الصلح بين قيس ومعاوية











الصلح بين قيس ومعاوية



أمرت شرطة الخميس قيس بن سعد علي أنفسهم وکان يعرف بصاحب شرطة الخميس کما في الکشي ص 72 وتعاهد هو معهم علي قتال معاوية حتي يشترط لشيعة علي ولمن کان إتبعه علي أموالهم ودمائهم وما أصابوا في الفتنة، فأرسل معاوية إلي قيس يقول: علي طاعة من تقاتل؟ وقد بايعني الذي أعطيته طاعتک. فأبي قيس أن يلين له حتي أرسل اليه معاوية بسجل قد ختم عليه في أسفله وقال: اکتب في هذا ماشئت فهو لک. فقال عمرو بن العاص لمعاوية: لاتعطه هذا وقاتله. فقال معاوية: علي رسلک فإنا لا نخلص إلي قتلهم حتي يقتلوا أعدادهم من أهل الشام، فما خير العيش بعد ذلک؟ فإني والله لا اقاتله أبدا حتي لا أجد من قتاله بدا. فلما بعث إليه معاوية

[صفحه 104]

ذلک السجل إشترط قيس له ولشيعة علي أميرالمؤمنين عليه السلام ألامان علي ما أصابوا من الدماء والاموال، ولم يسأل في سجله ذلک مالا، وأعطاه معاوية ما سأل و دخل قيس ومن معه في طاعته.[1] .

قال أبوالفرج فأرسل معاوية إليه يدعوه إلي البيعة، فلما أرادوا إدخاله إليه قال: إني حلفت أن ألقاه إلا بيني وبينه ألرمح أوالسيف. فأمر معاوية برمح وسيف فوضعا بينهما ليبر يمينه، فلما دخل قيس ليبايع وقد بايع الحسن عليه السلام فأقبل علي الحسن عليه السلام فقال: أفي حل أنا من بيعتک؟ فقال: نعم. فالقي له کرسي وجلس معاوية علي سرير والحسن معه فقال له معاوية: أتبايع يا قيس؟ قال: نعم. ووضع يده علي فخذه ولم يمدها إلي معاوية، فجاء معاوية من سريره وأکب علي قيس حتي مسح يده وما رفع إليه قيس يده[2] .

قال اليعقوبي في تاريخه 2 ص 192: بويع معاوية بالکوفة في ذي القعدة سنة 40 و أحضر الناس لبيعته، وکان الرجل يحضر فيقول: والله يا معاوية؟ إني لا بايعک وإني لکاره لک. فيقول: بايع فإن الله قد جعل في المکروه خيرا کثيرا، ويأتي الآخر فيقول: أعوذ بالله من نفسک. وأتاه قيس بن سعد بن عبادة، فقال: بايع قيس. قال: إني کنت لاکره مثل هذ اليوم يا معاوية؟ فقال له: مه رحمک الله. فقال: لقد حرصت أن افرق بين روحک وجسدک قبل ذلک فأبي الله يابن أبي سفيان إلا ما أحب. قال: فلا يرد أمر الله. قال: فأقبل قيس علي الناس بوجهه فقال:

يا معشر الناس؟ لقد اعتضتم الشر من الخير، واستبدلتم الذل من العز، و الکفر من الايمان، فأصبحتم بعد ولاية أميرالمؤمنين، وسيد المسلمين، وابن عم رسول رب العالمين، وقد وليکم الطليق إبن الطليق، يسومکم الخسف، ويسير فيکم بالعسف، فکيف تجهل ذلک أنفسکم؟ أم طبع الله علي قلوبکم وأنتم لا تعقلون؟.

فجثا معاوية علي رکبته ثم أخذ بيده وقال: أقسمت عليک ثم صفق علي کفه ونادي الناس: بايع قيس. فقال: کذبتم والله ما بايعت. ولم يبايع لمعاوية أحد إلا اخذ عليه الايمان، فکان أول من استحلف علي بيعته.

[صفحه 105]

أخرج الحافظ عبدالرزاق عن إبن عيينة قال: قدم قيس بن سعد علي معاوية فقال له معاوية: وأنت يا قيس؟ تلجم علي مع من ألجم؟ أما الله لقد کنت احب أن لا تأتيني هذا اليوم إلا وقد ظفر بک ظفر من أظافري موجع. فقال له قيس: وأنا والله قد کنت کارها أن اقوم في هذا المقام فاحييک بهذه التحية. فقال له معاوية: ولم؟ و هل أنت حبر من أحبار اليهود؟! فقال له قيس: وأنت يا معاوية؟ کنت صنما من أصنام الجاهلية، دخلت في الاسلام کارها، وخرجت منه طائعا.فقال معاوية: أللهم غفرا مد يدک. فقال له قيس: إن شئت زدت وزدت تاريخ إبن کثير 8 ص 99.



صفحه 104، 105.





  1. تاريخ الطبري 6ص 94، کامل ابن الاثير 3ص 163.
  2. شرح نهج البلاغة لابن ابي الجديد 4 ص 17.