الملك العادل











الملک العادل



خلف الصالح ولده رزيک بن طلايع الملقب بالملک الناصر والعادل، ولي الوزارة بعد والده الصالح ستة عشر شهرا وعدة أيام وکان والده قد أوصاه بأن لا يتعرض شاور ولا يغير عليه حاله فانه لا يأمن عصيانه والخروج عليه وکان کما أشار فإن العادل حسن له أهله عزل شاور واستعمال بعضهم مکانه وخوفوه منه إن أقره علي عمله فأرسل إليه بالعزل فجمع جموعا کثيرة وسار بهم إلي القاهرة ودخلها يوم الاحد الثاني والعشرين من المحرم سنة 558 وهرب العادل بن الصالح وأهله من القاهرة ليلة العشرين من المحرم فاخذ وقتل وأخذ موضعه من الوزارة واستولي شاور علي ديار مصر، ودفن العادل في تربة الملک الصالح وبها جماعة اخري.

ترجمه الفقيه عمارة في کتابه (النکت العصرية) ص 53 وقال في ص 66 دخلت قاعة السر من دار الوزارة فيها طي بن شاور وضرغام وجماعة من الامراء مثل عز الزمان، ومرتفع الظهير، ورأس رزيک بن الصالح بين أيديهم في طست فما هو إلا أن لمحته عيني ورددت کمي علي وجهي ورجعت علي عقبي، وما ملات عيني من صورة الرأس وما من هؤلاء الجماعة الذين کان الرأس بين أيديهم إلا من مات قتيلا وقطعت رأسه عن جسده فأمر طي من ردني فقلت والله ما أدخل حتي تغيب الرأس عن عيني.

فرفع الدست وقال لي ضرغام لم رجعت؟ قلت بالامس وهو سلطان الوقت الذي نتقلب في نعمته قال لو ظفر رزيک بأمير الجيوش أو بنا ما أبقي علينا قلت لا خير في شئ يؤول الامر بصاحبه من الدست إلي الطست ثم خرجت وقلت


أعزز علي أباشجاع أن أري
ذاک الجبين مضرجا بدمائه


ما قلبته سوي رجال قلبوا
أيديهم من قبل في نعمائه


وللفقيه عمارة اليمني شعر کثير يمدح به الملک العادل رزيک بن طلايع ذکره في کتابه (النکت العصرية) وفي ديوانه، منه قصيدة أولها


جاور بمجدک أنجم الجوزاء
وازدد علوا فوق کل علاء


وقصيدة اخري مستهلها


في ليل الشباب مشيب
فأصبح برد الهم وهو قشب

[صفحه 370]

وثالثة مطلعها


دانت لامرک طاعة الاقدار
وتواضعت لک عزة الاقدار


ورابعة أولها


في مثل مدحک شرح القول مختصر
وفي طوال القوافي عنده قصر


وخامسة مبدؤها


لما أراد مدامة الاحداق
دبت حميا نشوة الاخلاق


وسادسة مطلعها


لکل مقام في علاک مقال
يصدقه بالجود منک فعال


وسابعة أولها


فقت الملوک مهابة وجلالا
وطرائقا وخلائقا وخلالا


وثامنة مطلعها


لک أن تقول إذا أردت وتفعلا
ولمن سعي في ذا المدي أن يخجلا


وتاسعة أولها


لله من يوم أغر محجل
في ظل محترم الفناء مبجل


وعاشرة مستهلها


لولا جفون ومقل
مکحولة من الکحل


ولحظات لم تزل
أرمي نبالا من ثعل


وبرد رضا به
ألذ من طعم العسل


يظما إلي بروده
من عل منه ونهل


لما وصلت قاطعا
إذا رأي جدي هزل


مخالف لو أنه
أضمر هجري لوصل


وأغيد منعم
يميل کلما اعتدل


يهتز غصن قده
لينا إذا ارتج الکفل


غر إذا جمشته
أطرق من فرط الخجل


اريعن مدلل
غزيل يأبي الغزل

[صفحه 371]

سألته في قبلة
من ثغره فما فعل


راضته لي مشمولة
ترمي النشاط بالکسل


حتي أتاني صاغرا
يحدوه سکر وثمل


إمسي بغير شکره
ذاک المصون يبتذل


وبات بين عقده
وبين قرطيه جدل


وکدت أمحو لعسا
في شفتيه بالقبل


فديته من مبسم
ألثمه فلا أمل


کأنه أنامل
لمجد الاسلام الاجل


معروفهن أبدا
يضحک في وجه الامل


وقال يمدحه من قصيدة أولها


أيا اذن الايام إن قلت فاسمعي
لنفثة مصدور وأنة موجع


وعي کل صوت تسمعين نداءه
فلا خير في اذن ينادي فلاتعي


ويقول فيها


ملوک رعوا لي حرمة صار نبتها
هشيما رعته النائبات وما رعي


وردت بهم شمس العطايا لوفدهم
کما قال قوم في علي وتوسع


قال الاميني کذا يوجد البيت الاخير في مختار ديوانه المطبوع في ألمانيا ص 288 وهو تصحيف غريب مع التشکيل لحروفه والصحيح.

کما قال قوم في علي ويوشع

وهذا ينم عن ضئولة أمر المتطفلين علي موائد العربية وذهولهم عن معني البيت الذي لا يستقيم إلا علي ما ذکرناه وقد أوعز الشاعر إلي حديث رد الشمس لمولانا علي أميرالمؤمنين ويوشع عليهماالسلام من قبله، هذا أحسن الاحتمالين دعانا إليه حسن ظننا بالقوم وإن کان بعيدا جدا، والاقرب ما لا يفوتک عرفانه، والله أعلم.

[صفحه 372]



صفحه 370، 371، 372.