ترجمة حسان بن ثابت











ترجمة حسان بن ثابت



ابوالوليد حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي إبن عمرو بن مالک النجار تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن حارثة إبن ثعلبة العنقاء سمي به لطول عنقه إبن عمرو بن عامر بن ماء السماء بن حارثة الغطريف إبن إمرؤ القيس البطريق إبن ثعلبة البهلول إبن مازن بن الازد بن الغوث إبن بنت بن مالک بن زيد بن کهلان بن سبابن يشحب بن يعرب بن قحطان[1] .

بيت حسان أحد بيوتات الشعر، عريق في الادب ونظم القريض، قال المرزباني في «معجم الشعراء» ص 366: قال دعبل والمبرد: أعرق الناس کانوا في الشعر آل حسان فمنهم يعدون ستة في نسق کلهم شاعر: سعيد بن عبدالرحمن بن حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام. اه . وولده عبدالرحمن المذکور شاعر قليل الحديث توفي 104، وفيه وفي والده حسان قال شاعر.


فمن للقوافي بعد حسان وابنه
ومن للمثاني بعد زيد بن ثابت


وأما المترجم نفسه فعن أبي عبيدة: ان العرب قد إجتمعت علي أن حسان

[صفحه 63]

أشعر أهل المدن وانه فضل الشعراء بثلاث: کان شاعر الانصار. وشاعر النبي في أيامه صلي الله عليه وآله. وشاعر اليمن کلها في الاسلام. قال له النبي صلي الله عليه وآله: ما بقي من لسانک؟ فأخرج لسانه حتي قرع بطرفه طرف ارنبته ثم قال: والله إني لو وضعته علي صخر لفلقه، أو علي شعر لحلقه، وما يسرني به مقول من معد[2] وکان وکان رسول الله صلي الله عليه وآله يضع له منبرا في مسجده الشريف يقوم عليه قائما ويفاخر عن رسول الله ويقول رسول الله صلي الله عليه وآله: إن الله يؤيد حسان بروح القدس ما نافح أو فاخر عن رسول الله[3] .

کانت الحالة علي هذا في عهد النبي صلي الله عليه وآله، ولما توفي صلي الله عليه و وآله مر عمر علي حسان وهو ينشد في المسجد فانتهره[4] فقال: أفي مسجد رسول الله تنشد؟ فقال: کنت انشد وفيه من هو خير منک. ثم التفت إلي أبي هريرة فقال سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول: أجب عني، أللهم ايده بروح القدس؟ قال: نعم. قال أبوعبدالله الآبي المالکي في شرح صحيح مسلم 317: وهذا يدل علي أن عمر رضي الله عنه کان يکره إنشاد الشعر في المسجد، وکان قد بني رحبة خارجه وقال: من أراد أن يلغط أو ينشد شعر فليخرج إلي هذه الرحبة.

کل ذلک علي خلاف ما کان عليه النبي صلي الله عليه وآله وفي وقته أفحمه حسان بما ذکر من قوله: لکن لا رأي لمن لا يطاع. وقبل حسان نهاه النبي صلي الله عليه وآله عن فکرته هذه وفهمه بما هناک من الغاية الدينية المتوخاة حين تعرض علي عبدالله بن رواحة لما کان رسول الله صلي الله عليه وآله يطوف البيت علي بعير وعبدالله آخذ بغرزه وهو يقول:


خلوا بني الکفار عن سبيله
خلوا فکل الخير مع رسوله

[صفحه 64]

نحن ضربناکم علي تنزيله
ضربا يزيل الهام عن مقيله


ويذهل الخليل عن خليله
يا رب إني مؤمن بقيله


فقال له عمر: أو هاهنا يا ابن رواحة ايضا؟ فقال رسول الله صلي الله عليه وآله: أو ما تعلمن أولا تسمع ما قال؟؟!! وفي رواية أبي يعلي إن النبي قال: خل عنه يا عمر؟ فو الذي نفسي بيده لکلامه أشد عليهم من وقع النبل[5] .

