العبدي معاصر العبدي
وللموت خير من حياة زهيدة فعش مثريا أو مکديا من عطية وله: لعمري لان حارت امية واعتدت وأنشد العبدي هذا عبدالله[1] بن علي بن العباس بنهر أبي فطرس وله فيه خبر: أما الدعاة إلي الجنان فهاشم أامي مالک من قرار فألحقي فلئن رحلت لترحلن ذميمة وخبر العبدي هذا وإنشاده الشعر المذکور عبدالله العباسي ذکره إبن قتيبة في عيون الاخبار 1 ص 207، واليعقوبي في تأريخه 3 ص 91، وإبن رشيق في العمدة 1 ص 48، وأحسب أن من علق علي هذه الکتب لم يقف علي ترجمة الشاعر فضرب عن ترجمته صفحا وسکت عن تعريفه. فقال إبن قتيبة: ولما افتتح المنصور الشام وقتل مروان قال[2] لابي عون و [صفحه 327] من معه من أهل خراسان: إن لي في بقية آل مروان تدبيرا فتأهبوا يوم کذاوکذا في أکمل عدة، ثم بعث إلي آل مروان في ذلک اليوم فجمعوا وأعلمهم أنه يفرض لهم في العطاء فحضر منهم ثمانون رجلا فصاروا إلي بابه ومعهم رجل من کلب قد ولدهم ثم أذن لهم فدخلوا، فقال الآذن للکلبي: ممن أنت؟! قال: من کلب وقد ولدتهم قال: فانصرف ودع القوم فأبي أن يفعل.وقال: إني خالهم ومنهم فلما استقر بهم المجلس خرج رسول المنصور وقال بأعلي صوته: أين حمزة بن عبدالمطلب؟! ليدخل فأيقن القوم بالهلکة، ثم خرج الثانية فنادي: أين الحسن بن علي؟! ليدخل. ثم خرج الثالثة فنادي: أين زيد بن علي بن الحسين؟! ثم خرج الرابعة فقال: أين يحيي بن زيد؟! ثم قيل: إئذنوا لهم فدخلوا وفيهم الغمر بن يزيد وکان له صديقا فأومأ إليه: أن إرتفع فأجلسه معه علي طنفسته وقال للباقين: إجلسوا. وأهل خراسان قيام بأيديهم العمد فقال: أين العبدي؟! فقام وأخذ في قصيدته التي يقول فيها: أما الدعاة إلي الجنان فهاشم فلما أنشد أبياتا منها قال الغمر: يابن الزانية؟ فانقطع العبدي وأطرق عبدالله ساعة ثم قال: إمضي في نشيدک. فلما فرغ رمي إليه بصرة فيها ثلاثمائة دينار ثم تمثل بقول القائل: ولقد ساءني وساء سواي أنزلوها بحيث أنزلها الله بدار الهوان والاتعاس لا تقيلن عبد شمس عثارا واذکروا مصرع الحسين وزيد ثم قال لاهل خراسان: دهيد[3] فشدخوا بالعمد حتي سالت أدمغتهم وقام الکلبي فقام: أيها الامير؟ أنا رجل من کلب لست منهم. فقال: ومدخل رأسه لم يدنه أحد ثم قال: دهيد. فشدخ الکلبي معهم ثم التفت إلي الغمر فقال: لا خير لک في [صفحه 328] الحياة بعدهم. قال: أجل فقتل ثم دعا ببراذع[4] فألقاها عليهم وبسط عليها الانطاح ودعا بغدائه فأکل فوقهم وإن أنين بعضهم لم يهدأ حتي فرغ ثم قال: ما تهنأت بطعام منذ عقلت مقتل الحسين إلا يومي هذا. وقام فأمر بهم فجروا بأرجلهم وأغنم أهل خراسان أموالهم ثم صلبوا في بستانه، وکان يأکل يوما فأمر بفتح باب من الرواق إلي البستان فإذا رائحة الجيف تملا الانوف، فقيل له: لو أمرت أيها الامير برد هذا الباب. فقال: والله لرائحتها أحب إلي وأطيب من رائحة المسک. ثم قال: حسبت امية أن سترضي هاشم کلا ورب محمد وآلهه وتذل ذل حليلة لحليلها وقال اليعقوبي: وانصرف عبدالله بن علي إلي فلسطين فلما صار بنهر أبي فطرس بين فلسطين والاردن جمع إليه بني امية ثم أمرهم أن يغدوا عليه لاخذ الجوائز والعطايا ثم جلس من غد وأذن لهم فدخل عليه ثمانون رجلا من بني امية وقد أقام علي رأس کل رجل منهم رجلين بالعمد وأطرق ملياثم قام العبدي فأنشد قصيدته التي يقول فيها: أما الدعاة إلي الجنان فهاشم وکان النعمان بن يزيد بن عبدالملک جالسا إلي جنب عبدالله بن علي فقال له: کذبت يابن اللخناء. فقال له عبدالله بن علي: بل صدقت يا أبا محمد؟ فامض لقولک ثم أقبل عليهم عبدالله بن علي فذکر لهم قتل الحسين عليه السلام وأهل بيته ثم صفق بيده فضرب اليوم رؤوسهم بالعمد حتي أتوا عليهم فناداه رجل من أقصي القوم: عبد شمس أبوک وهو أبونا فالقرابات بيننا واشجات فقال: هيهات قطع ذلک قتل الحسين. ثم أمر بهم فسحبوا فطرحت عليهم البسط وجلس عليها ودعا بالطعام فأکل فقال: يوم کيوم الحسين بن علي ولا سواء. وکان قد دخل معهم رجل من کلب قال: رجوت أن ينالوا خيرا فأنال معهم. فقال عبدالله بن علي: إضربوا عنقه. ومدخل رأسه لم يدنه أحد [صفحه 329]
عاصرالمترجم من شعراء الشيعة مشارکه في کنيته ولقبه وبيئة نشأته ومذهبه ألا وهو أبومحمد يحيي بن بلال العبدي الکوفي، فنذکره لکثرة وقوع الاشتباه بينهما وقلة ذکره، قال المرزباني في معجمه ص 499: إنه کوفي نزل همدان وهو شاعر محسن يتشيع وله في الرشيد مدائح حسنة وهو القائل:
وللمنع خير من عطاء مکدر
تمني وإلا فاسأل الله واصبر
لاول من سن الضلالة أجور
وبنو امية من دعاة النار
بالجن صاغرة بأرض وبار
وإذا أقمت بذلة وصغار اه
وبنو امية من دعاة النار
قربهم من منابر وکراسي
واقطعوا کل نخلة وغراس
وقتيلا بجانب المهراس
بين الفريقين حتي لزه القرن
عنها ويذهب زيدها وحسينها
حتي تباح سهولها وحزونها
بالمشرفي وتسترد ديونها اه
وبنو امية من دعاة النار
لا نناديک من مکان بعيد
محکمات القوي بعقد شديد
بين الفريقين حتي لزه القدر
صفحه 327، 328، 329.