عمرو وابن أخيه











عمرو وابن أخيه



کان لعمرو بن العاص إبن أخ[1] أريب من بني سهم جاءه من مصر فقال له: ألا

[صفحه 149]

تخبرني يا عمرو بأي رأي تعيش في قريش؟ أعطيت دينک، وتمنيت دنياغيرک، أتري أهل مصر وهم قتلة عثمان يدفعونها إلي معاوية وعلي حي؟ وتراها إن صارت إلي معاوية لا يأخذها بالحرف الذي قدمه في الکتاب؟[2] فقال عمرو: يابن أخي إن الامر لله دون علي ومعاوية. فقال الفتي:


ألا يا هند اخت بني زياد
رمي عمرو بداهية البلاد


رمي عمرو بأعور عبشمي
بعيد القعر محشي الکباد[3] .


له خدع يحار العقل فيها
مزخرفة صوائد للفوائد


فشرط في الکتاب عليه حرفا
يناديه بخدعته المنادي


وأثبت مثله عمرو عليه
کلا المرأين حية بطن وادي


ألا يا عمرو؟ ما أحرزت مصرا
وما ملت الغداة إلي الرشاد


وبعت الدين بالدنيا خسارا
فأنت بذاک من شر العباد


فلو کنت الغداة أخذت مصرا
ولکن دونها خرط القتاد


وفدت إلي معاوية بن حرب
فکنت بها کوافد قوم عاد


واعطيت الذي اعطيت منها
بطرس فيه نضح من مداد


ألم تعرف أبا حسن عليا
وما نالت يداه من الاعادي؟؟!!


عدلت به معاوية بن حرب
فيا بعد البياض من السواد


ويا بعد الاصابع من سهيل
ويا بعد الصلاح من الفساد


أتأمن أن تراه علي خدب؟
يحث الخيل بالاسل الخداد[4] .


ينادي بالنزال وأنت منه
قريب فانظرن من ذا تعادي


فقال عمرو: يابن أخي؟ لو کنت مع علي وسعني بيتي ولکن الآن مع معاوية. فقال له الفتي: إنک إن لم ترد معاوية لم يردک. ولکنک تريد دنياه ويريد دينک. وبلغ معاوية قول الفتي، فطلبه فهرب فلحق فحدثه بأمر عمرو ومعاوية. قال

[صفحه 150]

فسر ذلک عليا وقربه قال: وغضب مروان وقال: ما بالي لا أشتري کما إشتري عمرو؟! فقال معاوية: إنما يشتري الرجال لک. قال: فلما بلغ عليا ما صنع معاوية وعمرو قال:


يا عجبا لقد سمعت منکرا
کذبا علي الله يشيب الشعرا


يسترق السمع ويغشي البصرا
ما کان يرضي أحمد لو اخبرا


أن يقرنوا وصيه والابترا
شاني الرسول واللعين الاخزرا[5] .


کلاهما في جنده قد عسکرا
قد باع هذا دينه فأفجرا


من ذا بدنيا بيعه قد خسرا
بملک مصر إن أصاب الظفرا


إني إذا الموت دنا وحضرا
شمرت ثوبي ودعوت قنبرا


قدم لوائي لا تؤخر حذرا
لن ينفع الحذارمما قدرا


لما رأيت الموت موتا أحمرا
عبأت همدان وعبوا حميرا


حي يمان يعظمون الخطرا
قرن إذا ناطح قرنا کسرا


قل لابن حرب لا تدب الحمرا
أرود قليلا أبد منک الضجرا[6] .


لا تحسبني يابن حرب عمرا
وسل بنا بدرا معا وخيبرا


کانت قريش يوم بدر جزرا
إذ وردوا الامر فذموا الصدرا[7] .


لو أن عندي يابن حرب جعفرا
أو حمزة القرم الهمام الازهرا


رأت قريش نجم ليل ظهرا

ألامامة والسياسة 1 ص 84، کتاب صفين لابن مزاحم ص 24، شرح إبن أبي الحديد 1 ص 138.



صفحه 149، 150.





  1. في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ابن عم.
  2. يعني کتابا کتبه معاوية لعمرو بمصر وجعلها طعمة له.
  3. يعني معاوية: يقال في النسبة إلي عبد شمس: عبشمي. حشا حشوا: ملا. احتشي: امتلاء.
  4. خدب بالکسر وتشديد الموحدة: سنام البعير الضخم. الاسل: الرماح.
  5. الخزر: ضيق العين. الخزرة بالضم: انقلاب الحدقة نحو اللحاظ وهو اقبح الحول.
  6. ادب الصبي: صيره. ارود في السير: رفق وتمهل. الضجر بفتح الفاء والعين. القلق من غم وضيق نفس.
  7. الجزرة. الشاة التي تذبح ج جزر. بالفتح وقد تکسر. الصدر، بالتحريک: رجوع المسافر من مقصده والشاربة من الورد.