کلمات حول ألملک الصالح
[صفحه 346] عمتک إلي حتي أنتقم منها فأمر بأخذها فأرسل إليها فأخذها قهرا واحضرت عنده فقتلها ووصي بالوزارة لابنه رزيک ولقب العادل فانتقل الامر إليه بعد وفاة أبيه، وللصالح أشعار حسنة بليغة تدل علي فضل غزير فمنها في الافتخار أبي الله إلا أن يدوم لنا الدهر علمنا بأن المال تفني الوفه خلطنا الندي بالباس حتي کأننا قرانا إذا رحنا إلي الحرب مرة کما أننا في السلم نبذل جودنا وکان الصالح کريما فيه أدب وله شعر جيد وکان لاهل العلم عنده إتفاق، ويرسل إليهم العطاء الکثير، بلغه أن الشيخ أبا محمد بن الدهان النحوي البغدادي المقيم بالموصل قد شرح بيتا من شعره وهو هذا تجنب سمعي ما يقول العواذل فجهز إليه هدية سنية ليرسلها إليه فقتل قبل إرسالها، وبلغه ايضا ان إنسانا من أعيان الموصل قد أثني عليه بمکة فأرسل إليه کتابا يشکره ومعه هدية، وکان الصالح إماميا لم يکن علي مذهب العلويين المصريين، ولما ولي العاضد الخلافة ورکب سمع الصالح ضجة عظيمة فقال ما الخبر؟ فقيل إنهم يفرحون فقال کأني بهؤلاء الجهلة وهم يقولون ما مات الاول حتي استخلف هذا وما علموا أنني کنت من ساعة استعرضهم استعراض الغنم قال عمارة[1] دخلت علي الصالح قبل قتله بثلاثة أيام فناولني قرطاسا فيه بيتان من شعر وهما نحن في غفلة ونوم وللمو قد رحلنا إلي الحمام سنينا فکان آخر عهدي به وقال عمارة ايضا ومن عجيب الاتفاق إنني أنشدت إبنه قصيدة أقول فيها أبوک الذي تسطو الليالي بحده [صفحه 347] لرتبته العظمي وإن طال عمره تخالصک اللحظ المصون ودونها فانتقل الامر عليه بعد ثلاثة أيام. 2- وقال إبن خلکان في تاريخه ج 1 ص 259 دخل الصالح إلي القاهرة و تولي الوزارة في أيام الفائز، واستقل بالامور وتدبير أحوال الدولة، وکان فاضلا محبا لاهل الفضايل، سمحا في العطاء سهلا في اللقاء جيد الشعر ومن شعره کم ذا يرينا الدهر من أحداثه ننسي الممات وليس يجري ذکره ومنه ايضا ومهفهف ثمل القوام سرت إلي ماضي اللحاظ کأنما سلت يدي قد قلت إذ خط العذار بمسکه ما الشعر دب بعارضيه وإنما ألناس طوع يدي وأمري نافذ فاعجب بسلطان يعم بعدله والله لولا اسم الفرار وإنه وأنشد لنفسه بمصر مشيبک فقد نضا صبغ الشباب تنام ومقلة الحدثان يقظي وکيف بقاء عمرک وهو کنز وکان المهذب عبدالله بن أسعد الموصلي نزيل حمص قد قصده من الموصل و مدحه بقصيدته الکافية التي أولها أما کفاک تلاقي في تلاقيکا وفيم تغضب إن قال الوشاة سلا لا نلت وصلک إن کان الذي زعموا [صفحه 348] وهي من نخب القصايد. 3- قال المقريزي في الخطط(ج 4 ص 8173 زار الملک الصالح مشهد الامام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في جماعة من الفقراء وإمام مشهد علي رضي الله عنه يومئذ السيد إبن معصوم[2] فزار طلايع وأصحابه وباتوا هنالک فرأي السيد في منامه الامام صلوات الله عليه يقول له قد ورد عليک الليلة أربعون فقيرا من جملتهم رجل يقال له طلايع بن رزيک من أکبر محبينا فقل له إذهب فإنا قد وليناک مصر فلما أصبح أمر من ينادي من فيکم اسمه طلايع بن رزيک؟ فليقم إلي السيد ابن معصوم فجاء طلايع إلي السيد وسلم عليه فقص عليه رؤياه، فرحل إلي مصر وأخذ أمره في الرقي، فلما قتل نصر بن عباس الخليفة الظافر إسماعيل إستثارت نساء القصر لاخذ ثاراته بکتاب في طيه شعورهن، فحشد طلايع الناس يريد النکبة بالوزير القاتل، فلما قرب من القاهرة فر الرجل ودخل طلايع المدينة بطمأنينة وسلام، فخلعت عليه خلايع الوزارة ولقب بالملک الصالح، فارس المسلمين، نصير الدين، فنشر الامن وأحسن السيرة (ثم ذکر حديث قتله[3] ( وقال کان شجاعا کريما جوادا فاضلا محبا لاهل الادب جيد الشعر رجل وقته فضلا وعقلا وسياسة وتدبيرا، وکان مهابا في شکله، عظيما في سطوته، وجمع أموالا عظيمة، وکان محافظا علي الصلوات فرايضها ونوافلها شديد المغالاة في التشيع صنف کتابا سماه (الاعتماد في الرد علي أهل العناد) جمع له الفقهاء وناظرهم عليه وهو يتضمن إمامة علي بن أبي طالب عليه السلام، وله شعرکثير يشتمل علي مجلدين في کل فن فمنه في إعتقاده يا امة سلکت ضلالا بينا قلتم ألا إن المعاصي لم تکن لو صح ذا کان الاله بزعمکم [صفحه 349] حاشا وکلا أن يکون إلهنا وله قصيدة سماها (الجوهرية في الرد علي القدرية). ثم قال ويروي انه لما کانت الليلة التي قتل في صبيحتها قال هذه الليلة ضرب في مثلها الامام أميرالمؤمنين عليه السلام وأمر بقراءة مقتله واغتسل وصلي مائة وعشرين رکعة أحيي بها ليله وخرج ليرکب فعثر وسقطت عمامته واضطرب لذلک وجلس في دهليز دار الوزارة فأحضر ابن الصيف وکان يلف عمايم الخلفاء والوزراء وله علي ذلک الجاري الثقيل ليصلح عمامته وعند ذلک قال له رجل إن هذا الذي جري يتطير منه فإن رأي مولانا أن يؤخر الرکوب فعل فقال ألطيرة من الشيطان وليس إلي التأخير سبيل ثم رکب فکان من أمره ما کان. وقال في ج 2 ص 284 قال إبن عبد الظاهر مشهد الامام الحسين صلوات الله عليه قد ذکرنا ان طلايع بن رزيک المنعوت بالصالح کان قد قصد نقل الرأس الشريف من عسقلان[4] لما خاف عليها من الفرنج وبني جامعه خارج باب زويلة ليدفنه به و يفوز بهذا الفخار فغلبه أهل القصر علي ذلک وقالوا لا يکون ذلک إلا عندنا فعمدوا إلي هذا المکان وبنوه له ونقلوا الرخام إليه وذلک في خلافة الفائز علي يد طلايع في سنة تسع وأربعين وخمسائة. وسمعت من يحکي حکاية يستدل بها علي بعض شرف هذا الرأس الکريم المبارک وهي أن السلطان المللک الناصر رجمه الله لما أخذ هذا القصر وشي إليه بخادم له قدر في الدولة المصرية وکان ببده زمام القصر وقيل له انه يعرف الاموال التي بالقصر والدفائن فاخذ وسئل فلم يجب بشئ وتجاهل فأمر صلاح الدين نوابه بتعذيبه فأخذه متولي العقوبة وجعل علي رأسه خنافس وشد عليها قرمزية، وقيل إن هذه أشد العقوبات، وان الانسان لا يطيق الصبر عليها ساعة إلا تنقب دماغه وتقتله ففعل ذلک به مرارا وهو لا يتأوه وتوجد الخنافس ميتة فعجب من ذلک وأحضره وقال له هدا سرفيک ولابد أن تعرفني به فقال والله ما سبب هذا إلا أني لما وصلت رأس الامام الحسين حملتها قال وأي سر أعظم من هذا وراجع في شأنه فعفا عنه إنتهي. 