خطبة أميرالمؤمنين بعد التحكيم











خطبة أميرالمؤمنين بعد التحکيم



لما خرجت الخوارج وهرب أبوموسي إلي مکة ورد علي عليه السلام إبن عباس إلي البصرة قام في الکوفة خطيبا فقال: ألحمد لله، وإن أتي الدهر بالخطب الفادح، والحدث الجليل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريک له ليس معه إله غيره، وأن محمدا عبده ورسوله صلي الله عليه وآله- أما بعد-: فإن معصية الناصح الشفيق العالم المجرب، تورث الحسرة، وتعقب الندامة، وقد کنت أمرتکم في هذه الحکومة أمري، ونحلت لکم مخزون رأيي، لو کان يطاع لقصير أمر[1] فأبيتم علي إباء المخالفين الجفاة، والمنابذين العصاة، حتي إرتاب الناصح بنصحه، وضن الزند بقدحه، فکنت أنا وإياکم کما قال أخو هوازن[2] :


أمرتکم أمري بمنعرج اللوي
فلم يستبينوا النصح إلاضحي الغد


ألا؟ إن هذين الرجلين: عمرو بن العاص وأبا موسي الاشعري اللذين إخترتموهما حکمين قد نبذا حکم القرآن وراء ظهورهما، وأحييا ما أمات القرآن، و أماتا ما أحيي القرآن، واتبع کل واحد منهما هواه بغير هدي من الله، فحکما بغير حجة بينة، ولا سنة ماضية، واختلفا في حکمهما، وکلاهما لم يرشد[3] فبرئ الله منهما ورسوله وصالح المؤمنين، واستعدوا وتأهبوا للمسير إلي الشام.

ألامامة والسياسة 1 ص 119، تاريخ الطبري 6 ص 45، مروج الذهب 2 ص 35، نهج البلاغة 1 ص 44، کامل ابن الاثير 3 ص 146.

ذکر إبن کثير في تاريخه 7 ص 286 هذه الخطبة ولما لم يعجبه ذکر أهل العيث والفساد بما هم عليه، أولم يره صادرا من أهله في محله، أولم يرض أن تطلع الامة الاسلامية علي حقيقة عمرو بن العاص وصويحبه فبتر الخطبة وذکرها إلي

[صفحه 132]

آخر البيت فقال: ثم تکلم فيما فعله الحکمان فرد عليهما ما حکما به وأنبهما، و قال ما فيه حط عليهما

وهناک لامير المؤمنين عليه السلام في خطبه کلمات کثيرة حول الرجل مثل قوله: قد سار إلي مصر إبن النابغة عدو الله وولي من عادي الله. وقوله: إن مصرا إفتتحها الفجرة أولو الجور والظلم الذين صدوا عن سبيل الله وبغوا الاسلام عوجا.[4] نضرب عنها صفحا روما للاختصار.



صفحه 132.





  1. قصير هو مولي جذيمة الابرش، وکان قد اشار علي سيده ان لا يامن الزباء ملکة الجزيرة، وقد دعته اليها ليزوجها، فخالفه وقصد اليها فقتلته فقال قصير: لايطاع لقصير امر. فذهب مثلا.
  2. دريد بن الصمة.
  3. في الامامة والسياسة: لم يرشدهما الله.
  4. تاريخ الطبري 6 ص 61 و 62.