حديث شجاعة عمرو بن العاص
سوي عمرو وقته خصيتاه وفي شعر معاوية بن أبي سفيان يذکر عمرا وموقفه کما يأتي: فقد لاقي أبا حسن عليا فلو لم يبد عورته للاقي وفي شعر الحارث بن نصر السهمي: فقولا لعمرو وابن أرطاة أبصرا ولا تحمدا إلا الحيا وخصاکما وفي شعر الامير أبي فراس: ولا خير في دفع الردي بمذلة وفي شعر الزاهي البغدادي: وصد عن عمرو بسر کرما وقال آخر: ولا خير في صون الحياة بذلة وقال عبدالباقي الفاروقي العمري: وليلة الهرير قد تکشفت [صفحه 157] فحاد عنه مغضبا حيدرة ولو يشأ رکب فيه زجة وکان قد تکرر منه هذا العمل المخزي کما سيأتي، ولو کان للرجل شيئ من البسالة لجبه معيريه بتعداد مشاهده، وسلقهم بلسان حديد، وهو ذلک الصلف المفوه، وفيما أمر من الحروب کان الزحف للجيش الباسل دونه، فلم يسط أمامه، وإنما کان رئيا في أمرهم يدير وجه الحيلة فيه، کما انه کان في صفين کذلک لم يبارح سرادق معاوية وطفق يبديه دهائه إلا في موقفين سيوافيک تفصيلهما، ولذلک کله اشتهر بدهاء دون الشجاعة. قال البيهقي في المحاسن والمساوي 1 ص 39: قال عمرو بن العاص لابنه عبدالله يوم صفين: تبين لي هل تري علي بن أبي طالب رضي الله عنه؟ قال عبدالله: فنظرت إليه فرأيته فقلت: يا أبه؟ ها هو ذاک علي بغلة شهباء عليه قباء أبيض وقلنسوة بيضاء. قال فاسترجع وقال: والله ما هذا بيوم ذات السلاسل ولا بيوم اليرموک ولا بيوم أجنادين، وددت أن بيني وبين موقفي بعد المشرقين. هذا هو الذي عرفه منه معاصروه، وستقف علي أحاديثهم، نعم جاء إبن عبدالبر بعد لاي من عمر الدهر فتهجس في «الاستيعاب» فعده من فرسان قريش وأبطالهم في الجاهلية مذکورا بذلک فيهم. ولعل إبن منير[1] المولود بعد إبن عبدالبر بعشر سنين وقف علي کلامه في «الاستيعاب» وحکمه ببطولة الرجل فقال في قصيدته التترية: وأقول إن أخطأ معاوية هذا ولم يغدر معا بطل بسوءته يقاتل فإليک ما يؤثر في مواقفه حتي تري عيه عن القحوم إلي الفوارس في مضمار النضال والدنو من نقع الحومة، وتقف علي حقيقته من هذه الناحية ايضا، وتعرف قيمة کلام إبن حجر في «الاصابة» 3 ص 2 من: أن النبي صلي الله عليه وآله کان يقربه ويدنيه لمعرفته وشجاعته، ولا نسائله متي قربه وأدناه. [صفحه 158]
لم نعهد لابن النابغة موقفا مشهودا في المغازي والحروب سواء في ذلک: ألعهد الجاهلي، ودور النبوة، وأما وقعة صفين فلم يؤثر عنه سوي مخزات سوئته مع أميرالمؤمنين، وفراره من الاشتر، وقد بقي عليه عار الاولي مدي الحقب والاعوام، وجري بها المثل وغني بها أهل الحجاز وجاء في شعر عتبة بن أبي سفيان:
نجي ولقلبه منه وجيب
فآب الوائلي مآب خازي
به ليثا يذلل کل غازي
سبيلکما لا تلقيا الليث ثانيه
هما کانتا للنفس والله واقيه
کما ردها يوما بسوئته عمرو
إذ لقيا بالسوأتين من شخص
کما صانها يوما بذلته عمرو
عن سوءة ابن العاص لما غلبا
وعف والعفو شعار النجبا
ترکيب مزجي کمعدي کربا
فما أخطا القدر
وية ولا عمرو مکر
لابصار مه الذکر
صفحه 157، 158.