ولادة أبي تمام ووفاته
غاضت بدائع فطنة الاوهام وغدا القريض ضئيل شخص باکيا وتأوهت غور القوافي بعده أودي مثقفها ورائد صعبها وقال الحسن بن وهب يرثيه: [صفحه 342] فجع القريض بخاتم الشعراء ماتا معا فتجاورا في حفرة قد يعزي البيتان إلي ديک الجن. ورثاه الحسن بن وهب ايضا بقوله من قصيدة: سقي بالموصل القبر الغريبا إذا أظللنه أظللن فيه ولطمن البروق به خدودا فإن تراب ذاک القبر يحوي ورثاه محمد بن عبدالملک الزيات وزير المعتصم، وقيل: إنه لابي الزبرقان عبدالله بن الزبرقان الکاتب مولي بني امية بقوله: نبأ أتي من أعظم الانباء قالوا: جبيب قد ثوي فأجبتهم سئل شرف الدين أبوالمحاسن محمد بن عنين عن معني قوله: سقي الله روح الغوطتين ولا ارتوت لم حرمها وخص قبورها؟! فقال: لاجل أبي تمام. خلف المترجم ولده الشاعر تمام، قصد بعد موت أبيه عبدالله بن طاهر فاستنشده فأنشده: حياک رب الناس حياکا بغداد من نورک قد أشرقت فأطرق عبدالله ساعة ثم قال: حياک رب الناس حياکا أتيت شخصا قد خلا کيسه فقال: أيها الامير؟ إن بيع الشعر بالشعر ربا فاجعل بينهما فضلا من المال. فضحک منه وقال: لئن فاتک شعر أبيک فما فاتک ظرفه: فأمر له بصلة. غرر الخصايص لوطواط ص 259.
لم نجزم فيهما بشئ مما في المعاجم لتکثر الاختلاف فيها، وکان الحقيق أن يؤخذ بالمنقول عن إبنه تمام إذ أهل البيت أدري بما فيه، لکن إختلاف المعاجم في المنقول عنه يسلب الثقة به، فمجموع الاقوال: انه ولد سنة 192 و 190 و 188 و 172 وتوفي سنة 232 و 231 و 228 بالموصل ودفن بها وبني عليه أبونهشل بن حميد الطوسي قبة خارج باب الميدان علي حافة الخندق ورثاه علي بن الجهم بقوله:
وغدت عليها نکبة الايام
يشکو رزيته إلي الاقلام
ورمي الزمان صحيحها بسقام
وغدير روضتها أبا تمام
وغدير روضتها حبيب الطائي
وکذاک کانا قبل في الاحباء
سحايب ينتحبن له نحيبا
شعيب المزن يتبعها شعيبا
وأشققن الرعود به جيوبا
حبيبا کان يدعي لي حبيبا
لما ألم مقلقل الاحشاء
ناشدتکم لا تجعلوه الطائي
من الموصل الجدباء إلا قبورها
إذ بجمال الوجه رواکا
وأورق العود بجدواکا
إن الذي أملت أخطاکا
ولو حوي شيئا لاعطاکا
صفحه 342.