ولادة ألملک الصالح ووفاته ومدايحه ومراثيه
دعوا کل برق شمتم غير بارق وزوروا المقام الصالحي فکل من ولا تحعلوا مقصودکم طلب الغني ولکن سلوا منه العلي تظفروا بها ومدحه في شعبان سنة 505 بقصيدة منها قصدتک من أرض الحطيم قصائدي [صفحه 351] إن تسألا عما لقيت فإنني لم أنتجع تمد النطاف ولم أقف وقال يمدحه عندک أن وجدي واکتئابي وان الهجر أحدث لي سلوا وان الاربعين إذا تولت ولو لم ينهني شيب نهاني وأيام لها في کل وقت اقضيها وتحسب من حياتي وقد حالت بنو رزيک بيني ومنها ولولا الصالح انتاش القواقي وکنت وقد تخيره رجائي ولم يخفق بحمد الله سعيي ولکن زرت أبلج يقتضيه ومنها أقمت الناصر[1] المحيي فأحيي وبث العدل في الدنيا فأضحي وأنت شهاب حق وهو منه سعي مسعاک في کرم وبأس فأصبح معلم الطرفين لما وصنت الملک من عزمات بدر بأورع لم يزل في کل ثغر مخوف البأس في حرب وسلم [صفحه 352] وقال يمدحه بقصيدة أولها إذا قدرت علي العلياء بالغلب واخطب بألسنة الاغماد ما عجزت ويقول فيها ألقي الکفيل أبوالغارات کلکه وداخلت أنفس الايام هيبته 5 بث الندي والردي زجرا وتکرمة فما لحامل سيف أو مثقفة لما تمرد بهرام واسرته صدعت بالناصر المحبي زجاجتهم أسري إليهم ولوأسري إلي الفلک الاعلي في ليلة قدحت زرق النصال بها ظنوا الشجاعة تنجيهم فقارعهم سقوا بأسکر سکرا لا انقضاء له ومنها لله عزمة محيي الدين کم ترکت سما إليهم سمو البدر تصحبه في فتية من بني رزيک تحسبهم وقال يمدحه بقصيدة منها هل القلب إلا بضعة يتقلب؟ أم النفس إلا وهدة مطمئنة فلا تلزمن الناس غير طباعهم فإنک إن کشفتهم ربما انجلي فتارکهم ما تارکوک فإنهم ولا تغترر منهم بحسن بشاشة [صفحه 353] واصغ إلي ما قلته تنتفع به فما تنکر الايام معرفتي بها وإني لاقوام جذيل محکک عليم بما ترضي المروءة والتقي حلبت أفاويق الزمان براحة وصاحبت هذا الدهر حتي لقد غدت ودوخت أقطار البلاد کأنني وعاشرت أقواما يزيدون کثرة فما راقني في روضهم قط مرتع تراني وإياهم فريقين کلنا فعندهم دنيا وعندي فضيلة علي أن ما عندي يدوم بقاؤه اناس مضي صدر من العمر عندهم رجوت بهم نيل الغني فوجدته وکسل عزم المدح بعد نشاطه کأن القوافي حين تدعي لشکرهم أفوه بحق کلما رمت ذمهم وأصدق إلا أن أريد مديحهم ولو علموا صدق المدائح فيهم ولکن دروا ان الذي جاء مادحا وما زال هذا الامر دأبي ودأبهم إلي أن أذلتني الليالي وأعتبت فهاجرت نحو الصالح الملک هجرة وقال يمدحه من قصيدة هي البدر من سنة البدر أملح [صفحه 354] منعمة تسبي العقول بصورة کأن الظباء العفر يحکين جيدها کأن اهتراز الغصن من فوق ردفها تعلمت من حبي لها عزة الهوي وهيج نار الوجد والشوق قولها فلا جفن إلا ماؤه ثم يسفح وما علمت أني إذا شفني الهوي وإن اعترافي بالتأخر حيث لا ألم تر فضل الصالح الملک لم يدع کأن مساعي جملة الخلق جملة تجمع فيه ما تفرق في الوري يرجي الندي منه فيغني ويسمح له کل يوم منة مستجدة وقال يمدحه من قصيدة من کان لا يعشق الاجياد والحدقا في العشق معني لطيف ليس يعرفه لا خفف الله عن قلبي صبابته ويقول فيها لو کنت أملک روحي وارتضيت بها وإنما الصالح الهادي تملکها واقتادها الحظ حتي جاورت ملکا قال يمدحه وولده وأخاه فارس المسلمين أبيض مجردة؟ أم عيون عجبت لها قضبا باتره فتغدو لارواحنا واتره ظباء فتکن باسد العرين إذا ما هززن رماح القدود حياض اللمي ورياض الخدود فلا تطمعنک تلک الغصون وفيهن فتانة لم تزل ومن أجل سلطانها في المقل تقول لها أعين الناظرين منعمة ردفها مخصب مجذب مقسمة کلها يعجب فجسم جري فيه ماء معين أماو علي الصالح الاوحد وجعد العقوبة سمط اليد ومن نصر العترة الطاهرين لقد شرفت مصر والقاهره وأصبح للدولة الطاهره بعزم ابن رزيک فتح مبين إذا مابدا الملک الناصر يطول بها الامل القاصر [صفحه 356] کريم السجية طلق الجبين فتي شأو همته لا ينال وقد حاز أنهي صفات الکمال وخوله الله دنيا ودين فلا زال ظل أبيه مديد وبلغ في نفسه ما يريد وإخوته السادة الاکرمين وقال يمدح الصالح ويرثي أهل البيت عليهم السلام شأن الغرام أجل أن يلحاني أنا ذلک الصب الذي قطعت به ملئت زجاجة صدره بضميره غدرت بموثقها الدموع فغادرت عنفت أجفاني فقام بعذرها ومنها يا صاحبي وفي مجانبة الهوي بي ما يذود عن التسبب أوله قبضت علي کف الصبابة سلوة امسي وقلبي بين صبر خاذل قد سهلت حزن الکلام لنادب فابذل مشايعة اللسان ونصره واجعل حديث بني الوصي وظلمهم غصبت أمية إرث آل محمد وغدت تخالف في الخلافة أهلها [صفحه 357] لم تقتنع أحلامها برکوبها وقعودهم في رتبة نبوية حتي أضافوا بعد ذلک أنهم فأتي زياد في القبيح زيادة حرب بنو حرب أقاموا سوقها لهفي علي النفر الذين أکفهم أشلاؤهم مزق بکل ثنية مالت عليهم بالتمالئ أمة دفعوا عن الحق الذي شهدت لهم ما کان أولاهم به لو أيدوا أنساهم المختار صدق ولائه وقضي شاعرنا الملک الصالح شهيدا يوم الاثنين تاسع عشر من شهر رمضان سنة ست وخمسين وخمسمائة ورثاه الفقيه عمارة اليمني بقصيدة أولها أفي أهل ذا النادي عليم اسائله؟ سمعت حديثا أحسد الصم عنده فهل من جواب يستغيث به المني وقد رابني من شاهد الحال إنني فهل غاب عنه واستناب سليله؟ فإني أري فوق الوجوه کآبة ويقول فيها دعوني فما هذا أوان بکائه ولا تنکروا حزني عليه فإنني ولم لا نبکيه ونندب فقده فياليب شعري بعد حسن فعاله أيکرم مثوي ضيفکم وغريبکم [صفحه 358] ومنها فياأيها الدست الذي غاب صدره عهدت بک الطود الذي کان مفزعا فمن زلزل الطود الذي ساخ في الثري ومن سد باب الملک والامر خارج ومن عوق الغازي المجاهد بعدما ومن أکره الرمح الرديني فالنوي من کسر العضب المهند فاغتدي ومن سلب الاسلام حلية جيده ومن أسکت الفضل الذي کان فضله وما هذه الضوضاء من بعد هيبة کأن أبا الغارات لم يشن غارة ولا لمعت بين العجاج نصوله ولا صارفي عالي رکابيه موکب ولا مرحت فوق الدروع يراعه ولا قسمت ألحاظه بين مخلص ولا قابل المحراب والحرب عاملا تعجبت من فعل الزمان بنفسه بمن تفخر الايام بعد طلائع أتنزل بالهادي