قصيدة عمرو بن العاص الجلجلية و ما يتبعها
نسيت إحتيالي في جلق وقد أقبلوا زمرا يهرعون وقولي لهم: إن فرض الصلاة فولوا ولم يعبأوا بالصلاة ولما عصيت إمام الهدي أبا البقر البکم أهل الشأم فقلت: نعم، قم فإني أري فبي حاربوا سيد الاوصياء وکدت لهم أن أقاموا الرماح وعلمتهم کشف سوءاتهم فقام البغاة علي حيدر نسيت محاورة الاشعري ألين فيطمع في جانبي خلعت الخلافة من حيدر وألبستها فيک بعد الاياس ورقيتک المنبر المشمخر ولو لم تکن أنت من أهله [صفحه 115] وسيرت جيش نفاق العراق وسيرت ذکرک في الخافقين وجهلک بي يابن آکلة ال فلولا موازرتي لم تطع ولولاي کنت کمثل النساء نصرناک من جهلنا يابن هند وحيث رفعناک فوق الرؤوس وکم قد سمعنا من المصطفي وفي يوم «خم» رقي منبرا وفي کفه کفه معلنا ألست بکم منکم في النفوس فأنحله إمرة المؤمنين وقال: فمن کنت مولي له فوال مواليه ياذا الجلا ولا تنقضوا العهد من عترتي فبخبخ شيخک لما رأي فقال: وليکم فاحفظوه وإنا وما کان من فعلنا وما دم عثمان منج لنا وإن عليا غدا خصمنا يحاسبنا عن أمور جرت فما عذرنا يوما کشف الغطا؟ إلا يابن هند أبعت الجنان [صفحه 116] وأخسرت اخراک کيماتنال وأصبحت بالناس حتي استقام وکنت کمقتنص في الشراک[5] . کأنک أنسيت ليل الهرير وقد بت تذرق ذرق النعام وحين أزاح جيوش الضلا وقد ضاق منک عليک الخناق وقولک: يا عمرو؟ أين المفر عسي حيلة منک عن ثنيه وشاطرتني کلما يستقيم فقمت علي عجلتي رافعا فستر عن وجهه وانثني وأنت لخوفک من بأسه ولما ملکت حماة الانام منحت لغيري وزن الجبال وأنحلت مصرا لعبدالملک[8] . وإن کنت تطمع فيها فقد وإن لم تسامح إلي ردها بخيل جياد وشم الانوف وأکشف عنک حجاب الغرور فإنک من إمرة المؤمنين ومالک فيها ولا ذرة [صفحه 117] فإن کان بينکما نسبة وأين الحصا من نجوم السما؟ فإن کنت فيها بلغت المني هذه القصيدة المسماة بالجلجلية کتبها عمرو بن العاص إلي معاوية بن أبي سفيان في جواب کتابه إليه يطلب خراج مصر ويعاتبه علي إمتناعه عنه، توجد منها نسختان في مجموعتين في المکتبة الخديوية بمصر کما في فهرستها المطبوع سنة 1307 ج 4 ص 314 وروي جملة منها إبن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 2 ص 522 وقال: رأيتها بخط أبي زکريا يحيي[10] بن علي الخطيب التبريزي المتوفي 502. وقال الاسحاقي في «لطايف أخبار الدول» ص 41: کتب معاوية إلي عمرو بن العاص: انه قد تردد کتابي إليک بطلب خراج مصر وأنت تمتنع وتدافع ولم تسيره فسيره إلي قولا واحدا وطلبا جازما، والسلام. فکتب إليه عمرو بن العاص جوابا وهي القصيدة الجلجلية المشهورة التي أولها: معاوية الفضل لا تنس لي نسيت إحتيالي في جلق وقد أقبلوا زمرا يهرعون ومنها ايضا: ولولاي کنت کمثل النساء نسيت محاورة الاشعري وألعقته عسلا باردا [صفحه 118] ألين فيطمع في جانبي وأخلعتها منه عن خدعة وألبستها فيک لماعجزت ومنها أيضا: ولم تک والله من أهلها وسيرت ذکرک في الخافقين نصرناک من جهلنا يابن هند وکنت ولن ترها في المنام وحيث ترکنا أعالي النفوس وکم قد سمعنا من المصطفي ومنها أيضا: وإن کان بينکما نسبة وأين الثريا وأين الثري؟ فلما سمع معاوية هذه الابيات لم يتعرض له بعد ذلک. ا ه . وذکر الشيخ محمد الازهري في شرح مغني اللبيب 1 ص 82 هذه الابيات برمتها حرفيا نقلا عن تاريخ الاسحاقي غير انه حذف قوله: وحيث ترکنا أعالي النفوس وذکر منها ثلاث عشر بيتا إبن شهر اشوب في «المناقب» 3 ص 106. وأخذ منها السيد الجزايري في «الانوار النعمانية» ص 43 عشرين بيتا. وذکر برمتها الزنوزي في الروضة الثانية من رياض الجنة وقال: هذه القصيدة تسمي بالجلجلية لما في آخرها: وفي عنقي علق الجلجل. وخمسها بطولها ألشاعر المفلق ألشيخ عباس الزيوري البغدادي، وقفت عليه في ديوانه المخطوط المصحح بقلمه، ويوجد التخميس في إحدي نسختي المکتبة الخديوية بمصر. يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يکتمون. [صفحه 119]
معاوية الحال لا تجهل
وعن سبل الحق لا تعدل
علي أهلها يوم لبس الحلي؟
مهاليع کالبقر الجفل[1] .
