتم


ففعلکم في الدين أضحي منافيا
لفعلي وأمري غير ما قد أمرتم


وقلتم مضي عنا بغير وصية
ألم يوص لو طاوعتم وامتثلتم؟


وقد قال من لم يوص من قبل موته
يمت جاهلا بل أنتم قد جهلتم


نصبت لکم بعدي إماما يدلکم
علي الله فاستکبرتم وظلمتم


وقد قلت في تقديمه وولائه
عليکم بما شاهدتم وسمعتم


علي غدا مني محلا وقربة
کهارون من موسي فلم عنه حلتم؟


شقيتم به شقوي ثمود بصالح
وکل امرئ يبقي له ما يقدم


وملتم إلي الدنيا فضلت عقولکم
ألا کل مغرور بدنياه يندم


لحي الله قوما أجلبوا وتعاونوا
علي حيدر فيما أساؤا وأجرموا


زووا عن أمير النحل بالظلم حقه
عنادا له والطهر يغضي ويکظم


وقد نصها يوم الغدير محمد
وقال ألا يا أيها الناس فاعلموا


لقد جاءني في النص بلغ رسالتي
وها أنا في تبليغها المتکلم


علي وصيي فاتبعوه فإنه
إمامکم بعدي إذا غبت عنکم


فقالوا رضيناه إماما وحاکما
علينا ومولي وهو فينا المحکم


رأوا رشدهم في ذلک اليوم وحده
ولکنهم عن رشدهم في غد عموا


فلما توفي المصطفي قال بعضهم
أيحکم فينا؟ لا، وباللات نقسم


ونازعه فيها رجال ولم يکن
لهم قدم فيها ولا متقدم


وظلوا عليها عاکفين کأنهم
علي غرة کل لها يتوسم


يقيم حدود الله في غير حقها
ويفتي إذا استفتي بما ليس يعلم

[صفحه 376]

يکفر هذا رأي هذا بقوله
وينقض هذا ما له ذاک يبرم


وقالوا اختلاف الناس في الفقه رحمة
فلم يک من هذا يحل ويحرم


أربان للانسان؟ أم کان دينهم
علي النقص من دون الکمال فتمموا؟


أم الله لا يرضي بشرع نبيه
فعادوا وهم في ذاک بالشرع أقوم؟


أم المصطفي قد کان في وحي ربه
ينقص في تبليغه ويجمجم؟


أم القوم کانوا أنبياءا صوامتا
فلما مضي المبعوث عنهم تکلموا؟


أم الشرع فيه کان زيغ عن الهدي
فسووه من بعد النبي وقوموا؟


أم الدين لم يکمل علي عهد أحمد
فعادوا عليه بالکمال وأحکموا؟


أما قال إني اليوم أکملت دينکم
وأتممت بالنعماء مني عليکم؟


وقال أطيعوا الله ثم رسوله
تفوزوا ولا تعصوا اولي الامرمنکم


فلم حرموا ما کان حلا؟ وحللوا
بفتواهم ما جاز وهو محرم؟


تري الله فيما قال قد زل؟ أم هذا
نبي الهدي؟ أم کان جبريل يوهم؟


لقد أبدعوا مما نووا من خلافهم
وقال اقبلوا مما يقول وسلموا


وإلا ترکتم إن أبيتم رماحنا
وأسيافنا فيکم تسدي وتلحم


ومامات حتي أکمل الله دينه
ولم يبق أمر بعد ذلک مبهم


ولکن حقود أظهرت وضغائن
وبغي وجور بين الظلم منهم


يقرب مفضول ويبعد فاضل
ويسکت منطيق وينطق أبکم


وما أخروا فيها عليا لموجب
ولکن تعد منهم وتظلم


وکم شرعوا في نقض ما شاد أحمد
ولکن دين الله لا يتهدم


وحاشي لدين شيد الحق رکنه
بسيف علي يعتريه التهدم


فحسبهم في ظلم (آل محمد)
من الله في العقبي عقاب ومأثم


فإن غصبوهم أمر دنيا دنية
فما لهم في الحشر أبقي وأدوم


فهل عظمت في الدهر قط مصيبة
علي الناس إلا وهي في الدين أعظم؟


تولي بإجماع علي الناس أول
ونص علي الثاني بها وهو مغرم


وقال اقيلوني فلست بخيرکم
فلم نصها لو صح ما کان يزعم؟

[صفحه 377]