الکفيل صروفها وتسعي المنايا منه في مهجة امرئ ورثاه بقصيدة اخري منها تنکد بعد الصالح الدهر فاغتدت أيجدب خدي من ربيع مدامعي وهل عنده ان الدخيل من الجوي [صفحه 359] وإن برقت سني لذکر حکاية ورثاه بقصيدة أولها طمع المرء في الحياة غرور ولکم قدر الفتي فأتته منها فض ختم الحياة عنک حمام ما تخطي إلي جلالک إلا بذرت عمرک الليالي سفاها وقال ليت يوم الاثنين لم يتبسم طلعت شمسه بيوم عبوس وتجلي صباحه عن جبين صبح المجد في صبيحة ذاک بلغ الدهر عندها ما تمني حادث ظلت الحوادث ما ترجف الارض حين يذکر عنه طبق الارض من مصاب أبي الغا ومنها لک رضوان زائر ولقوم حفظت عهدک الخلافة حفظا أحسنت بعدک الصنيعة فينا وأبي الله أن يتم عليها ضيقوا حفرة المکيدة لکن [صفحه 360] وتجروا علي القصور بغدر حرم آمن وشهر حرام لا صيام نهاهم لا إمام أخفروا ذمة الهدي بعد علم وإذا ما وفت خدور البوادي غضب العاضد الامام فکادت أدرک الثأر من عداه بعزم واستقامت بنصره وهداه دفن الملک الصالح بالقاهرة ثم نقل ولده العادل سنة سبع وخمسين وخمسمائة في تاسع صفر تابوت أبيه من القاهرة إلي مشهد بني له في القرافة[3] في وزارته وحفر سردابا يوصل فيه من دار الوزارة إلي دار سعيد السعداء وعمل فيه الفقيه عمارة اليمني قصائد منها خربت ربوع المکرمات لراحل نعش الجدود العاثرات مشيع نعش تود بنات نعش لو غدت شخص الانام إليه تحت جنازة ومنها وکأنها تابوت موسي أودعت أوطنته دار الوزارة ريثما وتغاير الهرمان والحرمان في آثرت مصرا منه بالشرف الاذي غضب الاله علي رجال أقدموا لا تعجبن لقدار ناقة صالح أحللت دار کرامة لا تنقضي [صفحه 361] وقع القصاص بهم وليسوا مقنعا ضاقت بهم سعة الفجاج وربما فتهن بالاجر الجزيل وميتة مات الوصي بها وحمزة عمه وقال في يوم الخميس وقد نقل الصالح إلي تربته بالقرافة يا مطلق العبرات وهي غزار ما بال دمعک وهو ماء سافح لا تتخذني قدوة لک في الاسي خفض عليک فإن زند بليتي إن کان في يدک الخيار؟ فإنني في کل يوم لي حنين مضلة عاهدت دمعي أن يقر فخانني هل عند محتقر يسير بلية ومنها حتي إذا شيدتها ونصبتها ومنها أکفيل آل محمد ووليهم ومنها ولقد وفي لک من صنائعک امرؤ أوفي أبوحسن بعهدک عندما غابت حماتک واثقين ولم تغب ومنها ملک جناية سيفه وسنانه جمعت له فرق القلوب علي الرضي وهما اللذان إذا أقاما دولة [صفحه 362] وإذا هما افترقا ولم يتناصرا ياخير من نقضت له عقد الحبي ومضت أوامره المطاعة حسب ما إن الکفالة والوزارة لم يزل کانت مسافرة إليک وتعبد الا حتي إذا نزلت عليک وشاهدت ألقت عصاها في ذراک وعريت لله سيرتک التي أطلقتها جلت فصلي خاطري في مدحها والخيل لا يرضيک منها مخبر ومدائحي ما قد علمت وطالما إن أخرتني عن جنابک محنة فلدي من حسن الولاء عقيدة وقال يرثيه ويمدح ولده الملک الناصر العادل بن الصالح أنشدها في مشهده بالقرافة في شعبان سنة سبع وخمسين وخمسمائة أري کل جمع بالردي يتفرق وما هذه الاعمار إلا صحائف ومنها ولما تقضي الحول إلا لياليا وعجنا بصحراء القرافة والاسي عقدنا علي رب القوافي عقائلا وقلنا له خذ بعض ما کنت منعما عقود قواف من قوافيک تنتقي نثرنا علي حصباء قبرک درها ويقول فيها [صفحه 363] وجدناکم يا آل رزيک خير من وفدنا إليکم نطلب الجاه والغني وعلمتمونا عزة النفس بالندي وصيرتم الفسطاط بالجود کعبة فلا سترکم عن مرتج قط مرتج وليس لقلب في سواکم علاقة
