كتاب ابن عباس إلي عمرو











کتاب ابن عباس إلي عمرو



کتب إبن عباس مجيبا إلي عمرو بن العاص: أما بعد: فإني لا أعلم رجلا من العرب أقل حياءا منک، انه مال بک معاوية إلي الهوي، وبعته دينک بالثمن اليسير، ثم خبطت بالناس في عشوة طمعا في الملک، فلما لم تر شيئا، أعظمت الدنيا إعظاما أهل الذنوب وأظهرت فيها نزهة أهل الورع، لا تريد بذلک إلا تمهيد الحرب، وکسر أهل الدين، فإن کنت تريد الله بذلک فدع مصر، وارجع إلي بيتک، فإن هذه الحرب ليس فيها معاوية کعلي، بدأها علي بالحق، وإنتهي فيها إلي العذر، وبدأها معاوية بالغي، وإنتهي فيها إلي السرف، وليس أهل العراق فيها کأهل الشام، بايع أهل العراق عليا وهو خير منهم، وبايع أهل الشام معاوية وهم خير منه، ولست انا وأنت فيها بسواء، أردت الله، وأردت أنت مصر، وقد عرفت الشيئ الذي باعدک مني، وأعرف الشيئ الذي قربک من معاوية، فإن ترد شرا لا نسبقک به، وإن ترد خيرا لا تسبقنا إليه، ثم دعا الفضل بن عباس فقال له: يابن ام؟ أجب عمرا. فقال الفضل:


يا عمرو حسبک من خدع ووسواس
فاذهب فليس لداء الجهل من آس[1] .


إلا تواتر طعن في نحورکم
يشجي النفوس ويشفي نخوة الراس


هذا الدواء الذي يشفي جماعتکم
حتي تطيعوا عليا وابن عباس


أما علي فإن الله فضله
بفضل ذي شرف عال علي الناس


ان تعقلوا الحرب نعقلها مخيسة[2] .
أو تبعثوها فإنا غير أنکاس


قد کان منا ومنکم في عجاجتها
مالا يرد وکل عرضة الباس


قتلي العراق بقتلي الشام ذاهبة
هذا بهذا وما بالحق من باس


لا بارک الله في مصر لقد جلبت
شرا وحظک منها حسوة الکاس[3] .


يا عمرو إنک عار من مغانمها
والراقصات ومن يوم الجزا کاس


ألامامة والسياسة 1 ص 95، کتاب صفين ص 219، شرح إبن أبي الحديد

[صفحه 138]

2 ص 288.

وهناک أبيات تعزي إلي حبر الامة إبن عباس في کتاب «صفين» لابن مزاحم ص 300 ذکر فيها عمرا بکل قول شائن.



صفحه 138.





  1. أسا أسوا وأسا الجرح: داواه.
  2. خيس: ذلل. يقال: خيس الجمل: راضه وذلله بالرکوب.
  3. الحسوة المرة من حساء: الجرعة الواحدة ج حسوات.