ترجمة أبي تمام الطائي











ترجمة أبي تمام الطائي



أبوتمام حبيب بن أوس بن الحارث بن قيس بن الاشجع بن يحيي بن مزينا بن سهم بن ملحان بن مروان بن رفافة بن مر بن سعد بن کاهل بن عمرو بن عدي بن عمرو بن الحارث بن طئ جلهم بن ادد بن زيد بن يشجب بن عريب بن کهلان بن سبابن يشجب إبن يعرب بن قحطان. تاريخ الخطيب 8ص 248.

أحد رؤساء الامامية کما قال الجاحظ[1] والاوحد من شيوخ الشيعة في الادب في العصور المتقادمة، ومن أئمة اللغة، ومنتجع الفضيلة والکمال، کان يؤخذ عنه الشعر وأساليبه، وينتهي إليه السير، ويلقي لديه المقالد، ولم يختلف إثنان في تقدمه عند حلبات القريض، ولا في تولعه بولاء آل الله الاکرمين صلوات الله عليهم، وکان آية في الحفظ والذکاء حتي قيل: إنه کان يحفظ أربعة آلاف ديوان الشعر غير ألف ارجوزة للعرب غير المقاطيع والقصايد[2] وفي معاهد التنصيص: أنه کان يحفظ أربعة عشر ألف ارجوزة للعرب غير المقاطيع والقصايد وفي التکلمة: أنه أخمل في زمانه خمسمائة شاعر کلهم مجيد.

[صفحه 334]

ألمترجم له شامي الاصل ولد بقرية «جاسم» من قري «الجيدور» من أعمال «دمشق» وان أباه کان يقال له: ندوس[3] العطار فجعلوه أوسا، وفي دائرة المعارف الاسلامية: ان المترجم هو الذي بدله وکان أبوه نصرانيا. نشأ المترجم بمصر و في حداثته کان يسقي الماء في المسجد الجامع ثم جالس الادباء فأخذ عنهم وتعلم منهم وکان فطنا فهما وکان يحب الشعر فلم يزل يعانيه حتي قال الشعر وأجاد، وشاع ذکره، وسار شعره، وبلغ المعتصم خبره فحمله إليه وهو بسر من رأي، فعمل أبوتمام فيه قصائد عدة وأجازه المعتصم وقدمه علي شعراء وقته، وقدم إلي بغداد وتجول في العراق وايران، ورءاه محمد بن قدامة بقزوين، فجالس بها الادباء وعاشر العلماء وکان موصوفا بالظرف وحسن الاخلاق وکرم النفس.

قال الحسين بن إسحاق قلت للبحتري: ألناس يزعمون انک أشعر من أبي تمام فقال: والله ما ينفعني هذا القول ولا يضر أبا تمام والله ما أکلت الخبز إلا به ولوددت ان الامر کما قالوا ولکني والله تابع له لائذ به آخذ منه، نسيمي يرکد عند هوائه، وأرضي تنخفض عند سمائه. تاريخ الخطيب 8 ص 248.

کان البحتري أول أمره في الشعر ونباهته فيه انه سار إلي أبي تمام وهو بحمص فعرض عليه شعره وکانت الشعراء تقصده لذلک، فلما سمع شعر البحتري أقبل عليه وترک سائر الناس فلما تفرقوا قال له: أنت أشعر من أنشدني، فکيف حالک؟! فشکي إليه القلة. فکتب أبوتمام إلي أهل معرة النعمان وشهد له بالحذق وشفع له إليهم وقال له: إمتدحهم. فسار إليهم فأکرموه بکتاب أبي تمام ووظفوا أربعة آلاف درهم فکانت أول مال أصابه ثم أقبل عليه أبوتمام يصف شعره ويمدحه فلزمه البحتري بعد ذلک، و قيل للبحتري: أنت أشعر أم أبوتمام؟! فقال: جيده خير من جيدي، ورديي خير من رديئه. وقيل: سئل أبوالعلاء المعري: من أشعر الثلاثة؟! أبوتمام أم البحتري أم المتنبي؟! فقال: المتنبي وأبوتمام حکيمان وإنما الشاعر البحتري. وقيل: أنشد البحتري أبا تمام شيئا من شعره فقال له: أنت أمير الشعراء بعدي. قال البحتري: هذا القول أحب إلي من کل ما نلته.