ولد الملک الصالح سنة خمس وتسعين وأربعمائة ومدحه الفقيه عمارة اليمني) (الآتي ذکره) بقصايد توجد في کتابه (النکت العصرية) منها
يلوح علي الفسطاط صادق بشره
علي الارض ينسي ذکره عند ذکره
فتجنوا علي مجد المقام وفخره
فکل امري يرجي علي قدر قدره
حادي سراها سنة وکتاب
لا مخفق أملي ولا کذاب
بمذانب وقفت بها الاذناب
تراجع مذ رجعت إلي اجتنابي؟
يسکن برده حر التهابي؟
بريعان الصبا قبح التصابي؟
صباح الشيب في ليل الشباب
جنايات تجل عن العتاب
وقد أنفقتهن بلا حساب
وبين الدهر بالمنن الرغاب
لکان الفضل مجتنب الجناب
کمن هجر السراب إلي الشراب
إلي مصر ولا خاب انتخابي
نداه عمارة الامل الخراب
رسوما کن کالرسم اليباب
قطيع الشاء يأنس بالذئاب
بمنزلة الضياء من الشهاب
وشب علي خلائقک العذاب
حوي شرف انتساب واکتساب
بميمون النقيبة والرکاب
زعيم القب مضروب القباب
وحد السيف يخشي في القراب
فلا تعرج علي سعي ولا طلب
عن نيله ألسن الاشعار والخطب
علي الزمان وضاعت حيلة النوب
حتي استرابت نفوس الشک والريب
فکل قلب رهين الرعب في الرعب
سوي التحمل بين الناس من إرب
جهلا وراموا قراع النبع بالغرب
وللزجاجة صدع غير منشعب
لخافت قلوب الانجم الشهب
نارا تشب بأطراف القنا الاشب
أبوشجاع قريع المجد والحسب
من قهوة الموت لا من قهوة العنب
بتربة الحي من خد امرئ ترب
کواکب من سحاب النقع في حجب
عن جانبيه رحي دارت علي قطب
له خاطر يرضي مرارا ويغضب
تفيض شعاب الهم منها وتنضب؟
فتتعب من طول التعاب ويتعبوا
رمادهم من جمرة تتلهب
إلي الشر مذ کانوا من الخيرأقرب
فأکثر ايماض البوارق خلب
ولا تطرح نصحي فأني مجرب
ولا إنني أدري بهن وأدرب
وإني لاقوام عذيق مرجب
خبير بما آتي وما أتجنب
تدر بها أخلافه حين تخلب
عجائبه من خبرتي تتعجب
إلي الريح اعزي أو إلي الخضرأنسب
علي الالف أوعد الحصي حين يحسب
ولا شاقني في وردهم قط مشرب
بما عنده من عزة النفس معجب
ولا شک إن الفضل أعلي وأغلب
علي ويفني المال عنهم ويذهب
اصعد ظني فيهم واصوب
کما قيل في الامثال عنقاءمغرب
ندي ذمه عندي من المدح أوجب
علي الجمر تمشي أو علي الشوک تسحب
وما غير قول الحق لي قط مذهب
فإني علي حکم الضرورة أکذب
لکانت مساعيهم تهش وتطرب
بغير الذي فيهم يسب ويثلب
اغالب لومي فيهم وهو أغلب
وما خلتها بعد الاساءة تعتب
غدت سببا للامن وهو المسبب
وغرتها من غرة الصبح أصبح
إلي مثلها لب الجوانح يجنح
ومقلتها في حين ترنو وتسنح
هضيم بأعلي رملة يترنح
وقد کنت فيه قبلها أتسمح
أحتي إلي الجوزاء طرفک يطمح؟
ولا نار إلا زندها ثم يقدح
إليها بدعوي الصبر لا أتبجح
يقدمني فضل أجل وأرجح