4- وقال الشعراني في مختصر تذکرة القرطبي ص 121 قد ثبت ان طلايع [صفحه 350] ابن رزيک الذي بني المشهد بالقاهرة نقل الرأس إلي هذا المشهد بعد أن بذل في نقلها نحو أربعين ألف دينار، وخرج هو وعسکره فتلقاها من خارج مصر حافيا مکشوف الرأس هو وعسکره، وهو في برنس حرير أخضر في القبر الذي هو في المشهد موضوعة علي کرسي من خشب الآبانوس، ومفروش هناک نحو نصف أردب من الطيب کما أخبرني بذلک خادم المشهد، إلي أن قال في ص 122 فزر يا أخي هذا المشهد بالنية الصالحة إن لم يکن عندک کشف فقول الامام القرطبي إن دفن الرأس في مصر باطل صحيح في أيام القرطبي فإن الرأس إنما نقلها طلايع إبن رزيک بعد موت القرطبي قال الاميني هذا التصحيح لقول القرطبي يکشف عن جهل الشعراني بترجمة القرطبي وطلايع، وقد خفي عليه ان القرطبي توفي سنة 671 بعد وفاة طلايع الملک الصالح بمائة وخمس عشر سنة فإنه توفي سنه 556 ونطفة القرطبي لم تنعقد بعد. ثم مشهد رأس الحسين الذي بناه طلايع احترق سنة 740 فاعيد بناؤه مرارا وأخيرا اقيم في جواره جامع حتي إذا کانت أيام الامير عبدالرحمن کخيا أحد أمراء المماليک فاعيد بناء المشهد الحسيني في أواخر القرن الماضي للميلاد وبعد ذلک اعيد بناؤه برمته في أيام الخديوي السابق، ولم يبق من البناء القديم إلا القبة المغطية لمقام الامام فأصبح علي ما نشاهده الآن وهو الجامع المعروف بجامع سيدنا الحسين[5] .
1- قال إبن الاثير في الجزء الحادي عشر من تاريخه الکامل(ص 103 في هذه السنة يعني سنة (556) في شهر رمضان قتل الملک الصالح وزير العاضد العلوي صاحب مصر وکان سبب قتله انه تحکم في الدولة ألتحکم العظيم واستبد بالامر والنهي وجباية الاموال إليه لصغر العاضد ولانه هو الذي ولاه ووتر الناس فإنه أخرج کثيرا من أعيانهم وفرقهم في البلاد ليأمن وثوبهم عليه، ثم أنه زوج ابنته من العاضد فعاداه ايضا الحرم من القصر فارسلت عمة العاضد الاموال إلي الامراء المصريين و دعتهم إلي قتله وکان أشدهم عليه في ذلک إنسان يقال له إبن الداعي، فوقفوا له في دهليز القصر فلما دخل ضربوه بالسکاکين علي دهش فجرحوه جراحات مهلکة إلا انه حمل إلي داره وفيه حياة فأرسل إلي العاضد يعاتبه علي الرضا بقتله مع أثره في خلافته فأقسم العاضد انه لا يعلم بذلک ولم يرض به فقال إن کنت بريئا فسلم
ويخدمنا في ملکنا العز والنصر
ويبقي لنا من بعده الاجر والذکر
سحاب لديه البرق والرعد والقطر
قرانا ومن أضيافنا الذئب والنسر
ويرتع في أنعامنا العبد والحر
وأصبح لي شغل من الغز وشاغل
ت عيون يقظانة لا تنام
ليت شعري متي تکون الحمام؟
وأنت يمين إن سطا وشمال
إليک مصير واجب ومنال
حجاب شريف لا انقضي وحجال
عبرا وفينا الصد والاعراض
فينا فتذکرنا به الامراض
أعطافه النشوات من عينيه
سيفي غداة الروع من جفنيه
في خده ألفيه لا لاميه
أصداغه نفضت علي خديه
فيهم وقلبي الآن طوع يديه
ويجور سلطان الغرام عليه
مستقبح لفررت منه إليه
وحل الباز في وکر الغراب
وما ناب النوائب عنک ناب
وقد انفقت منه بلا حساب؟
ولست تقم إلا فرط حبيکا
وأنت تعلم أني لست أسلوکا؟
ولا شفي ظمأي جواد ابن رزيکا
حتي استوي إقرارها وجحودها
إلا بتقدير الاله وجودها
منع الشريعة أن تقام حدودها
ينهي عن الفحشاء ثم يريدها
صفحه 346، 347، 348، 349، 350.