[صفحه 335]

وقال إبن المعتز: شعره کله حسن. وذکر إعتنائه البالغ بشعر مسلم بن الوليد صريع الغواني وأبي نواس. وعن عمارة بن عقيل في حديث نقله عنه إبن عساکر في تاريخه 4 ص 22: انه لما سمع قوله:


وطول مقام المرء بالحي مخلق
لديباجتيه فاغترب تتجدد


فإني رأيت الشمس زيدت محبة
إلي الناس أن ليست عليهم بسرمد


قال: إن کان الشعر بجودة اللفظ، وحسن المعاني، وأطراف المراد، وإستواء الکلام، فهي لابي تمام، وهو أشعر الناس، وإن کان بغيرها فلا أدري. وکان في لسانه حبسة وفي ذلک يقول إبن المعدل أو أبوالعميثل:


يا نبي الله في الشعر ويا عيسي بن مريم
أنت من أشعر خلق الله ما لم تتکلم


مدح الخلفاء والامراء فأحسن، وحدث عن صهيب بن أبي الصحباء الشاعر، و العطاف بن هارون، وکرامة بن أبان العدوي، وأبي عبدالرحمن الاموي، وسلامة بن جابر النهدي، ومحمد بن خالد الشيباني، وروي عنه خالد بن شريد الشاعر، والوليد بن عبادة البحتري، ومحمد بن إبراهيم بن عتاب، والعبدوي البغدادي. تاريخ إبن عساکر 4 ص 18.

روي انه لما مدح الوزير محمد بن عبدالملک الزيات بقصيدته التي يقول فيها:

ديمة سمحة القيادة سکوب
مستغيث بها الثري المکروب


لو سعت بقعة لاعظام اخري
لسعي نحوها المکان الجديب


قال له إبن الزيات: يا أبا تمام؟ إنک لتحلي شعرک من جواهر لفظک ودرر معانيک ما زيد حسنا علي بهي الجواهر في أجياد الکواعب، وما يدخر لک شيئ من جزيل المکافأة إلا ويقصر عن شعرک في الموازرة، وکان بحضرته الکندي الفيلسوف فقال له: إن هذا الفتي يموت شابا. فقيل له: من أين حکمت عليه بذلک؟! فقال: رأيت فيه من الحدة والذکاء والفطنة مع لطافة الحسن وجودة الخاطر ما علمت به ان النفس الروحانية تأکل جسمه کما يأکل السيف المهند غمده تأريخ إبن خلکان ج 1 ص 132.

ذکر الصولي: ان المترجم إمتدح أحمد بن المعتصم أو إبن المأمون بقصيدة سينية فلما إنتهي إلي قوله:

[صفحه 336]

إقدام عمرو في سماحة حاتم
في حلم أحنف في ذکاء اياس


قال له الکندي الفيلسوف وکان حاضرا: الامير فوق ما وصفت. فأطرق قليلا ثم رفع رأسه فأنشد:


لا تنکروا ضربي له من دونه
مثلا شرودا في الندي والبأس


فالله قد ضرب الاقل لنوره
مثلا من المشکاة والنبراس


فعجبوا من سرعة فطنته.



صفحه 334، 335، 336.





  1. فهرست النجاشي ص 102.
  2. مرآت الجنان 2 ص 102.
  3. لهذا الاسم قراءات مختلفة: تدوس تدرس. ندوس. ثدوس. ثادوس. ثيودوس.