علي الارض من يثني عليه ويمدح؟
غدت بمساعيه الحميدة تشرح
علي انه أسني وأسمي وأسمح
ويخشي الردي منه فيعفو ويصفح
يضوع جميل الذکر منها وينفح
ثم ادعي لذة الدنيا فما صدقا
من البرية إلا کل من عشقا
للغانيات ولا عن طرفي الارقا
بذلتها لک لا زورا ولا ملقا
بفيض جود رعي آماله وسقي
تمسي ملوک الليالي عنده سوقا
تسل وأجفانهن الجفون؟
تصول بها المقل الفاتره
وغائرة خرجت من کمين
حمين النفوس لذيذ الورود
فإن کثيب نقاها مصون
أوامر مقلتها تمتثل
إذا مارنت ما الذي تأمرين؟
وما اهتز من خصرها
وقلب غدا صخرة لا تلين
ردي المعتدي وندي المجتدي
ونعم النصير لهم والمعين
بأيام دولته القاهره
وعزم ابنه ناصر الناصرين
بدت شيم مالها حاصر
بري الله کلتا يديه يمين
فماذا عسي في علاه يقال؟
وأصخي له کل خلق يدين
مدي الدهر في دولة لا تميد
وفي عمهم فارس المسلمين
فيه وإن کنت الشفيق الحاني
صلة الغرام مطامع السلوان
فبدت خفية شأنه للشاني
سري أسيرا في يد الاعلان
وجد يبيح ودائع الاجفان
رأي الرشاد فما الذي تريان؟
ويزيل أيسره جنون جناني
تنهي النهي عن طاعة العصيان
وتجلد قاص وهم دان
آل الرسول نواعب الاحزان
إن فات نصر مهند وسنان
تشبيب شکوي الدهر والخذلان
سفها وشنت غارة الشنآن
وتقابل البرهان بالبهتان
ظهر النفاق وغارب العدوان
لم يبنها لهم أبوسفيان
أخذوا بثار الکفر في الايمان
ترکت يزيد يزيد في النقصان
وتشبهت بهم بنو مروان
غيث الوري ومعونة اللهفان
وجسومهم صرعي بکل مکان
باعت جزيل الربح بالخسران
بالنص فيه شواهد القرآن
بالصالح المختار من غسان
کم أول أربي عليه الثاني
فإني لما بي ذاهب اللب ذاهله
ويذهل واعيه ويخرس قاتله
ويعلو علي حق المصيبة باطله؟!؟!
أري الدست منصوبا وما فيه کافله
أم اختار هجرا لا يرجي تواصله؟
تدل علي أن الوجوه ثواکله
سيأتيکم طل البکاء ووابله
تقشع عني وابل کنت آمله
وأولادنا أيتامه وأرامله؟
وقد غاب عناما بنا الله فاعله
فيمکث أم تطوي ببين مراحله؟
فماجت بلاياه وهاجت بلابله
إذا نزلت بالملک يوما نوازله
وفي کل أرض خوفه وزلازله؟
إلي سائر الاقطار منه وداخله؟
أعدت لغزو المشرکين جحافله؟
وأرهقه حتي تحطم عامله؟
وأجفانه مطروحة تحطم حمائله؟
مإلي أن تشکي وحشة الطرق عاطله؟
خطيبا إذا التفت عليه محافله؟
إذا خامرت جسما تخلت مفاصله؟
يريک سواد الليل فيها قساطله
ولا طرزت ثوب الفجاج مناصله
ينافس فيه فارس الخيل راجله
کما مرحت تحت السروج صواهله
جميل السجايا أو عدو يجامله
من البأس والاحسان ما الله قابله
ولا شک إلا أنه جن عاقله
ولم يک في أبنائها من يماثله؟
وقد خيمت فوق السماک منازله؟
سعت همم؟ الاقدار فيما تحاوله
مجالس أيامي وهن غيوب
وربعي من نعمي يديه خصيب؟
مقيم بقلبي ما أقام عسيب؟
فإن فؤادي ما حييت کئيب
وطويل الآمال فيها قصير
نوب لم يحط بها التقدير
لا يراعي إذنا ولا يستشير
قدر أمره علينا قدير
فسيعلمن ما جني التبذير
عن محياه لليالي ثغور
حير الطير شره المستطير
إثمد الليل فوقه مذرور
اليوم غبراء صيلم عنقفير[2] .