بغير وجودک لم تقبل
ورمت النفار إلي القسطل
وفي جيشه کل مستفحل
لاهل التقي والحجي ابتلي؟
قتال المفضل بالافضل
بقولي: دم طل من نعثل[2] .
عليها المصاحف في القسطل
لرد الغضنفرة المقبل
وکفوا عن المشعل المصطلي
ونحن علي دومة الجندل؟
وسهمي قد خاض في المقتل
کخلع النعال من الارجل
کلبس الخواتيم بالانمل
بلا حد سيف ولا منصل
ورب المقام ولم تکمل
کسير الجنوب مع الشمأل
کسير الحمير مع المحمل
کبود لاعظم ما ابتلي
ولولا وجودي لم تقبل
تعاف الخروج من المنزل
علي النبأ الاعظم الافضل
نزلنا إلي أسفل الاسفل
وصايا مخصصة في علي؟
يبلغ والرکب لم يرحل[3] .
ينادي بأمر العزيز العلي
بأولي؟ فقالوا: بلي فافعل
من الله مستخلف المنحل
فهذا له اليوم نعم الولي
ل وعاد معادي أخ المرسل
فقاطعهم بي لم يوصل
عري عقد حيدر لم تحلل
فمدخله فيکم مدخلي
لفي النار في الدرک الاسفل
من الله في الموقف المخجل
ويعتز بالله والمرسل[4] .
ونحن عن الحق في معزل
لک الويل منه غدا ثم لي
بعهد عهدت ولم توف لي
يسير الحطام من الاجزل
لک الملک من ملک محول
تذود الظماء عن المنهل
بصفين مع هولها المهول
حذارا من البطل المقبل
ل وافاک کالاسد المبسل
وصار بک الرحب کالفلفل[6] .
من الفارس القسور المسبل؟
فإن فؤدادي في عسعل
من الملک دهرک لم يکمل
وأکشف عن سوأتي أذيلي
حياء وروعک لم يعقل
هناک ملات من الافکل[7] .
ونالت عصاک يد الاول
ولم تعطني زنة الخردل
وأنت عن الغي لم تعدل
تخلي القطا من يد الاجدل
فإني لحوبکم مصطلي
وبالمرهفات وبالذبل
وأيقظ نائمة الاثکل
ودعوي الخلافة في معزل
ولا لجدودک بالاول
فأين الحسام من المنجل؟
وأين معاوية من علي؟
ففي عنقي علق الجلجل[9] .
وعن نهج الحق لا تعدل
علي أهلها يوم لبس الحلي؟
ويأتون کالبقر المهل
تعاف الخروج من المنزل
ونحن علي دومة الجندل؟
وأمزجت ذلک بالحنظل[11] .
وسهمي قد غاب في المفصل
کخلع النعال من الارجل
کلبس الخواتيم في الانمل
ورب المقام ولم تکمل
کسير الجنوب مع الشمأل
علي البطل الاعظم الافضل
فزفت إليک ولا مهر لي
نزلنا إلي أسفل الارجل
وصايا مخصصة في علي
فأين الحسام من المنجل؟
وأين معاوية من علي؟
نزلنا إلي أسفل الارجل
صفحه 115، 116، 117، 118، 119.
فالمظه عسلا باردا
وأخبأ من تحته حنظلي.