وأثبتها في جوره بعد موته
صهاکية خشناء للخصم تکلم


ولو أدرک الثاني لمولي حذيفة
لولاه دون الغير والانف يرغم


وقد نالها شوري من القوم ثالث
وجرد سيف للوصي ولهذم


أشوري؟ وإجماع؟ ونص؟ خلافة
تعالوا علي الاسلام نبکي ونلطم


وصاحبها المنصوص عنها بمعزل
يديم تلاوات الکتاب ويختم


ولو أنه کان المولي عليهم
إذن لهداهم فهو بالامر أعلم


هو العالم الحبر الذي ليس مثله
هو البطل القرم الهزبر الغشمشم


وما زال في بدر واحد وخيبر
يفل جيوش المشرکين ويحطم


يکر ويعلوهم بقائم سيفه
إلي أن أطاعوا مکرهين وأسلموا


وما دخلوا الاسلام دينا وإنما
منافقة کي يرفع السيف عنهم


وقالوا علي کان في الحکم ظالما
ليکثر بالدعوي عليه التظلم


وقالوا دماء المسلمين أراقها
وقد کان في القتلي برئ ومجرم


فقلت لهم مهلا عدمتم صوابکم
وصي النبي المصطفي کيف يظلم


أراق دماء المسلمين؟ فوالذي
هدانا به ما کان في القوم


مسلم ولکنه للناکثين بعهده
وممن تعدي منهم کان ينقم


أما قال أقضاکم علي محمد
کذا قد رواه الناقد المتقدم


فإن جار ظلما في القضايا بزعمکم
علي فمن زکاه لا شک أظلم


فياليتني قد کنت بالامس حاضرا
فأشرکه في قتلهم واصمم


وألقي إلهي دونهم بدمائهم
فننظر عند الله من يتندم


فمن کعلي عند کل ملمة
إذا ما التقي الجمعان والنقع مفعم؟


ومن ذا يساميه بعلم ولم يزل
يقول سلوني ما يحل ويحرم؟


سلوني ففي جنبي علم ورثته
عن المصطفي ما فاه مني به الفم


سلوني عن طرق السموات إنني
بها من سلوک الارض والطرق أعلم


ولو کشف الله الغطا لم أزد به
يقينا علي ما کنت أدري وأعلم


وکاين له من آية وفضيلة
ومن مکرمات ما تعم وتکتم

[صفحه 378]

فمن ختمت أعماله عند موته
بخير فأعمالي بحبيه تختم


فيا رب بالاشباح (آل محمد)
نجوم الهدي للناس والافق مظلم


وبالقائم المهدي من (آل أحمد)
وآبائه الهادين والحق معصم


تفضل علي (العودي) منک برحمة
فأنت إذا استرحمت تعفو وترحم


تجاوز بحسن العفو عن سيئاته
إذا ما تلظت في المعاد جهنم


ومن عليه من لدنک برأفة
فإنک أنت المنعم المتکرم


فإن کان لي ذنب عظيم جنيته
فعفوک والغفران لي منه أعظم


وإن کنت بالتشبيب في الشعر ابتدي
فإني بمدح الصفوة الز هرأختم


وله قصيدة اخري يذکر فيها حديث الغدير ويراه نصا علي الامامة والخلافة لامير المؤمنين عليه السلام بعد النبي الاعظم صلوات الله عليه وآله أولها


بفنا الغري وفي عراص العلقم
تمحا الذنوب عن المسئ المجرم


قبران قبر للوصي وآخر
فيه الحسين فعج عليه وسلم


هذا قتيل بالطفوف علي ظما
وأبوه في کوفان ضرج بالدم


وإذا دعا داعي الحجيج بمکة
فإليهما قصد التقي المسلم


فاقصدهما وقل السلام عليکما
وعلي الائمة والنبي الاکرم


أنتم بنو طاها وقاف والضحي
وبنو تبارک والکتاب المحکم


وبنو الاباطح والمسلخ والصفا
والرکن والبيت العتيق وزمزم


بکم النجاة من الجحيم وأنتم
خير البرية من سلالة آدم


أنتم مصابيح الدجي لمن اهتدي
والعروة الوثقي التي لم تفصم


وإليکم قصد الولي وأنتم
أنصاره في کل خطب مولم


وبکم يفوز غدا إذا ما أضرمت
في الحشر للعاصين نار جهنم


من مثلکم في العالمين وعندکم
علم الکتاب وعلم ما لم يعلم؟


جبريل خادمکم وخادم جدکم
ولغيرکم في ما مضي لم يخدم


أبني رسول الله إن أباکم
من دوحة فيها النبوة ينتمي


آخاه من دون البرية أحمد
واختصه بالامر لو لم يظلم

[صفحه 379]

نص الولاية والخلافة بعده
يوم الغدير له برغم اللوم


ودعا له الهادي وقال ملبيا
يا رب قد بلغت فاشهد واعلم


حتي إذا قبض النبي واصبحوا
مثل الذباب تلوح حول المطعم


نکثت ببيعته رجال أسلمت
أفواههم وقلوبهم لم تسلم


وتداولوها بينهم فکأنها
کأس تدور علي عطاش حوم


(ألقصيدة 57 بيتا)



صفحه 373، 374، 375، 376، 377، 378، 379.





  1. القف ما يبس من احرار البقول وذکورها جثم جمع جاثم من جثم جثما تليد بالارض، ولزم مکانه فلم يبرح.
  2. حوم جمع حائم من حام علي الشيي وحوله دار به وحام الرجل عطش.