وکان حسان من المعروفين بالجبن ذکره إبن الاثير في «اسد الغابة» 2 ص 6 وقال: کان من أجبن الناس. وعده الوطواط في «غرر الخصايص» ص 355 من الجبناء وقال: ذکر إبن قتيبة في کتاب «المعارف»: انه لم يشهد مع رسول الله صلي الله عليه وآله مشهدا قط قالت صفية بنت عبدالمطلب عمة رسول الله: کان معنا حسان في حصن فارغ يوم الخندق مع النساء والصبيان فمر بنافي الحصن رجل يهودي فجعل يطوف بالحصن وقد حاربت بنو قريظة وقطعت ما بينها وبين رسول الله، وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا، ورسول الله والمسلمون في نحور عدوهم لا يستطيعون أن ينصرفوا إلينا إن أتانا آت قالت: قلت: يا حسان؟ أنا والله لا آمن من أن يدل علينا هذا اليهودي أصحابه، ورسول الله صلي الله عليه وآله قد شغل عنا فأنزل إليه واقتله، قال: يغفر الله لک يابنة عبدالمطلب ما أنا بصاحب شجاعة، قال: فلما قال لي ذلک ولم أر عنده شيئا إعتجرت[6] ثم أخذت عمودا ونزلت إليه فضربته بالعمود حتي قتلته، ثم رجعت إلي الحصن وقلت: يا حسان أنزل إليه واسلبه فإنه لم يمنعني من سلبه إلا انه رجل، فقال: مالي بسلبه من حاجة يابنة عبدالمطلب[7] وکان حسان إقتدي في فعله بهذا الشاعر في قوله:


باتت تشجعني هند وما علمت
إن الشجاعة مقرون بها العطب


لا والذي منع الابصار رؤيته
ما يشتهي الموت عندي من له إرب

[صفحه 65]

للحرب قوم أضل الله سعيهم
إذا دعتهم إلي نيرانها وثبوا


ولست منهم ولا أبغي فعالهم
لا القتل يعجبني منهم ولا السلب


قال الاميني: هذا ما نقله الوطواط عن «المعارف» لابن قتيبة لکن أسفي علي مطابع مصر وعلي يد الطبع الامينة فيها فانها تحرف الکلم عن مواضعها فأسقطت هذه القصة عن «المعارف» کما حرفت عنه غيرها.

ولد المترجم قبل مولد النبي القدسي صلي الله عليه وآله بثمان سنين، وعاش عند الجمهور مائة وعشرين سنة، وقال إبن الاثير: لم يختلفوا في عمره. وفي المستدرک 3 ص 486، واسد الغابة 2 ص 7: أربعة تناسلوا من صلب واحد عاش کل منهم مائة وعشرين سنة وهم: حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام.

يکني بأبي الوليد، وأبي المضرب، وأبي حسام، وأبي عبدالرحمن، والاول أشهر، وکان يقال له: الحسام. وذلک لکثرة دفاعه عن حامية الاسلام المقدس بشعره. وروي الحاکم عن المصعب انه قال: عاش حسان ستين في الجاهلية وستين في الاسلام. وذهب بصره وتوفي علي قول سنة 55[8] أعمي البصر والبصيرة کما نص عليه ألصحابي الکبير سيد الخزرج قيس بن سعد بن عبادة لما عزله اميرالمؤمنين عليه السلام من ولاية مصر، ورجع إلي المدينة فإنه حينما قدمها جاءه حسان شامتا به وکان عثمانيا بعد ما کان علويا فقال له: نزعک علي بن أبي طالب وقد قتلت عثمان فبقي عليک الاثم ولم يحسن لک الشکر. فزجره قيس وقال: يا أعمي القلب وأعمي البصر؟ والله ولولا أن القي بين رهطي ورهطک حربا لضربت عنقک، ثم أخرجه من عنده[9] .

[صفحه 67]



صفحه 63، 64، 65، 67.





  1. کذا سرده أبوالفرج في الاغاني 4 ص 3.
  2. البيان والتبيين للجاحظ 1 ص 68 و 150.
  3. مستدرک الحکام 3 ص 287 باسناده صححه هو والذهبي.
  4. کذا في لفظ ابن عبدالبر في الاستيعاب، وابن عساکر في تاريخه 4 ص 126، وفي لفظ مسلم في الصحيح 2 ص 384: فلحظ اليه. وفي لفظ لاحمد في مسنده 5 ص 222: فقال: مه.
  5. تاريخ ابن عساکر 7 ص 391.
  6. أي لبست المعجر. وفي سيرة ابن هشام: احتجزت يقال: احتجزت المرأة: أي شدت وسطها.
  7. والي هنا ذکره ابن هشام في سيرته 3 ص 246، وابن عساکر في تاريخه 4 ص 140، وابن الاثير في اسد الغابة 2 ص 6، والعباسي في المعاهد 1 ص 74، والجمل التي جعلناها بين القوسين من لفظ ابن هشام.
  8. هذا احد القولين في المستدرک، وقد کثر الخلاف في وفاته، وصحح ابن کثير في تاريخه سنه 54.
  9. تاريخ الطبري 5 ص 231، شرح النهج لابن أبي الحديد 2 ص 25.