اميرالمؤمنين وعمرو في معترک القتال بصفين
ليس عمرو بتارک ذکره الحرث واضع السيف فوق منکبه الاي ليت عمرا يلقاه في حومة النقع حيث يدعو البراز حامية القوم فوق شهب مثل السحوق[1] من ثم يا عمرو تستريح من الفخر فالقه إن أردت مکرمة الدهر فشاعت هذه الابيات حتي بلغت عمرا فأقسم بالله ليلقين عليا ولو مات ألف موتة. فلما إختلطت الصفوف لقيه فحمل عليه برمحه فتقدم علي وهو مخترط سيفا، معتقل رمحا، فلما رهقه همز فرسه ليعلو عليه، فألقي عمرو نفسه عن فرسه إلي الارض شاغرا برجليه، کاشفا عورته، فانصرف عنه علي لاقتا وجهه، مستدبرا له، فعد الناس ذلک من مکارم علي وسؤدده، وضرب بها المثل. کتاب صفين لابن مزاحم ص 224، شرح إبن إبي الحديد 2 ص 110. وقال إبن قتيبة في- الامامة السياسة- 1 ص 91: ذکروا ان عمرا قال لمعاوية: أتجبن عن علي وتتهمني في نصيحتي إليک؟؟!! والله لابارزن عليا و لو مت ألف موتة في أول لقائه، فبارزه عمرو فطعنه علي فصرعه، فإتقاه بعورته فانصرف عنه علي وولي بوجهه دونه، وکان علي رضي الله عنه لم ينظر قط إلي عورة أحد حياء [صفحه 159] وتکرما وتنزها عما لا يحل، ولا يجل بمثله کرم الله وجهه. وقال المسعودي في مروج الذهب 2 ص 25: إن معاوية أقسم علي عمرو لما أشار عليه بالبراز إلي أن يبرز إلي علي فلم يجد عمرو من ذلک بدا فبرز، فلما إلتقيا عرفه علي وشال السيف ليضربه به فکشف عمرو عن عورته وقال: مکره أخوک لابطل. فحول علي وجهه وقال: قبحت. ورجع عمرو إلي مصافه. إجتمع عند معاوية في بعض ليالي صفين عمرو بن العاص، وعتبة بن أبي سفيان والوليد بن عقبة، ومروان بن الحکم، وعبدالله بن عامر، وإبن طلحة الطلحات الخزاعي، فقال عتبة: إن أمرنا وأمر علي بن أبي طالب لعجيب، ما فينا إلا موتور مجتاح، أما أنا فقتل جدي عتبة بن ربيعة وأخي حنظلة وشرک في دم عمي شيبة يوم بدر، وأما أنت يا وليد؟ فقتل أباک صبرا، وأما أنت يا ابن عامر فصرع أباک وسلب عمک، وأما أنت يابن طلحة؟ فقتل أباک يوم الجمل، وأيتم إخوتک، وأما أنت يا مروان، فکما قال الشاعر[2] . وأفلتهن علباء جريضا فقال معاوية: هذا الاقرار فأي غير غيرت؟ قال مروان: وأي غير تريد؟! قال: اريد أن تشجروه بالرماح. قال: والله يا معاوية؟ ما أراک إلا هاذيا أو هاذئا وما أرانا إلا ثقلنا عليک. فقال إبن عقبة: يقول لنا معاوية بن حرب يشد علي أبي حسن علي فيهتک مجمع اللبات منه فقلت له: أتلعب يابن هند؟ [صفحه 160] أتغرينا بحية بطن واد وما ضبع يدب ببطن واد بأضعف حيلة منا إذا ما دعا للقاه في الهيجاء لاق سوي عمرو وقته خصيتاه کأن القوم لما عاينوه کعمرو أي معاوية بن حرب لقد ناداه في الهيجا علي فغضب عمرو وقال: إن کان الوليد صادقا فليلق عليا، أو فليقف حيث يسمع صوته وقال عمرو: يذکرني الوليد دعا علي متي يذکر مشاهده قريش فأما في اللقاء فأين منه وعير في الوليد لقاء ليث لقيت ولست أجهله عليا فأطعنه ويطعنني خلاسا[8] . فرمها أنت يابن أبي معيط واقسم لو سمعت ندا علي ولو لاقيته شقت جيوب [صفحه 161] وفي رواية سبط إبن الجوزي: ثم إلتفت الوليد إلي عمرو بن العاص وقال: إن لم تصدقوني وإلا فسلوا. أراد تبکيت عمرو، قال هشام بن محمد: ومعني هذا الکلام: إن عليا خرج يوما من أيام صفين فرأي عمرو بن العاص في جانب العسکر ولم يعرفه فطعنه، فوقع، فبدت عورته، فاستقبل عليا فأعرض عنه ثم عرفه فقال: يابن النابغة؟ أنت طليق دبرک أيام عمرک، وکان قد تکرر منه هذا الفعل.
کان عمرو بن العاص عدو للحرث بن نضر الخثعمي، وکان من أصحاب علي عليه السلام، وکان علي قد تهيبته فرسان الشام وملا قلوبهم بشجاعته وإمتنع کل منهم من الاقدام عليه وکان عمرو ما جلس مجلسا إلا ذکر فيه الحرث بن نضر الخثعمي وعابه فقال ألحرث:
مدي الدهر أو يلاقي عليا
من لا يحسب الفوارس شيا
وقد أمست السيوف عصيا
إذا کان بالبراز مليا
النخل ينادي المبارزين: إليا
وتلقي به فتي هاشميا
أو الموت کل ذاک عليا
ولو أدرکته صفر الوطاب[3] .
أما فيکم لواترکم طلوب؟
باسمر لا تهجنه العکوب[4] .
ونقع القوم مطرد يثوب
کأنک بيننا رجل غريب
إذا نهشت فليس لها طبيب
اتيح[5] له به أسد مهيب
لقيناه ولقياه عجيب
فأخطأ نفسه الاجل القريب
نجي ولقلبه منه وجيب
خلال النقع ليس لهم قلوب
وما ظني ستلحقه العيوب
فأسمعه ولکن لا يجيب
وبطن المرء يملاه الوعيد
يطر من خوفه القلب الشديد
معاوية بن حرب والوليد
إذا مازار[6] هابته الاسود
وقد بلت من العلق اللبود[7] .
وماذا بعد طعنته اريد؟
وأنت الفارس البطل النجيد[9] .
لطار القلب وانتفخ الوريد
عليک ولطمت فيک الخدود[10] .
صفحه 159، 160، 161.