اسلام عمرو











اسلام عمرو



إن الذي حدانا إليه يقين لا يخالجه شک بعد الاخذ بمجامع ما يؤثر عن الرجل في شئونه وأطواره: أنه لم يعتنق الدين إعتناقا، وإنما إنتحله إنتحالا وهو في الحبشة، نزل بها مع عمارة بن الوليد لاغتيال جعفر وأصحابه رسل النبي الاعظم تنتهي إليه الانباء عن أمر الرسالة، ويبلغه التقدم والنشور له، وسمع من النجاشي قوله: أتسالني أن اعطيک رسول رجل يأتيه الناموس الاکبر الذي کان يأتي موسي لتقتله؟ فقال: أيها الملک؟ أکذلک هو؟ فقال: ويحک يا عمرو أطعني واتبعه فإنه والله لعلي الحق وليظهرن علي من خالفه کما ظهر موسي علي فرعون وجنوده[1] .

فراقه التزلف إلي صاحب الرسالة بالتسليم له فلم ينکفئ إلي الحجاز إلي طمعا في رتبة، أو وقوفا علي لماظة من العيش، أو فرقا من البطش الالهي بالسلطة النبوية. فنحن لا نعرفه في غضون هاتيک المدد التي کان يداهن فيها المسلمين و يصانعهم إبقاءا لحياته، وإستدرارا لمعاشه، إلا کما نعرفه يوم کان يهجو رسول الله صلي الله عليه وآله بقصيدة ذات سبعين بيتا فلعنه صلي الله عليه وآله عدد أبياته. وهو کما قال أميرالمؤمنين: متي ما کان للفاسقين وليا، وللمسلمين عدوا؟؟ وهل يشبه إلا امه التي دفعت به.[2] وکان کما يأتي عن أميرالمؤمنين من قوله: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أسلموا ولکن إستسلموا، وأسروا الکفر فلما وجدوا أعوانا رجعوا إلي عداوتهم منا.

قال إبن أبي الحديد في الشرح 1 ص 137: قال شيخنا أبوالقاسم البلخي رحمه الله تعالي: قول عمرو بن العاص لمعاوية لما قاله معاوية: يا أبا عبدالله؟ إني لاکره لک أن تتحدث العرب عنک إنک إنما دخلت في هذا الامر لغرض الدنيا: دعنا عنک. کناية عن الالحاد بل تصريح به، أي: دع هذا الکلام لا أصل له، فإن إعتقاد الآخرة و إنها لاتباع بعرض الدنيا من الخرافات، وما زال عمرو بن العاص ملحدا ما تردد قط

[صفحه 127]

في الالحاد والرندقة وکان معاوية مثله.

وقال في ج 2 ص 113: نقلت أنا من کتب متفرقة کلمات حکمية تنسب إلي عمرو بن العاص إستحسنتها وأوردتها لاني لا أجحد الفاضل فضله وإن کان دينه عندي غير مرضي. وقال في ص 114: قال شيخنا أبوعبدالله: أول من قال بالارجاء المحض معاوية وعمرو بن العاص، کانا يزعمان انه لا يضر مع الايمان معصية، ولذلک قال معاوية لمن قال: حاربت من تعلم وإرتکبت ما تعلم. فقال: وثقت بقوله تعالي: إن الله يغفر الذنوب جميعا.

وقال في ج 2 ص 179: وأمامعاوية فکان فاسقا مشهورا بقلة الدين والانحراف عن الاسلام، وکذلک ناصره ومظاهره علي أمره عمرو بن العاص ومن تبعهما من طغام أهل الشام وأجلافهم وجهال الاعراب، فلم يکن أمرهم خافيا في جواز محاربتهم و إستحلال قتالهم.



صفحه 127.





  1. سيرة ابن هشام 3 ص 319 وغير واحد من کتب السيرة النبوية والتاريخ.
  2. تذکرة خواص الامة ص 56، السيرة الحلبيه وغيرهما.