وعليها کان الزمان يدور
شاهدته من جوره تستجير
وتکاد السماء منه تمور
رات خطب له النجوم تغور
هلکوا فيه منکر ونکير
أنت منها به خليق جدير
فاستوت منک غيبة وحضور
ما نوي حاسد لها أو کفور
ضاق بالناکثين ذاک الحفير
وسراج الوفاء فيها ينير
هتکت منهما عري وستور
طاهر ترب أخمصيه طهور
ويقين ان الامام خفير
بذمام فما تقول القصور؟
فرقا منه أن تذوب الصخور
لم يکن في النشاط منه فتور
حجة الله واستمر المرير
عمرت به الاجداث وهي قفار
عميت برؤية نعشه الابصار
ونظامها أسفا عليه نثار
خفضت برفعة قدرها الاقدار
في جانبيه سکينة ووقار
بنيت لنقلته الکريمة دار
تابوته وعلي الکريم يغار
حسدت قرافتها له الامصار
جهلا عليه وآخرين أشاروا
فلکل عصر صالح وقدار
أبدا وحل بقاتليک بوار
يرضي وأين من السماء غبار؟
نام الولي ولا ينام الثار
درجت عليها قبلک الاخيار
وابن البتول وجعفر الطيار
ومقيد الزفرات وهي حرار
يذکي به من حد وجدک نار؟
فلدي منه مشاعر وشعار
وار وفي صدري صدي واوار
ولهان لم أترک وما أختار
يؤدي لها بعد الحوار حوار
قلب لسائله الهموم قرار
إن الصغار من الهموم کبار؟
علما يحج فناؤه ويزار
في حيث عرف وليهم إنکار
بثنائه تستسمع السمار
خذلت يمين اختها ويسار
فکأنهم بحضوره حضار
في کل جبار عصاره جبار
والسيف جامعهن والدينار
دانت وکان لامرها استمرار
عز العدو وذلت الانصار
وغدا إليه النقض والامرار
يقضي به الايراد والاصدار
يومي إليک بفضلها ويشار
خطار مالم ترکب الاخطار
ملکا لزند الملک منه اوار
عنها السروج وحطت الاوکار
وقيودها التأريخ والاشعار
وکبت ورائي قرح ومهار
إلا إذا ما لزها المضمار
سبقت ولم يبلل لهن عذار
بأقل منها تبسط الاعذار
يرضيک منها الجهر والاسرار
وکل جديد بالبلي يتمزق
تؤرخ وقتا ثم تمحي وتمحق
تضاف إلي الماضي قريبا وتلحق
يغرب في أکبادنا ويشرق
تغر إذا هانت جياد وأينق
به وقضاء الحق بالحر أليق
ودر معان من معانيک يسرق
صحيحا ودر الدمع في الخد يفلق
تنص إليه اليعملات وتعنق
فأکرم ذو مثوي وأغني مملق
وملقي وجوه لم يشنها التملق
يطوف برکنيها العراق وجلق[4] .
ولا بابکم عن معلق الحظ مغلق
ولا ليد إلا بکم متعلق
صفحه 351، 352، 353، 354، 356، 357، 358، 359، 360، 361، 362، 363.